خليط العبقرية والتميز
د. زياد موسى عبد المعطي
أرى ان العبقرية والتميز خليط من الموهبة والطموح والمجهود والبيئة المناسبة، هذا الخليط عندما يتوفر يساعد على تميز الأفراد والمؤسسات والدول.
التميز والتفوق يلزمه موهبة، فالموهوبون يبدعون ويصنعون الفارق، ويظهر دور الموهوبين في صنع الفارق في الفرق الرياضية الجماعية مثل كرة القدم، فالموهوب في كرة القدم نجم يصنع الفارق، وبالذات اللاعب الهداف فهو موهبة غالية. وفي التأليف والتمثيل والفن؛ الموهوب يتألق ويكتسب حب الجماهير ويلهث وراءه المنتجون، وفي العلم؛ الموهوبون يبدعون أفكاراً غير تقليدية ويبتكرون اختراعات جديدة، وبأفكارهم وابداعاتهم يحلون مشاكل المجتمعات التي يعيشون فيها، ويصنعون تقدما لدولهم، فالموهوبون في كل مجال يصنعون الفارق.
الطموح هو القوة التي تدفع للتحرك نحو النجاح وتحقيق الأهداف، الطموح يجب أن يتم تجديده في كل مرحلة عقب تحقيق هدف لتحقيق أهداف أخرى، فالنجاح يتم على مراحل، والنجاح يدفع لمزيد من النجاح، ولا سقف للطموح كما تقول الحكمة الإنجليزية No end for the sky أي كما أنك لا تسطيع الوصول لسقف ونهاية السماء فيجب أن يكون طموحك لا سقف له، ويحث الإسلام على الطموح، فالمسلمون جميعاً لديهم طموح دخول الجنة، ويدلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أننا يجب أن نطمح لدخول أعلى الجنان تحت عرش الرحمن في الفردوس حيث قال معاذ بن جبل رضي الله عنه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “الجنةُ مائةُ درجةٍ كلُّ درجةٍ منها ما بين السماءِ والأرضِ وإنَّ أعلاها الفردوسُ وإنَّ أوسطَها الفردوسُ وإنَّ العرشَ على الفردوسِ منها تفجَّرُ أنهارُ الجنةِ فإذا ما سألتم اللهَ فسلوهُ الفردوسَ” (صحيح ابن ماجة). والطموح يدفع لبذل المجهود وتحمل الصعاب.
المجهود هو الوقود الذي يبذل لتحقيق الأهداف وتحقيق الإنجازات والنجاح، ويرى البعض أن التميز والعبقرية يبلغ نسبة المجهود منها 99 %، والموهبة فقط تمثل 1 % من التميز والنجاح، الموهوب الذي لا يبذل مجهودا لن يحقق إنجازات أو نجاحا، فالنوايا فقط لا تحقق نجاحا وتميزا، فطريق النجاح يحتاج مجهودا وليس مفروشا بالورود، طريق التميز يحتاج تعبا ومشقة، فكما قال الشاعر:
لولا المشقة ساد الناس كلهم ….. الجود يفقر والاقدام قتال
والبيئة المناسبة تمثل الأرض الخصبة التي تنمو وتزدهر فيها المواهب، فالموهبة التي لا تجد البيئة المناسبة لتنمو فيها وتترعرع، لا تؤتي ثمارها، وتضمحل وتختفي، فيجب اكتشاف المواهب وتوجيهها التوجيه السليم، وتوفير الإمكانات المناسبة لتثمر المواهب نجاحاً وتميزا يعود بالخير على المجتمع والدول، واكتشاف المواهب يقع على كاهل الأسرة والمدرسة والدولة، حيث يجب توجيه كل صاحب موهبة ليبدع في موهبته، فالمجتمع يحتاج للعالم المبدع والسياسي المبدع والصانع المبدع والمزارع المبدع.
بل يجب رعاية المجتمعات المتميزة والمبدعة في مجال معين لتبدع أكثر، مثل مدينة دمياط في مصر التي تتميز بصناعة الأثاث, ومدينة المحلة التي تشتهر بالغزل والنسيج، فيجب تطوير هذه المجتمعات للتميز أكثر ولتصل بإنتاجها للعالمية.
علينا أن نحلم ونعمل على النجاح والتميز كأفراد ومجتمعات ودول، علينا أن نوفر خليط العبقرية والتميز.
اقرأ أيضاً