أنا عندي مشكلة في حياتي الزوجية وأريد منكم الحل أو الرأي.
أنا متزوج من سنتين وإلى الآن زوجتي لم تفهم على كلامي أو طباعي وهذا الشيء يسبب لي كثير من المشاكل وخاصة مع أهلي، مع العلم انني ساكن لوحدي وأنا عم أتحمّل هل المشاكل وتقريباً كلها نفس بعض بس طفح الكيل دخيلكون لاقولي حل ولكم جزيل الشكر والإحترام.


*****  *****  ****  ***  **  ****   ****  *****  ***

الأخ العزيز
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم/ 21).

الزواج مؤسسة مباركة شرعها الله تعالى وضمن لها مقومات النجاح بأن جعل بين الأزواج المودة والرحمة التي تسهل التوافق والإنسجام وتوطّد عرى التعاون والتعاضد بين الزوجين، وتجعل منهما أسرة متماسكة تجاه صعاب الحياة ومتطلباتها.

والإنسجام المطلوب بين الزوجين نفسي وعملي، فالنفسي هو ميل أحدهما للآخر ومحبته له ورأفته به، من خلال تسامحه معه ومداراته ورعايته... وهو أمر مطلوب من كلا الزوجين، فكما أن "جهاد المرأة حسن التبعل"، كما جاء في الحديث الشريف، كذلك الزوج، المسؤول عن الإنفاق على الأسرة ومعاملتها بالحسنى، وقد قال رسول الله (ص): "خيركم خيركم لأهله".

هذا التفاهم الفكري والإنسجام الروحي، كلما إزداد وترسّخ، كلما نجحت الأسرة في إدارة شؤون حياتها، ولذلك ينبغي أن يخصص الزوج – وكذلك الزوجة - وقتاً للحديث مع أسرته ومناقشة المسائل المختلفة، بعيداً عن التعصب والإستبداد، حتى تتقارب الأفكار وتتلاءم الرؤى.

وليس مطلوباً أن يتفق الزوجان في كل أمر وأن تكون رؤاهما متطابقة حول مسائل الحياة، فهذا مستحيل تحققه، حتى بين الشقيقين التوأمين، وهما من أُم واحدة وتربيا معاً، فكيف بزوجين مختلفين في النسب والنشأة، لذا يجب إحترام خصوصية كل طرف وأن من حقه أن تكون له شخصيته المستقلة وأفكاره الخاصة به.

ولكن يؤكد من خلال هذا الإحترام على أهمية التوافق في الأُمور المشتركة الخاصة بالعائلة بأن يتم الإتفاق فيها، حتى لو كان أحد الطرفين يخالف الآخر ويبقى مقتنعاً برأيه، ولكنه يتنازل للآخر، حتى تسير القافلة بسلام وأمان، فلا يمكن في الأُمور المشتركة أن تتوزع العائلة وتفترق الأسرة.

والميزان الحاكم في ذلك أن مَن يتحمل تبعات الأمر له الرأي الأخير فيه، فمثلاً إذا كان الأمر يتعلق بشراء حاجة، والزوج هو الذي يدفع المال، فطبيعي أن له الرأي الأخير في ذلك، لأنّه هو الذي يتحمل تكاليفه، ولا يمكن إجباره على شراء حاجة لا يستطيع دفع مبلغها أو لا يرغب بها... لذا ينبغي بذل الجهد لإقناعه وكسب رضاه.

وهكذا في الأُمور الخاصة بالمرأة فينتهي الرأي إليها، ولذا قيل في الفقه أن من حق المرأة أن تمتنع عن الحمل، كأنّها تجد صعوبة ذلك عليها أو يضر صحتها، أو لا ترغب في المزيد من الأولاد، ولا يحق للزوج إجبارها على ذلك، لأنّها هي التي تتحمّل أتعاب وتبعات ذلك.

وهناك جانب آخر في الحياة الزوجية، وهو التوافق الإجتماعي خصوصاً في العلاقات مع الأهل والآخرين، فالأصل في ذلك أنّه ليس من وظائف الزوجة الشرعية والقانونية أن تشارك الزوج في علاقاته الإجتماعية، فهي مسؤولة عن نفسها وقيامها بشؤون الزوجية، ولكن بلا شكّ أنّ الإنسان إجتماعي بالطبع وأنّه يعيش في محيطه الأسري والإجتماعي فلابدّ أن يكون مؤتلفاً معه.

