في الوقت الذي تمتلك فيه مصر 13 مليون فدان مسطحات مائية وبلوغ الاستثمارات في قطاع الاستزراع السمكي 11 مليار جنيه، بقيمة الإنتاج 22 مليار جنيه سنويًّا، إلا أننا ما زلنا نستورد الأسماك سد لاحتياجات السوق المحلي.
ومؤخرًا قامت القوات المسلحة متمثلة في الشركة الوطنية للاستزراع السمكي والأحياء المائية، بالعمل على إنجاز مشروع مزرعة "بركة غليون" السمكية التي تُعد أكبر مزرعة سمكية في الشرق الأوسط في محافظة كفر الشيخ، للعمل على استغلال هذه المناطق للاستفادة منها.
وعن أسباب نقص الثروة السمكية في مصر وأسبابه، قال الدكتور علاء الحويط، عميد كلية تكنولوجيا المصايد والاستزراع المائي بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، إن الثروة السمكية الطبيعية في مصر ضئيلة جدا بالنسبة لمساحات المياه الموجودة في مصر، ولا تناسب كثافة السكان. وعدَّد "الحويط" في تصريح لـ"صدى البلد" أسباب نقص الثروة السمكية الطبيعية في مصر، قائلا: هناك عدة أسباب لنقص الثروة السمكية في مصر، على رأسها عدم خصوبة المياه المصرية خاصة البحرية، استنزاف تلك الثروة على مدى سنوات طويلة؛ إذ إن المصريين من أوائل من اتجه للصيد، الاستخدام السيئ للشواطئ سواء بالردم أو إلقاء الملوثات، وعدم تطبيق قوانين إدارة المصايد بقوة.
وأوضح أن الأسماك هي البديل الوحيد للبروتين الحيواني، وثروتنا الطبيعية منها لا تناسب الكثافة السكانية، فكان من الضروري البحث في اتجاه آخر لتغطية نقص البروتين الحيواني في الأسواق، وكانت المزارع السمكية لمعالجة هذا النقص، حيث إنها تغطي 75% من إنتاجنا السمكي، إلى جانب نسبة استيراد ضئيلة لا تتجاوز 5%.
وأضاف أنه رغم اتجاه الدولة المصرية لمشاريع الاستزراع السمكي منذ 40 عاما إلى الآن، إلا أن الأمر مازال يدار بعشوائية وفي حاجة شديدة للتنظيم، وأدواتنا فيها مازالت بدائية، بالإضافة إلى أنه على الدولة أن تشجع القطاع الخاص على مشاركة القطاع العام في تنمية ثروتنا السمكية بالاستثمار في المزارع إلى جانب حسن إدارة الثروات الطبيعية.
الصيد الخاطئ
فيما قال الدكتور محمد عبد العزيز، رئيس قسم أمراض الأسماك بكلية الطب البيطري جامعة القاهرة، إن "مصر تمتلك مساحات كبيرة من الشواطئ الساحلية بجانب عدة بحيرات بالإضافة إلى نهر النيل، ورغم ذلك فإننا نستورد كميات كبيرة من الاسماك وهو ما يشير إلى عدم القدرة على تعظيم هذه الثروة".
وذكر "عبد العزيز" في تصريح لـ"صدى البلد" أن "مصر بدأت تقطع شوطا جيدا في الاستزراع السمكي وفي حال السير في اتجاه تعظيم الاستفادة من اسماك المياه الساحلية مع الاستزراع سوف نحقق نتائج جيدة في الثروة السمكية".
وأوضح أن "من أسباب نقص الثروة السمكية بمصر وجود العديد من المشاكل في أساليب الصيد فلا يوجد تكنولوجيا الصيد المستخدمة في العالم، لذلك نجد أن أسراب السردين التي كانت تأتي إلى مصر لم يعد لها وجود بسبب الاساليب الخاطئة في الصيد".
وأشار إلى أن "هناك عدة أمراض تمثل خطورة شديدة على بعض أنواع الاسماك، أخطرها يسمى "الاستريت كولكي" الذي يعد أخطر الأمراض السمكية في العالم، ويؤثر على السمك البلطي ونفق على إثره آلاف الأطنان من نوعه، ونعمل على علاجه"، موضحا أن أضراره لا تصيب الإنسان.
وقال إن العبرة ليست بإنشاء المزراع فقط بقدر الاهتمام بها، فقد أنشأت هيئة الثروة السمكية مزارع في السبعينات إلا أنها قامت في التسعينات ببيع المزارع نتيجة الخسائر التي تكبدتها.
استيراد 30%
وأكد أحمد نصار، نقيب صيادي كفر الشيخ، والمتحدث الرسمي باسم صيادي مصر، أنه طرق الصيد الجائر والخاطئة التي تمارس على سواحلنا أثرت بشكل كبير على ثروتنا السمكية وجعلتنا في حاجة لاستيراد 30% من استهلكنا للأسماك.
وقال "نصار" في تصريح لـ"صدى البلد": أمر مخزٍ أن يكون لدينا سواحل تصل لـ100 كيلومتر في البحر الأبيض المتوسط و100 كيلومتر في البحر الأحمر ونهر نيل و6 بحيرات ونقوم باستيراد الأسماك، فالأصل أن هذه السواحل يجب أن تكفي استهلاكنا ونصدر منها أيضا.
وأضاف أننا نملك مشروعا قوميا لتطوير طرق الصيد للحفاظ على ثروتنا السمكية، سيؤدي إلى استعادة ثروتنا السمكية الطبيعية مكانتها في 4 سنوات عن طريق زيادتها وتحقيق الاكتفاء الذاتي والتصدير للخارج، ولكن لا أحد يسمعنا، فنحن لدينا أجود أنواع الأسماك على مستوى العالم، لكن بسبب تبلد المسئولين لا نستطيع الحفاظ على ثروتنا السمكية وتطويرها.
واشتكى نقيب صيادي كفر الشيخ من قانون الصيد لعام 83 الذي لم يطور إلى الآن، ويعيق عمل الصيادين، ولا يسمح لنا باستخدام مياهنا الاقتصادية على سواحلنا، رغم أن هناك مراكب أجنبية تصطاد فيها، مطالبا بتطوير هذا القانون لتنظيم أعمال الصيد في سواحلنا.