مقالات د. زياد موسى عبد المعطي

خواطر إيمانية، ومعلومات علمية، وتنمية بشرية، والدين والحياة، والعلم والإيمان، وآراء في قضاية مختلفة

authentication required

 

الأعداء والأصدقاء من الميكروبات

د. زياد موسى عبد المعطي

الميكروبات هي الكائنات الحية الدقيقة التي لا ترى بالعين المجردة، وترى بوسائل التكبير المختلفة، والفكرة السائدة عند عامة الناس أن الميكروبات ضارة وتسبب الأمراض وقد تسبب الوفاة، وهذا جزء من الحقيقة، وبقية الحقيقة أن الكثير من الميكروبات نافع ومفيد للبشرية، ففي كل المجالات في الحياة هناك ميكروبات صديقة ونافعة وأخرى من الأعداء وضارة كما تبين السطور التالية أمثلة قليلة على ذلك:

الميكروبات والأمراض: توجد أنواع من الميكروبات تسبب الأمراض، وهناك أنواع أخرى تستخدم لعلاج الأمراض

·       ميكروبات ممرضة: الكثير من الميكروبات تسبب الأمراض للإنسان والنبات والحيوان، وقد تؤدي إلى الوفاة.

·       ميكروبات علاجية: بعض الميكروبات تستخدم لعلاج الأمراض مثل بعض الفيروسات البكتيرية التي تقضي على البكتيريا الممرضة، وكذلك هناك أبحاث تجرى لاستخدام بكتيريا لعلاج الحموضة، وهناك أبحاث حديثة لاستخدام بعض الميكروبات المفيدة لعلاج السرطان، بل هناك العديد من الأبحاث لاستخدام الميكروبات أو بعض منتجاتها في مكافحة الكثير من الأمراض التي تصيب النبات والحيوان والإنسان فيما يعرف بالمكافحة الحيوية للأمراض.

الميكروبات والطعام: هناك ميكروبات ضرورية لصناعة الأطعمة، وأخرى تفسدها، ومجموعة أخرى لحفظ الطعام:

·       الميكروبات الضرورية في صناعة الأطعمة فهي كثيرة منها الخميرة في صناعة الخبز، وبكتيريا لاكتوباسيلس في صناعة الزبادي.

·       الكثير من الميكروبات تسبب تلف الأطعمة مثل فطر عفن الخبز، وكثير من أنواع البكتيريا التي تسبب تلف الأغذية المحفوظة، والتي قد تؤدي عند تناول هذه الأطعمة إلى حالات التسمم، وقد تؤدي إلى الوفاة.

·       ميكروبات تستخدم لحفظ الأغذية مثل بعض الفيروسات البكتيرية التي تقضي على البكتيريا الضارة، حيث سمحت الولايات المتحدة الأمريكية منذ عدة سنوات باستخدام خليط من الفيروسات البكتيرية لحفظ الأغذية حيث تمنع هذه الفيروسات نمو البكتيريا التي تفسد الأغذية، وهذه الفيروسات ليس لها أي تأثيرات ضارة على الإنسان.

الميكروبات والبيئة: هناك ميكروبات ملوثة للبيئة وأخرى تستخدم لمحاربة التلوث: حيث من أنواع التلوث المعروفة تلوث المياه بالميكروبات الضارة نتيجة الصرف الصحي، وإلقاء جثث بعض الحيوانات، وهناك ميكروبات أخرى مفيدة يتم استخدامها في تنقية المياه من التلوث الميكروبي والكيميائي نتيجة صرف المصانع في المجاري المائية، وتوجد ميكروبات يتم استخدامها في مكافحة التلوث الناجم عن تسرب البترول في البحار، بل منذ فجر التاريخ تلعب الميكروبات دور أساسي في التخلص من جثث البشر الحيوانات والنباتات.

