رغم أن استقالة إمبراطور الفضائح الجنسية سيلفيو بيرلسكوني في 12 نوفمبر قوبلت بارتياح واسع في إيطاليا وأوروبا , إلا أن إزاحته من السلطة تخدم أيضا العرب والمسلمين باعتباره أكثر السياسيين الغربيين ولاء لإسرائيل وعداء للإسلام .
بل وهناك من رجح أن تكشف استقالته المستور حول فضيحة "روبي - جيت" وأسباب زج بيرلسكوني باسم الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك تحديدا فيها .
فمعروف أنه في 15 يناير الماضي ، أعلن ممثلو الادعاء في إيطاليا أن رئيس الوزراء سيلفيو بيرلسكوني يخضع للتحقيق في قضية دعارة مع راقصة مراهقة .
وأوضح الادعاء حينها أنه يحقق في مزاعم بأن بيرلسكوني دفع مالا لممارسة الجنس مع راقصة مغربية تتخذ لها اسما فنيا هو روبي روباتشوري وذلك خلال حفل أقيم في منزله في وقت مبكر من عام 2010 عندما كانت في السابعة عشرة من عمرها.
كما أشار الادعاء إلى أن رئيس الوزراء الإيطالي يواجه أيضا تهمة "إساءة استغلال السلطة" على خلفية تدخله بشكل غير قانوني حينما اعتقلت الشرطة روبي روباتشوري بتهمة السرقة في مايو/أيار 2010.
ورغم أن القضية والتي أطلقت عليها وسائل الإعلام الإيطالية فضيحة "روبي جيت" تفجرت في 2010 , إلا أن التحقيق فيها لم يبدأ إلا في 15 يناير 2011 بعد يوم واحد على إلغاء المحكمة الدستورية بشكل جزئي قانونا طرحته الحكومة عام 2010 يمنح بيرلسكوني حصانة كاملة من المحاكمة , حيث يواجه أيضا اتهامات بالفساد والتلاعب الضريبي.
ويبدو أن الإعلان عن استقالة بيرلسكوني في 12 نوفمبر جاء في توقيت مناسب جدا للإسراع بمحاكمته في قضية "روبي جيت" والإجابة على عدة تساؤلات تشغل المصريين من أبرزها " لماذا زج باسم مبارك تحديدا في القضية ؟ولماذا التزم الرئيس المصري السابق الصمت تجاه هذا الأمر المهين ؟, وهل للأمر علاقة بما يتردد عن امتداد فساد نظامه إلى الدعارة خارج الحدود ؟".
وبدأت القصة عندما ألقت السلطات الإيطالية القبض على راقصة مغربية تدعى روبي"17 عاما"واسمها الحقيقي كريمة بتهمة سرقة 3 آلاف يورو ليلة 27 مايو 2010 .
وقبل توقيع وكيل نيابة القصر بمدينة مسينا في ميلانو أمرا بإيداع الفتاة إحدى دور رعاية الأحداث ، تدخل بيرلسكوني وأجرى اتصالا هاتفيا بالشرطة لتحرير الفتاة ، مدعيا أنها"قريبة مبارك"وهو ما تم على إثره إطلاق سراح الفتاة وتسليمها لأحد مساعدي بيرلسكوني.
وسربت صحف"جورنال"و"لاريبوبليكا"و"كوريرى ديللا سيرا" في 27 و28 أكتوبر 2010 مضمون مكالمة هاتفية أجراها بيرلسكوني لإنقاذ روبي من السجن عبر الزعم بأنها تمت بصلة قرابة للرئيس المصري السابق .
ورغم أن بيرلسكوني ارتكب عشرات الفضائح الجنسية وخاصة مع المراهقات , إلا أن قضية "روبي جيت" كانت الأكثر شهرة بينها ، بل وعجلت بالإطاحة به من منصبه , وهو الأمر الذي ضاعف من الشكوك حول أسباب الزج باسم مبارك فيها .
ففي بداية تفجر القضية , كذب بيرلسكوني على الإيطاليين ، حيث اعترف بأنه أمضى إحدى الليالي مع"روبي"ورقص معها ، لكنه نفى أن يكون أقام معها علاقة جنسية .
وأضاف أنه ساعد الفتاة الفارة من أسرتها والبالغة 17 عاماً عندما كانت في مشكلة مع الشرطة ، مشيرا إلى أنه حاول العثور لها على مأوى , لكنه نفى دفع أموال لها أو القيام بأي تدخل غير قانوني في النظام القضائي.
