ان التذكر هو عملية استدعاء احدى الخبرات السابقة من العقل أي ان التذكر يعتمد على ما سبق للشخص ان ادركه وتعلمه واحتفظ به في ذهنه بحيث يمكنه تذكره في الوقت المناسب وفق ارادته، كتذكرنا لقصيدة من الشعر مما سبق لنا حفظه، وكتذكر التلميذ للمعلومات وقت الامتحان، والذي يعتمد على قراءته السابقة وعلى حفظه لما قرأه في ذهنه بحيث يستطيع تذكره وقت الامتحان، كما أن للتذكر صور ومستويات عديدة أهمها:
وهو تذكر الشيء وهو ماثل أمامنا بحيث يكون وجوده مثيرا لتذكر ما يحيط به من تفاصيل وهذا النوع من التذكر لا يعتبر تذكرا لأن وجود الشيء يساعد على التذكر، بعكس التذكر الكلي عندما لا يوجد امامنا علاقة تساعد على تذكره، ومن امثلة ذلك التعرف على مؤلف قصيدة شعرية عند الاستماع إليها، أو التعرف على اسم صديق عند مقابلته..
وهو أن نحاول تذكر أي شيء أو أي خبرة سابقة من غير وجودها في مجال الادراك من غير علامات مرتبطة بها تساعد على تذكرها، كتذكر مواد الامتحان.
وهو انسياب الأفكار المترابطة وتذكر الخبرات المتصلة بعلاقات معينة بحيث تستثير خبرة أخرى مرتبطة بها.. وهناك نوعان من التداعي أولهما التداعي المقيد كتذكر كلمة مرتبطة بكلمة أخرى كتذكر المرادف لكلمة أو عكسها أو الكل الذي ينتمي إليه الجزء، أما النوع الثاني وهو التداعي الحر فيكون المثير فيه كلمة واحدة وتكون الاستجابة ذكر سلسلة متصلة من الردود المتتابعة المستمرة.. ان النسيان هو الجانب السلبي للتذكر أو هو الفشل في القدرة على تذكر بعض الخبرات التي سبق تعلمها، وقد يكون النسيان مفيدا لأن الفرد كثيرا ما يحتاج أن ينسى بعض الخبرات التي تعلمها وخاصة تلك الخبرات السلبية في حياته أو التي تسبب له ألما فتعيق الفرد من التحرك والانطلاق في المجالات المختلفة للحياة.
ان القدرة على التذكر تعتبر من القدرات العقلية الخاصة والتي تميز بها الكثير من الأفراد ولقد اثبت العلم الحديث ان الإنسان باستطاعته من خلال قدرته على الحفظ والتذكر من تخزين اكثر من 100 مليون مجلد ثم تذكر كل ذلك بدون أي تعب أو إرهاق للعقل البشري..
ان عوامل كثيرة وعديدة تؤثر في عملية التذكر والنسيان، فمرور زمن طويل على الخبرات التي سبق تعلمها دون استرجاع لفترات متقاربة، والابتعاد عن التدريب وتكرار التعلم، واختلاط الخبرات المراد تذكرها بخبرات أخرى تتداخل معها بحيث تؤدي إلى ما يسمى (الكف الرجعي) والتنافس الذي يحدث بين المعلومات المتزاحمة والمتداخلة في الذهن، وعملية الكبت التي تحدث نتيجة مواجهة الشخص لموقف انفعالي شديد لا يستطيع تحمله شعوريا فيضطر العقل إلى كبته في اللاشعور ليبقى هناك بعيدا عن قدرة الفرد على تذكره، وتغيير اهتمام الشخص بالموضوع وانتقال ميوله إلى موضوعات اخرى ولهذا يميل الفرد إلى تذكر الاشياء التي يميل إليها، وكذلك العوامل المرتبطة بشخصية الفرد كعوامل الصحة والمرض والعامل النفسي، كل تلك العوامل وغيرها تساعد على النسيان وعدم تذكر الخبرات التي سبق ان تعلمها الفرد، ولكي نقوي قدرتنا على التذكر فلنتبع الآتي:
(واذكر ربك إذا نسيت).
ان قوة الدافع تساعد على بذل الجهد وتوفير الارادة والقصد والرغبة..
