دور المعلم فى تنمية انتماء التلميذ تعليميًا
د. تفيده سيد أحمد غانم
شعبة بحوث تطوير المناهج
المركز القومى للبحوث التربوية والتنمية
مقدمة
أنشئت المدرسة في البداية لنقل المعارف إلى التلاميذ وإكسابهم القيم التي يقبلها المجتمع ويرضاها. ومن هنا أصبح المعلم هو المسئول الأول عن هذا الأمر، بل ويمكن القول إنه ممثل للمجتمع في هذا الشأن. بمعنى أنه يعمل على تحقيق أهداف المجتمع وتطلعاته في أبنائه، ولذلك فهو مطالب بأن يكون نموذجًا لتلاميذه في اتجاهاته وسلوكياته، وأن يكون واعيًا بدرجة كافية بأهمية هذا الأمر بالنسبة لـه شخصيًا وبالنسبة لتلاميذه، بحيث يشعرون أنه يسلك بشكل تلقائي دون تمثيل أو افتعال، وهنا يصبح المعلم قادرًا على التأثير في تلاميذه، بمعنى أنهم يصبحون أكثر قابلية واستعدادًا لتعلم هذه السلوكيات واكتساب الكثير من الاتجاهات المرغوب فيها (سلمان عاشور الزبيدي، 2001).
وترجع أهمية هذا الأمر إلى أن التلاميذ يأتون إلى الفصول المدرسية ولديهم الكثير من المفاهيم غير الصحيحة، وكذلك الكثير من الاتجاهات غير المرغوب فيها والتي تكونت لديهم من خلال تفاعلاتهم السابقة مع الجماعات والمؤسسات الاجتماعية الأخرى بما في ذلك الأسرة، وجماعات اللعب، ووسائط الثقافة، والنوادي، وغير ذلك. وفي هذه الحالة تصبح المدرسة مسؤولة على نحو متكامل مع الأسرة في تعديل مسار هذه المفاهيم والاتجاهات. ولا يمكن القول في مثل هذه الحالات إن هذه المسألة من صميم مسئولية الوالدين، ولكن الواقع هو أنها مسؤولية مشتركة بين هذين الطرفين وغيرهما من الأطراف المعينة بعملية التربية (محمد القضاه، و محمد الترتوري 2006).
السلوك الديمقراطى للمعلم مع التلاميذ
إن النمط الديمقراطي للمعلم يتصف بالمرونة والإنسانية في التعامل واحترام الطلاب؛ فهو ينوع في طرائق التدريس وإدخال عنصر التشويق وحث الطلاب على المشاركة والتفاعل والتعاون فيما بينهم والمبادرة وطرح الآراء والمناقشة والثقة بالنفس والتجديد والإبداع. ويشير إلى العوامل التي تساعد المعلم على تحقيق الانضباط الصفي كما يلى: خلق علاقة ايجابية بين المعلم والطالب، وكسر الروتين والملل من خلال أنشطة متعددة ومحببة، والاتفاق مع الطلاب على وضع لوائح للالتزام بها، والتخطيط الجيد للحصة، واستخدام التعزيز الايجابي للسلوك المرغوب فيه، وتوزيع المهام على الطلاب، وتعرف خصائص الطلاب ورغباتهم وميولهم، وتنظيم الصف، وتدريب الطلاب على المشاركة في إدارة الصف، وأن نشرك أولياء الأمور في النظام المدرسي (قطامى يوسف، 2002، ص 14).
