هذا الموضوع لأهل البلاء
هو عبارة عن رسالة لهم
إنّ الله تعالى خلق الدنيا وجعلها دار ممرٍ وليست بدار مقرّ، وحفّها
بالمحن والابتلائات وغمرها بالمصائب والفتن.. لحكمة جليلة ذكرها الله
تعالى في قوله :
{ الذي خلق الموت
والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور }
[ الملك :
2 ]
فالدنيا هي دار التكليف والعمل وليست بدار النعيم والأمل.. ومع ذلك
فقد غفل كثير من المسلمين عن تلك الحقيقة !
فإذا أقبلت المصائب ترى الناس
يفزعون، بل ويتسخّطون على قدر الله، وذلك لأنهم لم يتحصنوا بالإيمان
عامة، وبالإيمان بالقضاء والقدر خاصة
إن المؤمن يعلم أن الدنيا مزرعة للآخرة، وأن ما يزرعه هنا فسوف
يحصده هناك.. عندما يصل المؤمن إلى تلك الحقيقة، ويوقن أنه موقوف بين
يدي الله - جل وعلا - في يوم مقداره خمسون ألف سنة، فإن الدنيا لو
سجدت بين يديه لركضها برجليه طامعاً في ساعة واحدة يناجي فيها ربّه
لعل الله يكتب له بها النجاة من تلك النار التي أُوقد عليها ألف عام
حتى ابيضت، وألف عامٍ حتى احمرّت، وألف عامٍ حتى اسودّت، فهي الآن
سوداء قاتمة... فيعلم المؤمن أن كل نعيم دون الجنة سراب، وكل عذاب دون
النار عافية.
هنا تهون المصائب كلها على المؤمن..
قال صلى الله عليه وسلم :
« يودّ أهل
العافية يوم القيامة حين يُعطى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت
قُرضت في الدنيا بالمقاريض » (صحيح الجامع*
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
« إن عظم الجزاء مع عِظَم البلاء، وإنّ الله تعالى إذا أحبّ قوماً ابتلاهم،
فمن رَضِيَ فله الرضا، ومن سَخِطَ فله السخط » صحيح الجامع
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: « عجباً لأمر المؤمن، إنّ أمره كلَّه له خير، إن
أصابته سرّاء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضرّاؤ صبر فكان خيراً
له » أخرجه مسلم