جمعية آفاق للمقاولة والتنمية بالسمارة / المغرب ASSOCIATION AFAK POUR L'ENTREPRISE ET LE DEVELOPPEMEN

**************************************

المرأة ركن زاوية الأسرة النووية وسقفها الحديدي، هي الابنة والأخت والأم والزوجة والخالة والعمة..هي ينبوع الحنان الفياض والعاطفة المثلى، هي التي قال فيها الشاعر: " الأم مدرسة إذا أعددتها / أعددت شعبا طيب الأعراق
المرأة شريكة الرجل في الحياة ونصفه الثاني. والديانات السماوية كلها أجمعت على ايلائها المكانة المرموقة، فضمنت حقوقها كاملة مستوفية، وألزمتها بواجبات حيال نفسها ومحيطها.
ومع المد والجزر الذي عرفته تواريخ البشرية، وما تخبطت فيه من بارجتها من عتو الأمواج وتلاطمها وضراوة نوها عبر العصور والأجيال، عرفت سنة 1908 م حدثا غير مسبوق، دارت أطواره بمدينة كوبنهاكن الدانماركية ، تمثل في أول اجتماع لشبكة التحالف النسائية في الغرب..
قبل هذا التاريخ ب 51 سنة، خرج آلاف النساء للاحتجاج في شوارع مدينة نيويورك على الظروف اللاإنسانية التي كن يجبرن على العمل تحتها. فالمسيرة نجحت رغم التدخل الوحشي للشرطة لتفريقها، الأمر الذي دفع بالمسؤولين إلى طرح مشكلة المرأة العاملة على جداول الأعمال اليومية. كما أنه تم تشكيل أول نقابة نسائية لعاملات النسيج في أمريكا، بعد مضي سنتين على تلك المسيرة الاحتجاجية... وفي الثامن من مارس من سنة 1908 عادت الآلاف من عاملات النسيج للتظاهر من جديد في شوارع مدينة نيويورك، لكنهن حملن هذه المرة قطعا من الخبز اليابس وباقات من الورود في خطوة رمزية لها دلالالتها، واخترن لحركتهن الاحتجاجية تلك شعار : " خبز وورود " طالبت فيهن صاحباتها بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع.
وبذلك تكون مظاهرات الخبز والورود بداية تشكل حركة نسوية متحمسة داخل الولايات المتحدة خصوصا بعد انضمام نساء الطبقة الوسطى إلى موجة المطالبة بالمساواة والإنصاف، أطلق على هذه الحركة اسم : سوفراجيستس suffragists
تدور جذور حركة سوفراجيتس النضالية إلى فترات النضال ضد العبودية من أجل انتزاع حق الأمريكيين السود في الحرية والانعثاق من الاسترقاق. ومنذ ذلك التاريخ أمسى الاحتفال بالثامن من مارس كيوم المرأة الأمريكية تخليدا لخروجها في مظاهرات نيويورك 1909.
وسيرا على درب المتحررات الأمريكيات نظم مؤتمر كوبنهاكن الدانماركية الذي استضاف مندوبات من سبعة عشر دولة في مؤتمر حاشد تبنى اقتراح الوفد الأمريكي بتخصيص يوم واحد في السنة للاحتفال بالمرأة على الصعيد العالمي بعد نجاح التجربة داخل الولايات المتحدة . ليتم سنة 1977 تحديد يوم 8 مارس عيدا عالميا للمرأة، بعد تبني منظمة الأمم المتحدة تلك المناسبة، بإصدارها لقرار يدعو دخول العالم إلى اعتماد أي يوم من السنة يختارونه للاحتفال بالمرأة. وهو يوم يرمز فيه لنضال النساء عبر العالم، يخرجن فيه في مظاهرات للمطالبة بحقوقهن والتذكير بها.