والإدارة من العناصر المهمة في العملية التعليمية، لأن الإدارة هي تنسيق الأنشطة والجهود المختلفة في اتجاه واحد لتحقيق هدف معين. وعلى ذلك فإنه يتوقف على درجة كفاءة المعلم في إدارة الصف ، وعلى الأسلوب الذي يتبعه في هذه الإدارة مدى نجاحه في تحقيق الأهداف التربوية التي يعمل من أجلها. وبصفة عامة يمكن تمييز أسلوبين في إدارة الموقف التعليمي وهما: الأسلوب الديمقراطي في الإدارة، والأسلوب غيرالديمقراطي أو الاستبدادي أو الدكتاتوري في الإدارة. وأحيانًا ما يستخدم رجال التربية مصطلحين آخرين هما :التعليم المتمركز حول التلميذ، ويطابق الأسلوب الديمقراطي، والتعليم المتمركز حول المعلم ويطابق الأسلوب غير الديمقراطي .وتختلف النظم التعليمية في فهم وتطبيق هذين الأسلوبين في التعليم حسب الفلسفة التربوية التي تعتمد عليها، ويقوم الأسلوب الديمقراطي أساسًا على منح الحرية للتلميذ في اختيار وتنفيذ المناشط التعليمية مع تحييد دور المعلم، وقد تغالى بعض الأنظمة التعليمية في تطبيق هذا الأسلوب فتقصر دور المعلم على عرض مطالب الدراسة والاكتفاء بالتوجيه والإرشاد وترك التلاميذ أحرارًا في تحديد الموضوعات وأسلوب دراستها، أما الأسلوب غير الديمقراطي فإنه يفيد التلميذ ويحدد مهمته في دور المتلقي أو المستقبل، وفي هذا الأسلوب يأخذ المعلم الدور الإيجابي، ويتحول التلميذ إلى دور المستجيب لما يقوله ويفعله المعلم.
والمهم أن جوهر الأسلوب الديمقراطي هو التزام التلميذ بالخطة التي يرسمها المعلم لأنه مصدر الخبرة (محمد الحاج خليل وآخرون، 1996).
وأهم الخصائص التي تميز السلوك الديمقراطي في الحياة والعلاقات الاجتماعية ما يلي :
1 - الاعتقاد بأن الأفراد جميعهم، ما عدا المرضى، لديهم القدرة على التفكير والقدرة على التعلم بما يمكنهم من التكيف في الحياة الاجتماعية بمظاهرها المختلفة، وذلك إذا أتيحت لهم الفرص التربوية التي تصل بهم إلى ذلك .
-
احترام الأفراد وشخصياتهم والإيمان بقيمهم الإنسانية بصرف النظـر عن الفوارق اللونية أو الجنسية أو الدينية، واحترام الإنسان لمجرد إنسانيته وعضويته في المجتمع ، ما لم يصدر منه سلوك يهدد استقرار وتكامل الحياة الاجتماعية.
-
الفرد أو الأفراد في موقف معين أصلح الناس لاختيار ما يناسبهم من السلوك الذي يحقق أهدافهم ، فالعمل ينبع من داخل الأفراد والجماعة ولا يفرض عليهم من مصدر خارجي مهام كانت سلطة أو شرعية هذا المصدر.
-
الاعتقاد بأن المجتمع دائم التغير إلى أحسن ، فالمجتمع ليس ثابتًا جامدًا بل يتطور باستمرار بفعل الاكتشافات العلمية والاحتكاكات الحضارية من ناحية، والعمل الدائب من ناحية أخرى، على أن التغير لا يفرض من الخارج أيضًا بل ينبع من داخل الجماعة.
-
أن يكون لكل فرد حرة إبداء الرأي في القـرار الذي سيلزم به ، فالمنطق الديمقراطي يقضي بأم يكون لكل فرد حرية مناقشة وإبداء وجهة النظر في القرار الذي سيلزم تنفيذه.
-
حل المشكلات في المجتمع الديمقراطي لا يتأتى بالتفكير الفردي ، وإنما عن طريق التفكير التعاوني ، والعلاقات بين الأفراد والمؤسسات في المجتمع الديمقراطي قائمة على أساس التعاون والفهم المتبادل (محمد أبو نمرة، 2001).
