إن واقع التعليم فى معظم بلدان العالم العربي يعكس وبصورة تدعوا إلى ضرورة إمعان النظر ومراجعة الكثير من نظمه وآلياته ، بل يستدعى الأمر إلى مراجعة شاملة لهيكل العملية التعليمية فى كل مراحلها ابتداء من مرحلة التعليم الأساسي ، وانتهاء بمرحلة التعليم الجامعي ، ذلك لكون تلك المراحل وبلا استثناء تخرج لنا أجيالا اعتادت على التلقين والحفظ ولم تتعود على التفكير وإبداء الآراء والخروج عما هو مألوف ، مما أدى إلى الابتعاد كل البعد عن مسايرة التقدم التقني الحادث فى العالم المتقدم ، وكذا وجود مواطن عاجز عن التعامل مع معطيات العصر الذي يعيشه ، وليس لديه القدرة على اتخاذ القرار عندما تواجهه أبسط المشكلات .
ولعل هذا يدعونا إلى ضرورة أن نأخذ الأمور مأخذ الجد وأن نعيد حساباتنا ونبتعد عن الشعارات ،وأن نكون أكثر إجرائية فى التعامل مع الواقع التعليمي التعلمى ، وأن نجعل من التعلم الذاتي آلية فى حياتنا ، وان يدرك المعلم أن دوره ليس ملقنا ولا متسلطا على أفكار طلابه بل معاونا ومساندا لهم فى تيسير الوصول إلى حل المشكلات ومحاولة فهمها فهما سليما ، وكذا تأتى مسؤولية القائمين على السياسة التعليمية من خلال دورهم فى إعداد مناهج تتفق ومفهوم التعلم الذاتي ، وتوفير المتطلبات المادية التى تؤدى إلى تحقيق الهدف من وراء التعلم الذاتي ...الخ .
وعلينا هنا أن نشير الى عدة نقاط هامة تتمثل فى :ـ
ـ مفهوم التعلم الذاتي .
ـ أهمية التعلم الذاتي .
ـ أهداف التعلم الذاتي .
ـ الفرق بين التعلم التقليدي والتعلم الذاتي .
ـ مهارات التعلم الذاتي .
ـ أنماط التعلم الذاتي .
هو من أهم أساليب التعلم التي تتيح توظيف مهارات التعلم بفاعلية عالية مما يسهم في تطوير الإنسان سلوكياً ومعرفياً ووجدانياً ، وتزويده بسلاح هام يمكنه من استيعاب معطيات العصر القادم، وهو نمط من أنماط التعلم الذي نعلم فيه التلميذ كيف يتعلم ما يريد هو بنفسه أن يتعلمه .
إن امتلاك وإتقان مهارات التعلم الذاتي تمكن الفرد من التعلم في كل الأوقات وطوال العمر خارج المدرسة وداخلها وهو ما يعرف بالتربية المستمرة .
تعريف التعلم الذاتي :
هو النشاط التعلمي الذي يقوم به المتعلم مدفوعاً برغبته الذاتية بهدف تنمية استعداداته وإمكاناته وقدراته مستجيباً لميوله واهتماماته بما يحقق تنمية شخصيته وتكاملها ، والتفاعل الناجح مع مجتمعه عن طريق الاعتماد على نفسه والثقة بقدراته في عملية التعليم والتعلم وفيه نعلم المتعلم كيف يتعلم ومن أين يحصل على مصادر التعلم .
أهمية التعلم الذاتي :
(1) إن التعلم الذاتي كان وما يزال يلقى اهتماما كبيراً من علماء النفس والتربية ، باعتباره أسلوب التعلم الأفضل ، لأنه يحقق لكل متعلم تعلما يتناسب مع قدراته وسرعته الذاتية في التعلم ويعتمد على دافعيته للتعلم .
(2) يأخذ المتعلم دورا إيجابيا ونشيطاً في التعلم .
(3) يمّكن التعلم الذاتي المتعلم من إتقان المهارات الأساسية اللازمة لمواصلة تعليم نفسه بنفسه ويستمر معه مدى الحياة .
(4) إعداد الأبناء للمستقبل وتعويدهم تحمل مسؤولية تعلمهم بأنفسهم .
(5) تدريب التلاميذ على حل المشكلات ، وإيجاد بيئة خصبة للإبداع .
(6) إن العالم يشهد انفجارا معرفيا متطورا باستمرار لا تستوعبه نظم التعلم وطرائقها مما يحتم وجود استراتيجية تمكن المتعلم من إتقان مهارات التعلم الذاتي ليستمر التعلم معه خارج المدرسة وحتى مدى الحياة .