واللافت للانتباه أن روبي أكدت في البداية صحة الكلام السابق لجريدة"لاريبوبليكا", قائلة إن بيرلسكوني لم يسع إلى أخذها للفراش بل على العكس أعطاها مظروفا به 7 آلاف يورو دون مقابل حين التقاها في منزله قرب ميلان ليلة عيد الحب وذلك عند اكتشافه أنها ما زالت قاصرا .
وتابعت أنها قابلت بيرلسكوني مرة واحدة فقط ونفت ممارسة الجنس معه ، قائلة :"لا يسعني سوى إبداء الإعجاب به والتحدث بشكل جيد عنه فبفضله لم ينته بي الحال إلى الشوارع أو ألى أعمال بذيئة ، أقول له ، أشكرك من قلبي ، فأنت رجل نبيل ومن العار أن الناس لا يعرفون حقيقتك".
وسرعان ما خرجت روبي على وسائل الإعلام مجددا في 31 أكتوبر 2010 لتؤكد أنها حضرت حفلات في فيلا بيرلسكوني في آركوري شمالي إيطاليا ، متهمة إياه باستغلالها جنسياً وهي دون الثامنة عشر.
ونقل الموقع الرسمي لراديو"لومبارديا"الإيطالي عن روبي حينها القول أيضا إن بيرلسكوني مارس معها الجنس مرات متعددة في السنوات الماضية.
وفي السياق ذاته ، كشفت صحيفة"إلفاتو كوتيديانو"الإيطالية أن المغربية"روبي"وبحكم رغبتها في دخول عالم العروض الفنية وعروض الأزياء لجأت إلي أهم الوكلاء المشهورين بإيطاليا وهو"ليلي مورا"الذي يقف وراء تقديم العديد من الوجوه الفنية والتليفزيونية الإيطالية والذي يلجأ أيضا لتزويد معظم الملاهي والمحلات الليلية الشهيرة بالحسناوات اللواتي كانت"روبي"المغربية واحدة منهن.
وأشارت الصحيفة إلي أن ليلي مورا اصطحب روبي معه هي وفتيات أخريات في مرات عديدة إلي السكن الرسمي لبيرلسكوني ببلدة"أركوري"الموجودة شمالي"ميلانو".
وبصفة عامة , وإلى حين اتضاح أبعاد الفضيحة أكثر وأكثر , فإن الأمر الذي يجمع عليه كثيرون أنها لعبت دورا كبيرا بجانب الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها إيطاليا في الإطاحة ببيرلسكوني .
نهاية قصة نجاح
معروف أن بيرلسكوني بدأ مشوارا سياسيا قبل 17 عاما تخللته ملاحقات في عشرات القضايا تنوعت بين الفساد المالي والأخلاقي، لكنها لم تطح به، واستطاع أن يشغل الوزارة ثلاث مرات، وهو رقم قياسي في إيطاليا ما بعد الحرب العالمية الثانية.
وكان بيرلسكوني بدأ مشواره السياسي متخذا شعار أنصار كرة القدم "إلى الأمام إيطاليا" اسما لحزب سياسي، واعدا الإيطاليين بالرخاء وبقصص نجاح تشبه قصته هو الذي عمل في العشرينيات من العمر "مغني يخوت" ليصبح أغنى أغنياء إيطاليا وصاحب أكبر امبراطورية إعلامية في أوروبا .
وفي 2010 وتحديدا بعد تفجر فضيحة "روبي جيت" , بدأ نجمه يتراجع كثيرا , حيث خسر الانتخابات المحلية , وسرعان ما تدهور الوضع الاقتصادي في 2011 , حيث جاءت إيطاليا في المرتبة الثانية بعد اليونان من حيث ضخامة الديون مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي وناهز معدل الدين الإيطالي 120%.
ورغم أنه أصر على إكمال ولايته حتى 2013 وزعم أن إيطاليا صاحبة ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو ليست بحاجة إلى خطة إنقاذ كما حدث لكل من اليونان وأيرلندا والبرتغال , إلا أن ائتلاف يمين الوسط الذي يتزعمه فشل في 8 نوفمبر في الحصول على تأييد الأغلبية المطلقة في البرلمان على الحساب الختامي للميزانية للعام 2010 , كما زادت الضغوط الأوروبية عليه للإسراع بإجراءات تقشفية .