وإذا حاولنا تطبيق هذه المبادئ أو القيم التي تقوم عليها الديمقراطية على جماعة الفصل، وعلى أسلوب عملها فإن معاني بعض المفاهيم سوف تتغير، فعـلى سبيل المثال سوف يتغير مفهوم الضبط كما سوف يتغير مفهوم النظام. فمعنى الضبط في الفلسفة التقليدية أوغير الديمقراطية يعني الطاعة العمياء من جانب التلاميذ لمعلمهم كأحد المثل العليا في التربية. فسلوك التلميذ اللاسوي أو الذي يفقر إلى الضبط يقابل بالعقوبة من جانب المعلم. والعقوبة في هذه الحال ضرورة تستوجبها طبيعة عمل المعلم وأصول المهنة ) محمد أبو نمرة، 2001).
ولكن مع تقدم البحوث في سيكولوجية الطفولة وازدياد المعرفة بدوافع الطفل، وبسيادة الاتجاهات الديمقراطية وانتشارها إلى ميدان التربية بدا أن سلوك التلميذ المفتقر إلى الضبط أحيانًا ما يكون إدانة للمدرسة أكثر منه إدانة للطفل. لأنها لن تنجح في إشباع حاجاته، ولم تساعده على تحقيق إمكاناته واضطرته إلى أن يسلك السلوك غير المنضبط، فكان من الضروري أن يتغير مفهوم الضبط وأصبح مفهوم الضبط يشير إلى الضبط الاختياري للفرد لصالح الجماعة. أي أن الضبط في هذه الحال لا يفرض على الفرد من الخارج، وإنما ينبع من الداخل، وعن طريق الاقتناع بأهميته وضرورته لصالح الجماعة، ولذلك فهو انضباط وليس ضبطًا. ويقرن بعض الباحثين هذا المفهوم الجديد للضبط بمفهوم روح الفريق حيث إنه في كل منهما يتنازل الفرد عن بعض ذاتيته لصالح الجماعة، وعلى المعلم أن يعمل على تنمية الضبط الداخلي أو روح الفريق عند تلاميذه (محمد القضاه، ومحمد الترتوري، 2007).
كذلك من المفاهيم التي تغيرت مفهوم النظام، والنظام في الفلسفة التقليدية يعني الهدوء والسكون من جانب التلاميذ، مع تقيدهم بنظام الجلوس في المقاعد، وأن تكون حركاتهم وأقوالهم بإذن المعلم أو بطلب منه . أما الأسلوب الديمقراطي فإن المعلم يرفض هذا النظام الشكلي ويرى فيه تجميدًا لحـركة التلاميذ وقيدًا على حريتهم، ويرى أن للتلميذ الحرية في التعبير عن نفسه بتلقائية بالفعل أو الحركة مادام ملتزمًا بالقواعد والأصول التي اتفق عليها أعضاء الجماعة فى أثناء العمل والمناقشة بجانب احترام القواعد العامة في العلاقات الإنسانية التي تربط بين أفراد جماعة ديمقراطية (محمد القضاه، ومحمد الترتوري، 2007).
وفي الأسلوب الديمقراطي لا يجد التلميذ غضاضة في التعبير عن استيائه أو غضبه أو تذمره أو عدم ارتياحه لأي موضوع سواء كان شخصيًا أو تصرفًا ويجب أن ينظر المعلم إلى هذه الظاهرة على أنها ظاهرة صحية وليست دليلاً على الفوضى وعدم الالتزام، فالتلميذ في حاجة إلى أن يعبر عن نفسه بحرية، وتعتبر حرية التعبير هذه ضمانًا لحسن سلوكه وانضباطه في ظل القواعد التي وضعتها الجماعة لنفسها. وقد ثبت في إحدى التجارب الشهيرة في علم النفس الاجتماعي أن سلوك التلاميذ الذي يدل على التزمت كان أقل في ظل القيادة الديمقراطية منها في ظل القيادة الديكتاتورية أو القيادة الفوضوية، كذلك كان السلوك الذي يدل على الود بين أعضاء الجماعة أكثر في ظل القيادة الديمقراطية منه في ظل القيادتين الأخرتين، كذلك كان التجاذب ين الأفراد والعمل من أجل هدف مشترك والإحساس بالجمــاعة كل ذلك كان أظهر في الجماعة التي تتبنى الأسلوب الديمقراطي في الإدارة منه في الجماعات الأخرى (محمد منير مرسي، 1998).
