مصر وطنى والازهر بيتى والزراعة حياتى . ومصر هى بلاد الدين والعلم والمنارة . ومصر هى التى بنت من قلب الحجارة حضارة . وهى أرض كريمة لرب كريم



د. عمر الحديدى

    صرخة .. هى صرخة أطلقها وأنا على يقين من أن سابقيها آدمى قلب كل من وصل إليه صداها.. أنها صرخة حق لا يختلف فيها أثنان ولا تعرف المعارضة طريقا إليها.. إنها صرخة تجاوب معها كل من وصلت إلى مسامعه ويقينا سوف يتجاوب معها كل من يعرف مضمونها.. صرخة ليست الأولى فى أسبابها ولكن سبقتها صرخاتى المتوالية خلال ما يزيد على نصف قرن ! أنها صرخة لم تنل من الإعلام ما تستحقه فلم تسمع عنها الغالبية الكبرى من مواطنيها ولا مواطنى

الشعوب الأخرى.
أنها صرخة من أجل إيقاف بحر الدم المصرى البرئ الذى يتواصل سيله فى صحرائنا الغربية بسبب الألغام المزروعة فيها منذ ما يزيد على نصف قرن ولا يجد من يسهر الليل حزينا على الضحايا الذين يتساقطون حتى إذا ما انبثق الفجر هرول فى مساعيه ونذر نفسه للمساهمة الجادة العاجلة لإيقاف هذا النزيف من الدم.. أنها جريمة العصر أسوأ جريمة.. أطول جريمة.. أخطر جريمة.. هل هانت حياة المصرى أم رخصت حتى نسكت عليها هذا السكوت الذى وصفه الكاتب الصحفى القدير الأستاذ صلاح منتصر بأنه "سكوت لا معنى له" !!

كيف نسكت عن مطالبة جدية ورسمية للدول الثلاث المسئولة عن زرع هذه الألغام بأرضنا والتى تركوها تحصد الآلاف من أبنائنا طيلة هذا الدهر؟؟ كيف نسكت عن اللجوء إلى كل المؤسسات والمحافل الدولية والانسانية لإلزامهم بإزالة هذه الألغام وتحمل أخطارها وتعويضنا عن أضرارها.. كيف وقفنا موقف السلبية من أخطر جريمة تقع على أرضنا وكان يتعين علينا أن نشهد العالم بأسره على حقنا فى إلزام الدول المسئولة بإزالة ألغامها من أرضنا؟ كيف غاب عن فكرنا أننا لا نطلب مساعدة أو معونة أو إشفاق أو إحسان بل إننا نطالبهم وبصوت الحق العالى أن يبادروا بإزالة جريمتهم برجالهم ومعداتهم ونفقاتهم وتعويضنا عن أضرار هذه الجريمة النكراء.. لماذا لم نتقدم حتى الآن بشكوى رسمية إلى المؤسسات الدولية مؤيدين بحقنا الشرعى والقانونى والإنسانى ونحن لدينا والحمد الله الأكفاء من الدبلوماسيين وأساتذة وفقهاء القانون الذين نجحوا بجدارة فى الحصول بهذه المؤسسات الدولية على حقوقنا المشروعة من أيدى مغتصبيها..

كيف أدى سوء فهمنا للمسئولية فى هذه الجريمة إلى إقحام أبنائنا مدنيين وعسكريين للعمل على إزالة بعض هذه الألغام مما أدى إلى هلاك بعضهم وزيادة ضحايانا ومنهم صديق عزيز لى عام 1954 مهندس رائد فى القوات المسلحة راح ضحية عمله فى إزالة هذه الألغام وحزنت لفقده حزنا شديدا؟ ألا يعتبر ذلك خطأ جسيما حين أقحمنا أبناؤنا فى إزالة ضرر تسببت فيه دولا أخرى وفى حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل؟ ألا يعتبر التزامنا بالتحرك لوضع حد لهذه الجريمة هو أول الأولويات فى برامج الدولة بل يتعين اعتباره هدفا قوميا هاما وعاجلا؟

