قوانين لتجريم شغب الملاعب
د. زياد موسى عبد المعطي
معظم النار من مستصغر الشرر، فطاهرة شغب الملاعب موجودة منذ زمن ليس بالقليل، ولا يتم توقيع عقوبات على مرتكبيها من الجماهير، بل يتم توقيع عقوبات على الأندية، وكذلك حدثت حوادث سابقة تم فيها نزول الجماهير أرض الملاعب، وتم التعدي في بعضه هذه الحوادث على اللاعبين، ولم يتم عقاب أحد من مرتكبيها، فأحد الحلول المهمة من وجهة نظري يتمثل في سن قوانين لتجريم شغب الملاعب يتم تطبقيها بمنتهى الحسم، وبدون مجاملات أو استثناءات، وإني اقترح أن هذه القوانين يتم سنها بواسطة مجلس النواب القادم.
منذ فترة ليست بالقصيرة ظهرت أساليب جديدة لشغب الملاعب متمثلة في الألعاب النارية المتمثلة في الشماريخ أو غيرها، وكذلك الليزر الذي يتم تسليط أشعته الضوئية على أعين لاعبي ومدربي الفرق المنافسة، والهتافات والألفاظ البذيئة وسب بعض الجماهير في المدرجات للاعبي أو مدربي الفرق المنافسة، ويتم في أوقات كثيرة أن يقوم مخرجي التلفزيون بكتم الصوت لكي لا تصل هذه الألفاظ إلى مسامع المشاهدين في المنازل، وكذلك هناك ظاهرة قذف الحجارة إلى أرض الملعب، أو قذف زجاجات المياه الفارغة، أو نزول الجماهير إلى أرض الملعب بعد إحراز الأهداف أو بعد انتهاء المباراة.
وإني أعتقد أن تحديد من يقوم بأعمال الشغب تلك سهل وميسور من خلال كاميرات المراقبة الموجودة في الملاعب - وهذه الكاميرات سمعنا وقرأنا أنها موجودة في استاد بورسعيد وتم الاستعانة بها في التحقيقات – وكذلك من خلال رجال الشرطة السرية والمباحث الموجودة في المدرجات، ويتم القبض عليهم ومحاسبتهم بكل حزم، ولا يصح أن نسمع من يتوسط أحد للعفو عن من يفعل هذه الأعمال، فعلى سبيل المثال من ينزل الملعب من الجماهير يتم القبض عليه فوراً، ويأخذ عقوبة حبس ستة أو ثلاثة أشهر مع غرامة مالية، ومن ترصده الكاميرات يستعمل الليزر في المدرجات أو يستعمل الألعاب النارية يتم القبض عليه لاحقاً بعد التأكد من شخصيته، وتكون العقوبة مثلاً بالسجن ثلاثة أشهر مع غرامة مالية، وأن يتم مضاعفة العقوبة في حالة وجود ضحايا عن طريق الخطأ مثل إلقاء الطوب أو زجاجات المياه، وفي حالة وجود إصابات أو وفيات يتم محاسبة مرتكبي هذه الأعمال حسب القانون الجنائي.
وإذا تم تطبيق عقوبات حبس وغرامات على مرتكبي هذه أعمال شغب الملاعب فإني أتوقع أن تختفي هذه الظاهرة من ملاعبنا، حتى نصل إلى مرحلة من تحضر هؤلاء المشجعين مماثلة لتلك التي نراها في ملاعب أوربا، حيث نرى أن جماهير كرة القدم في أوربا تكون موجودة بدون فواصل حديدية، لا يفصل بينها وبين الملعب إلا أمتار قليلة.
أما أن تمر مثل هذه الأعمال بدون عقاب لمرتكبيها، ويقع العقاب على الأندية فإنها لن تتوقف وأتوقع أن تكبر مثل كرة الثلج وتسبب المزيد من المصائب.
وكذلك لا يخفى على أحد أن أحد أهم أسباب فاجعة بورسعيد أنه حتى الآن لم يتم حساب مرتكبي وقائع رياضية تمت بعد ثورة يناير تمت بفعل متآمرين، مثل مباراة الزمالك والإفريقي التونسي المعروفة إعلامياً بموقعة الجلابية، أو مباراة المحلة والأهلي، وغيرها من المباريات التي تم فيها تأجير بلطجية بهدف الترويع وإحداث الفوضى.
وعدم محاسبة الفاعلين والمحرضين على حوادث الشغب الرياضية أعتقد أنها تمثل رسالة طمأنة للبلطجية والمخربين والمحرضين، رسالة فحواها أن "أفسد وبلطج وخرب في المباريات الرياضية ولن تعاقب، فالزحام في المدرجات، ولن يعاقبك أحد، ولن يحاسبك أحد"، ولتفادي إرسال مثل هذه الرسائل السلبية أرى أن سرعة محاسبة المسئولين عن هذه الكارثة والحوادث الرياضية السابقة بعد ثورة يناير "الفاعلين والمحرضين" لكي يكونوا عبرة لمن توسوس له نفسه بتكرار ما حدث.
أرى أن سن هذه القوانين المجرمة لشعب الملاعب – كبيرها وصغيرها - وعقاب من يقوم بها، وإعلان العقوبة يمنع تكرار مثل هذه الحوادث والمآسي الرياضية السابقة ، "وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" (سورة البقرة: 179)، فمثلاً من يعلم أنه سوف يتم إعدامه إذا قتل نفس بريئة بدون ذنب لن يقوم بمثل بالقتل، وكذلك من يعلم أنه سوف يعاقب إذا قام بأعمال شغب فلن يفعل ذلك.