ومن الملاحظات أن بعض التلاميذ الذين نشأوا في ظل تربية تعتمد على الطاعة العمياء للكبار لا يشعرون بأية مشكلة في العمل مع معلم غير ديمقراطي يفرض عليهم أساليب العمل بل وقد يقاومون زملاءهم الذين يحاولون التطلع إلى المشاركة في رسم الخطط لأن لديهم مفهومًا مسبقًا عن دور كل من المعلم والتلميذ يتفق وأسلوب تربيتهم. ولذا يجب على المعلم ألا ينخدع بمظاهر الهدوء والسكينة والانصياع التى يبدو على تلاميذه لأن هذا السلوك لا يعني دائمًا الرضا عن الجماعة وعن أسلوب عملها أو أنه تعبير عن التكيف الانفعالي والاجتماعي، بل العكس فهو ليس مؤشرًا على الصحة النفسية للتلاميذ، ولذا نجد عند هؤلاء التلاميذ الهادئين استعدادات لتفجيرات انفعالية في بعض المواقف، علاوة على مظاهر التكيف الأخرى (محمد منير مرسي، 1998).
وعلى المعلم أن يتيح لتلاميذه فرصة التعبير عن انفعالاتهم ومشاعرهم وأفكارهم بحرية، وبل وعليه أن يشجعهم على هذا التعبير من خلال دروس التربية الفنية، واللغة العربية والتربية الرياضية، والتربية الموسيقية، وعلم النفس، على أن يهتم بإنتاج التلاميذ الفني أو اللغوي، وسلوكهم الرياضي، والاجتماعي، والنفسي، ويعمل على تحليله ليفهم مشاعر الأطفال وما يجول في نفوسهم، وأن يكون في كل ذلك قريبًا إلى التلاميذ حتى يشعروا أن المعلم ليس سلطة فقط وإنما هو عون لكل منهم يستطيع أن يلجأ إليه متى أراد، وبذلك يستطيع المعلم أن يحفظ جو العلاقات بين أعضاء جماعة الفصل، على أن يكون هذا الجو سليمًا، وهو شرط ضروري يكون واضحًا ومهمًا بين أعضاء هذه المجموعة والمعلم الذي هو عون لهم، وذلك يكون بهدف تحقيق هذه الأهداف التي يرجون إليها (محمد القضاه، ومحمد الترتوري، 2006).
عدالة اهتمام المعلم بكل تلميذ
يذكر فيليب إسكاروس، (2007) فى عرضه لكتاب عن التمدرس العادل أن من أشكال العدالة فى التمدرس: العدالة فى استفادة جميع المتعلمين من المنهج الدراسى الخفى، والعدالة فى تعامل المعلمين مع الطلاب، ويجب أن يحقق المعلم العدالة المعرفية بحيث يكون اكتساب المعرفة حقًا لكل متعلم، ولذلك يجب تنويع وتعدد الأنشطة الجماعية التى تحقق اكتساب وتوليد المعرفة، وكذلك رعاية الأقل حظًا فى اكتساب المعرفة، والحرص على تنمية الهوية الذاتية للمتعلم وتدعيم شخصيته لإثراء معرفته بنفسه ولنفسه. كما يحدد متطلبات إقرار عدالة التمدرس بمراعاة تنمية كل طالب إلى أقصى ما تستطيع قدراته، واستعداداته، وبلا تحيز على اساس النوع الاجتماعى، والجنس والعرق، وتوافر الخدمات الرعوية، ويتطلب ذلك تنويع محتوى المناهج الدراسية، وإتاحة الفرص للطلاب لاختيار المقررات والشعب والتخصصات التى يميلون إليها، وتؤهلهم قدراتهم على النجاح فى دراستها (فيليب اسكاروس، 2007).
