ليس الإنسان في حالة مزاجية واحدة، فهو أحيانا رائق وأحيانا أخرى متوتر، والأمر لا إلى أفعال إرادية دائما، بل بعضها يرتبط بالتقلبات الجوية، وبعضها بالبيئية، وبعضها بما لانعلم.
المهم أن علينا أن نعرف ماذا يدور في أمزجتنا، حتى لا نسمح لتعكر المزاج أن يفرض علينا شروطه .
وبالطبع فإنه يمكن لتقلباتك المزاجية أن تكون خداعة للغاية، فيمكنها وهي تفعل ذلك فعلا، أن تقودك إلى الإعتقاد أن حياتك اسوأ مما هي عليه فعلا.
فعندما يكون مزاجك صافيا تبدو الحياة رائعة، حيث تنظر للأمور بمنظار سليم وتتمتع كذلك بالفطنه والحكمة، فمزاج الإنسان عندما يكون رائقا فإنه لن يرى أن الأمور على درجة كبيرة من السوء، بل تبدو المشكلات أقل صعوبة وأكثرطواعية للحل، وتنساب العلاقات والمحادثات مع الغير بكل يسر، وإذا حدث وانتقدك شخص ما، فإنك تتقبل ذلك بصدر رحب.
وعلى العكس، إذا كان مزاجك غير رائق، فإن الحياة تبدو لك صعبة ومضجرة بدرجة لا تحتمل، وتكون نضرتك للأمور غير سليمة، كما تأخذ الأمور بمحمل شخصي، وغالبا ما تسيء الظن بمن حولك، حيث تنسب إلى تصرفاتهم دوافع شريرة.
والمشكلة إن الناس لا يدركون أن أمزجتهم دائمة التقلب وبدلا من ذلك يعتقدون أن حياتهم قد انقلبت إلى الأسوأ من السابق، ولذا فإن الرجل الذي يتمتع بمزاج رائق منذ الصباح قد يشعر بالحب تجاه زوجته ووظيفته واحبائه، وربما يشعر بالتفاؤل بشأن مستقبله وبالرضا عن ماضيه، ولكن في الظهيرة، إذا كان المزاج متعكرا، فقد يقول : إنه يكره وظيفته، ويعتقد أن زوجته مزعجة، وأن أقربائه لا يستحقون المحبة منه وأنه لن يحقق هدفا في مستقبله العملي، ولو سألته عن طفولته لربما أخبرك أنها كانت صعبة للغاية، وربما ألقى اللوم على أبويه وعائلته.
قد تبدو هذه التناقضات السريعة والجذرية ضربا من السخف، إلا أننا جميعا سواء في ذلك، فعندما يتعكر مزاجنا نفقد نظرتنا الصائبة للأمور، ويبدو كل شئ كما لو كان سيئا، وننس تماما أنه عندما يكون مزاجنا صافيا يبدو كل شئ على حال أفضل، إننا نتعرض لذات الظروف بشكل مختلف تمام الأختلاف، تبعا لحالتنا المزاجية، فعندما يتعكر مزاجنا، فبدلا من إلقاء اللوم على المزاج المتعكر نتجه إلى الشعور بأن حياتنا برمتها سيئة، وكأن حياتنا قد انهارت فعلا في الساعة أو الساعتين الماضيتين.
بينما في الحقيقة أن حياتنا لا تكون على نفس درجة السوء التي تبدو عليها عندما يتعكر مزاجنا. ولذا، فبدلا من الإستمرار في الإعتقاد بأن الحياة هي فعلا سيئة، عليك أن تتعلم التشكيك في هذا الحكم ومحاولة معرفة الدوافع ورائه في المزاج، فعندما يتعكر مزاجك، تعلم أن تنظر إليه على أنه : حالة طارئة، قد تحدث لما ولكنها سوف تزول مع مرور الوقت، إذا كا تركتها وشأنها، إن المزاج المتعكر لا يتعبر الوقت المناسب لتحليل حياتك، ولذلك فهو بمثابة إنتحار عاطفي .
فإن كان لديك مشكلة لها ما يبررها , فإنها ستبقى بعد تحسن مزاجك لتحاول إصلاحها، والحيلة في هذه الحالة تتمثل في أن تشعر بالإمتنان عندما يصفو مزاجك، وإن تتقبل الأمور عندما يتعكر وألا تأخذها على درجة كبيرة من الجدية، وفي المرة التالية التي تشعر فيها بتعكر مزاجك، لأي سبب كان، فإن عليك أن تذكر نفسك بـ (إن ذلك أيضا سوف يمر).
ساحة النقاش