الهــــــــــــدف

جغرافيا - تاريخ - سياسة - علم - فن

 

الأمان في العمق الفلسطيني

كانت فلسطين ولا تزال بؤرة الصراع بين الدول العربية والإسلامية من جهة وبين الغرب من جهة أخرى، وذلك منذ عام 1948 وإلى يومنا هذا شئنا أم أبينا، ولن يجدي أية دولة عربية أن تظن نفسها بعيدا عن هذا الصراع، كما لا يجدي معها أن تركن إلى معاهدة صلح أو إتفاقية أبرمت، فما زال الكيان الصهيوني يحتل الجولان في سوريا ومزارع شبعا في لبنان والضفة الغربية من الأردن، وفلسطين بكاملها، ومصر ورغم إتفاقية عام 1979 لا تستطيع أن تمد حمايتها العسكرية بإرادة مطلقة في سيناء وهذا وجه احتلال لا زال قائما، ونحن نحترم الإتفاقية وندور في فلكها وكأنها صنم يعبد ونخشى غضبه.

ومما يروج له أن مصر لا تستطيع أن تقطع علاقتها بإسرائيل لأن ذلك يعني إلغاء معاهدة السلام ووضع مصر في حالة حرب، والناس من خوف الحرب في حرب(<!--)، تستطيع مصر أن تقطع علاقتها بأية دولة وتغلق سفارة أية دولة وتقطع علاقتها الدبلوماسية بأية دولة إلا دولة إسرائيل: أليس هذا قيدا على استقلال مصر واستقلال إرادتها السياسية؟.

إننا مسئولون أخلاقيا عما يحدث في فلسطين لأننا من هُزمنا في حرب 1967 وقد احتل الصهاينة الضفة وغزة في 1967، وقد عادت إلينا سيناء منزوعة السلاح بموجب إتفاقية السلام ولا نستطيع أن نطرد السفير الإسرائيلي مهما فعلت حكومته في فلسطين، ويقولون لنا عليكم باحترام الشرعية الدولية التي تمثلها أمريكا، فكيف نستخدم الخصم كحكم؟.

عندما تعصف الريح ويثور الموج فالأمان في العمق، ومنذ أحداث سبتمبر 2001 بدأت الرعود الأمريكية:

<!--في 7 أكتوبر عام 2001 بدأ ضرب أفغانستان

<!--في 28 مارس عام 2002 تصاعد الإجتياح الصهيوني الأمريكي لمدن فلسطين بالضفة الغربية، واشتد الموج

<!--وابتلع العراق في عام 2003

ومع هذا الموج الهادر إتجه العرب إلى الشاطئ هربا من الموج فتكسرت ضلوعهم على الشاطئ، ومن يقف أولا في هذه اللحظات من الصراع يكون هو الهالك والمهزوم، وحين نبادر بقبول إلقاء السلاح في الصراع العربي/ الصهيوأمريكي تدور علينا الدوائر، والقائل إن السلام هو الإختيار الإستراتيجي لا يدعو إلا إلى الاستسلام.

كان التباين الكبير بين الحكومة والشعب في عهد النظام السابق قبل ثورة 25 يناير 2011 يهدد أمن الدولة، أما الآن وبعد الثورة يجب أن يختفي هذا التباين حتى نستطيع أن نحافظ على الأمن الداخلي والخارجي للدولة، فكفالة الأمن القومي أهم من الخبز والماء، وخاصة أن هذا الأمن مهدد بكيان صهيوني مغتصب للأرض الفلسطينية ومهددا لكل دول الجوار.

عندما تركزت القوات الإنجليزية في منطقة قناة السويس عام 1947 لم يشعر مصري واحد أن استقلالا تحقق، وفي عام 1951 ألغت حكومة الوفد معاهدة الدفاع المشترك بين مصر وبريطانيا، صارت القاعدة العسكرية البريطانية في مصر والقوات المسلحة البريطانية في وضع غير مشروع، وصارت مكافحة هذا الوجود العسكري الأجنبي مكافحة مشروعة، وتكونت فرق الفدائيين للكفاح المسلح داخل حرم جامعة القاهرة، وكانت المظاهرات تملأ مدينة القاهرة والإسكندرية والأقاليم يوميا، إن الشرعية هي إبنة الإقرار والتقبل الشعبي(<!--).

