أنا فتاة عقد علي شاب من أقاربي قبل سنتين ولم يتم الزواج حتى الآن وخلال فترة الملكة وبعد أقل من شهر وجدت غلظة وشدة في تعامل هذا الشاب معي. وكان يأخذ توجيهي ونصحي له بأنه نقد لشخصيته وإحساسه بعقدة النقص بمعنى أنه يكابر على خطأة ولا يفكر في التراجع عنه.
وأريد أن أشير إلى أنني فتاة جامعية وهو حتى لم يكمل تعليمه المتوسط وهنالك فوارق شاسعة بيني وبينه من ناحية التفكير والتعليم والمشكلة الآن بيني وبينه كبيرة جداً بعد طلبي الطلاق منه، حيث إنني لم أعد أطيقه وهو يرفض أن يطلقني وأنا الآن على هذا الحال منذ سنتين. أنا الآن أعاني من مشكلة كبيرة حيث إنني بنت إحدى القبائل وبسبب العادات يمارس علي ضغوط لكي آخذ هذا الشاب وأنا لا أكره أن أتزوج لكن أكره أن يفرض علي إنسان لا يوجد بيني وبينه أي تفاهم أو حوار، فماذا سوف يكون حالي بعد الزواج. كل أبناء العشيرة متحاملين علي ويرون أن الأعذار التي ذكرتها ليست مقنعة وإنني إن لم أتزوج هذا الشاب سوف أظل طول حياتي معلقة على ذمة هذا الإنسان. وأعاني من شدة في تعامل القاضي معي وأخشى أن يطول الأمر بي حتى أجن. أرجو من سعادتكم نصح ابنتكم وتوجيهها.
**** **** ****** **** ***** ****** **** ***
الأخت الفاضلة
السلام عليكِ ورحمة الله وبركاته
أولاً وقبل كل شيء الجأي إلى الله تعالى واستعيني به، قال تعالى: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ) (البقرة/ 45)، وثانياً احتفظي بهدوء نفسك وتسلحي بالصبر، فكلما هدأت وتعاملت بالسكينة والصبر تمر عليك تلك المشاكل بسلام وتستطيعين حلها بصورة أفضل.
وبعد جرّبي التعامل مع خطيبك برفق في اتجاهين: الأول إصلاحه إن استطعت وحل المشكلة معه، فالشرقي بصورة عامة والعربي بصورة خاصة يعتبر نقد المرأة له انتقاصاً من رجوليته، لذا حاولي تغيير الاتجاه وذلك بأنك تريدينه أن يكون بسلوك تفتخرين به أمام الآخرين ويكون موضع احترامهم وتقديرهم .. اشعريه بأن ملاحظاتك كانت من باب الحرص عليه لا النيل منه وكفي عن إعطاء الملاحظات بعض الوقت واعطيه فرصة للتفاهم مرة أخرى، فلعله يتراجع عن كبريائه وتؤثر فيه كلماتك ... اعطيه فرصة أخيرة لكي يفهمك ويتفاهم معك، فإن أقدم على إصلاح نفسه وتغيير ذاته واطمأنيت إلى إمكانية التعايش مستقبلاً فهو المراد، فلعل وضعه الذي ذكرتيه ناتج عن المحيط القبلي الذي يعيشه ولعل أجواء المودة والمحبة أن تذيب جبال الثلج القائمة بينكما.
قال تعالى: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت/ 34)، وإذا صلحت الأمور فلا تستعجلي بالزواج حتى تتأكدي من أن الأمور تسير على ما يرام.
أما إذا وصلت إلى طريق مسدود ووجدت نفسك غير قادرة بتاتاً على تحمله وكان قرارك هذا ناتج عن تمازج عقلك وعواطفك معاً، فحاولي أيضاً التفاهم معه. كلميه بأن من مصلحة الإثنين الإفتراق واطلبي منه المساعدة في ذلك وتنازلي عن كل حقوقك لتحقيق ذلك، فإنه إنما يرفض إذا أحس بأنك تريدين أن ترغميه على الطلاق فيزداد عناداً.
حاولي أن تقولي له إذا وصلت إلى طريق مسدود ولم تفلحي بالتفاهم معه بأنك لا تستطيعين أن تكوني زوجة مناسبة له وقد يؤدي زواجكما إلى سعادته وأنك تطلبي الطلاق منه في سبيل الله تعالى، وأن هذا الأمر لا يعني أنه ليس بزوج جيد ولكن لعدم توفر الميل المتقابل بينكما فالقلوب بيد الله، وقد يوفر الله له زوجة تسعده أكثر منك. ذكريه بقول الله تعالى: (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) (البقرة/ 229).
وعلى أيّة حال، تجنبي الطعن فيه فإن ذلك يثير غضبه وتعصبه وسيدفعه ذلك للدفاع عن نفسه والانتقام منك بالإمتناع عن الطلاق.
وحاولي في موقفك هذا أن تكسبي عائلتك إلى جنبك وإقناعهم بأن الطلاق في تلك المرحلة أفضل للطرفين، وأن يتم الطلاق دون المس بالزوج وعائلته، فإن المشكلة أساسها اختلاف الثقافتين، لا اختلاف الدين أو عدم الاستقامة في السلوك.
على أيّة حال، لا تلجأي إلى الطلاق إلا في حالة اليأس من الإصلاح، وإذا لجأت إليه فإن حلّ المسألة بالتفاهم هو الطريق الأقصر في كل الأحوال.
نسأله تعالى أن يأخذ بيدك لما فيه صلاحك.
ساحة النقاش