نماذج لاستراتيجيات تدريسية
إعداد
أ.د/ مراد حكيم بباوي
أستاذ المناهج وطرائق التدريس المتفرغ/ الخبير ومستشارمركز تطوير المناهج والمواد التعليمية .س
رئيس قسم التكنولوجيا.س /المركز القومي للبحوث التربوية والتنمية
إن المجال التربوي هو أحد منطلقات التقدم العلمي نحو المستقبليات، وهو أحد سبل تطوير النفس الإنسانية والتنمية الوجدانية والمعرفية والنفسحركية، وهذا يحتاج إلى سبل تعليمية /تعلمية لتعديل سلوك الطلاب ، والتعلم المستمر مدى الحياة. وحتى يصبح التعلم ذو معنى فنعرض لمايلي:
· افتراضات التعلم ذو المعنى :
جاءت الأدبيات التربوية بالعديد من الافتراضات التي تحاول تفسير عملية التعلم، بهدف إيجاد نموذج تدريسي كفيل بإحداث تعلم فعال. ومن تلك الافتراضات :
1. التعلم موجه بالهدف :
وهذا يعني أن المتعلم لابد أن يعي الهدف، وأن التعلم الذي سيقبل عليه المتعلم لابد أن يلبي حاجة ملحة لديه، وبذلك فإنه إذا ما رغبنا في تعلم ذو معنى فلابد أن يقودنا ذلك إلى تنمية اتجاهات إيجابية لدى المتعلم نحو الموضوع المراد تعليمه، وأن ندرك جيداً أن الاتجاهات الإيجابية هي بمثابة الأرضية التي يقوم عليها التعلم.
2. التعلم ربط معلومات جديدة بمعرفة سابقة :
وهذا يعني أن التعلم اللاحق ينطلق من التعلم السابق وينبني عليه. وهنا تأكيد أهمية المعرفة القبلية التي يملكها المتعلم في التعلم، فالمعرفة القبلية (أي الأطر أو المخططات أو النماذج) التي عند الفرد هي التي تحدد إلى حد بعيد قدرته على التعلم، وهذا يعني أنه إذا ما رغبنا بتعلم ذي معنى فلابد من تنشيط المعرفة القبلية ذات الصلة بالتعلم الجديد، وربط التعلم الجديد ربطاً عضوياً بها باستخدام الأدوات والوسائل التعليمية الملائمة. ووفق هذا، فإن التعلم في مجال معرفي ما ينظر إليه على أنه تطوير مستمر ومتصاعد للأطر أو المخططات أو النماذج المعرفية التي يملكها المتعلم في المجال المعرفي. ويشير هذا، إلى أنه في حالة عدم امتلاك الفرد للأطر المعرفية فلابد من توفيرها لديه باستخدام أساليب كالمنظم المتقدم الذي اقترحه "أوزبل" أو التفكير القياسي (تفكير المماثلة)Analogical Thinking . كما يشير، إلى ضرورة التحقق من تلك الأطر فيما إذا كانت لا تتعارض مع التعلم الجديد (مفاهيم بديلة) أو تتناقض معه، وإلا فإنه لابد من تغييرها باستخدام استراتيجيات التغيير المفاهيمي Conceptual Change .
3. التعلم تنظيم للمعلومات :
بمعنى أن التعلم لابد أن يكون إعادة تنظيم للتعلم السابق، ويؤكد هذا أن عملية التعلم ليست عملية إضافة أو تراكم يضاف فيها التعلم الجديد إلى التعلم السابق دون إحداث أي تغيير فيه، وإنما هي إعادة تنظيم للتعلم السابق، ويعني ذلك أن التعلم الجديد الذي ينبثق من التعلم السابق ويربط به يعيد تنظيم التعلم السابق وهذا يجعلنا ننظر إلى التعلم ذو المعنى باعتباره تعلم يولد علاقات جديدة بين العناصر التي تدخل في تكوين الأطر أو المخططات المعرفية لدى المتعلم.
4. التعلم اكتساب ذخيرة من البني المعرفية والبني المعرفية الفوقية Met cognitive.
وهذا إشارة إلى أن عملية ربط التعلم الجديد بالتعلم السابق يتطلب ممارسة المتعلم لاستراتيجيات خاصة تعينه على عملية الربط تلك وبدون امتلاكه لتلك الاستراتيجيات فإن عملية الربط لن تتم،. تلك الاستراتيجيات هي استراتيجيات معرفية تعين المتعلم على تمثل المعلومات والخبرات الجديدة، بالإضافة إلى استراتيجيات فوق معرفية Met cognitive تعينه على تخطيط تعلمه ومراقبته والتحكم فيه، ويقصد بها المهارات التي يتم فيها اكتساب المعرفة، كالتفكير بأنواعه، ومهارات حل المشكلات، و.. الخ، وهذا يعني أن التعلم هو توليد معنى فيه يوظف المتعلم معرفته السابقة واستراتيجياته العلمية العقلية في تكوين المعاني، بما يمكنه من تمثيل المعلومات من الخبرات الجديدة، ويعني هذا أنه إذا ما رغبنا في إحداث تعلم ذي معنى فإنه من الضرورة وضع المتعلم في بيئة تعليمية تتيح له الاستقصاء والحوار مع الآخرين حتى يكون أو يولد المعاني Generation of meaning التي يتمكن بها أن يتمثل بها المعلومات الجديدة. باستخدام الذخيرة التي لديه من البني المعرفية والبني المعرفية الفوقية.
5. التعلم يتم في مراحل إلا أنه لا خطي :
ولنوضح ذلك، لنفترض أنه قدمت لك معلومة أو ذخيرة جديدة وطلب منك تفسيرها، فما الذي ستقوم به من عمليات عقلية في سبيل ذلك؟ من الواضح أنك ستستخدم معرفتك القبلية لتصل إلى تفسير مناسب. غير أنك لن تستلم لهذا التفسير من أول وهلة بل ستعيد النظر فيه عن طريق فرض فرضيات ثم فحص مدى صحة هذه الفرضيات. وقبل أن تقوم بتفسيرها لابد أنك سنقوم بفحص ما إذا كانت الفكرة تفسر حقاً المعلومات الجديدة. حتى إذا ما وجدتها لاشك أنك ستقوم بتطبيقها (أي اعتماد التفسير)، ليس ذلك فحسب بل إنك ستظل تجري عليها التعديل المطلوب في ضوء التطبيق الذي حصلت عليه.. وهكذا تستمر في تطوير الفكرة لديك، ومن ثم تطوير النبي المعرفية. ومن الملاحظ أن العملية تتم في مراحل إلا أنها ليست خطية ففيها اختبار فرضيات وإعادة نظرة وتعديل.. الخ.
6. التعلم يتأثر بالنماء :
وهذا إشارة إلى أن النماء عامل من العوامل التي تؤثر في التعلم لكنه لا يحدده. فنماء المعلم يتيح له استخدام استراتيجيات معرفية في تعلمه تسهل عليه تمثل المعلومات والخبرات الجديدة.
ولأن التعليم الجامعي يتعامل مع طلبة لديهم ذخيرة هائلة من الأطر المعرفية والفوق معرفية فإن أساليب التدريس الجامعي الحديثة لابد أن تنطلق من أساليب واستراتيجيات تدريسية قائمة على مبدأ توليد المعاني. من تلك الاستراتيجيات والأساليب أسلوب حل المشكلات، وأسلوب التعلم التعاوني.