هذا اليوم هو لصيق بجذور تأسيسه في الغرب وتدريجيا تلا اجتماع كوبنهاكن عدد من الاجتماعات والمؤتمرات في العالم العربي التي تنادي بقضايا المرأة والمطالبة بحقوقها، وأصبحت المرأة والأسرة محوريين أساسيين من محاور التجمعات والفعاليات الاجتماعية في العالم ، ولدى كثير من المنظمات والجمعيات الحكومية وغير الحكومية التي ترفع لواء الحرية والمساواة وحقوق الإنسان. كما أصبح الشغل الشاغل لتلك التجمعات والمنظمات السعي لعولمة الحضارة الغربية ليس منن جانبها العلمي التكنولوجي، ولكن في شقها القيمي الذي يناقض تماما قيم ومعتقدات المجتمعات الإنسانية، وليس الإسلامية فقط... وهذا ما يمثل مسا بحقوق الإنسان في كل مؤتمر من المؤتمرات الخاصة بالمرأة والطفولة أو حتى السكان والبيئة، التي تحرص على تنفيذ التوصيات المنبثقة عن هذه التجمعات الدولية المفروضة فرضا والمتسترة تحت شعار: تحرير المرأة.
إن البحث عن إنصاف المرأة من الظلم كما يقال...ينبغي أن يكون وفق معادلة واحدة..المتماشية مع مرجعية كل ملة وعقيدة، والمنسجمة مع عادات وتقاليد وحضارات الشعوب، ومنافية لمرجعية الحضارة الغربية التي لا تقيم وزنا للأسرة ولا للقيم الخاصة بالعفة وتحريم العلاقات بين الجنسين خارج إطار الزواج والشذوذ الجنسي.
فإذا كان المخطط الغربي هدفه عولمة وأمركة مجتمعات العالم باسم القضاء على التطرف والحرمان، فإن المرأة في أمريكا مثلا تمثل أسوأ نموذج لانتهاكات حقوق المرأة..بلد العم سام الذي تطالعنا إحصاءات الجريمة به بأرقام مخجلة لا تترجم بالمرة الشعارات التي ترفعها حكوماته. فمن يرغب في تصدير نموذجه الحضاري ينبغي أن يكون هو من يعيش هذا النموذج ...
وبمساءلة السيدة : فاطمة السيبا، الناشطة الجمعوية والفاعلة السياسية وممثلة المرأة الصحراوية بالسمارة وسفيرتها في المحافل الوطنية والدولية، تقول فاطمة : " إنه بدخول المرأة الصحراوية عموما والمرأة المنحدرة من إقليم السمارة خاصة المعترك السياسي الوطني، وإسهامها في تحريك دورها ضمن فسيفسائه، تفاعلت هذه الأخيرة مع مقاربة المغرب التشاركية التي جاء بها العهد الجديد، منذ تولي جلالة الملك محمد السادس مقاليد الحكم في المغرب في 23 يوليوز من سنة 1999، الذي دحض المقاربة الأحادية المعتمدة من قبل، حيث شهدت قضية الصحراء المغربية في السنوات الأولى من حكمه منعطفا جديدا أعاد صياغة معطياتها، وشوفينية حداثية، انبثق عنها مشروع الجهوية الموسعة ومبادرة الحكم الذاتي. سياسة جديدة تقوم على الشفافية والواقعية والموضوعية، غايتها الوقوف على المشاكل الحقيقية لسكان الصحراء، وتشخيص كل المعطيات ورفعها مباشرة إلى الملك. وهذه مقاربة لا أراها إلا أسلوبا راقيا في معالجة قضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية للأقاليم الجنوبية للمملكة.
وباعتباري عضوا في المجلس الاستشاري للشؤون الصحراوية، فضلا عن اشتغالي في المجال الجمعوي، فإن التعامل الجديد مع قضية الصحراء شكل قطيعة مع أساليب الماضي بداية بإقالة وزير الداخلية السابق السيد إدريس البصري الذي كان يحتكر تدبير هذا الملف. تلته خطوة ثانية أقيل بموجبها العامل المنسق مع المينورسو وتعويضه بسفير سابق من وزارة الخارجية، تلتها خطوة رائدة تمثلت في إحداث لجنة ملكية لمتابعة شؤون الصحراء مكونة من شخصيات مدنية وعسكرية.
