عالم التقزيم والاختزال
يطلق على عصرنا هذا (يا سادة) عصر السرعة , وفي هذا العصر تنتشر ظاهرتا التقزيم و الاختزال , والتقزيم ظاهرة زراعية تعني تصغير حجم الشجرة الكبيرة , تدخل أي بستان او مزرعة فترى اشجار التين واللوز والتفاح والمشمش وحتى الزيتون صغيرة الحجم , لا يتعدى طولها المترين , فتسال فيقال لك انها مقزّمة , ليستوعب الدنم منها اضعاف ما يستوعبه من الشجر الكبير , وبنفس الوقت يكون عمرها قصيرا , يمكن خلعها في أي وقت وابدالها بنوع جديد من الاشجار, حسب طلب السوق . اما الاختزال فبحسب قواميس اللغة يعني تقليص حجم العبارة بكلمة او حرف كان تكتب(ص) بدل صلى الله عليه وسلم او (البسملة ) بدل بسم الله الرحمن الرحيم . وقد انسحبت هاتان الظاهرتان على الافكار والقيم والمبادئ , واصبحت المعاني الكبيرة لبعض القيم تختزل في معنى ضيق واحد , فالصدق مثلا اصبح مختزلا بعكس الكذب في القول ,اما صدق الافعال والمواقف فلا احد يتحدث عنه. وكذلك الامانة صارت عكس السرقة مع انها اكبر من ذلك بكثير . ولعل اكثر قيمة قزمت واختزلت في عصرنا هي الشرف , فبمجرد ان تقرأ او تسمع هذه الكلمة ينصرف ذهنك فقط الى العلاقة غير البريئة بين الرجل و المرأة , خاصة وان وسائل الاعلام لا تركز في اخبارها ومقالاتها الا على هذا المعنى , فتكتب في عناوينها (جريمة شرف, قتل من اجل الشرف , خصام بين عسيرتين على خلفية شرف... وهكذا) والمشكلة اننا نحمّل الشرف للمرأة , والتي تتربى طوال حياتها في اغلب البيوت على الضعف وسلب الحقوق والارادة ,ولا تكاد تسمع كلمة حنان واحدة من والديها ودائما الولد مقدم عليها , ثم يحملونها هذه المسؤولية الخطيرة , فاذا وقعت فريسة ذئب بشري يعرف من اين تؤكل الكتف ؛اصبحت ضحية مجتمع لا يغفر واهل لا يرحمون , وعلى راي المثل العراقي تصبح مثل (الجمل لو طاح كثرن سكاكينه ) وفي العادة يفلت الرجل من جريمته وكان شيئا لم يكن.
عودة الى موضوعنا فمعنى الشرف اكبر من ذلك بكثير : كلمة شرف ــ دام فضلكم ـــ في اللغة مصدر الفعل الثلاثي شرُف بمعنى ترفع وتعالى عن كل نقيصة. فالشريف هو المترفع عن النقائص . فالشرف عباءة مقصبة جميلة جليلة , يلبسها كل من حاز الصفات الحميدة والخصال الكريمة , كالصدق والكرم والامانة والعفة والنخوة والشجاعة والشهامة والرجولة الى غير ذلك . اذن لا يلبسها التاجر الذي يأكل اموال الناس بالباطل ويتلاعب بقوت عيالهم سواء باحتكار السلع , او افتعال الازمات لرفع الثمن , ولا المزارع الذي يضيف الهرمونات والمبيدات المسرطنة للنبات , من اجل اكثار المحصول وانضاجه في اسرع وقت . ولا الصانع الذي يغش منتجه لزيادة ربحه ثم يتعطل الجهاز عن العمل بعد يومين من شرائه . وكذلك العامل الذي لا يتقن عمله او يغش صاحب العمل , مع استيفائه اجره كاملا . والموظف الذي يبدد المال العام بصفقات مشبوهة او سفرات مشبوهة . والمواطن الذي يماطل في دفع ما عليه من التزامات يتلاعب بعدادات الماء او الكهرباء تحت أي ذريعة . وال وال وال وال ... هل عرفتم الان سعة هذه العباءة ومن يحق له ان يلبسهاز طابت اوقاتكم بقلم علي الشافعي
عودة الى موضوعنا فمعنى الشرف اكبر من ذلك بكثير : كلمة شرف ــ دام فضلكم ـــ في اللغة مصدر الفعل الثلاثي شرُف بمعنى ترفع وتعالى عن كل نقيصة. فالشريف هو المترفع عن النقائص . فالشرف عباءة مقصبة جميلة جليلة , يلبسها كل من حاز الصفات الحميدة والخصال الكريمة , كالصدق والكرم والامانة والعفة والنخوة والشجاعة والشهامة والرجولة الى غير ذلك . اذن لا يلبسها التاجر الذي يأكل اموال الناس بالباطل ويتلاعب بقوت عيالهم سواء باحتكار السلع , او افتعال الازمات لرفع الثمن , ولا المزارع الذي يضيف الهرمونات والمبيدات المسرطنة للنبات , من اجل اكثار المحصول وانضاجه في اسرع وقت . ولا الصانع الذي يغش منتجه لزيادة ربحه ثم يتعطل الجهاز عن العمل بعد يومين من شرائه . وكذلك العامل الذي لا يتقن عمله او يغش صاحب العمل , مع استيفائه اجره كاملا . والموظف الذي يبدد المال العام بصفقات مشبوهة او سفرات مشبوهة . والمواطن الذي يماطل في دفع ما عليه من التزامات يتلاعب بعدادات الماء او الكهرباء تحت أي ذريعة . وال وال وال وال ... هل عرفتم الان سعة هذه العباءة ومن يحق له ان يلبسهاز طابت اوقاتكم بقلم علي الشافعي