جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
مع الصراحة . .
مرةً أُخرى
من سلسلة خواطر
وعد الله حديد
في العاشر من شهر
ك2 22024
يذهب البعضُ بعيداً حينَ يحاول أن يُسدي نصيحةً لِزيدٍ من الناس , يدري أو لايدري أن زيدًا هذا
لايروق له النصح , في قرارة نفسه فهو فوق النصح منزلة أو أن عزة نفسه وبعض كبرياءه لن
تتقبلَ نُصحًا أيًّا كانت الجهة الناصحة ,
أن يذهب بعيداً يعني أن يُبالغ في الموشح النصحيِّ ,
تُسْدَى النصيحةُ أحيانًا لمن ليس له فيها مصلحة وها هي تُحجب عن أمرؤٍ يمكن أن تُنيرَ له طريقاً
نحو التألق والمجد .
يجب أن يعرف إنسانٌ قدْرَ نفسٍه أولاً فيما إذا كان مؤهلًا لِإسداءِ النُصحِ قبل أن يجازف فَيُطلقها
جُزافًا في الوقت الذي هو بحاجةِ لِنُصحِ نفسه .,
ها أنذا أُمارسُ أُولى مُحاولاتي في الكتابةِ , ممارسةٌ خجولةٌ لمن يجهل كيف يمكن أن يُمسِكَ قلمًا ,
لكنَّ محاولتي لم تأتِ من فراغٍ بل هي جهدٌ ومثابرةٌ بمطالعة الكثير من القصص والروايات وتصفح
عدداً لابأس به من المجلات عبرَ سنواتٍ عُجاف سبقتْ محاولتي الاول في التدوين ,
أنا لا أُنكرُ أن محاولتي كانت ساذجة بائِسةً لاترقى الى أبسط قواعد الكتابة ولكنها محاولةٌ على أيّة حال
متواضعةً لا ولن ترقى مطلقاً للتأهل بالدخول إلى عالم الأدب .
لم تكن بدايات العظامِ من الأُدباء والروائيين متقنةً بل ربما كانت أكثرُ تواضعاً و ركاكةً مما أنا أتيتْ ,
عَرَضْتُ على قريبي (الخبير) أولى محاولاتي في كتابة القصة القصيرة , كنتُ آملُ أن يُبدي
رأياً مُنصفاً فينصحني بالأسلوب المناسب الذي يمكن أن أستفيد منه أو حتى أن يُملي عليّ ببضع كلماتٍ
يشد بها على يدي يُشجعني فيها على المضي ولكن . . صعب الأمر عليه و قطّبَ مابين حاجبيه ,
أبدى عدمَ رضًا بعد أن أتى على قراءة الأسطر القليلة التي كتبتها ,
قال بأن هذا الذي اتيتَ به لايمت إلى اسلوبِ كتابة القصة بصلةٍ , وبَيّنَ لي الأخطاء رغم قلتها
ولكنه لم يتكلف بتبيان السبيل لتصحيحها , لم يكن قريبي شحيح المعرفة إنما هو مُمسكٌ بِقوةِ على الدرهم
والكلمة سواءٌ بِسواء .
لمْ أُبدِ إنزعاجاً ولم أصل مرحلة اليأس بل أن الذي بَدَرَ منه كان حافزاً و تحدياً بأن أمضي قُدماً بِجُهدٍ
ذاتيٍّ دون الإستعانةِ بأحد ,
لم يتكلفْ قريبي بأن يُبَيِنَ لي بضع خطواتٍ جادةٍ يمكن أن اعتمدها منهاجَ عملٍ كي أُواضب على . . الكتابة ,
كنت حينها بِحاجة للنصيحةِ مُلِحةً أتقبلها بِصدر رحبٍ فهي في محلها ,
أنهى قريبي الخبير مراحل الدراسة الجامعية وحصل على شهادة عليا في تخصصه بالأدب العربي ولكنه
ما استطاع أن ينظمَ بيت شعر واحد ولم يدون خاطرة و لا حتى ومضةً يتيمةً.
ربما كان أكاديميا أكثر من كونه أديباً , إن الأديب لتُطغي على نِتاجِهِ الفِطرةَ ومن حول الفطرَةِ بعض المشاعر .
لم يلمعَ نجمُهُ في الأدب على خلفية حصوله تلك الشهادة وسوف لن يصل مرحلةً أن يُكَنَّى بالكاتب المغمور
بَخِلَ بعنادٍ ان يصححَ بضعة أخطائي في محاولتي الأُولى , إنه يتعمد الإستخفاف والمباهاة بعض الوقت
بمن هم حوله من منطلق انه ذي فكرٍ نيِّرٍ وخلفيةً جامعيه .
لم تشفع له مؤلفاتُ محفوظ وعبد القدوس وتولستوي وكافكا وكثيرون غيرهم أُدباءً ومثقفين لم تشفع له مطالعتها
ولم تؤهلهُ شهادتَهُ الجامعة الأدبيةُ بأن يكتب شيئاً ذا قيمة قبل ان يُمَهِدَ ليكون كاتبا متواضعاً ثم يرقى درجة فيكونَ ناقداً ,
وَفِّر على نفسك أيها الإنسانُ العاقل زحمةَ أن تُسدي نصيحةً في غير محلها , تأكد بأنك تفعل الخيرَ والنصيحةَ
فيمن يستحقها واعلم أن هناك من لا يتقبل نصيحةً ويعتبرها تدخلا خارقاً في خصوصياته خاصةً عندما يَلُحُّ الناصِحُ بِتكرارِ نُصحِهِ . ..
البعض مِنّا بحاجةٍ مُلِحَّةٍ لمن يُسدي إليهِ النصيحة دون أن يطلبها ذاك الذي يحتاجها ,
حينها ستكون الكلمة الواحدة في تلك النصيحة صدقةً والله يُضاعف لمن يشاء .
وعد الله حديد
المصدر: مع الصراحة . .
مرةً أُخرى
من سلسلة خواطر
وعد الله حديد