ووعيا بأهمية الجهوية التي نادى بها جلالة الملك، فهي تعد أحد العناصر المهمة والأساسية في تنظيم الدولة، ما دامت تخلق تنافسية بين مختلف المناطق، يؤججها في ذلك التنوع الثقافي والاجتماعي والبيئي، فضلا عن تكريسها للامركزية الدولة، تساهم في ضمان الديمقراطية، وتبرز أهمية التقارب بين السلطات المتوفرة على صلاحيات تقريرية تجاه المواطنين كترجمة حرفية للمشاركة الفعلية لهم، تعززها سياسة القرب الموازية للتهيئة المستدامة للتراب الوطني.
وبخصوص علاقة الجهوية والحكم المحلي الذي يمكن للمغرب أن يستفيد منه في تطبيق الحكم الذاتي، حضرت أطوار فعاليات الدورة السابعة للماركتين الترابي خلال الفترة الممتدة ما بين 22 و25 من شهر فبراير 2011 بمدينة السمارة ، والتي حملت شعار : " دور التسويق الترابي في تنمية الجهوية الموسعة والحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية للمملكة مقارنة مع تجارب دولية " ، بتنظيم من جامعة القاضي عياض بمراكش وبشراكة مع عمالة إقليم السمارة، وبدعم من وكالة الجنوب وعدد من الشركاء. حيث اطلعت على نماذج يحتدى بها كتجربة مبدأ الحكم المحلي في كل من سويسرا وألمانيا والبرازيل وبلجيكا واسبانيا. وقفت حينها على خصوصيات كل تجربة. فالجهوية أو الحكم المحلي أو الفيدرالي أسمى تطور للتدبير الترابي ، يتصف باللامركزية موازاة مع تطلعات الألفية الثالثة، تشكل عاملا محوريا في أجرأة فعلية لتحريك دواليب الاقتصاد وانتعاشه. وشخصيا استهوتني التجربة الاسبانية التي يميل إليها المغرب الذي يؤمن بأن منح الصحراء المغربية حكما ذاتيا سيكون حافزا لتكريس مبدأ الجهوية في مناطق مغربية أخرى وخصوصا وأنه منذ سنوات سبق للمغرب أن أعلن عن إقراره النظام الجهوي، ومنح سلطات واسعة للجهات الجنوبية الثلاث في تدبير شؤونها المحلية.
فالتجربة الاسبانية، فيما يتعلق بنظامها الإداري، نجدها تعتمد احترام خصوصيات كل منطقة. فالحكم الذاتي في مقاطعة الأندلس على سبيل المثال لا الحصر يختلف عنه في كاتلونيا أو في الباسك وجزر الكناري، نموذج ناجح يمكن أخذ العبرة منه."
وفي تعليقها عن الحفل الذي أقيم على هامش اليوم العالمي للمرأة، وتقييما لها للمسار التنموي الذي قطعته المرأة بالأقاليم الجنوبية بصفة عامة وبإقليم السمارة بصفة خاصة، أفادت فاطة السيبا محاورها بأنه لا يمكن الحكم على نجاح الحفل إلا اعتمادا على مؤشر قوي ترجمه الحضور المكثف للجمهور الذي تقاطر على مقر دار الثقافة ، والذي شكلت منه الفعاليات النسوية المحلية حصة الأسد. وأردفت فاطمة قائلة : " تعد الفقرات التي قدمت خلال هذا الحفل مرآة حقيقية لواقع المرأة بالإقليم ومدى انخراطها في الأوراش التنموية الاقتصادية منها والاجتماعية والسياسية والثقافية والرياضية، وذلك منذ استرجاع الإقليم إلى حظيرة الوطن الأم. وهذه مقاييس قوية تشي بالتطور الملموس الذي اعترى الحياة النشيطة للمرأة بهذه الربوع. ويعتبر ولوجها إلى الحقل السياسي على المستويات المحلية والجهوية والوطنية، خطوة استباقية تفوقت فيها باستحقاق على شقيقاتها ببقية الأقاليم الجنوبية التي حدت حدوها في مراحل لاحقة."
