تزايد الزخم الاخبارى و التحليلى حول الحرائق المستعرة و المتزايدة منذ اكثر من اسبوعين فى غابات الامازون و ناثيراتها السلبية على كوكب الارض و تزايد التفاعل و التراشق العالمى حول مسؤلية المواجهة و اخماد النيران. فى البداية اود القاء الضوء على أهمية غابات حوض الامازون والتى تقع غالبيتها فى البرازيل الا انها تتواجد فى عدد من دول قارة أمريكية الجنوبية مثل الاكوادور و البيرو و كولومبيا و فنزويلا وسورينام وبوليفيا وغيرها.
و تعتبر أكثر الغابات مزجاً بين الحياة البرية والمائية والحيوانية على مساحات كبيرة دون الشعور بخلل بيئي,. و تعتبر أكثر الغابات استقرارا في المناخ، حيث لا تتعدى درجة حرارة الجو بها 27 درجة مؤية ، ورغم ذلك تتميز بسقوط الأمطار طوال العالم، تنتج حوالي 20% من الأكسجين الذي يتنفسه البشر عالمياً . لذا يطلق عليها رئة الارض.. و هى غنية بالتنوع البيولوجى تضم اكثر من اربعين الفاً من الانواع النباتية, 1300 نوع من الثديات, 500 نوع من الطيور و مثلهم من البرمائيات, 400 نوع من الزواحف مليونان و نصف المليون من انواع الحشرات, و اكثر من,2200 نوع من الاسماك و ومليون نسمة من السكان الأصليين. و يمكن اجمالاً القول ان هذه الغابات تشتمل على 10% من الانواع الاحيائية على وجه البسيطة. كما تحتوى على كميات كبيرة جداً من المياه العزبة فى انهارها الخمس الكبرى ذات تصرف مائى كبير اهمها نهر الامازون, ان هذه الثروات الاحيائية و المائية تقع فى مساحات شاسعة حوالى 7,5 من مليون كيلو متر مربع و يترواح ارتفاعها عن سطح البحر ما بين صفر الى 900 متر وهذا التمد و التباين الواسع فى الطول و العرض و الارتفاع خلق شكل من اشكال الاستقرار و التوازن البيئى العالى فى هذه الغابات والتى تساهم بقوة فى كبح مستوى الاحتباس الحراري عالمياً.
و بالطبع هذه المساحات الشاسعة المترامية الاطراف مستمرة منذ امد بعيد فى تقديم خدمات جليلة للبشرية تتمثل فى امتصاص ملايين الاطنان من ثانى اكسيد الكربون و اطلاق ملايين الاطنان من غاز الاكسجين مقللة بذلك من اخطار غازات الدفيئة و تقاوم فى صمت انشطة الاحترار العالمى المستمر, لكن هل تسير الامور على هذه الوتيرة دونما منغصات؟
بالطبع لا,,, فالعديد من الاخطار تنتاب هذه المنظومة الطبيعية اولها و ما لايمكن الاعتراض عليه حينما تقرر الدول الواقعة بها هذه الغابات ان تبحث عن التنمية بكافة اشكالها مثل التوسعات الزراعية و الصناعية و السكانية على حساب هذه المساحات, و هناك ما هو غير قانونى مثل ازالة اجزاء من هذه الغابات بالحرق او الاحتطاب التجارى الكبير لتحقيق مكاسب اقتصادية للمزارعين او القطاع الخاص.
و بالفعل فأن هذه الاخطار المحدقة واقيعية و حادثة وستحدث ومستمرة الحدوث منذ ععقود طويلة و لعقود قادمة فنجد ان ازالة اجزاء منها وهو نشاط معاد للبيئة عبارة عن قطع مساحات كبيرة من الاشجار و تحويل هذه المناطق إلى مناطق غير مشجرة. المسبب الرئيس لذلك في الأمازون الاستيطان البشري سواء انشاء نطاقات سكانية أوتحويل الأراضي الى اراض زراعية . و في العام المنصرم 2018، تم رصد مساحة مزالة منها الاشجار تقدر بحوالي 17% من غابات الأمازون المطيرة. وهذا معدل حرج جداً يتحتم التحوط منه و الاحتياط له فلو ارتفع هذا المعدل قليلا بحوالى ثمان نقاط وبلغ عتبة 25%، سنكون قد وصلنا الى نقطة اللا عودة, وهنا سيكون العالم كله امام تحديات و تداعيات كارئية عالمية.
