ندوة في مدينة نابلس:
في الذكرى الـ50 لاستشهاد كنفاني.. لقاء حواري بنابلس بعنوان "خمسون عامًا وما زلنا نقرع جدران الخزان"
نابلس – "القدس" دوت كوم- عماد سعادة – نظم المنتدى التنويري الثقافي الفلسطيني (تنوير)، يوم الاثنين (25/7/2022)، بالشراكة مع مركز يافا الثقافي، لقاءً ثقافيًا حواريًا في حديقة مكتبة بلدية نابلس العامة، بعنوان "غسان كنفاني.. خمسون عما وما زلنا نقرع جدران الخزان؟"، وذلك بمناسبة الذكرى السنوية الـ50 لاستشهاد أديب الثورة الفلسطينية غسان كنفاني.
وتحدث في اللقاء، الذي أداره الأسير المحرر بلال الكايد، كل من الناقد والأديب الدكتور عادل الأسطة، والكاتب فراس حج محمد، وذلك بحضور نخبة من المثقفين والمهتمين والمدعوين.
وألقى رئيس بلدية نابلس، الدكتور سامي الحجاوي كلمة ترحيب، أكد فيه أن بداية وعينا الوطني في مرحلة السبعينات قد تشكل استنادًا إلى فكر وأدب غسان كنفاني، مؤكدًا أن كنفاني قيمة فكرية وأدبية ووطنية لا تتكرر.
واستحضر حجاوي مقولة الكاتب يوسف إدريس: "اقرأوا قصص غسان كنفاني مرتين، مرة لتعرفوا أنكم موتى بلا قبور، ومرة أخرى لتعرفوا أنكم تجهزون قبوركم بأيديكم وأنتم لا تدرون".
بدوره، ألقى رئيس مجلس إدارة "تنوير" المهندس يوسف نصر الله كلمة باسم المنتدى ومركز يافا الثقافي، أكد فيها على أهمية هذا اللقاء في الذكرى السنوية الخمسين لاستشهاد كنفاني لإضفاء المزيد عن حياته وفكره وأدبه ووطنيته.
واستعرض نصر الله بعض العبارات من قصص وروايات غسان مثل "لك شيء في هذا العالم فقم"، و"لا تمت قبل أن تكون ندا"، و"الإنسان في نهاية الأمر قضية"، و"خلقت أكتاف الرجال لتعلق عليها البنادق"، و"لماذا لم تدقوا جدران الخزان"، وغيرها من العبارات، مؤكدًا أن مثل هذه العبارات ولدت من رحم المعاناة والقهر الإنساني، وهي تشكل فهمًا دقيقًا للمرحلة، وتصلح لكل عصر.
وأضاف نصر الله: بأننا وبعد خمسين عامًا على الرحيل والارتحال، لم نعثر على مفتاح سحري يفك لغز الموت الذي لا زال يفاجئنا في الطرقات، ويدق أبوابنا بمطارق "البترودولار" الصحراوية ولا زال موتنا طبيعيًا جدًا."
من ناحيته قال مدير اللقاء، الكايد، بأن كنفاني كان وسيظل قيمة ثقافية وفكرية، وهذا ما دفعنا لاستحضاره كبوابة لاستحضار عملية النقد للثورة، وإعادة انتاجه ليكون حاضرًا معنا في دق جدران الخزان واستشراق آفاق المستقبل.
الكاتب والأديب فراس حج محمد قال: "بأن كنفاني لم يكتب الأدب ليكون أديبًا، وإنما ليكون رافعة سياسية للقضية الفلسطينية، والأدب بالنسبة له هو من أجل تشكيل الوعي أولا."
وأضاف: "بأن كنفاني في كل ما كتب كان يستحضر الواقع من أجل تغييره، وأن مشروعه التأسيسي كان يستحضر القضية الفلسطينية براهنها ومستقبلها."
وأضاف حج محمد أن كنفاني، في جانب الوعي، كتب رواية "رجال في الشمس" وهي بمجملها تحارب الحل الفردي.
وأشار إلى أننا إذا أعدنا قراءة كنفاني في زمن مختلف نكتشف شيئًا جديدًا ومختلفًا، وهذا ما يفرضه أدبه.
وخلص إلى أن فكر كنفاني كان ناضجًا ومتصلاً وأفكاره متوهجة، وكان يكتب دائمًا، وأن على من يقرأ أدب غسان عليه أن يقرأه كاملاً حتى تتحقق الفائدة.
من ناحيته، قال الدكتور الأسطة بأننا نحتفل في كل عام بغسان كنفاني، وأن المطلوب دومًا إعادة قراءته من جديد، وعلى من يود الكتابة عن كنفاني أن يعيد قراءته من جديد.
واستفسر الأسطة عن أسباب الاهتمام بغسان كنفاني أكثر من توفيق زياد، على سبيل المثال، رغم أهميته، متسائلاً أن كان سبب ذلك هو الفصيل السياسي الذي ينتمي له، فالجبهة الشعبية التي انتمى لها غسان ما زالت موجودة، وتقيم له الندوات وتستذكره دومًا في حين أن الحزب الشيوعي الذي انتمى له زيّاد غائب عن الأنظار.
وأضاف بأن ما ينطبق على غسان كنفاني ينطبق على الشاعر محمود درويش، فهناك شاعران آخران وهم سميح القاسم وعبد اللطيف عقل وجميعهم توفوا في شهر آب، ولكن كل الأضواء يتم تسليطها على درويش في حين يتم تجاهل الآخرين.
ولفت إلى أنه ربما تكون قوة الفكر والكلمة والإنتاج لكل من كنفاني ودرويش سببا في ذلك.
وأشار كذلك إلى أن كنفاني أديب شهيد، والكاتب الشهيد هو نادر في الأدب الإنساني، وبالتالي قد يكون لذلك أثر في الاهتمام به أكثر من غيره.
وتحدث عن مسألة إعادة قراءة أدب غسان في زمن مختلف وإن كان إنتاجه الأدبي والفكري صالح لزماننا على ضوء التغيرات؟
وأشار إلى أن كنفاني كتب عن المخيم من خلال ما عرفه عنه عبر (أم سعد)، وتساءل ترى لو امتد العمر بغسان حتى اليوم وأقام في المخيم هل سيكتب عنه بنفس الطريقة؟
وتابع الأسطة أنه وبخصوص مقولة غسان الشهيرة "لماذا لم يدقوا جدران الخزان)، فإن الكل يكررها، ولكننا منذ عام 1967 ونحن ندق الخزان فما الذي حققناه، لافتًا أن أمورنا تزداد سوءا.
ولكنه أشار إلى أن ميزة مواصلتنا دق جدران الخزان هي أننا لا نموت جبناء كما مات اليهود في "الجيتو"، وأننا نموت واقفين ولا نركع.
وبخصوص إعادة قراءة أدب غسان تساءل الأسطة.. ماذا لو أُعيدت قراءة نصوص غسان من قبل قارئ أوروبي أو عربي فهل سينظر إلى نصوصه بنفس القداسة التي ننظرها نحن.
وشهد اللقاء تقديم العديد من المداخلات من قبل الحضور، الذين أجمعوا على اعتبار كنفاني أيقونة أدب ومقاومة وثقافة رسخت مفهوم الهوية الوطنية.