موقع العبد الفقير إلى الله تعالى المؤرخ أ.د/السيد محمد الدقن رحمه الله

غفر الله ورحم د/السيد محمد الدقن وزوجته وأدخلهما فسيح جناته

 


أثر الوعي القومي في صد حملة فريزر 1807 عن مصر  
أ.د.السيد محمد الدقن

  وصل محمد علي إلى الحكم في مصر عام 1805م بفضل الزعامة الشعبية الذي اختارته وأيدته. وسعى المماليك لدى الإنجليز لمساعدتهم بالضغط على السلطان العثماني لإبعاد محمد علي وإعادتهم إلى مراكزهم في مقابل السماح للإنجليز بالسيطرة على السواحل الشمالية المصرية.

 

  وإزاء فشل المماليك في هذا السعي وأمام إلحاح المماليك المتواصل لإرسال حملة إنجليزية لمساعدتهم، فقد قررت الحكومة الإنجليزية استخدام هذه القوة، وقد حثها على الإسراع في ذلك تحسن العلاقات التركية الفرنسية تحسنا ملموسا؛ الأمر الذي أزعج بريطانيا وجعلها تتحالف مع روسيا ضد تركيا، وترسل حملة بحرية إلى مياه الدردنيل لإرهابها، وحملة برية أخرى بقيادة الجنرال فيريزر إلى مصر لاحتلال الإسكندرية والقطر المصري إن أمكن حتى لا يقع فريسة للغزو الفرنسي مرة أخرى،  وتنفيذا للوعود التي قطعتها انجلترا على نفسها  ل محمد بك الألفي، وللقضاء على الوعي القومي الذي بدأ واضحا في توجيه سياسة البلاد وفي يقظة الشعب ووقوفه بالمرصاد لكل من تآمر عليه.

 

  وبلغت حملة فريزر الإسكندرية في مارس 1807م، فسلمت المدينة دون مقاومة تذكر، ثم احتلت الحملة رشيد بسهولة، فظن الإنجليز أنهم في نزهة حربية، وطان الوقت صيفا، فانتشروا في الشوارع وألقوا أسلحتهم وتفيئوا الظلال نائمين ناعمين.
 

  ولكن حاكم مدينة رشيد علي بك السلاتكلي قد أمر جنوده فأطلقوا على الإنجليز النيران من النوافذ ومن فوق أسطح المنازل فأبادوا الفرقة الإنجليزية بأكملها، وأرسلت الأسرى ورؤس القتلى إلى القاهرة تأكيدا لخبر الانتصار، الأمر الذي ألهب حماس القاهريين وشجعهم على التضحية بالنفس والمال في سبيل تطهير بلادهم من الإنجليز.

  

  وقد وصل خبر الحملة إلى محمد علي وهو يطارد المماليك فهادنهم وأجابهم إلى مطالبهم فاستكان المماليك بفضل إقناع العلماء لهم بأن قيامهم مع الإنجليز مجلبة للشر وخروج على الدين، وأخذ محمد علي يعد المقاومة حيث ساعده العلماء مساعدة فعالة، فجمعوا له الأموال الضخمة التي استخدمها-بمساعدة درفتي قنصل فرنسا- في إقامة الاستحكامات الحربية وإعداد جيش مدرب على أساليب القتال الحديثة ومزود بما يحتاجه من سلاح وعتاد، وبعث به إلى رشيد؛ حيث كان الإنجليز قد عادوا إليها وحاصروها، وانضم عدد كبير من المصريين إلى هذه القوات التي التقت بالإنجليز عند قرية الحماد جنوبي رشيد وأنزلت بهم هزيمة منكرة وأجبرتهم على التراجع نحو الإسكندرية.

 

  وقام محمد علي أثناء ذلك بتجهيز قوات أخرى قادها بنفسه إلى الإسكندرية، ولما فقد فريزر الأمل نهائيا في مساعدة المماليك، رأي أن يعجل بفتح مفاوضات الصلح للجلاء عن مصر، فتم ذلك بعد تبادل الأسرى الذي أحسن محمد علي معاملتهم، ورحلت الحملة عن مصر في سبتمبر 1807م.

المصدر: أ.د/السيد محمد الدقن، دراسات في تاريخ مصر الحديث والمعاصر.
DRDEQENSAYED

ربي اغفر وارحم عبدك السيد محمد الدقن وزوجته - نسألكم الفاتحة والدعاء وجزاكم الله خيرا ولكم بمثل ما دعوتم

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 550 مشاهدة

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

149,622

ابحث

موقع العبد الفقير إلى الله تعالى المؤرخ أ.د/السيد محمد الدقن رحمه الله

DRDEQENSAYED
يهدف هذا الموقع إلى نشر أجزاء من علم العبد الفقير إلى الله سبحانه وتعالى المؤرخ المصري الدكتور السيد محمد الدقن غفر الله له ورحمه، أستاذ التاريخ بجامعة الأزهر، وكذلك نشر كل ما قد يكون في ميزان حسناته وحسنات زوجته رحمهما الله، نسألكم الدعاء والفاتحة للفقيد والفقيدة ولكم بمثل ما دعوتم »