وإذا كان دم المصرى هو أول الأولويات فأرض مصر العزيزة وسلامتها أيضا هو من هذه الأولويات.. كيف نسكت على احتلال الدول الثلاث إيطاليا وألمانيا وإنجلترا لمساحة قدرها 10% من أرضنا الطيبة بألغامهم هذه السنوات الطويلة فلا يمكننا الاقتراب منها بل أن كل من دخلها لقى حتفه.. كما يستحيل علينا استغلالها رغم كل ما فيها من امكانيات معدنية وبترولية وزراعية وسياحية إلخ؟ وما السر وما الحقيقة مثلا التى توقف بسببها مشروع منخفض القطارة العظيم الذى يضاهى مشروع السد العالى فى إمكانياته والذى قامت بدراساته منذ سنوات مؤسسات عالمية ثم قررت فجأة غلق ملفه والرحيل مبدية أسبابا تافهة ولكن ثبت أنه تبين لها استحالة تنفيذه لوجود الألغام المنتشرة فى المنطقة وعدم استطاعتها تحمل تكاليف أزالتها الباهظة..

أن صحراؤنا الغربية التى كانت فى الماضى سلة مصر وروما التى اعتمد عليها الرومان فى استيراد القمح والزيتون والعنب والنبيذ والخضروات.. إلخ كانت جنة مصر وتشهد بذلك الآبار الرومانية التى كانت تروى مزارعها بالمياه لتنتج الكثير من خيراتها .. أليس من العار أن نقبل ونسكت على الهوان والسخرية حتى من أولئك الذين زرعوا فيها ألغامهم ثم أصبحوا يطلقون عليها (حدائق الشيطان)؟

صرخة إلى المسئولين فى مصرنا .. صرخة إلى مرتكبى جريمة زرع الألغام فى أرضنا .. صرخة إلى العالم أجمع الذى نلجأ فى عجالة إلى مؤسساته الدولية للحصول على قرار بإلزام الدول التى زرعت الألغام فى أرضنا لإزالتها حتى إذا سئلت فسوف أشهد يوم الحساب بمسئولية كل من تقاعس فى إنقاذ أرواح أبنائنا وكان سكوته سببا فى إستمرارية اهدارها .. أدعو الله أن تتحرك الضمائر بهذه الصرخة للنجدة بخطوات صادقة عاجلة.

المصدر: اعدها لكم / فاروق غانم . نقلا عن مجلة امواج سكندرية
zeraah

رب هب لى من لدنك ذرية طيبة انك سميع الدعاء

  • Currently 271/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
89 تصويتات / 287 مشاهدة
نشرت فى 31 يوليو 2011 بواسطة zeraah

ساحة النقاش

gaberbresha

هذا مقال رائع، وأنا شخصياً يؤرقني هذا الموضوع بشدة ومما يزيد من غضبي أنني متخيل أنه موضوع سهل ويحتاج فقط إلى جهود دبلوماسية قد تكون أقل من تلك التي بذلت في أشياء تافهة، وإذا كان الموضوع صعب فلماذا لا يفسر لنا المسؤولون هذه الصعوبة. إنني لا أتذكر مرة واحدة أنني سمعت مسؤول واحد يتكلم في هذا الموضوع، لذلك أنا أدعو الجميع إلى تكرار الكلام عنه فلعلنا نلقى آذان صاغية

sesonsaso

مقال جميل.
ان شاء الله فكل فرد عيله ان يقوم باصلاح اى شئ من البلد.
حتى ولو بصرخة ليسمعها المسئولين.

rtag

فعلا نصرخ لجميع المسئولين لكى نسرع لنزع هذة الالغام لان عن جد بلد نا محتاجة نبنيها من جديد

zraah

zeraah
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

56,170