أسباب ضعف الطلاب في النحو:

يعدُّ تدريس قواعد اللغة العربية ضرورة لا غنى عنها؛ لأنها تساعد المتعلمين على ضبط لغتهم، وتساعدهم على صحة النطق، فقد أشارت العديم من الدراسات والأبحاث إلى أن هناك العديد من العوامل العامة التي قد تكون وراء الضعف الذي يعاني منه معظم الطلاب في مادة ( النحو العربي)، ومن هذه العوامل ما يرجع إلى المتعلم نفسه، ومنها ما يرجع إلى المادة العلمية، ومنها ما يرجع إلى المعلم.

ولعل من أسباب صعوبة النحو العربي في المدارس أنها كدست أبوب النحو في مناهجها، وأرهق بها التلاميذ، وإن عناية المعلمين متجهة إلى الجانب النظري منها، فلم يعنوا بالناحية التطبيقية إلا بالقدر الرئيسي الذي يساعد على فهم القاعدة وحفظها للمرور في امتحان يوضع عادة بصورة لا تتطلب أكثر من ذلك، ومعلم اللغة العربية ليس في حاجة إلى أن يقنع بأنه لا خير في قواعد يفهمها الطلبة ويحفظونها دون أن تتبع بتطبيق عملي يجعل اللغة مهارة من شأنها سرعة الأداء مع صحة التعبير، ولكنه لا يجد من الوقت متسعا للتطبيق على هذه الأبواب الكثيرة من النحو التي شحن بها المنهج الدراسي من غير تمييز بين ما هو ضروري منها وما هو غير ضروري، فقد أصبح الوقت المخصص لها في الجدول المدرسي لا يكاد يكفي لدراستها، واضطر المعلمون مسايرة للامتحانات ونتائجها أن يطغوا بالقواعد والتطبيق على حصص القراءة وغيرها من حصص اللغة، وسيظل النحو يشغلنا ويصرفنا عن الأدب الممتع ما لم نضعه من اللغة في المكانة التي يجب أن يكون له لا يتعداها، بل إن النحو نفسه بهذا لا يستطيع الطلبة الانتفاع به، وحسبنا أنا أخفقنا في تعويد الطلبة صحة استخدام النحو في تعبيرهم، والقراءة الصحيحة الخالية من اللحن (شحاتة، 1993 ص202).

ويضيف العلي أن من أسباب ضعف الطلبة في النحو  كثرة الأوجه الإعرابية المختلفة والتعاريف المتعددة وكثرة موضوعات النحو المقررة في السنة الواحدة، وقلة التدريبات الفاعلة في مباحث النحو (العلي، 1998).

ويرجع زقوت  الوارد في (أبو شتات، 2005) صعوبة النحو إلى عوامل تتعلق بطبيعة المتعلم حيث يشعر كثير من الطلاب بجفاء بينهم وبين مادة النحو، وذلك لعدم إدراكه للهدف الصحيح من وراء تعلمه، وان عدم وضوح هذا الهدف عن تعلم قواعد اللغة، وذلك لانعدام الدافع، ولو أن الطلاب قد بدؤوا يشعروا بأن تعلم النحو يعينهم على سلامة التعبير و صحة الفهم وأنه ضروري لا بد منها لزاد اهتمامهم بالنحو، لأقبلوا عليه، كما ويرتبط بذلك تدني قيمة الدرجة المعطاة لفرع النحو مقارنة بالدرجات الممنوحة لبقية فروع اللغة الأخرى ولعل هذا ما دفع المجتمعين في مؤتمر اتحاد المعلمين العرب، والذي عقد في الخرطوم عام 1976، إلى المطالبة بفصل اللغة العربية عن آدابها، بحيث يكون لكل منها درجة نجاح ورسوب، حتى تزداد عناية الطالب بالنحو وقواعده.

وللبيئة المحيطة  بالمتعلم أثرا في صعوبة النحو فقد أصبحنا نعيش في بيئات سيطرت فيها العامية في مختلف مناحي الحياة، وإن معظم ما يتعلمه الطلاب داخل المدارس، لا يلبث أن يذوب ويختفي بمجرد خروجه إلى الشارع، أو العودة إلى البيت، وهذا الأمر ترتب عليه حرمان الطلاب من الاستماع إلى الأساليب الصحيحة، والتراكيب السليمة، وقد أشار ابن خلدون إلى هذه الظاهرة وأثرها في تكوين ملكة الحديث، وأرجع إليه العلة في فساد لغة العرب قديما، وتلعب وسائل الإعلام سواء كانت مرئية أو مسموعة أو مكتوبة دورا هاما في شخصية الأفراد بشكل عام، والطلاب بصفة خاصة، ومن هنا تبرز خطورة هذه الوسائل لما يشيع فيها من اللحن والتحريف على ألسنة العاملين فيها في أبسط قواعد اللغة، بل إن كثيرا من الإذاعات وخاصة المرئية منها وتستخدم اللغة العامية واللهجات المحلية، كما أن كثيرا من الصحف تشيع فيها أخطاء كتابية بارزة (أبو شتات، 2005).