ويمكن تقوية الدافعية للتعلم بتوضيح الهدف وابراز الفائدة والقيمة والأهمية المرتبطة بالموضوع، وكلما كان الهدف واضحا وكبيرا كلما كان الدافع للوصول إليه أيضا كبيرا، فعندما احفظ قصيدة من الشعر أو بضع آيات قرآنية لاجل توعية طبقة من المجتمع وبث تلك الافكار المسجدة من خلال شعر أو قرآن غلى الآخرين فان هذا الهدف يدفعني، وسوف يكون له دور كبير في التذكر وعدم النسيان على عكس ما إذا كان حفظي لمجرد دون هدف واضح أو كبير.
(ولا تقف ما ليس به علم ان السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسؤولا).
مما يساعد على التذكر والحفظ الجيد تركيز الانتباه عند الادراك والمعرفة الأولى بحيث تنبى المعرفة على الفهم وادراك التفاصيل، وهذا يتطلب التفرغ للموضوع وعدم الانشغال بما عداه وابعاد عوامل التشتت بقدر الامكان كالمثيرات الصوتية كالراديو والتلفاز وغيرها، ويجب أن يكون التركيز موجها لفهم المعاني وتوضيح الجزئيات وادراك العلاقات الموجودة في الموضوع فكلما كان الفهم اكثر الجزئيات والعلاقات الموجودة في الموضوع أكثر وضوحا، كلما ساعد ذلك على التذكر أكثر فاكثر، ويساعد على ذلك أيضا الربط بين الأفكار الجديدة (المدركات) والخبرات السابقة، فالمعرفة السابقة بالموضوع تساعد على فهمه وادراكه بسهولة اكثر ومن ثم على حفظه وتذكره.
إن كثيرا من الانفعالات السلبية المعطلة كالخوف والغضب والتعرض للتعب والملل والانفعالات الحادة تساعد وبشكل كبير على النسيان، ولذلك فكلما كان جو الإدراك والمعرفة الأولى محاطا بانفعالات موجبة وسارة كلما امكن التركيز وزادت الرغبة في التعلم، يروي الطبيب النفسي (فرينك) كيف أنه نسي اسم صيدلية فحاول ان ما إذا كان لذلك النسيان جذور عميقة وأخيرا وجد أن صاحب الصيدلية كان اسمه (عمارة).. وان هذا الاسم يذكره بالكلب الذي كان يكن في طفولته حبا كبيرا له وفي يوم سقط هذا الكلب من أعلى (العمارة) التي كان يسكنها ذلك الطبيب فكسرت عظامه ومات، وقد سببت تلك الحادثة في طفولته صدمة عاطفية عميقة الأثر، لقد نسي الحادثة بعد قليل من الزمن وصار ينسى كل شيء يمت إلى الحادثة بصلة حتى كلمة (عمارة).. لأن الإنسان يميل طبعيا لنسيان الخبرات الوضعية والمؤلمة..
ولهذا يجب العناية بالحالة الصحية والمزاجية في وقت المذاكرة والحفظ (الادراك والمعرفة) حتى تحصل على الحفظ الجيد والتذكر الأفضل، ولهذا ينصح الفرد بالوضوء وقراءة بعض الأدعية الخاصة وان يكون ممتليء البطن أو جائعا أو لديه حاجة ما فإنها تؤدي إلى تشتت فكرة وبالتالي سوء الحفظ والذي ينتج عنه النقص في القدرة على التذكر.
مما يساعد عل الحفظ الجيد اتباع تعاليم نظرية (الحشتالت) في الادراك وذلك بالبدء بالكل والانتقال منه إلى الأجزاء، أي القاء نظرة شاملة على الموضوع بأكمله أو بحيث يحيط الشخص بالمجال كله وحدوده ويدرك الوحدة الشاملة التي يتكون منها ثم بعد ذلك يبدأ تأمل التفاصيل الجزئية واحدا بعد الآخر، بحيث يربط بين الاجزاء المختلفة المختلفة ويدرك العلاقات بينها، ولهذا يحبذ مطالعة الفهرس وتصفح كتاب قبل قراءته.
ان اعادة مذاكرة الموضوعات التي تم ادراكها يساعد كثيرا على الحفظ الجيد لأن التكرار يقوي الوصلات العصبية التي تثبت آثار التعلم على أن يكون هذا التكرار مصحوبا بالفهم وعلى أن يتم في جو من الارتياح النفسي، كما ان على الشخص ان يحاول الاحتفاظ بما سبق معرفته بحيث يظل موضوع اهتماه الفترة اللازمة من الزمن لحين تذكره وهذا يتطلب منع تداخل الخبرات الأخرى وعدم التعرض للخبرات المثيرة حتى لا تتزاحم مع الخبرة المراد تذكرها، فأنت عندما تحفظ سورة القرآن الكريم لا بد أن تهتم بما حفظته وتراجع ذلك في فترات مختلفة حتى يحين الوقت الذي تريد فيه تذكر تلك السورة القرآنية.
