الوقفة المهيبة للزعيم احمد عرابى منذ 140 عام و قرارات الزعيم ناصر منذ 69 عام كانت بالمزارعين و للمزارعين لذا كان هذا اليوم التاسع من سبتمبر مناسة هامة فى مصر ففى الاولى وقفوا خلف زعيمهم المطالب بحقوقهم من الخديوى و المحتل, وفى الثانية و قفوا امام زعيمهم ليتسلموا صك ملكيتهم لارضهم ايذاناً بعودة الحق لاصحابه, فكان العيد, و تقرر من يومها ان نحتفل سنويا بهذا اليوم يوم عيداً للمزارع. ورحلة ايلولة مليكة ارض مصر لشعبها طويلة وبها تفاصيل كثيرة ليس هنا مجالها. كما ان هناك كلام كثير حول قانون الاصلاح الزراعى من حيث ايجابياته و سلبياته ليس مجاله هنا ايضاً و ان كنت اود القول ان اهم يجابياته هو عودة الارض لاصحابها.
النهضة الزراعية المصرية بدأها محمد على باشا الكبير لكنه افسدها بحجب الارض عن المزارع المصرى حيث تملكها هو ونفراً قليلا من عائلته و مقربيه و جعل من نفسه المالك الاعظم للارض و كل المزارعين يعملون لديه وفى ارض الوالى, ومن بعده جاء خلفاءه تنوعوا بين القوة والضعف و الاهتمام بالزراعة و الانصراف عنها لكنهم جميعاً اشتركوا فى حجب الارض عن اصحابها من المصريين, وظلت الارض ملكا للاسرة العلوية و من انعم عليهم الحكام باجزاء منها سواء من غير المصرين او المصرين وان كان المصرين هم الاقل, وفى جميع الاحوال كانت الارض بيد الاقطاعيين و ليس بيد المزارعين وهذا ما افسد نهضة محمد على باشا الكبير, و أمسى الغالبية العظمى من المصرين وقد خلت ايديهم من ملكية ارض بلادهم فهم ما بين مستأجر للارض واجير بها وهذا قلل من أهميتها لديهم. الى ان جاء اليوم الذى تمك فيه أهل مصر ارضهم.
ولكن بعد كل تلك السنين ماذا اعطت الارض؟ و ماذا بقى للمزارع؟ هما سؤلان يحتاجان الى الكثير للاجابة عليهما, الا انه فى عجالة نقول اعطت الارض الكثير.. اعطت الغذاء و اعطت الكساء و اعطت الدواء وظلت حصناً حصيناً لنا طوال هذه السنين,, المزارع استفاد منها بالكثير ربى اباءه و علمهم من خيرها فهجروها الى غيرها و صار لدينا مزارعين ماهم بالمزارعين فتارة نراهم موظفين و اخرى تجار و ثالثة عمال,,, و ان احتفظوا بالقول انهم مزارعون لكن الواقع انهم اشباه مزارعون ,, و الارض ماذا عنها مساحات كثيرة تحولت الى مبانى و كل شبر يبنى هو غذاء يمنع, و فشلت الدولة واجهزتها فى منع تبوير كثير من المساحات التى ذهبت.
هناك مقولة عن وزير الزراعة الاعظم فى مصر المرحوم الدكتور/ يوسف والى الذى تحل ذكرى و فاته هذه الايام ..لكى تنجح الزراعة لابد من ... اقامة و استقامة و قدره .. اى على المزارع ان يقيم فى ارضه او بالقرب منها و ان يستقيم لمهنة الزراعة فلا تكون له مهنة اخرى و ان يكون قادرا مهنيا و جسديا و نفسيا على الزراعة عندها تنجح الزراعة و تعطى الارض خياراتها, و الان عزيزى القارىء هل لدينا مزارعين ذوى استقامة و اقامة و قدرة ؟ اترك لك الاجابة.
فى عيد المزارع 2021 نجد كثير من الصعوبات التى تواجه هذا النشاط الهام الذى يفترض ان يمتص قرابة نصف القوى العاملة فى مصر و يضيف خمس اجمالى الناتج القومى و يساهم بنصيب وافر فى الصادرات و جلب العملات الصعبة و توفير صرفها. اهم الصعوبات ان نسبة كبيرة من المزارعين لم يعودا مزارعين بل اشباه مزارعين و هذا سيؤدى بالطبع الى عجز فى الانتاج, اضافة الى ارتفاع غير مسبوق فى مستلزمات الانتاج الزراعى, وتدنى كفاءة العمالة الزراعية و ارتفاع تكلفتها الى الدرجة التى جعلت المزارعين ينصرفون عن المحاصيل التى تحتاج ايدى عاملة كثيرة, و هذا العام برزت مشكلة نقص الاسمده لتضيف المعناه على اهل الريف. و الارتفاع المفاجىء و الغير مبرر فى معدات الرى الحديث الذى ننشد التحول اليه ومشكلات توفر مياه الرى و تسويق المنتجات الزراعية.
هذه المشكلات من الممكن ان يكون حلها فى الاتى: تدشين الزراعة التعاقدية ,اعادة هيكلة الارشاد الزراعى بما يواكب العصر الحالى و تطوير التعليم الزراعى و اعادة صياغة المناهج والكتب و تحديث المعلومات التى يتم تدريسها فى الجامعات و المعاهد و المدرارس الفنية الزراعية بما يواكب ما وصلت الزراعة حالياً وخفض أسعار الكهرباء الخاصة بالإنتاج الزراعى، وإعادة هيكلة منظومة توزيع ودعم الأسمدة و رعاية المزارعين و اسرهم صحياً وانشاء نظام تكافل زراعى و صندوق لمواجهة الكوارث المناخية على الزراعة.
و فى الختام لم أشأ ان استخدم تعبير عيد الفلاح لقناعتى بأن الفلاح هو المصرى المقيم فى الدلتا و حولها وهم من نطلق عليهم الفلاحين, كما نطلق تعبير الصعايدة على القاطنين فى المحافظات التى تقع جنوب القاهرة الكبرى و حتى اسوان و غيرهم من المجوعات السكانية المصرية. لذلك آراه عيداً للمزارع الذى يزرع الارض و يجنى خيراتها,,,, عزيز المزارع المصرى ...كل عام و انت بخير ...كل عام و انت تطعمنا...كل عام و انت تاج فوق رؤسنا.
ساحة النقاش