أبرز أساليب علاج الضعف النحوي:

جعل فروع اللغة العربية في خدمة النحو، تبسيط مادة النحو منهجيا وتنفيذيا، تعويد التلاميذ سماع الأساليب العربية الصيحة ومحاكاتها، مراعاة الفروق الفردية ومستويات التلاميذ ونموهم اللغوي، التركيز على المباحث النحوية الوظيفية التي تستعمل في العصر الحاضر خاصة، التزام المنهجية في تقديم المباحث النحوية، وضع التدريبات الملائمة لكل موضوع وتنويعها، العناية بالإخراج الجيد لكتب النحو وإغناؤها بالوسائل المعينة، إقامة دورات مستمرة لمدرسي اللغة العربية، التوسع في استخدام الوسائل التعليمية (العلي، 1998).

ويضيف أبو رضوان طرقا أخرى لعلاج ضعف الطلاب في النحو كالابتعاد عن الاهتمام بالآراء المختلفة للبصريين والكوفيين وغيرهم وترك ذلك لرواد التخصص والبحث، اعتماد قواعد بصرفية يساعد على الإقلال من هذا الضعف، والابتعاد عن التأليف الأكاديمي القديم، وترك الشواهد العتيقة والأمثلة الجافة، كل ذلك من شأنه إزالة الحاجز النفسي الذي يقوم بين التلاميذ ومادة القواعد، تبني أسلوب تدريس القواعد على تقديم القاعدة في موقف لغوي كامل، كتقديم قصة أو مقالة أو سورة من القرآن يكثر فيها دون أمثلة القاعدة المعينة، ثم ترك الطالب يستنبط القاعدة بنفسه من خلال مطالعته لذلك الموقف اللغوي الكامل، والإكثار بعد ذلك من الأمثلة الواقعية التي يقوم بها التلاميذ بأنفسهم تطبيقا على القاعدة المعينة فما أن يتم كل ذلك إلا وتكون القاعدة قد أصبحت من البديهيات التي يسلم بها التلميذ ويرى في تطبيقها أمرا طبيعيا (أبو رضوان، 1998).

 

 

 

متى يبدأ بتدريس القواعد:

اختلف المربون في تحديد السن التي يجوز معها البدء بتدريس القواعد، ومع هذا الاختلاف انعقد إجماعهم على أن القواعد تستلزم تهيؤا عقليا خاصا، يمكن التلاميذ من الموازنة والتعليل والاستنباط. وقد مال أكثر المربين إلى إعفاء تلميذ المدرسة الابتدائية، من دروس القواعد حتى سن العاشرة، أي إلى الصف الخامس (إبراهيم، 1962).

وتحتاج القواعد إلى تفكير غير يسير تدرك به أحكامها، وتفهم قواعدها، كما تحتاج إلى ثراء لغوي يساعد على الاستنباط. والقواعد معان، وفهم الأمور المعنوية لا يكون إلا بنضوج العقل، واكتمال الفكر الذي لا يصل إليه تلميذ المدرسة الابتدائية، حيث تفكيره محدود، وقوة إدراكه بحاجة إلى نماء، ولذلك كان تدريس القواعد في المرحلتين الأولى والثانية من المرحلة الابتدائية غير مفيد، ولا يأتي بالثمار المرجوة.

وفي الحلقة الثالثة نبدأ بتدريس المبادئ النحوية السهلة التي تساعد في تصحيح الجمل والعبارات مما في متناول قدرات تلاميذ هذه الحلقة، مع ملاحظة التدرج في التدريس من السهل إلى الصعب، فيعرف التلميذ بموقع الكلمة في الجملة، وطريقة ضبطها والتي كثيرا ما يخطئ التلاميذ فيها في مثل هذا السن المبكرة. وينبغي أن تقتصر الدراسة على المشهور من أبواب الرفع والنصب والجر والجزم، أما في المرحلتين الإعدادية والثانوية، فمن المستحسن أن يخصص للقواعد درس مستقل يعتمد فيه المدرس على أمثلة أدبية يضم أسلوبها كثيرا من المعاني التي تمكن التلاميذ من أن يستشفوا القاعدة النحوية بأنفسهم من هذه النصوص. وينبغي ألا يلقن المدرس التلاميذ القواعد وتعريفاتها، بقدر ما يهدف إلى استخدامها كوسيلة لإصلاح الحديث والكتابة وتجنب الأخطاء اللغوية. (عبد العال، د، ت)

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 4849 مشاهدة
نشرت فى 24 يونيو 2012 بواسطة yusuftiti

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

8,244