أنا أبلغ 23 سنة تقريباً أدرس في الكلية كنت أحلم وأتمنى أن أصبح شيئاً يذكر لكن لا أعرف تحقيق أحلامي، أمل التغير يدغدغني، ثقافتي قليلة حتى في تخصصي مع إني ذكية، ممكن لا أعرف ماذا أريد.
في العام الماضي صارت معي ظروف دخلت العيادة النفسية لثلاث أسابيع تغيبت عن الكلية بعدها رجعت مع تفكير دائم بما حصل مع انه من وجهت نظر أهلي ما لها معنى لكن أنا أرى عكس ذلك تغيبت في اللاختبار والان سأرجع الى الكلية مع تحطم نفسيتي، أحب أن أكمل تعليمي حتى الدكتوراه أنا آخر سنة كلية ما نصيحتكم لي.
*** **** ***** ***** ***** ***** ***** *** **** ***
الأخت الفاضلة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من المهم جدّاً أن تعرفي بأنكِ إنسانة طبيعية وذات خصائص جيِّدة وأنّ الظروف التي مررتِ بها كانت إستثنائية ويمر بها كثير من الناس ويتجاوزونها ويواصلون حياتهم بنجاح.
كثير من الناس يمرضون، وكثير من المتميّزين، خصوصاً الأذكياء منهم، يتعرّضون لضغوط نفسيّة بسبب تميّزهم وذكائهم وحسّاسيتهم المفرطة وتطلعهم لتحقيق الكمال في أنفسهم وحياتهم، ولو قرأت حياة العظماء من المفكرين والأدباء والفنانين والمبدعين لوجدت كم عانوا في حياتهم من ضغوط وأوضاع نفسيّة صعبة، خصوصاً في عالمنا المعاصر، الذي تكثر فيه الأزمات والتعقيدات، لذا ليس غريباً أن نجد الأطباء النفسانيين يراجعهم ويستعين بهم الرؤساء وكبار رجال الأعمال والطبقة الراقية من المجتمع فضلاً عن سائر الناس.
وليس من الصائب أن نبني حياتنا على لحظات العنف التي نمر بها، وكل الناس يمرون بها، حتى الأنبياء، كانت في حياتهم محطات شعروا فيها بالإحباط والهم والغم، قال تعالى: (حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) (يوسف/ 110)، وقال جلّ شأنه: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) (البقرة/ 214).
وإنما تبني أحلامنا وآمالنا وطموحاتنا على الحالة الواقعية والطبيعية التي نعيشها، ومن المفيد هنا أن نتذكر إمكانياتنا والنعم التي أنعم الله بها علينا وأن نسطرها على ورقة نضعها في مكان نقرأها يومياً ولتكون نصب أعيننا فنشكر الله عليها ونزداد ثقة بأنفسنا وأملاً بحياتنا.
والموقف المناسب هو أن نسير بالإتجاه المعاكس لهواجسنا ووساوسنا بأن نقدم على الجد والعمل والدراسة والمثابرة في تكاليفنا وذلك كفيل بمعالجة أوضاعنا والتقدم بنا إلى الأمام، قال تعالى: (وَأَنْ لَيْسَ لِلإنْسَانِ إِلا مَا سَعَى) (النجم/ 39)، وورد في الحكم: "ما أذهب الهم سوى العمل".
وكلما تقدمت خطوة، كلما ستشعرين بالسعادة والفرح والعزم على مواصلة الطريق، وليبقى طموحك عالياً، ولكن مع الإصرار على تخطي المرحلة الراهنة، فلا تدعي فرصة إكمال الكلية تفوتك وستجدين الأيّام تمر، ولا تبقى من الظروف التي مررت بها، إلا التجارب والعبر، ومنها أنّ الإنسان قادر على تخطي الصعاب مهما كانت.
بقي أمر وهو أن عليك تدليل نفسك والإهتمام براحتك، فاختاري لنفسك أوقاتاً للراحة والإستجمام بالرياضة وهي أفضلها، وبالمطالعة ومشاهدة البرامج المفيدة، ومصادقة الطبيعة بسمائها وأرضها والأصدقاء والتسوق... وأيضاً بالصلاة وذكر الله والدعاء والصلاة في دور العبادة، وتذكّري دوماً أنّ الله خلق الإنسان ليكون سيد مخلوقاته وسخّر له ما في السماوات والأرض وأنّه الحبيب إليه والمكرّم عنده، وأنّ الله لطيف بعباده وهو رب العالمين وأرحم الراحمين، فلا مجال للقلق واليأس، والله ربنا وكل يوم من أيامه فرصة جديدة للأمل والعمل. ومن الله التوفيق.
ساحة النقاش