وسرعان ما أعلن بيرلسكوني في 10 نوفمبر أنه سيستقيل بعد إجازة البرلمان خطة تقشف هدفها إنقاذ إيطاليا من الإفلاس ومن السيناريو اليوناني ، بعد أن بلغت ديون البلاد 1.9 تريليون يورو، ما يمثل 120% من ناتجها القومي الإجمالي، وهي أزمة دفعت حكومته -في خطوة عدت مهينة لثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو- لطلب إشراف صندوق النقد الدولي على الإصلاحات الاقتصادية.
وبالفعل وفي 12 نوفمبر وبعد إقرار البرلمان الإيطالي وبأغلبية كبيرة خطة تقشف اقترحها الاتحاد الأوروبي شرطا لمساعدة البلاد , قدم بيرلسكوني استقالته للرئيس الايطالي جورجيو نابوليتانو , لينهى بذلك واحدة من أكثر فترات الفضائح فى تاريخ إيطاليا الحديث , وسط صيحات السخرية من آلاف المحتجين الذين تجمعوا في وسط روما للاحتفال برحيله.
ولعل ما ضاعف من الفرحة في إيطاليا باستقالة بيرلسكوني " 75 عاما " ، فاتحا المجال لحكومة أزمة برئاسة ماريو مونتي المفوض السابق للاتحاد الأوروبي ، أن مغامراته العاطفية وعلى عكس مزاعمه كانت أحد أسباب تفاقم أزمة ارتفاع تكاليف الاقتراض في البلاد لمستويات لا يمكن السيطرة عليها وهددت مع نظيرتها اليونانية بتمزيق منطقة اليورو .
مزاعم الخصوصية
ومعروف أيضًا أن بيرلسكوني خرج على وسائل الإعلام في 30 أكتوبر 2010 بعد تفجر فضيحة "روبي جيت" ليعترف بما ارتكبه , بل إنه واصل الاستفزاز بدفاعه عن الأمر باعتباره من خصوصياته .
وقال حينها عقب القمة الأوروبية في بروكسل للصحفيين الذين كانوا يسألونه عن الفضيحة الجنسية التي هزت الساحة السياسية الإيطالية :"أنا إنسان فرح ، أحب الحياة وأحب النساء ، لا أحد يستطيع إجباري على تغيير نمط حياتي ، أنا فخور به ، أعيش حياة فظيعة وأبذل جهودا جبارة ، أعمل حتى الساعة الثانية والنصف فجرا ، بعد ذلك أخلد إلى النوم وأنهض في الساعة السابعة ، وإن كنت بحاجة من حين لآخر إلى أمسية للاسترخاء ، لا أحد سيجبرني على تغيير نمط حياتي".
وتابع"بين الحين والآخر ، أشعر بحاجة إلى مساء أسترخي فيه ، ألقي فيه بعض النكات بغرض العلاج الذهني وتنقية دماغي من هذه المشاغل وأعتقد أن هذا الأمر جزء من شخصيتي وفي سني هذه لا يمكن للشهرة أن تدفعني لتغيير أسلوب حياتي".
ورغم المزاعم السابقة ، إلا أن صحيفة "لاريبوبليكا" الإيطالية كشفت في 28 أكتوبر 2011 أن بيرلسكوني أنفق ملايين اليوروات على ممثلات وعارضات ومذيعات تليفزيون ، في الوقت الذي تغرق فيه إيطاليا في دوامة مالية وتواجه إجراءات تقشف جديدة من شأنها تسهيل طرد العمال ورفع سن التقاعد من 65 إلى 67 عاما.
وأوضحت الصحيفة أن بيرلسكوني قدم نحو 3 ملايين يورو نقدا للمعجبات به ، كما أنفق عليهن هدايا مجوهرات بقيمة 337 ألف يورو ، وهو ما فاقم من الأزمة الاقتصادية في البلاد.
وتابعت أن الكشف عن هذه الهدايا جاء نتيجة تحقيق أجرته المصالح القضائية في فلورنسا بشأن دينيس فيرديني، وهو منسق وطني في حزب بيرلسكوني، حيث تم التحقيق معه في ملفات فساد تتعلق بعقود عامة.
وأظهرت تفاصيل التحقيق - بحسب الصحيفة - أنه في الفترة بين يناير 2007 ويونيو 2008 قدم بيرلسكوني 17 مليون يورو لأصدقائه وشركائه، ومنهم حلفاؤه السياسيون وطاقمه الشخصي بالإضافة إلى أخيه باولو الذي ينشر صحيفة إيل جيورنالي اليمينية.
