هل تعلم أن الإنسان العادي يقضي أكثر من ثلث عمره في غرفة النوم، فالنوم 8 ساعات من 24 ساعة يعني ثلث اليوم، فلو أن إنسانًا عاش 90 سنة فإن ذلك يعني أننا ننام 30 سنة منها، هذا بالطبع غير ما قبل النوم وبعده, بل إن البعض يقضي فيها القراءة أيضًا، مما قد يصل إلى 10-12 ساعة يوميًا, يعني قد تكون قضيت نصف عمرك في غرفة النوم!!
لذلك فإن هذا المكان لا بد أن يكون أهم مكان بالنسبة لكِ.
ويجب أن ينتبه الزوجان إلى أن هذه الغرفة يجب أن تكون أجمل غرفة في البيت، وأن يقوما معًا بتنسيق ألوانها وترتيبها، واختيار أثاثها وإضاءتها ورائحتها, ويجب قبل ذلك وبعده أن تكون الغرفة مكانًا آمنًا ومريحًا.
المهارات الزوجية في غرفة النوم
فالزوجان في أشد الحاجة لبعض المهارات الزوجية الخاصة بغرفة النوم، وهناك قاسم مشترك بين الزوجين لا بد من الالتقاء عنده، مهما كثرت الأعمار وتغيرت الأهداف بين الزوجين، فلا بد من التقائهما في غرفة النوم، وكأن هذه الغرفة محطة يتزود منها الزوجان لينطلقا لأعمالهما.
وعليه فلا بد من أن تتوافر وسائل الراحة في غرفة النوم؛ حتى ينطلق الزوجان منها بنفسية مستقرة وروح مرنة، وهنا نتساءل عن هذه الوسائل التي تحقق الراحة بين الزوجين في غرفة النوم.
والوسائل بعضها متعلق بشكل الغرفة وأثاثها، ونوعية الفراش ورائحة العطور التي فيها، ونوعية الإضاءة، والألوان والزهور، والبعض الآخر متعلق بالجوانب النفسية للزوجين، والحوار الذي يدور بينهما قبل النوم، واللمسات وحق الفراش، ثم أهم الوسائل وهي الوسائل الإيمانية بين الزوجين، من الوضوء قبل النوم، وصلاة الوتر، وقراءة المعوذتين وآية الكرسي، وذكر دعاء النوم، ثم القيام لصلاة الفجر، وذكر الله تعالى.
وكل هذا يعني أن تنتهي كل الخلافات قبل الدخول إلى غرفة النوم، ويجد فيها الزوجان الراحة والهدوء والسكن، وألا يناقش الزوجان فيها أشياء سلبية أو مشكلات دارت خارج البيت أو حتى داخله، حتى لا ترتبط المشاعر السلبية مع الغرفة, فلا تكون غرفة النوم هي الغرفة التي يتناقش فيها الزوجان التزامات البيت والأولاد, وإذا كان لديها أولاد فلا بد أن يعلماهم ألا يدخلوا الغرفة إلا بإذن، وألا يستغرق مكثهم فيها أكثر من بضع ثوان أو دقائق.
وتأملي معي هذا المثال:
غاب الزوج عن بيته في سفر طيلة ثلاثة أيام، وطوال طريق عودته إلى أهله كان يفكر في زوجته واشتياقه لها، ويهيئ نفسه للقائها.
وفي المقابل كانت زوجته تهيئ نفسها أيضًا لاستقبال زوجها، ولكن في اتجاه آخر تمامًا, لقد وضعت في دفترها أربعة موضوعات مهمة كانت أجّلتها إلى حين عودة الزوج، حتى تتخذ القرار فيها، وقد قررت أن تفتح الموضوعات في غرفة النوم، والزوج يتقرب من زوجته ويداعبها أما هي فقد امتنعت عنه حتى تفتح ما قررت من موضوعات، وبدأت في طرح الموضوع الأول للمناقشة, فتوقف الزوج عن المداعبة بعدما أبت الزوجة تأجيل الموضوع، ثم بدأت العلاقات تتوتر, ثم نام الزوج في الصالة، وأما الزوجة فقد استسلمت للبكاء حتى ذهبت في النوم!!
اعلمي أختي الزوجة أن الزوج يحل مشكلاته بالممارسة الجنسية، أما الزوجة فتحتاج إلى أن تحل المشكلات أولًا حتى تتقبل هذه العملية، وتشارك فيها بإيجابية، الزوج يهتم بالفعل ذاته، والزوجة يهمها المناخ المحيط والاستعداد.
ليلة خاصة:
حين تظهر الزوجة لزوجها في أجمل صورة وأحسن هيئة، تسمعه كلمات الغزل والمداعبات، وتنظر إليه نظرات الحب والرغبة، وكأن عينيها تقول: ها أنا لكَ وحدك، فقد نام الأولاد، وأنجزتُ أعمال البيت، وقطعت كل اتصال بالعالم الخارجي لأكون لكَ وحدك, وكأن الزوج ينهل من عطاء زوجته ويبادلها محبة بمحبة، ورغبة برغبة، وسخاء بسخاء، وتقول لها ابتسامته ونظرات عينيه السعيدة: (كم أنتظر تلك اللحظات), فتكون ليلة من ليالي العمر.
