جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
|
|
د. مسعود عبد الرحمن أستاذ علوم الأنهار والبحيرات جامعة الإسكندرية |
خلال حضورى المؤتمر الدولى لعلوم الأنهار والبحيرات الذى عقد فى مدينة دبلن بأيرلندا الجنوبية والذى يعتبر أكبر مظاهرة علمية فى هذه التخصصات وبعد رآستى للجلسة العلمية لأبحاث بلدان العالم الثالث، تلقيت دعوة من إحدى دور النشر العالمية للاشتراك فى تأليف كتاب على أنهار قارة أفريقيا، وقد تم إقناعى بذلك لأننى مؤسس علوم الأنهار والبحيرات فى مصر منذ الستينات ورائد هذه العلوم فى العالم العربى وقارة أفريقيا، ولم أتردد فى الموافقة على الاشتراك فى تأليف
|
|
|
هذا الكتاب بالرغم من كثرة مشاغلى العلمية المتنوعة وذلك بسبب اهتمامى البالغ بنهر النيل والذى سوف أركز عليه فى هذا الكتاب لأنه من أهم الأنهار العالمية ولأنه الشريان الرئيسى لحياة المصريين. ووجدت أن أهم ما سأنادى به فى هذا الكتاب هو اقتراح إعلان نهر النيل محمية طبيعية ليس فقط فى الجزء الأخير منه الذى يجرى فى مصر ولكن فى جميع أجزاءه فى البلاد الأفريقية التى يجرى النيل فى أراضيها ابتداء من مصبه، واقتناعى بذلك أن هذا الكتاب الذى ستوزعه دور النشر العالمية على جميع دول العالم خاصة فى قارة افريقيا سيكون فى متناول المسئولين وصانعى القرار والمواطنين فى دول حوض النيل الذين سيتعرفون على المعلومات المفصلة عن النيل خاصة وأن اللغة الإنجليزية التى سيكتب بها الكتاب ستكون سلسة وبعيدة عن التعقيدات العلمية التى تكتب بها عادة البحوث العلمية. وأهمية معرفة المواطنين الإفريقيين بمعلومات نهر النيل وهو الشريان الذى يمدهم بالحياة يجعلهم يساهمون فى الحفاظ عليه وعدم التعدى على بيئته وعدم تلوثها حفاظا على حياتهم وحياة الأجيال التالية. ومن النتائج الكثيرة التى توصلنا إليها على مياه ورواسب وكائنات نهر النيل فى مصر ونشرت فى العديد من البحوث فى المجلات العلمية العالمية وقدمت فى كثير من المؤتمرات الدولية، فإننى أؤكد على ضرورة اقتراح اعلان نهر النيل محمية طبيعية أساسا فى مصر، مع ضرورة إنشاء هيئة عليا لإدارته يرأسها السيد رئيس الجمهورية ويشترك فيها السادة الوزراء فى الوزارات المعنية بنهر النيل وكذلك السادة المحافظين فى المحافظات التى يجرى النيل فى أراضيها وأيضا بعض الصفوة من العلماء المصريين البارزين الذين لهم خبرة وبحوث على النيل، وتعتبر هذه الهيئة العليا من أهم الهيئات الأخرى فى مصر لأن أعمالها ومهامها تتعلق بحياة المواطنين وصحتهم التى تعتمد أساسا على هذا الشريان المائى الذى وهبه الله سبحانه وتعالى لنا - كما أوصى بتشجيع الدول الأفريقية الأخرى فى حوض النيل إلى الأقتداء بهذا الإعلان للنيل محمية طبيعية فى أراضيهم لأن هذه الدول تساهم أيضا فى تلوث النيل بإلقاء مخلفاتهم الآدمية والصناعية والزراعية فى مياهه والتى تصل إلى الأراضى المصرية وبذلك تمثل نسبة فى تلوث هذا النهر ولو أنها أقل من النسبة التى يتعرض لها النهر فى مصر من الأنشطة الآدمية المتعددة من المشروعات الصناعية والزراعية خاصة فى دلتا النيل حيث الكثافة السكانية فى مصر.
