فى البناء النفسى للإنسان تلعب كل من النزعة للخلود والنزعة للتملك أو الملك المحور المهم لإنتاج سلوك الإنسان وتوجيهه .. ولأن الخالق العظيم يعلم أهمية هذين الدافعين، فقد أعطى لآدم الدرس المهم فى جنة التدريب من خلال منهج "إفعل ولا تفعل" إذ أمره سبحانه وتعالى بألا يأكل من الشجرة .. لكن الشيطان غرر بآدم..وجعل ثمار الشجرة فى وجدانه مصدراً للخلود والملك الذى لا يبلى !!
وأخطأ آدم .. فلا خلود فى الدنيا، ولا هناك ملك دائم ..وخرج آدم من جنة التدريب إلى الدنيا الواسعة تائباً، ولكن يظل هذين الدافعين يحركان سلوك بنيه إلى يوم الدين ..ورغم أن الخلود فيه الدفع للشر والملك فيه كذلك ذلك النوع من الدفع، لكن كل منهما فيه الخير أيضاً ، ذلك إذا أشبعهما الإنسان على نحو سوي .. بل إن تأمل الإنسان لمسيرته عبر هذين الدافعين، وكيف يشبعهما , هو سبيل الانسان لتقويم ذاته وإصلاحها ..لكن الدكتور مرسي يصر على بقائه في جنة الإخوان .. ولأنها جنة كلها من شياطين الإنس .. فإن تضليلهم له بالخلود في الرئاسة والملك كان أعمق من أن يفيق ويتوب ويعود الى إصلاح ذاته وتقويمها .. هذا العمق في تضليله يبدو أنه قد أوصله الى حالة من الإضطراب ، وهي المعروفة بالبارانويا وهو إضطراب تتأرجح فيه مشاعر الإنسان بين العظمة والإضطهاد .. فشعور الدكتور مرسي بعد زوال الملك بالإضطهاد تجعله يقوم بأفعال تعويضية يبدو فيها الإحساس بالعظمة .. فلينتظره الآخرون ، مثلا عند نزوله من السيارة حتى يضم الجاكت ويهندم البدلة .. ثم يبدأ سيره بمد رأسه للأمام ..واهما نفسه أنه الرئيس !!! ويصر على ان يناديه الآخرون بما يدل غلى أنه مازال رئيساً للجمهورية ..والشعور بالإضطهاد لدى الدكتور مرسي مصدره أيضاً هو تأكده من أن الشعب يراه قد لعب دور الكومبارس طوال رئاسته .. أما البطل الرئيس فهو المرشد .. لذلك يحاول الدكتور مرسي أن يبدو كشخصية مستقلة .. فيصر على ألا يدافع عنه أحد ..ويحاول عن طريق إصراره على التحدث مرارا أن يثبت ذاته أمام الآخرين .. إن الدكتور مرسي يعاني تضخم الذات الإخوانية كباقي الإخوان يفرغها اليوم في تضخم ذات رئاسية !! لذلك نرى أن كل من يقبض عليهم من القيادات يصرون أيضاً على الإتجاه لكاميرات المصورين .. مبتسمين بطعم الألم .. لكنهم في كل الحالات يريدون أن يقولوا لنا إنهم ماضون على درب الكفاح ومصرون على التميز .. إنه تضخم الذات السالب والسبيل المرضي لإشباع النزعة للخلود والملك الزائل .. هيأ الشيطان إشباعهما على نحو سالب لآدم عليه السلام .. وهيأت عقيدة الإخوان نفس الإشباع السالب المدمر للنزعتين لدى كل من إنتمى لجماعة الإخوان...
ساحة النقاش