وللمعلم أدوار رئيسة في إدارة وتنظيم البيئة الصفية النفسية والاجتماعية، حيث إن للمناخ النفسي والاجتماعي في غرفة صف ما تأثيرًا كبيرًا في تماسك أفراد ذلك الصف وتعاونهم وتقبلهم بعضهم بعضاً من ناحية، وتقبلهم للمعلم وتعلم ما يقوله من ناحية أخرى. وللمعلم كمرشد وموجه ومنظم للعملية التعليمية دورًا كبيرًا في الصحة النفسية لإدارته لصفه وتنمية الصحة العقلية لطلابه، والتي ستتيح لهم تعليمًا أفضل وتعلّما أكثر فعالية، وبالتالي إقبالاً على التعلم واستجابة لما يطلب منهم.
وفي هذا المجال نتوقع من المعلم أن يقوم بما يلي:
-
إعداد الطالب إعدادًا اجتماعيًا يحبب إليهم التعاون، والتكافل، والعدل، والنظام، والتقدم، ويعرفهم بحقوقهم وواجباتهم، والاعتراف بحقوق الآخرين، واحترام مشاعرهم.
-
تدريب الطلاب على الخدمات الاجتماعية، وتقديرهم القيم الثقافية تقديرًا حسنًا.
-
مساعدة الطلاب على التكيف مع أفراد المجتمع الذي يعيشون فيه وبالتالي التكيف مع أنفسهم، أي تشمل الاستقرار النفسي والاستقرار الاجتماعي.
-
تنمية الروح الانتقادية، والوعي الاجتماعي والشعور بالمصلحة العامة.
-
رعاية الطلاب كجماعة ليحصلوا على علاقات مرضية ومستوى من الحياة فيه تناسق وانسجام مع رغباتهم وقدراتهم، وتتمشى مع الصالح العام للمجتمع.
-
تلبية حاجات الطالب النفسية والفطرية، كحاجته إلى الأمن والطمأنينة، والحب والتقدير، والإحساس بالنجاح، وحبه للحرية، وحاجته لسلطة ضابطة.
-
توفير الجو الاجتماعي الديمقراطي القائم على العدالة والمساواة والموضوعية والثقة والمودة.
-
قبول واحترام مشاعر الطلبة، والتعبير عن ذلك من خلال الأقوال والأفعال.
-
العمل على تحقيق إحساس الطالب بالأمان والحرية في السلوك والتعبير، وتغييب مظاهر العنف والإرهاب في العلاقة بين المعلم والطالب.
-
تقبل آراء الطلبة وأفكارهم، والعمل على توضيحها واستخدامها كمصدر للمعلومات، والالتزام بالانفتاح والموضوعية تجاه القضايا التي تطرح في غرفة الصف.
-
تجنب المحاباة داخل غرفة الصف، لأنها من معيقات تحقيق المناخ النفسي الجيد.
-
استخدام التعزيز والتشجيع، لأنه يسهم في حث الطلبة إلى المزيد من التفاعل، وإزالة التوتر والرهبة من نفوسهم.
-
إقامة علاقات ودية مع الطلبة، تقوم على معرفة احتياجاتهم وإمكاناتهم.
-
تنمية مظاهر الانضباط الذاتى والطاعة الواعية المفكرة عند الطلبة(Smith, T. E. et al, 2006).