|
وبالرغم من أننى أجريت العديد من البحوث المنشورة على جميع الأجسام المائية الداخلية والساحلية فى مصر وبعض المسطحات المائية فى العراق والسعودية وألمانيا إلا أننى بدأت الاهتمام بدراسة مجرى نهر النيل فى بداية السبعينات ابتداء من أسوان وحتى المصب فى البحر المتوسط، وواجهتنى صعوبة الانتقال المتواصل لجمع العينات على طول مجرى النيل بسبب الموانع المائية مثل القناطر،وفكرت فى استئجار سيارة أقودها على ضفاف النيل وأتوقف عند أماكن معينة لجمع العينات من النهر ولكنى لم أتمكن من ذلك ثم توصلت إلى فكرة الانتقال بالقطار والتى كانت أيسر الطرق بالرغم من صعوبتها حيث بدأت هذه الرحلة الشاقة منفردا من أسوان بعد عودتى من رحلة علمية فى بحيرة السد العالى حيث كنت قد أشرفت على أول رسالة للماجستير أجريت على هذه البحيرة بعد بناء السد العالى. ومشقة رحلة القطار ترجع إلى صعوبة حملى لعددا كبيرا من الزجاجات لجمع عينات المياه من النيل عند المحطات التى يتوقف عندها القطار فعند كل محطة قطار كنت أبحث عن عربة تنقلنى إلى مجرى النيل ثم قارب أصل به إلى وسط هذا المجرى - وبعد جمع العينات وحفظها بالمادة اللازمة كنت أعود إلى محطة القطار منتظرا موعد القطار التالى الذى أوصلنى إلى المحطة التالية فى طريقى إلى القاهرة وهكذا تمكنت من جمع العينات اللازمة من منتصف مجرى النيل ولكن فقط عند البلاد التى يقف عندها القطار ومع استمرار الرحلة ازدادت حمولة العينات المائية ولكن إصرارى على تنفيذ هذا البرنامج مكننى من الاستمرار فيه وتحمل هذه المشقة التى بدأتها منفردا بدون أى مساعدة. والطريف أن ركاب القطار كانوا ينظرون لى باندهاش واستغراب وتعجب لأنه من الطبيعى أن يحمل المسافر بالقطار حقائبه فقط وقد سألنى بعضهم عن نوعية تلك المياه التى كانت معى معتقدين أننى كنت عائدا من السعودية وأحمل مياه زمزم وعندما أخبرتهم بالواقع إزداد اندهاشهم وحسب معلوماتى لم يتمكن أحد حتى الآن من القيام بمثل هذه المغامرة الشاقة لجمع العينات على طول مجرى النيل فى مصر وبذلك يكون البحث الذى أجريته على طول النيل فى مصر هو الأول من نوعه وبسبب عدم وجود نتائج مماثلة منشورة قبل السبعينات على طول مجرى النيل فى مصر لم أستطع مقارنة نتائجى التى حصلت عليها وبذلك أصبحت تلك النتائج رائدة ويعتمد عليها فى الدراسات المستقبلية المماثلة وكنت أود إجراء بحث مماثل لتتبع تأثير الانسان على هذا المجرى خاصة مع الزيادة السكانية المستمرة وذلك بمقارنة النتائج الحديثة مع تلك النتائج التى حصلت عليها فى بداية السبعينات ولكنى لم أستطيع تكرار تلك المغامرة الشاقة فى جمع العينات - وأعتقد أن الباحثين الآخرين لم يتمكنوا من القيام بهذا العمل لصعوبته ولكن الذى حدث بعد بداية السبعينات هو دراسة مناطق محددة فى نهر النيل يصل طولها إلى بضعة كيلو مترات وأيضا دراسة فرعى رشيد ودمياط حيث يمكن الانتقال بقوارب بخارية فى هذه المسافات القصيرة من النيل.
|
المائية، كما أننى مستعد لتقديم مشروع بحث متكامل للجهة التى تستطيع تمويل هذا المشروع بالخبرة المصرية البحتة بدون اللجوء إلى أية خبرات أجنبية.
|
|
|
|
المصدر: اعدها لكم فاروق غانم / نقلا عن مجلة امواج سكندرية
رب هب لى من لدنك ذرية طيبة انك سميع الدعاء
ساحة النقاش