المعوقين لفظة لها جذورها فى اللغة وإستعمالاتها ما يعوق الإنسان … كل ما يعترضه من قيود تحول دون ممارسة حقوق كفلتها له الدساتير والمواثيق الوطنية والدولية… أى تضعف قدرته على إستثمار طاقاته وإمكانياته الجسدية والفكرية والإبداعية والتواصلية… أبو بعبارة أخرى كل ما من شأنه أن يحول دون تمكين الفرد من المشاركة بفاعلية فى حياة مجتمعية عطاءاً وأخذاً، ويُلاحظ أن القرآن الكريم إستخدم لفظ المعوقين فى الجانب المعنوى وليس فى الجانب المادى الذى إصطلح على تسميته فى عصرنا الحاضـر .
أما مصطلحات الشريعة فإنها تتمثل فى ذوى الأعذار والزمنى، والضعفاء، وأهل البلاء، والمصاب، مقابل المقعدين، وذوى العاهات، والعاجزين والمعوقين.
وهكذا نلاحظ أن ما إستخدمته الشريعة فى الألفاظ تتعلق بالمعوقين كانت تعابير ألطف وأدق وأكثر مراعاة لمشاعر الإنسان المصاب بما لا إرادة له فيه وإذا كان علماء النفس والإجتماع والطب قد إستهوتهم العاهة الجسدية أو النفسية فركزوا عليها، فإن الإسلام أرشدنا إلى عاهة خطيرة قلما إنتبه إليها بنو البشر، قال تعالى "فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور" سورة الحج آية 46، وقال تعالى "فى قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً" سورة البقرة آية 10.
إنها توحى بأن العاهة الحقيقية ليست تلك التى تعيب الجسم فتعالج أو يتكيف معها صاحبها، ولكنها تلك التى يشقى حاملها فى الدنيا والآخرة عندما تصيب القلب والروح، ولو كان صاحبها ذا جسم سليم، ولو صارع الفيل لصرعه.
فالإسلام فى موقفه من الإعاقة لا يرى أن فقدان عضو هو بالضرورة فقدان للوظيفة الإجتماعية بالكامل، بل أنه ينظر إلى الإنسان المعوق وغير المعوق، ليس من خلال فقدان عضو أو قدرة، بل من خلال نظرة شمولية متكاملة، تضع فى الإعتبار الأول: تأدية المرء لوظائفه ومسئولياته ضمن التصور الإسلامى الكلى لعلاقة الفرد بخالقه وبالكون والحياة والإنسان.
فمن هنا فإن الإسلام يقيس الإعاقة بأبعادها الذاتية والإجتماعية معاً، فكل فرد فى المجتمع مطالب بمسئوليات تكليف وله حقوق موقفه من التصور الإسلامى.
فقد عُنيت الشريعة الإسلامية بالضعفاء بوجه عام، حيث قامت برعاية هؤلاء وأمرت بمراعاة شئونهم وأثبـت الولايـة عليهم، قال تعالى : "فإن كان الذى عليه الحق سفيهاً أو ضعيفاً أولا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل" سورة البقرة الآية 282، فالشريعة الإسلاميـة تنظر إلى المعوق على أنه :
أولاً : إنسان له حقه الكامل فى المساواة بغيره ليحيا حياة كريمة.
ثانياً : التخفيف عليه فى الإلتزامات الشرعية بقدر طاقته.
ثالثاً : أنه مطالب بالعمل فى حدود طاقته.
ولقد وضع الإسلام نظاماً دينياً وإجتماعياً وإقتصادياً وسياسياً، لا يُحول أو لا يعوق، دون حرية الأفراد وإستغلال طاقاتهم البشرية لتحسين نوعية حياتهم والقضاء على مظاهر الإعاقات العامة المختلفة أمامهم التى وضعوها بأنظمتهم المتعددة، وبعدهم عن طاعة الله ورسوله ، حيـث
قال عز وجل "وأطيعو الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم وآصبروا، إن الله مع الصابرين" سورة الأنفال آية 46.
وقال تعالى فى كتابه الكريم "وما من دابة فى الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا فى الكتاب من شئ" سورة الأنعام الآية 38.
وقال سبحانه وتعالى أيضاً "ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شئ وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين" سورة النحل آية 89.
فما أحرانا أن نتمسك بتعاليم الإسلام وأن تطبق تعاليمه فى كافة شئوننا حتى نقضى على أسباب الإعاقات المختلفة التى وضعناها بأنفسنا، يبعدنا عن شريعة الله وتعاليمه، وأن يصبح دستور الأمة من القرآن والسنة.
ساحة النقاش