كما جاء في التحقيق أن المبالغ المقدمة للفتيات الجميلات بلغت في مجموعها 2.7 مليون يورو، وكان أكبر مبلغ -وهو 150 ألف يورو- من نصيب مذيعة الإعلانات السابقة فيرجينيا سانجوست، وهي قريبة أحد الأرستقراطيين في توسكانيا الذي أجر أحد عقاراته لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في عطلته العائلية الصيف الماضي.
كما قدم بيرلسكوني 135 ألف يورو للعارضة الروسية رايسا سكوركينا التي عملت في كوستا سميرالدا، وهو ملهى ليلي لكبار الشخصيات في جزيرة سردينيا.
وسكوركينا واحدة من 30 امرأة ذُكرت أسماؤهن في محكمة ميلانو، حيث تمت محاكمة بيرلسكوني في قضية استخدام السلطة لدفع المال مقابل الجنس مع "عاهرة" يقل عمرها عن السن القانونية.
كما أشار التحقيق إلى دفع مبلغ 220 ألف يورو إلى راسا كوليوتي وهي ملكة جمال سابقة في ليتوانيا وأصبحت مضيفة ألعاب في إحدى القنوات التليفزيونية الإيطالية، و275 ألف يورو لإيزابيلا أورسيني وهي ممثلة متزوجة من أمير بلجيكي.
وانتهى التحقيق إلى القول :" تلقت سابينا بيغان الملقبة بملكة النحل -وهي عارضة سابقة في إحدى المجلات الرجالية- مبلغ 50 ألف يورو، في حين تلقت باربرا ماتيرا 95 ألف يورو، وهي ملكة جمال سابقة وصلت برعاية بيرلسكوني إلى البرلمان الأوروبي".
مسلسل الفضائح
وبصفة عامة , فإن بيرلسكوني دفع أخيرا ثمن أخطائه وتصرفاته الطائشة ما بين زلات لسان ومغامرات مع النساء خصوصاً الصغيرات في السن , غير عابيء بتداعياتها سواء داخليا أو خارجيا .
ولعل إلقاء نظرة على مسلسل فضائحه يؤكد مصيره المخزي المحتوم الذي انتهى إليه , ففي 14 فبراير 2010 , كشفت صحيفة"القبس"الكويتية عن تصرف طائش لبيرلسكوني صدر منه خلال مؤتمر صحفي مع رئيس وزراء ألبانيا سالي بيريشا في روما .
وتحت عنوان"بيرلسكوني : سنمنع الهجرة إلا للجميلات فقط !"، قالت الصحيفة :"في تصريح جديد مثير لرئيس الوزراء الإيطالي سليفيو بيرلسكوني ، قال إنه من غير المرحب به وجود المهاجرين غير الشرعيين في ايطاليا ، إلا أن الفتيات الجميلات منهم يمكن استثناؤهن".
وأضافت الصحيفة"بينما كان يلقي بتصريحاته للصحفيين عقب اجتماعه ورئيس وزراء ألبانيا سالي بيريشا ، أشار بيرلسكوني إلى أن الاتفاق الذي عقده البلدان نجح في فرض إجراءات صارمة ضد الهجرة غير الشرعية ، إلا أنه لم يدع الفرصة تفلت من دون أن يضيف نكتة وفق عادته المشهورة ، حيث قال مازحا: أنا قلت لسالي إنه يمكن استثناء الفتيات الجميلات من هذا الإجراء".
مرض مزمن
التصريحات السابقة تؤكد أن ولع بيرلسكوني بالنساء بات كالمرض المزمن ولذا فإنه لم يتوان عن ضرب عرض الحائط بالعرف الدبلوماسي الذي يفرض على الساسة التزام الحصافة واللياقة ، بل إن مالك نادي"إيه سي ميلان"الإيطالي لكرة القدم وإمبراطور الإعلام الإيطالي بدا غير آبه تماما بما تسببه تلك التصرفات الطائشة من إساءة لصورته وصورة السياسيين الإيطاليين بصفة عامة .
بل واللافت للانتباه أن فضائح بيرلسكوني المتكررة رجحت بقوة أن الفترة التي قضاها خلال شبابه كمغن على متن السفن السياحية تركت فيما يبدو بالغ الأثر على تكوين شخصيته وأبعدته تماما عن ضوابط العمل السياسي .