ومن هذه الاخطار أيضاً هو حدوث الحرائق فى هذه الغابات و التى ربما يكون السبب فيها عوامل بشرية او طبيعية وخلال هذه الفترة (صيف 2019) تستعر الحرائق في غابات الأمازون خلال موسم الجفاف، الذي يقع ما بين شهرى يوليو(تموز) و أكتوبر(تشرين أول) من كل عام نتيجة الجفاف و ارتفاع درجة الحرارة و ايضا قد تستعر طبيعاً كنتيجة لضربات البرق، الا ن الاخطر هو ان تستعر بفعل بشرى (المزارعين والرعاه و الحطابين). و الواقع الراهن ان هناك حرائق مستمرة فى هذه الغابات بوتيرة سريعة جدا و تتسع و تتفاق بشكل متسارع وضارى و عنيف منذ منتصف اغسطس الجارى.
و ترتبت على هذه الحرائق سحابة دخانية بمساحة اكثر من 5 مليون كم مربع وهذه المساحة تتجاوز مساحة القارة العجوز (اوربا) حيث ظهرت الادخنة منتشرة وناشرة للظلمة فى مدينة ساوباولو التى تبتعد عن منطقة الامازون باكثر من ثلاثة ألاف كيلو متر و قد قدر باحثون كمية ثانى اكسيد الكربون الناجمه عن الحرائق حتى الان بحوالى 230 مليون طن وهي الأعلى منذ عام 2010.
وهذه هى الكارثة التى تتناقل اخبارها عالميا كل الجهات المهتمة و المعنية بهذا الشأن حيث تم رصد اكثر من 75 الف حريق خلال الاشهر الثامنية الماضية و هذا الرقم اكثر من ضعف اجمالى عدد الحرائق المسجلة عام 2013 و الذى يعتبر الاكبر خلال العقود الماضية. و الى جانب البرازيل تشتعل ايضا فى غابات دول عدة فى حوض الامازون منها فنزاويلا و بوليفيا.
من المسؤل؟
فى هذا الصدد توجه اتهامات عديدة لحكومة البرازيل وهذا الاتهامات فى الحد الادنى لها التقاعس عن مواجهة الحرائق عكس الحكومات السابقة و تتصاعد الى اهمال مكافحة الحرائق و عدم الجدية فى مواجهة من يقوم بالازالة و الحرق و هذا واضح من خلال ارقام المخالفات التى تم ضبطها هذا العام 2019 مقارنةً بالاعوام السابقة اى ان الحكومة تغض الطرف عن الانتهاكات البيئية فى الامازون البرازيلى مما يعد تشجيعاً على هذا السلوك,, و يعزى من يحمل الحكومة ذلك بما اعلنه الرئيس البرازيلى الجديد خايير بولسونارو ان مقاومة الحرائق ليست من اولوياته و انه ليس مقتنعاً بما يطلق على التغير المناخى او الاحترار العالمى لذا يتهم نشطاء البيئة داخل و خارج البرازيل الرئيس بلسنارو بتشجيع المزارعين على قطع الأشجار وإزالة الغابات المطيرة، مضيفين إن الحرائق مرتبطة بسياساته المعلنة.
و لان القضية عالمية فبدأت البرازيل تواجه مشاكل دولية عدة منها تعليق التوقيع على اتفاقية تجارية كبرى مع دول الاتحاد الاوربى.
فهل يفلح الضغط العالمى فى تغيير قناعات و سلوكيات البرازيل حيال الغابات و حرائقها هذا ما نرجوه و ننتظر الاجابة عليه فى الايام القادمه.
ساحة النقاش