أهداف التعلم الذاتي :
(1) اكتساب مهارات وعادات التعلم المستمر لمواصلة تعلمه الذاتي بنفسه .
(2) يتحمل الفرد مسؤولية تعليم نفسه بنفسه .
(3) المساهمة في عملية التجديد الذاتي للمجتمع .
(4) بناء مجتمع دائم التعلم .
(5) تحقيق التربية المستمرة مدى الحياة .
مقارنة بين التعليم التقليدي والتعلم الذاتي :
مجال المقارنة |
التعليم التقليدي |
التعلم الذاتي |
1- المتعلم |
متلق سلبي |
محور فعال في التعلم |
2- المعلم |
ملّقن |
يشجع الابتكار والإبداع |
3- الطرائق |
واحدة لكل المتعلمين |
متنوعة تناسب الفرق الفردية |
4- الوسائل |
سمعية بصرية لكل المتعلمين |
متعددة ومتنوعة |
5- الهدف |
وسيلة لعمليات ومتطلبات |
التفاعل مع العصر والهيئة |
6- التقويم |
يقوم به المعلم |
يقوم به المتعلّم |
مهارات التعلم الذاتي :
لابد من تزويد المتعلم بالمهارات الضرورية للتعلم الذاتي أي تعليمه كيف يتعلم . ومن هذه المهارات :
1) مهارات المشاركة بالرأي .
2) مهارة التقويم الذاتي .
3) التقدير للتعاون .
4) الاستفادة من التسهيلات المتوفرة في البيئة المحلية .
5) الاستعداد للتعلم .
وعلى المعلم الاهتمام بتربية تلاميذه على التعلم الذاتي من خلال :
ـ تشجيع المتعلمين على إثارة الأسئلة المفتوحة .
ـ تشجيع التفكير الناقد وإصدار الأحكام .
ـ تنمية مهارات القراءة والتدريب على التفكير فيما يقرأ واستخلاص المعاني ثم تنظيمها وترجمتها إلى مادة مكتوبة .
ـ ربط التعلم بالحياة وجعل المواقف الحياتية هي السياق الذي يتم فيه التعلم .
ـ إيجاد الجو المشجع على التوجيه الذاتي والاستقصاء ، وتوفير المصادر والفرص لممارسة الاستقصاء الذاتي
ـ تشجيع المتعلم على كسب الثقة بالذات وبالقدرات على التعلم .
ـ طرح مشكلات حياتية واقعية للنقاش .
أنماط التعلم الذاتي :
أنماط التعلم الذاتي متعددة أبرزها ما يأتي :
1- التعلم الذاتي المبرمج :
يتم بدون مساعدة من المعلم ويقوم المتعلم بنفسه باكتساب قدر من المعارف والمهارات والاتجاهات والقيم التي يحددها البرنامج الذي بين يديه من خلال وسائط وتقنيات التعلم ( مواد تعليمية مطبوعة أو مبرمجة على الحاسوب أو على أشرطة صوتية أو مرئية في موضوع معين أو مادة أو جزء من مادة ) ، وتتيح هذه البرامج الفرص أمام كل متعلم لأن يسير في دراسته وفقاً لسرعته الذاتية مع توافر تغذية راجعة مستمرة وتقديم التعزيز المناسب لزيادة الدافعية ، و ظهرت أكثر من طريقة لبرمجة المواد الدراسية :-
أ - البرمجة الخطية :
وتقوم على تحليل المادة الدراسية إلى أجزاء تسمى كل منها إطارا وتتوالى في خط مستقيم وتقدم الأسئلة بحيث يفكر المتعلم ويكتب إجابته ثم ينتقل إلى الإطار التالي حيث يجد الإجابة الصحيحة ثم يتابع وهكذا ...
ب - البرمجة التفريعية :
وهنا الإطارات تتصل بإطارات فرعية تضم أكثر من فكرة ، ويكون السؤال من نمط الاختيار من متعدد ، والمتعلم يختار الإجابة فإذا كانت صحيحة يأخذ الإطار التالي في التتابع الرئيسي ، وإذا كانت الإجابة غير صحيحة يأخذ الإطار الذي يفسر له الخطأ من بين الإطارات الفرعية ثم يوجه لإطار عمل محاولات أخرى لاختيار الإجابة الصحيحة وبعد المرور على الإطار العلاجي يعود إلى الإطار الرئيسي ويتابع .
منقول للأفادة
من مقال د/ صلاح عبد السميع
جامعة حلوان