الميكروبات والطاقة: الوقود في الماضي والحاضر والمستقبل مرتبط بنشاط الميكروبات، في الماضي قامت بعض أنواع البكتيريا بتحويل بقايا الحيوانات والنباتات في أعماق الأرض في مختلف القارات والبحار والمحيطات إلى الوقود الحفري من الفحم والبترول والغاز الطبيعي، وفي الحاضر والمستقبل تستخدم الميكروبات في تحويل المخلفات النباتية والحيوانية إلى وقود حيوي، ويتم إجراء أبحاث لاستخدام بعض الميكروبات في المستقبل في تحويل ثاني أكسيد الكربون الموجود في الهواء إلى وقود، واستخدام ميكروبات أخرى في تحويل الطاقة الشمسية لطاقة كهربية.

عمليات استخباراتية ضد الأعداء من الميكروبات: وذلك باستخدام بعض خلايا (أفراد) هذه الميكروبات لأخذ معلومات منها تفيد كيف تعمل هذه الأعداء من الميكروبات، واستخدامها في طرق وسياسات الدفاع المختلفة ضد هذه الأعداء، مثلما يستخدم في التطعيم ضد الأمراض البشرية والبيطرية، حيث يتم إعطاء جرعة أو جرعات من الميكروبات الضارة التي تم إضعافها، أو الميكروبات الميتة التي تم قتلها أو جرعة مخففة من سمومها تنشط أجهزة المناعة، مما يتسبب في تجهيز الوسائل الدفاعية اللازمة لمقاومة أي محاولة هجوم وغزو من هذه الأعداء من الميكروبات.

بل إن هذه العمليات المخابراتية ضد هذه الأعداء من الميكروبات تتم بصفة دورية وروتينية في معامل الأبحاث التي تعمل في مجال الأمراض التي تصيب الإنسان والحيوانات والنباتات، حيث تتم عزل المسببات المرضية، ودراستها، ودراسة أفضل الطرق للوقاية من الأمراض المختلفة وعلاجها.

بتغيير موقع الميكروب يمكن أن تتغير صفته من صديق إلى عدو والعكس، مثل بكتيريا إيشيرشيا كولاي E. Coli الموجودة في الأمعاء تعيش معيشة تكافلية داخل الأمعاء، فهي صديقة، وتستعمل في معامل الميكروبيولوجي ومعامل الوراثة إجراء التجارب العلمية، ولكن عندما تخرج مع البراز وتلوث المياه ثم تدخل جوف الإنسان مع الشراب أو الطعام فهي تسبب الأمراض فتصبح من الأعداء.

والأعداء من الميكروبات قد تصبح من الأصدقاء إذا تغير مكانها، فالبكتيريا المسببة لمرض العفن البني في البطاطس من الأعداء من البكتيريا حيث أنها تسبب خسائر لمحصول البطاطس ونباتات أخرى ذات أهمية اقتصادية في مختلف أنحاء العالم، أمكن استخدامها في بيئة أخرى لتصبح صديقة ومفيدة، حيث تم استخدامها في القضاء على حشائش غير مرغوب فيها في بعض الغابات.

لذلك يجب الاستفادة من الأصدقاء من الميكروبات، والعمل على مكافحة الأعداء من الميكروبات، بل أيضاً العمل على الاستفادة من هذه الأعداء وجعل بعضها صديقة.

 

مقالات ذات صلة:

الفيروسات الصديقة

العلاج بالفيروسات

العداء سُنة كونية

الأعداء الطبيعية نعمة إلهية للبشرية

 

المصدر: مقالة منشورة في مجلة الوعي الإسلامي الكويتية - العدد 635 - شهر رجب 1439 هـ - مارس 2018 م – صـ 94 - 95. http://alwaei.gov.kw/Site/Pages/ChildDetails.aspx?PageId=1821&Vol=635
zeiadmoussa

د. زياد موسى عبد المعطي Dr. Zeiad Moussa Abd El-Moati

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 518 مشاهدة
نشرت فى 16 إبريل 2018 بواسطة zeiadmoussa

Zeiad Moussa د. زياد موسى عبد المعطي

zeiadmoussa
مقالات علمية، ودينية، ومقالات في العلم والإيمان، والتتنمية البشرية، وحلول علمية، وقضايا اجتماعية، وتربوية، »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

403,987