جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
في موطن العناد
محمد حسام الدين دويدري
_________________
ونعبر الأيام عاشقينْ
نهيم في ترابك الحصينْ
نعيش في محافل الصدى
نكابد الشقاء والظنون
وصفعة الغلاء والبلاء
والفقر والحنين والشجون
ومهما ثار الضنك بالورى
نراك في الشغاف والعيون
منارة الآباء والبنين
* * *
يا موطناً عابراً للشوق والحنين
والقهر والغلاء والسنين
ووحشة الفراق في صدىً
لخفقة في قلبي الحزين
فكم تسامى الشوق في دمي
ما بين دمع طافح بعين
وبين عصف الفقر بالشباب
مخافة الضياع والسكون
فطاش عن مرآهمُ الصواب
وهاجروا فخلفوا الحنين
يحاولون أن يبددوا الضباب
في قادم ممزّق مَهين
أضاعوا فيه بصمة الحياة
وأهرقوا تسارع السنين
فلم تعد عقولهم ترى
في "بوصلات" الصبر من مُعين
وقد غدت حقولهم يباب
وجف مجرى النسغ في الغصون
فخلفوا آباءهم على
مفارق الدروب صاغرين
بين انتظار لحظة اللقا
مع استجداء بعض ما يعين
فالقوت بات مثقلاً وقد
غدا صمود القلب يستكين
* * *
ياموطنا يكابد الظما
ويستسيغ العجز والركون
عبرت فيك العمر صابراً
مستمسكاً بالحب واليقين
أحاول الخلاص والنجاة
من وسوسات تهدر الجين
وتغرق الفؤاد في لظى
مستنقع الرماد والجنون
فكلّ يوم يُذبل الرؤى
في مَحله ويتلِف الجفون
ويُنبت الأشواك في مَدى
طريق من تسوؤه الظنون
مسائلاً عن عَيش رَبعه
فسطوة النقود كالكمين
تحاصر الأخلاق تصطلي
في كل يوم مرتين
لتجعل التفكير عاجزاً
وتخرس الرشاد واليقين
فيصمت الضمير صاغراً
أمام عصف الفقر بالحصون
وسيل غيٍّ بات غالباً
وقد مضى يحرك القرين
* * *
يا موطناً يعاقر الأمل
ككأس خمر تسكر المُقَل
فأرضه يحيطها اليباب
والضنك والظلام والسراب
حتى بدت كغابة الطلل
ينوشها الوحوش والفشل
وأنهكتها عصبة الأغراب
في نهبها للنحل والعسل
يا موطن الجمال والعمل
والحب والأخلاق والمُثُل
عصت رؤاك جوقة الدجل
تثير في النفو س والمٌقَل
مواكباً للغيظ والخطل
في سعيها لقتل الحب والفنون
وذكريات تملأ الجفون
كي تقتل الأمل
فتذبل الزهور في الغصون
ويكثر الفشل
واليأس والملل
ويصبح الشباب في سمائه
طيور حبٍّ تهجر الوطن
* * *
يا موطناً يلفه الظلام والسواد
رأيت فيك من يغالب الفساد
ويحصد البلاء والكساد
وسطوة الحِداد
ويشتكي مرارة اليقين
فيهدر الزمان في الرماد
وفي انتظار مضغة الطحين
وقد تخلّقت في أيدي الحائرين
في هيئة العجين
في نار من يكابد العناد
محاصراً وسواسه اللعين
فهل تُرى يبيعه على هون ليطعم الأولاد...؟
أم في اللظى يدسّه ليطعم المسكين..؟
ويكتفي بأجره وحظه الرصين
معاهداً ضميره
وصبره الحزين
* * *
يا موطناً عابراً مفاوز الحِداد
ووثبة المثبّطين في قرى الفساد
وكل من يعاهد الشيطان في انقياد
ستبقى في فؤاديَ المسكون بالأمل
ورغم كل قهرهم لنا
وما حصل
منارة للحب في ضميرنا
ومنبع الأمل
ومبعث الصمود في وجودنا
وأجمل البلاد
...........
١ / ١ / ٢٠٢٤
المصدر: محمد حسام الدين دويدري