تحيطني استاذتي بحضورها المؤثر حين تحضر ، و سيرتها الطيبة الحافلة بالانجازات أينما حللت ،
المسافة التي تضعها بينها و بين المريدين تبني حدودا حاسمة غير قابلة للتجاوز ، و كنت أظن انها مسافات دائمة حاسمة مطلقة ، حتى اصبحت علاقتي بها تمتد في كل مراحل حياتي الدراسية من بكالوريوس الاعلام حتى الماجستير و الدكتوراة ،
في كل مرحلة أرسلت رسائلها، و تركت في عقلي و قلبي اثرا عميقا ، هي جائزة تتشرف بها الجوائز،
في طرقات الكلية التي كانت دورا في مبنى كلية الاقتصاد و العلوم السياسية كنت أراها نموذجا راقيا جميلا متحفظا و منضبطا ، لا تخرج عن نص ، كنت اتساءل كيف تحيط نفسها بكل هذا البهاء و الحضور و الرقي و الوقار؟
في بداية مرحلة الدراسات العليا كان عددنا اقل من أصابع اليد ، ما صنع قدرا من القرب ، اجلس أمامها مباشرة ، تناقشنا في تفاصيل الرسائل الاعلامية ، هي تعشق كل وسائل الاعلام لكن يبدو ان للسينما سحرها ، فكنت معها ارى جوانب اخرى في اللقطات و المشاهد ليستمر النقاش ، و ارى ما لم اكن ارى ، نعم كانت تدربنا ان نرى ، ان نضغط على زر الإضاءة الداخلي في نفوس تتعلم ، ليضيء نور تصاعدي في عقول باحثين شباب ،
في الماجستير ، الذي أشرفت على رسالتي فيه استاذتي القديرة الغالية الدكتورة سوزان القليني ، استاذتي و تلميذتها ، و حين أراهما معا استقى علوما جديدة كل مرة لقاء ، درست في الماجستير الإعلانات ، سألتني في النقاش هل ترينها كثيرة ؟ أجبت مندفعة اندفاع باحث مبتدئ : نعم جدا و طاغية ، لترد هي في هدوء شديد : بل هي ضئيلة جدا قياسا بالمنشود ، فالاعلام صناعة لابد ان نبحث كيف لها ان تستمر ، لكننا دائما تشغلنا المعايير ، اذا تحققت المعايير انضبط الاداء و ادت الإعلانات دورا اقتصاديا مهما لاستمرار صناعة الاعلام في ظل منافسة شرسة تحتاج إمكانات بشرية مؤهلة ، و إمكانات مادية و تقنية ،
في مناقشة رسالتي في مرحلة الدكتوراة ، قدمت اسمها على نغمات الموسيقى في (تيتر ) الرسالة ، نعم لقد استأذنت استاذتي الدكتورة سوزان القليني ان ابدأ رسالتي كبرنامج شيق يبدأ بمقدمة موسيقية غنائية صفق على نغماتها الجمهور ، أسعدتني يومها ضحكتها الصافية ، و إنطلاقة المرح في عينيها ،
ثم كان اللقاءالذي كان درسا جديدا في مؤتمر المرأة المصرية و التنمية المستدامة قبل الجلسة الاعلامية اجتمعنا على مائدة واحدة نجهز لجلسة الاعلام و التغيير المجتمعي تجاه قضايا المجتمع و المرأة و التنمية المستدامة ، كانت كما هي دائما الاستاذة المعطاءة التي تمنح قدرا كبيرا من الثقة و الطمأنينة في نفوس طلابها و مريديها ،
و تتوالى اللقاءات و استمر في التعلم من هذه السيدة الجميلة التي تعلمنا معنى الكلمة و أصول التواصل الانساني و العلمي في سلسلة ممتدة من عطاء جميل .