الاهتمام بتقويم التعلم
يعد الاهتمام بتقويم التعلم بمثابة تقويم استراتيجية التنمية التربوية للمتعلمين التى يتحمل مسئوليتها المعلم. بجانب الأنواع الأخرى من عمليات التقويم التى تتم داخل المدرسة. وكل أنواع التقاويم يجمعها رابط مشترك هو أهداف التعليم وما وراءها من حاجات مجتمعية، ومطالب نمو المتعلمين التي تعتبر أساس معايير كل تقويم تربوي. وعملية التقويم تبدأ بالتشخيص أولاً وتحديد نقاط القوة والضعف بناء على البيانات والمقاييس المتوفرة وتنتهي بإصدار مجموعة من القرارات التي تحاول القضاء على السلبيات التي تحاول القضاء على السلبيات التي اكتشفت وعلى أسبابها. ومجال عملية التقويم هذه هو العمل التعليمي بدءًا بالتلميذ الذي يعد محور العملية التعليمية كلها، وهدفها الأول مرورًا بالتعليم، وما يرتبط بها من سلطات، ومؤسسات تعليمية، وإداريين ومشرفين، وينتهي بكل المؤسسات العاملة في المجتمع، والتي يتصل عملها بالتعليم بشكل أو بآخر (قطامي يوسف، 1998).
وهناك عدة نقاط تبرز من خلالها أهمية التقويم، وخطورة الأدوار التي يلعبها في المجال التربوي، يمكن إجمالها في آلاتي:
-
ترجع أهمية التقويم إلى أنه قد أصبح جزءًا أساسيًا من كل منهج، أو برنامج تربوي من أجل معرفة قيمة، أو جدوى هذا المنهج. أو ذلك البرنامج للمساعدة في اتخاذ قرار بشأنه سواء كان ذلك القرار يقضي بإلغائه أو الاستمرار فيه وتطويره .
-
بما أن جهود العلماء والخبراء لا تتوقف في ميدان التطوير التربوي فإن التقويم التربوي يمثل حلقة هامة وأساسية يعتمدون عليها في هذا التطوير .
-
لأن التشخيص ركن أساسي من أركان التقويم فإنه يمكننا القول بأن هذا الركن يساعد القائمين على أمر التعليم على رؤية الميدان الذي يعملون فيه بوضوح وموضعية سواء كان هذا الميدان هو الصف الدراسي ، أو الكتاب ، أو المنهج ، أو الخطة ، أو حتى العلاقات القائمة بين المؤسسات التربوية وغيرها من المؤسسات الأخرى .
-
نتيجة للرؤية السابقة فإن كل مسؤول تربوي في موقعه يستطيع أن يحدد نوع العلاج المطلوب لأنوع القصور التي يكتشفها في مجال عمله مما يعمل على تحسينها وتطويرها .
-
عرض نتائج التقويم على الشخص المقوم ، وليكن التلميذ مثلاً يمثل له حافزًا يجعله يدرك موقعه من تقدمه هو ذاته ومن تقدمه بالنسبة لزملائه ، وقد يدفعه هذا نحو تحسين أدائه ويعزز أداءه الجيد .
-
يؤدي التقويم للمجتمع خدمات جليلة، حيث يتم بوساطته تغيير المسار، وتصحيح العيوب، وبها تتجنب الأمة عثرات الطريق، ويقلل من نفقاتها ويوفر عليها الوقت، والجهد المهدورين (محمد القضاه، ومحمد الترتوري، 2007).
ويمكن تحديد مهام وأدوار فيما يلى:
-
تعرف المدى الذي وصل إليه الدارسون، وفي اكتسابهم لأنواع معينه من العادات والمهارات التي تكونت عندهم نتيجة ممارسة أنواع معينة من أوجه النشاط .
-
التوصل إلى اكتشاف الحالات المرضية عند الطلاب في النواحي النفسية، ومحاولة علاجها عن طريق الإرشاد النفسي، والتوجيه، وكذلك اكتشاف حالات التخلف الدراسي وصعوبات التعلم، ومعالجتها في حينها.
-
وضع يد المعلم على نتائج عمله، ونشاطه بحيث يستطيع أن يدعمها، أو يغير فيهما نحو الأفضل سواء في طريق التدريس، أو أساليب التعامل مع الطلاب.