يقول الزوج: (هذه الليلة تنسيني جميع ملاحظاتي على زوجتي طوال الأسبوع، اغفرها لها، وأتجاوز عنها، إنها تمسح بهذه الليلة ما في نفسي إن وُجد).
ويختم الزوج حديثه بقوله: (طوال أيامي أعيش بين لذتين: لذة عشتها الليلة الماضية، تملأ نفسي حبورًا وسرورًا، ولذة أتشوق إلى عيشها والانغماس فيها في ليلة مقبلة)، وتقول الزوجة عن سر نجاحها في إسعاد زوجها تلك الليلة: (أحب أن أوضح أن هذه الليلة لا تسعد زوجي وحده، بل تسعدني أنا أيضًا, أما سر سعادة كل منا بهذه الليلة فيعود إلى أنني: أفرغ نفسي تمامًا من أي عمل ـ أحرص على أن ينام الأولاد مبكرين ـ أغلق جميع التليفونات ـ أهتم بنظافة أسناني وجسمي ـ أعتذر عن عدم استقبال أحد وعن عدم زيارتهم مساء تلك الليلة ـ أنشر العطر الذي يحبه زوجي في أجواء غرفة النوم وأملأ به الفراش ـ أستقبل زوجي بابتسامة ذات مغزى وبلباس غرفة النوم ـ وأهرب من أمامه هربًا يحبه ويهواه ـ وأحرص على أن أظهر مفاتني له ـ وتفاصيل أخرى لا تغيب عن أنوثة المرأة).
ويهمنا أن تعرف الزوجة ـ قبل الدخول في تفاصيل العلاقة الزوجية ـ أسرار زوجها في المعاشرة الزوجية: ماذا يحب أن يسمع من كلمات؟ ماذا يحب أن يرى من لباس؟ ماذا يحب أن يشم من رائحة؟ ماذا يحب أن يرى من حركات؟ حتى تصل الزوجة مع زوجها إلى مرحلة تشبع فيها بصره ونفسه وسمعه، فتمتلكه بعدها بحبها وحنانها وعواطفها، فيحب الجلوس معها والحديث معها والمداعبة معها, فإذا وصلت إلى ذلك تكون قد نجحت في التفاعل مع زوجها نجاحًا تامًا, وعلى الزوجة أن تتفهم احتياجات زوجها، وتعرف أيضًا مواضع الإثارة عنده وأن تتفاعل معه لأن الزوج يحب من زوجته أن تتفاعل معه.
إن التعبير عن الشعور بالرغبة واللذة الجنسية بين الزوجين يتخذ الصور التالية:
1- إظهار الرغبة الجنسية بشكل صريح وواضح: كالتحرشات والمداعبات الجسدية واللفظية.
2- إغراء الطرف الآخر عن طريق ارتداء الملابس المثيرة، واستخدام العطور التي تملأ الجسم برائحة منعشة ولطيفة.
3- إظهار درجة الإشباع، أو إشعار الطرف الآخر بقوة الإشباع والاستثارة الجنسية؛ ويكون ذلك باستخدام الإيحاءات والإيماءات اللفظية: كالآهات والحركات الجسدية.
ولكن من المؤسف أن نسبة كبيرة من النساء المتزوجات يشعرن بالخجل أو الخوف من إظهار درجة إشباعهن الجنسي بسبب:
أ – الشعور بالإحراج والقلق من تشوه صورة الذات.
ب – الخوف من انتقاد الزوج أو التقليل من قيمتها.
إن إظهار مشاعر اللذة على هيئة عبارات لفظية أو حركات جسدية يعتبر عملية مهمة لتعميق مشاعر الود والمتعة بين الزوجين، ولزامًا على الزوجة التعامل مع الجنس كغريزة أساسية مثل غريزة الجوع والعطش، ولا حرج بتاتًا في التعبير عن النشوة الجنسية في صورة عبارات أو سلوكيات، فليس فيها إلا تمتين العلاقة، وتثبيت الحب، ومد الحياة الزوجية بالقوة.
أختي الزوجة، لم لا نوفي بالعقود:
عندما يختار الرجل زوجته فإنه قد عقد عهدًا أن تكون هي نبع الحلال الذي يروي منه عطشه الذي خلقه الله فيه، إنها مصدر العفاف الذي يحفظه من الحرام, وهو ينتظر دائمًا من زوجته الوفاء بهذا العهد.
إن الزواج عقد يبيح هذه العلاقة ـ العلاقة الجسدية ـ التي هي محرمة بشكل آخر فَلِمَ لا نوفي بالعقود؟!.
وماذا بعد الكلام؟
1- تعلمي مهارات غرفة النوم وهي مهارات تتعلق بالآتي:
شكل الغرفة، أثاثها، نوعية الفراش، رائحة العطور التي فيها، ورائحة الفراش والوسائد، نوعية الإضاءة، الألوان والزهور، اللمسات، حق الفراش، الصلاة في الغرفة، ذكر دعاء النوم في الفراش, وذكر الله ثم القيام لصلاة الفجر.
2- إنهاء كل خلاف بينكِ وبين زوجكِ قبل دخول غرفة النوم، فلا تناقش فيها المشاكل والأمور السلبية.
3- علمي أولادك عدم الدخول إلى الغرفة إلا بإذن، وألا يستغرق مكثهم أكثر من بضع دقائق، ولا تعوديهم النوم في فراش الزوج.