حطمت إسرائيل المفاعل النووي العراقي لأنه يهددها، وتنظر بريبة إلى المفاعل الباكستاني وتسليح إيران، وفلسطين محتلة، والجولان في سوريا محتلة، ومصر عادت لها سيناء منزوعة السلاح وبها قوات دولية لا تستطيع القوات المسلحة أن تحميها إلا من غرب قناة السويس.

ومن يذهب من المصريين إلى سيناء لعمل أو سياحة لا يتمتع بحماية القوات المسلحة، ولا يطمئن على نفسه من عدوان إسرائيلي عسكري يأتيه في طابا أو نويبع أو شرم الشيخ من على بعد خطوات من المياه الإقليمية المصرية في خليج العقبة، ويمكن اختطاف أو اغتيال أي شخص في سواحل خليج العقبة بأسهل مما يحدث في لبنان وتونس، وجيش الكيان الصهيوني المحتل على بعد بضعة عشر كيلو مترا، وجيش مصر على بعد مائة كيلو مترا، والجزيرة العربية ومنطقة الخليج بها دولنا العربية التي تعتمد في كل دخلها على البترول ووسط آبارها وحوافها وفي المياه القريبة قواعد عسكرية أمريكية برية وبحرية.

نسمع عن يدعو لفتح الحدود مع فلسطين المحتلة لوصول الفدائيين العرب وكأن الحدود عليها أسوار تفتح بقرار سياسي، ونسمع من يدعو لفتح باب الجهاد، وكأن الجهاد يحتاج إلى إذن من الدولة، وهذان الأمران إذا إستجابت لهما الحكومات العربية فهذا يعني حرب نظامية مع الكيان الصهيوني، وهذا غير مفيد لأن من يريد الجهاد لا يحتاج إلى إذن ومن يريد أن ينضم إلى الفدائيين مضحيا بنفسه لا يخشى إعتقال الشرطة له، والاحتلال الصهيوأمريكي هو الذي أسقط مفهوم الشرعية الدولية فلم يعد هناك بد من مواجهته بصدور عارية وبروح الشهادة، وصارت الدنيا تواجه بالآخرة(<!--).

فتحت مصر معبر رفح، وعندما اعترض الكيان الصهيوني ردت بأن معبر رفح شأن مصري فلسطيني، هذه هي الديمقراطية حيث يفرض الشعب إرادته، بقدر ما يشكل فتح معبر رفح قراراً مهماً للغاية لانهاء الحصار المفروض على غزة منذ مجيء حماس إلى السلطة عام 2007، فإنه يمثل تغيراً استراتيجياً في قوة مصر وسيادتها.

أعلن الكيان الصهيوني أنه سيطلق حملة في الولايات المتحدة وأوروبا لممارسة الضغط على مصر، لكنه يتصرف بالطريقة الخطأ في الوقت الخطأ، فلا تملك حكومة مصر في عصر الديمقراطية أن تسلك مساراً مخالفاً للإرادة الشعبية.

مصر بعد ثورة 25 يناير تفتح كتاباً جديدا للعلاقات الدولية يعيد لها هيبتها العربية والأفريقية والدولية، لا نريد حرباً وسنلتزم بإتفاقياتنا الدولية بعد إعادة النظر فيها وتعديلها بما يناسب المجتمع المصري المسلم، وسنتحول من الدولة التابعة إلى الدولة المستقلة صاحبة السيادة التي لا تقبل أي تدخل خارجي في شئونها، فلا أمريكا ولا أوروبا يستطيعان أن يغيرا بعد الآن من سياسة مصر التي ترسمها الضغوط الشعبية.

من كتاب لو كنت رئيسا لمصر

مهندسة / سحر زكي


<!--[endif]-->

<!-- المستشار طارق البشري: العرب في مواجهة العدوان– ص 57 (1423هـ - 2002م)

<!-- المستشار طارق البشري: العرب في مواجهة العدوان (1423هـ - 2002م)

<!-- - المستشار طارق البشري: العرب في مواجهة العدوان (1423هـ - 2002م)

 

المصدر: من كتاب لو كنت رئيسا لمصر - مهندسة / سحر زكي

التحميلات المرفقة

zayedtech

أرض الإسلام هي وطني

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 141 مشاهدة
نشرت فى 9 يناير 2013 بواسطة zayedtech

عدد زيارات الموقع

27,141

تسجيل الدخول