-
معاونة المدرسة في توزيع الطلاب على الفصول الدراسية وفي أوجه المناشط المختلفة التي تناسبهم وتوجيههم في اختبار ما يدرسونه، وما يمارسونه.
-
معاونة البيئة المنزلية للطلاب على فهم ما يجري في البيئة المدرسية طلبًا للتعاون بين المدرسة، والبيت لتحسين نتائج الطالب العلمية.
-
للتقويم دور فاعل في توجيه المعلم لطلابه بناء على ما بينهم من فروق تتضح أثناء عمله معهم.
-
يزيد التقويم من دافعية التعلم عند الطلاب حيث يبذلون جهودًا مضاعفة قرب الاختبارات فقط.
-
يساعد التقويم المشرفين التربويين على تعرف مدى نجاح المعلمين في أداء رسالتهم ومدى كفايتهم في أدائها.
-
تستطيع المدرسة من خلال تقويمها لطلابها بالأساليب المختلفة أن تكتب تقارير موضوعية عن مدى تقدم الطلاب في النشاطات العلمية المختلفة وتزويد أولياء الأمور بنسخ منها ليطلعوا عليها (محمد القضاه، ومحمد الترتوري، 2007).
غلبة الثواب على العقاب، والمدح على القدح
يذكر (فيليب إسكاروس، 2007) فى عرضه لكتاب عن التمدرس العادل أن العدالة فى الثواب الموزع تكون بأن يكون لكل متعلم حرية الاختيار فيما يتعلمه، وأن التعاون بين المتعلمين مع تدعيم قدرات الأقل حظًا، وأن ثواب كل فرد وكل جماعة بالنسبة التى تتلاءم مع عطائهم، وأن يكون الهدف الأسمى هو تحقيق النفع. (فيليب اسكاروس، 2007، ص 68)
وتؤكد معظم نتائج الدراسات والبحوث التربوية والنفسية أهمية إثارة الدافعية للتعلم لدى التلاميذ، باعتبارها تمثل الميل إلى بذل الجهد لتحقيق الأهداف التعلمية المنشودة في الموقف التعليمي. ومن أجل زيادة دافعية التلاميذ للتعلم، ينبغي على المعلمين القيام باستثارة انتباه تلاميذهم، والمحافظة على استمرار هذا الانتباه، وأن يقنعوهم بالالتزام لتحقيق الأهداف التعلمية، وأن يعملوا على استثارة الدافعية الداخلية للتعلم، بالإضافة إلى استخدام أساليب الحفز الخارجي للتلاميذ الذين ليس لديهم دافع داخلى للتعلم، ويرى علماء النفس التربوي وجود مصادر متعددة للدافعية الداخلية منها (محمد العمايرة، 2002).
المهمات الملقاة على المعلم لاستثارة دافعية الطلاب للتعلم الفعّال كما يلى:
-
أهمية توضيح المعلم سبب الثواب أو المكافأة وأن يربطها بالاستجابة.
-
أهمية تنويع المعلم في أساليب الثواب.
-
أن يتناسب الثواب مع نوعية السلوك، فلا يجوز أن يعطي المعلم لسلوك عادى ثوابًا ممتازًا وأن يعطي في الوقت ذاته الثواب نفسه لسلوك متميز.
-
أن يقترن العقاب مع السلوك غير المستحب.
-
ألا تأخذ العقوبة شكل التجريح والإهانة، بل يجب أن يكون فيها تعليمًا وتهذيبًا.
-
التركيز على الربط بين الجهد والإنجاز.
-
استثارة اهتمامات الطلبة وتوجيهها.
-
استثارة حاجات الطلاب للإنجاز والنجاح.
-
تمكين الطلاب من صياغة أهدافهم وتحقيقها.
-
توفير مناخ تعليمي غير مثير للقلق.
ساحة النقاش