من الأمور التي تساعد على التذكر الجيد التسميع الذاتي بحيث يحاول الشخص ان يسأل نفسه ويجيب عن هذه الأسئلة ليعرف مقدار ما تذكره والأجزاء المعرضة للنسيان، فيعمل على اعادة تثبيتها بالمذاكرة والمراجعة، ولقد ثبت لدى علماء النفس ان عملية التسميع تساعد على اكتشاف الأخطاء والتعرف على التفاصيل الدقيقة مما يساعد على التذكر السليم، لقد كان أحد الخطباء البارزين يقول أنه يردد على مسامعه الخطاب الذي سوف يلقيه مرات عديدة جالسا أمام المرآة ليستمع إلى نفسه وان هذا من أهم الأسباب وراء نجاحه في الخطابة.
كثيرا ما يصاب الفرد بالملل ويكثر النسيان وعدم التذكر في المادة المحفوظة نتيجة الحفظ المتواصل وبدون وجود فترات زمنية تتخللها فترات كافية للراحة، ولذلك ينصح الدراس بترك فترات راحة بين وقت وآخر حتى يعطي الفرصة لتثبيت المعلومات وتجديد الطاقة الذهنية مما يساعد على سرعة الفهم والتعلم الجيد.. ويراعي الا يكون توزيع الحفظ على فترات متباعدة كثيرا حتى لا يحدث النسيان، لقد كان محمد يحفظ بيتين من القصيدة المقررة عليهم في المدرسة بع رجوعه منها مباشرة ثم بعد ان يتناول الغداء يعيد ما حفظه مرة أخرى وحفظ عدة أبيات أخرى ثم يترك ذلك ويعود لحفظ باقي الأبيات في المساء ويصبح الصباح وهو يردد القصيدة كاملة وبحفظ جيد ليسمع تلك القصيدة دون ان يداخله النسيان في أبياتها.. لأنه ترك فترة زمنية كافية لحفظ تلك القصيدة الطويلة.
ان من الأمور التي تساعد على الحفظ الجيد الاعتماد على أكثر من حاسة واحدة عند التعلم والإدراك، كأن يستعين المتعلم بالكتابة والرسم عند المذاكرة مع القراءة أو الاستماع، ويحسن أن تتم المذاكرة بنفس الطريقة التي ستتم بها عملية التذكر، فالتذكر التحريري يحتاج إلى المذاكرة بالكتابة التحررية النمو الشفوي يحتاج إلى المذاكرة بالتعبير الشفوي وهكذا.
مما يساعد على الحفظ الجيد أن يتعود الشخص الاستذكار في أوقات معينة وفي مكان معين بحيث يتهيأ الشخص ذهنيا ويتعود على التركيز في هذه المواعيد وهذه الاماكن، ولا شك أن تنظيم الوقت وتكوين العادات الجيدة بقليل من الجهد يساعد على التركيز بحيث يكون للجهد المبذول نتائج ملموسة، وطبيعي ان يتاح للشخص الوقت والمكان الذي يضمن فيه القدرة على التركيز والبعد عن عوامل تشتت الانتباه.
فأنت لك وقت معين ومكان معين للقراءة وهذا الوقت وذاك المكان يرتبطان بالتعلم والقراءة وبما يسمى في المصطلحات النفسية (الاقتران الشرطي) ولذلك أيضا لا ينصح الفرد بالقراءة في أماكن النوم لأن ذلك يوحي بالاسترخاء والنوم وبعد فترة قصيرة سوف يشعر الإنسان بالنعاس والحاجة إلى النوم مما يعطل عملية التعلم الجيد وبالتالي التذكر.
1- التعرف:
2- الاستحضار (التذكر الكلي):
3- التداعي والترابط:
1- قو دوافعك:
2- ركز انتباهك:
3- تخلص من الانفعالات السلبية:
4- انتقل من الكل إلى الجزء:
5- أعد المذاكرة:
6- سمع لنفسك:
7- وزع جهودك:
8- استخدم أكثر من حاسة:
9- احفظ في الوقت والمكان المناسب:
ساحة النقاش