ولكن السبيل إلى ذلك أيضاً هو التفاهم والتوادد الذي يذيب الصخر ويجعل كلاً من الزوجين يتفهم ظروف الآخر ويساعده على النجاح في علاقاته وأوضاعه.
فعلى الزوج أن يشرح بهدوء ظروفه العائلية والإجتماعية ويطلب من زوجته التعاون في نجاح علاقة الأسرة بمن حولها، ولأن ذلك يسعد الزوج أولاً ويصلح حال الأسرة ثانياً. ولأن كسب رضا الوالدين يزيد من توفيق الولد ورزقه، ويزيد البركة في عموم العائلة، فكيفما يتعامل الإنسان مع غيره يكسب هو بنفس الطريقة، وقد ورد في المأثور "كما تدين تدان". فيشجع الزوجة على حسن معاملة أهله ويشكرها على ذلك، بل حتى يكافئها بالهدايا ويعوضها بالمودة والإحترام.

ولا يعني ذلك استنزاف وقت العائلة وإستهلاك جهدها لكسب رضا الآخرين، خصوصاً إذا كان هؤلاء أنانيين ولا تقف طلباتهم عند حد، لأنّ العائلة ستفقد خصوصيتها وستوفر للآخرين راحتهم على حسابها، فإن بعض الأُمّهات لا يقتنعن ويتطلبن المزيد، لذا ينبغي أن تكون الأُمور بالمعروف والمتعارف، من السلوك المعتدل، وليس من البرّ بالوالدين إجابة كل طلباتهم، خصوصاً ما يتعلق بالإنسان نفسه وأُسرته، ولكن البر هو حسن التعامل معهما ومساعدتهما قدر الإمكان.

فإذا وجد الإنسان من زوجته تفهماً وتعاوناً بهذا الشأن، بما يوفر رضا أهله، في الحدود المعقولة، فنعم ذلك، ولكن إذا لم يحصل على ما يريد، فلا يرغم زوجته ويجرّها جراً إلى ذلك، وإنما يصبر عليها، فلا يسعى لتعمير بيت أهله بخراب بيته، ويترك الأُمور لكي تصلح تدريجياً.

وفي المقابل، يقوم الزوج هو بالمساعدة مع أهله بما يستطيع ليسد الفراغ الحاصل من قبل زوجته، فإذا لم ترغب الزوجة في زيارة الأهل يقوم هو ويعتذر لأهله لتعب الزوجة أو مرضها أو إنشغالها بالبيت والأولاد، ثمّ يأخذ الزوجة في زيارة قادمة، فبجميع بين مداراة أهله وأسرته.

ومن المفيد أن نعلم بأنّ للعلاقات الإجتماعية، حتى مع الوالدين، حدوداً وأصولاً، تحافظ على دوام العلاقة وحسنها، ومن ذلك أن لا تكون هذه العلاقة مفتوحة، على الآخر، ليتدخل الأهل في تفاصيل حياة الفرد، فينبغي أن يعودهم الإنسان، تدريجياً، على خصوصية عائلته، فإذا ما سألوا عن أمر يجيبهم بالجواب العام، لا المفصل، بما يقنعهم دون تحفيز فضولهم ليتدخلوا في كل صغيرة وكبيرة.

ومما يساعد على ذلك حفظ الإحترام المتبادل والتعادل في العلاقات والزيارات، من دون إفراط أو تفريط، أي لا يكثر حتى يملوا ولا يقل حتى يفتقدوا.
وأخيراً، لابدّ من تفهّم الحساسية المتوارثة في مجتمعاتنا بين الوالدة والزوجة، وهو أمر غير صحيح، ولكن لابدّ من التعامل معه بحكمة، فيظهر الزوج عند أهله محبته ومودته، وتجنب تحسّسهم بمنافسة الزوجة لهم، ولكن يعمل الزوج تدريجياً على تقبل أهله بأنه مرتبط بزوجة وله أسرة وأن عليه واجباته الخاصة تجاههما.

المصدر: استشارات.. اجتماعي.. البلاغ
Al-Resalah

الرسالة للتدريب والاستشارات.. ((عملاؤنا هم مصدر قوتنا، لذلك نسعى دائماً إلى إبداع ما هو جديد لأن جودة العمل من أهم مصادر تميزنا المهني)). www.alresalah.co

  • Currently 20/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
6 تصويتات / 452 مشاهدة
نشرت فى 26 إبريل 2011 بواسطة Al-Resalah

ساحة النقاش

الرسـالة للتدريب والاستشارات

Al-Resalah
مؤسسة مهنية متخصصة في مجالات التدريب والإستشارات والبحوث والدراسات، وتُعتبر أحد بيوت الخبرة متعددة التخصصات في العالم العربي.. ومقر الرسالة بالقاهرة.. إن الرسالة بمراكزها المتخصصة يُسعدها التعاون مع الجميع.. فأهلاً ومرحبا بكم.. www.alresalah.co - للتواصل والإستفسارات: 00201022958171 »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,028,969