وهذا يعتبر على لسان فاطمة أهم المكتسبات التي حققتها المرأة بالصحراء، والتي خولت لها اكتساح العمل السياسي من أبوابه الواسعة. حيث أضافت أن التجربة النسائية في عالم السياسة تعود إلى سنة 1992، فالسمارة آنذاك شاركت بأربع منتخبات في اقتراعات 1992 على مستوى الأقاليم الجنوبية، مشاركة وازنة ومشهودة ، تم احتسابها من المكاسب المهمة التي عرفتها المرأة بإقليم السمارة.
وبردها عن المنحى التصاعدي الذي سجله ربرطوار المرأة الصحراوية بإقليم السمارة، ذكرت فاطمة أنه بفضل وعيها وثقتها بنفسها وتسلحها بالعزيمة القوية والإرادة الفولاذية، وإيمانها بشرعية تحريك دورها في وسطها، استطاعت هذه الأخيرة أن تنتزع الاعتراف بكفاءتها اللامعة، وتترجم مفعولها فعليا باعتكافها على تكوين وتأطير بنات جلدتها والأخذ بيدهن إلى مواقع القيادة وصناعة القرار.
وتضيف فاطمة أن نجاح الحفل أبلغ ناطق يقوم مقامها وهي تعرب لمحاورها عن تفاعل نبض المجتمع المحلي بكل مكوناته ومشاربه مع هذه المناسبة الخاصة بالمرأة في عيدها العالمي الذي يتزامن مع 8 مارس من كل سنة ، شاء العنصر النسوي المحلي إلا أن يعيش أجواءه الاحتفالية التي تليق بمكانة الحاضرة الروحية والعلمية للأقاليم الجنوبية للمملكة، مدينة السمارة الفيحاء. كيف لا والمرأة الصحراوية على مر العصور والأجيال اشتهرت بذكائها وفطنتها وحكمتها. وتذكر هنا في هذا الباب شخصية زينب النفزاوية عقيلة يوسف بن تاشفين ومستشارته الداهية ومهندسة حروبه وغزواته، الإنسانة المثقفة العبقرية التي حيرت الألباب، واحتفظ لها التاريخ باللقب المتميز.
وباستفسارها عن المسار التنموي الذي عرفه النسيج الجمعوي النسائي بالسمارة، أكدت السيدة : حفظي فاطمة عضوة بجماعة أمكالة التابعة للنفوذ الترابي لإقليم السمارة، منتخبة وفاعلة جمعوية في جمعيات وتعاونيات واتحادات نسوية تعنى أساسا بشؤون المرأة وأنشطتها الاجتماعية. أكدت أن العمل الجمعوي النسائي بالسمارة استطاع أن يحقق قفزات نوعية وصفتها بالمهمة جدا، بفضل عزيمة وإرادة المرأة الصحراوية بالإقليم، وكذا بفضل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي مولت مشاريع مدرة للدخل وخلقت فرص عمل إضافية للمرأة نحو الحلاقة والتجميل والخياطة والفصالة والطرز وصناعة الخيام والحلويات الخ...
كما توجهت فاطمة حفظي بتشكراتها إلى السيد عامل الإقليم على مساهمته الفعالة في توفير الأجواء المناسبة للعمل الجمعوي النسائي بالإقليم.
وتقييما للبرنامج الاحتفالي الخاص ليوم 8 مارس 2011 بقاعة العروض بدار الثقافة سيدي أحمد الركيبي، نوهت فاطمة بكل المشاركات اللائي أنجحن فعالياته، وتفوقن في أسر أنظار وانتباه وتركيز الجمهور الغفير الذي حج إلى عين المكان زمرا وجماعات والذي ضاقت به جنبات المكان. الحفل الذي حظي بحضور السيد عامل الإقليم والوفد المرافق له. حيث تمت زيارة رواق المعروضات النسائية لمختلف إبداعات المرأة المحلية. وبهذا تكون حفظي فاطمة ووجوه نسائية أخرى قد ساهمن في بناء صرح جمعوي نسائي تبدى عمرانه في آفاق الإقليم والجهة والوطن، وذاع صيته في أرجاء القرية الكونية.

إعداد : العربي الراي/ رئيس جمعية آفاق للمقاولة والتنمية<!-- / message -->
  • Currently 24/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
7 تصويتات / 114 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2011 بواسطة AFAKSMARA

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

54,636