ففي 31 يوليو 2009 ، كشفت وسائل الإعلام الايطالية أن بيرلسكوني عرض على بائعة الهوى الايطالية باتريزيا داداريو الترشح في لائحته للانتخابات البلدية في منطقة باري ، مقابل التزامها الصمت تجاه تسجيلات صوتية وأشرطة فيديو للحفلات الخاصة التي جمعت بينهما .
ووفقا لما سربته داداريو لوسائل الإعلام فإن بيرلسكوني قدم لها 1000 يورو لحضور حفلة في عام 2003 في منزله الخاص في روما ومكثت فيه حتى اليوم التالي .
وأضافت أنها حضرت الحفلة في المنزل الخاص وأنه شارك فيها بالإضافة لبيرلسكوني رجل الأعمال الايطالي جيانباولو تارتيني و20 فتاة حسناء ، قائلة :"خلال الحفلة ، سأل بيرلسكوني الفتيات إن كن يردن العمل في القنوات التليفزيونية أو الدخول في عالم السياسة أو المشاركة في برنامج الأخ الأكبر الذي تستضيفه فضائية تابعة له".
وما أن نشرت وسائل الإعلام تصريحات داداريو إلا ووجه سياسيون إيطاليون انتقادات لاذعة لبيرلسكوني ، خاصة وأنه سبق أن عرض مناصب رفيعة على حسناوات ليس لديهن خبرة في مجال السياسة ، مقابل حضورهن حفلات خاصة معه.
وبالإضافة إلى ما سبق ، فإن بيرلسكوني سبق له وأن اختار"وزيرتين جميلتين"ضمن تشكيلة حكومته ، كما وصف نساء حزبه بأنهن"الأجمل".
بل وطالب أيضا بنشر الآلاف من عناصر الشرطة في الشوارع لحماية"النساء الإيطاليات الجميلات جداً"، محملاً إياهن المسئولية لتعرضهن للاغتصاب ، الأمر الذي أثار صدمة في أوساط الجمعيات النسائية الايطالية .
وقبل سنوات ، شجع أيضا رجال الأعمال الأمريكيين على الاستثمار في بلاده لأنها تحوي"الكثير من السكرتيرات الجميلات والفتيات الرائعات".
ولم يقتصر الأمر على ما سبق ، حيث نشرت صحيفة"البابيس"الإسبانية في نوفمبر 2010 ما قالت إنه صور لحفلات صاخبة في فيلا يملكها بيرلسكوني على جزيرة سردينيا ظهرت فيها امرأة عارية.
ولذا لم يكن مستغربا أن تقيم فيرونيكا لاريو زوجة بيرلسكوني فى مايو 2009 دعوى قضائية لطلب الطلاق بعدما نشرت وسائل الإعلام أنباء علاقة زوجها بعارضة أزياء صاعدة تبلغ من العمر 18 عاما وفي نفس عمر أبنائه الثلاثة .
زلات لسان
وبجانب فضائحه الأخلاقية ، عرف عن بيرلسكوني أيضا زلات لسانه مع السياسيين من دول أخرى وإطلاق النكات السياسية ، ففي اليوم الأول لتولي بلاده رئاسة الاتحاد الأوروبي في عام 2003 ، دخل بيرلسكوني في ملاسنة مع النائب الألماني في البرلمان الأوروبي مارتن شولز الذي اتهمه بالارتباط بالمافيا الإيطالية ، فما كان من بيرلسكوني إلا أن رد عليه ، قائلاً :"أعرف منتج أفلام في إيطاليا يقوم بعمل فيلم عن معسكرات الاعتقال النازية ، أقترح أن تلعب دور الحارس"، الأمر الذي أثار حينها أزمة دبلوماسية بين إيطاليا وألمانيا.
ومن ضمن زلات اللسان التي وقع فيها أيضا قوله لرئيس الوزراء الدانماركي السابق ورئيس حلف الناتو حاليا أندريس راسموسين إنه يعتزم تقديمه لزوجته فيرونيكا لاريو ، مادحاً وسامة راسموسين الذي أشار إليه بـ"أجمل رئيس وزراء أوروبي".
وبالنسبة للرئيس الأمريكي باراك أوباما ، فإنه لم يسلم هو الآخر من زلات لسان بيرلسكوني ، حيث وصفه بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية ، بـ"صاحب البشرة السمراء"، في إشارة إلى لونه الأسود وذلك خلال مؤتمر صحفي مع الرئيس الروسي ديمتري مديفيديف.
