"ضمة ورد من جنيتنا" .. لروح توفيق النمري.
يرموك نيوز_عبير ابو العسل
من منا لم يطرب لسماع أغنية "ويلي ما أحلاها البنت الريفية"؟ من منا لا يتمنى ان يكون جندياً في المعركة حين يسمع "مرحى لمدرعتنا"؟ من منا لا يصاب بحالة عشق حينما يسمع "ضمة ورد من جنينتنا"؟ من يستطيع ان يقاوم حالة الهيام لسماعه "لوحي بطرف المنديل "؟
هذه الأغاني وغيرها تجاوز عمرها العقود الستة, وما تزال تتألق في سماء الفن والطرب الأصيل في وقت أصبحت فيه الأغاني لا تعيش سوى أيام أو حتى لحظات كلحظات إشتعال عود الثقاب وما إن تشتعل حتى تنطفئ,لأن الاعمال الخالدة هي مزيج من كلمات منتقاه متزنه , ولحن جميل يحترم الأحاسيس ويسمو بها , كأغاني الفنان المرحوم "توفيق النمري" الذي يعد مناره شامخة في سماء الفن والطرب الأصيل.
ولد توفيق النمري في بلدة الحصن في اربد عام 1918, حيث تأثر بالذائقة الفطرية لجده رزق الله النمري ,لا سيما بأن جده كان مولعاً بالشعر, ويجيد العزف على الربابة.
وجد النمري المساندة من المدرسين والطلاب, وإبتدأت موهبته تتبلور حيث كان للبيئة الأثر الكبير على اعماله الفنية.
تميز النمري بصفاء روحه , ونقاء سريرته , وحب الوطن والفن والعطاء
اشتهر النمري بأغاني التراث الشعبي مع وديع الصافي , والمرحوم عبده موسى ,حيث قدم 750 عملاً فنياً,في حين ظلت الأغنية الوطنية على رأس اهتماماته ووجدانه.
قام النمري بتلحين الكثير من الأغاني لكبار المطربين العرب أمثال نجاة الصغيره,سميرة توفيق , ونصري شمس الدين وغيرهم...
بدأ النمري مهمته في جمع التراث الفلكلوري وتدوينه من مناطق الأردن كافة ,وكان لعمله السابق في الجيش أثر كبير على تسهيل مهمته, وكان ايضاً لمتابعة رئيس الوزراء آنذاك الشهيد (هزاع المجالي) المباشر والإهتمام ومتابعة مدير الإذاعة حينها على تنفيذ مهمته وتذليل الصعاب امامه ,وحشد الإمكانات كافة لجمع التراث وتحديد ملامح اللون الاردني الاصيل في الفن والغناء .
رحل توفيق عن الدنيا يوم23 من تشرين اول من عام 2011, تاركا خلفه رصيدا لا ينضب من العطاء والانتماء لوطنه, جسده من خلال فنه الجميل.
(يرموك نيوز)...التقت الدكتور (شريف حمدي )من قسم الموسيقى في كلية الفنون الجميلة في جامعة اليرموك للحديث عن الفنان الراحل توفيق النمري,الذي قال:على الرغم من عدم مقابلتي الشخصية للراحل النمري الا انني اعرفه وعرفته من خلال فنه وأغانيه وألحانه العذبة".
وأشار حمدي الى دورالنمري العظيم في جمع الموروث الاردني والحفاظ عليه,حيث كان يسافر ويحمل في معطفه جهاز تسجيل لجمع المعلومات وجمع التراث من مصادره الطبيعية .
وتابع: "النمري هو من حمل نفسه هذه المهمه ولم يوكله أحد بذلك" ,مبيناً بأنه كان محباً ودائم الحرص كباحث وحافظ للتراث على اتمام مهمته التي اختارها,معتبرا اياه أحد الأعمدة الرئيسية في جمع وتوثيق الغناء الاردني , مضيفابأنه كان فنانا اصيلا مختلفا عن كل من عاصروه, فلم يشبه احدا في غنائه والحانه حيث كان يستمد الحانه من نبض الشعب.
واختتم حمدي بقوله:" النمري لم يسع الى الشهرة والمال, حيث عمل في الاذاعة على ما يزيد عن 50 عاماً من العطاء والبذل والجهد ,وبرغم موت توفيق النمري إلا انه سيظل خالداً".
وبين عميد كلية الفنون الجميلة في جامعة اليرموك الدكتور محمد غوانمة ان توفيق النمري فنان مبدع وكبير رحل عنا وذكراه ما زالت موجودة بين جوانجنا ,فقد اثرى الحركة الفنية وتحديدا الموسيقية في الاردن بأجمل الالحان واعذب الكلمات التي صورت الحياة والبيئة الاردنية اجمل تصوير.
واضاف غوانمة ان النمري عبر عما في وجدان الشعب الاردني وما يعتمل في خلجاته وما يعانيه من قضايا وعلى رأسها قضية فلسطين التي شغلت بال الاردنيين قبل غيرهم ,ولمت حولها قلوب الامة العربية فعالجها النمري بخير ما يكون من أفكار , موضحا انه تغنى بالقضية الفلسطينة فأوصلها الى عقول الناس قبل آذانهم فبيقت راسخة رسوخ أغانيه الجميلة.
وتابع غوانمة: "النمري تغنى بالنشامى الاردنيين والنشميات الاردنيات,فألهب عواطفهم عشقا وحبا لهذه الارض التي وصفها بأجمل الاوصاف , وأفرغفيها عصارة خبرته وتجربته عبر اجمل الحناجر الغنائية التي يمتلكها عشرات الاردنيين والعرب أمثال (وديع الصافي, كروان دمشق, عايدة شاهين,سلوى واسماعيل خضر, محمدوهيب,عبده موسى ,شكري عياد, عمر العبدلات , ونهاوند).
وأشار غوانمة إلى ان ما قدمه النمري من ابداعات يصعب علينا نسيانها,فهي جميلة ومؤثرة ومحفورة في وجدان كل الاردنيين.
ساحة النقاش