والمثير للانتباه أنه لم يأبه بالآثار النفسية التي تنجم عن مجرد النطق بكلمة"فاشية"وتذكير الايطاليين والعالم بالتالي بتاريخ من القمع والقتل العشوائي ، وقال في مقابلة صحفية في عام 2003 إن الزعيم الفاشي الايطالي بينيتو موسوليني لم يقتل خصومه بل كان يرسلهم في إجازات ، وهو الأمر الذي جلب له انتقادات واسعة من المعارضة الإيطالية ومن معارضي الفاشية في أوروبا .
تطاول على الحضارة الإسلامية
ولم يقف الأمر عند ما سبق ، فقد طالت زلات لسانه أيضا العالم الإسلامي حينما زعم قبل سنوات أن الحضارة الغربية أرقى من نظيرتها الإسلامية وأنه يجب على الغرب اكتساح العالم الإسلامي ، وهو الأمر الذي قوبل حينها باستياء عارم في الدول العربية والإسلامية وخرجت مظاهرات واسعة للتنديد بتصريحاته ، ما اضطره في النهاية إلى الاعتذار عن تصريحاته غير المسئولة .
اتهامات بالفساد
وبالإضافة إلى الفضائح الأخلاقية وزلات اللسان ، فإن بيرلسكوني يواجه أيضا اتهامات بالفساد ، حيث وجهت محكمة ايطالية له تهمة دفع أموال قيمتها 600 ألف دولار إلى محاميه البريطاني لشئون الضرائب ديفيد ميلز لتقديم إفادات خاطئة بشأن محاكمتين خلال عقد التسعينيات من القرن الماضي.
ورغم أن محاكمة بيرلسكوني علقت جينها بعدما أجاز البرلمان الإيطالي في 2008 قانونا يقضي بمنح الحصانة لرئيس الوزراء الإيطالي ، لكن المحكمة الدستورية الايطالية قضت فيما بعد ببطلان الحصانة ، مما مهد الطريق نحو معاودة اتخاذ إجراءات قضائية ضده .
وبالفعل ، استؤنفت محاكمة بيرلسكوني بتهم الفساد في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2009 في مدينة ميلانو ، فيما أصر على أنه برئ من التهم الموجهة إليه ، واتهم المدعين العامين بالتعاطف مع المعارضة اليسارية ، متعهدا حينها باستكمال مدة ولايته في رئاسة الوزراء البالغة خمس سنوات والتي بدأت في شهر إبريل/نيسان 2008 حتى لو صدر في حقه حكم إدانة .
وبالإضافة إلى الرشوة واستغلال النفوذ ، فإن بيرلسكوني واجه أيضا اتهامات بالتهرب من الضرائب ، ففي 16 نوفمبر 2009 ، أجلت محكمة إيطالية النظر في دعوى ضده يواجه فيها اتهامات بتهرب ضريبي تبلغ قيمته 45 مليون دولار مارسته شركة"ميدياسيت"التي يرأسها خلال الفترة ما بين عامي 2000 و2003.
ورغم أن كثيرين توقعوا الإطاحة بيرلسكوني في انتخابات 2013 ، إلا أن العقاب جاء مبكرا وحتى قبل تقديم استقالته في 12 نوفمبر 2011 , ففي 14 ديسمبر 2009 ، تعرض بيرلسكونى خلال تجمع انتخابي في ميلانو لهجوم أسفر عن كسر في أنفه وسقوط بعض أسنانه وكذلك قطع في الشفة.
الهجوم السابق وإن كانت السلطات الايطالية حاولت تبريره حينها بأنه صادر عن شخص يعاني من مشكلات نفسية ، إلا أن وسائل الإعلام الايطالية كشفت فيما بعد أن ماسيمو تارتاجاليا "42 عاماً" الذى اعتدى على بيرلسكونى بقذفه بتمثال لم يكن يعاني أية اضطرابات نفسية وأنه خطط بعناية لهذا الهجوم احتجاجا على فضائحه المتواصلة.
والخلاصة أن بيرلسكوني الذي عرف عنه الانحياز السافر لإسرائيل ومعاداة الإسلام كان لابد أن يدفع عاجلا أم آجلا ثمن أخطائه وتصرفاته الطائشة .

المصدر: منقول/ جيهان مصطفى
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 97 مشاهدة
نشرت فى 14 نوفمبر 2011 بواسطة wwwaboqircom

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,086,083