جلال الزوربا - الزربة
اسمه كاملا لم يتسن لنا الحصول عليه ولكن الاسماء الكاملة لاتهمنا فالمهم الفساد المحيط بالشخصية فشخصية اليوم شخصية متشعبة متشابكة فقد ولد جلال الزوربا في كفر الدوار في أكتوبر 1943 ، وبعد حصوله على بكالوريوس التجارة من جامعة الإسكندرية 1965 ، بدأ حياته المهنية موظفا في الشركة الشرقية للأقطان في الإسكندرية ، وبعد 3 سنوات لم يستطع أن يحقق خلالها شيئا يذكر من طموحاته ، سافر إلى ليبيا ليتولى منصب المدير المالي لشركة "ليبيا للتأمين " بطرابلس ، وخلال 3 سنوات قضاها في منصبه هذا استطاع أن يجمع ثروة صغيرة مكنته من السفر للولايات المتحدة الأمريكية والعمل في الشركة الأهلية الأمريكية للتأمين ، وقبل عودته لمصر سنة 1989 كان رئيسا لشركة التجارة العالمية في لوس أنجلوس ، وهي شركة يمتد نشاطها التجاري ما بين الولايات المتحدة وآسيا ، وفي الولايات المتحدة استطاع الزوربا أن يحقق جزءا من طموحاته ، فارتبط بشبكة علاقات قوية هناك ، وتعرف على جمال مبارك في الشهور الأولى من عمله في بنك "أوف أمريكا " وحين عاد الزوربا لمصر ، وعاد جمال مبارك ، كان الطريق مفتوحا أمام الزوربا للنمو والتضخم بمساندة مبارك الابن ، فأصبح رئيسا للجانب المصري في مجلس الأعمال المصري الأمريكي ، خلفا لجمال مبارك ، ورئيسا لجمعية المصدرين ، ورئيسا لاتحاد الصناعات ، وعضوا في مجلس إدارة المنتدي الاقتصادي الدولي المصري ، وجمعية جيل المستقبل التي يرأسها الصديق جمال ، وعضوا في مجلس العلاقات الخارجية بالولايات المتحدة ، وعضوا في لجنة السياسات ، وعن طريق الأخيرة استطاع الزوربا أن يحصل على قروض من البنوك المصرية تقدر بـ 3 مليارات جنيه لم يقم بتسديدها لليوم ..
وما خفي كان أعظم
جلال الزوربا - أو الزوربة - يمكن اعتباره أحد أهم دعاة التطبيع الاقتصادي مع إسرائيل ، فلم يخجل من تأكيد تلك الدعوة ، كما لم يخجل من الدفاع الحار عن اتفاقية الكويز مدعيا أنها ستزيد الصادرات المصرية من الملابس الجاهزة وحدها إلى نحو مليار دولار .. إنه جلال الزوربا : رئيس اتحاد الصناعات المصرية ، ومالك شركة النيل القابضة للملابس الجاهزة التى تضم 5 شركات ، والرئيس المعين لمجلس الأعمال المصرى ـ الأمريكى ، وعضو مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي.
العلاقة مع اليهود
حكاية غريبة اطرافها هم عبدالمنعم سعودي الذي رأس اتحاد الصناعات المصرية سبع سنوات، وشخصية اليوم جلال الزوربا أو الزوربة كما تشاؤون ، ومن بين أوراق الملف ، أنه كانت هناك شخصيات بعينها في النظام تشجعه علي التطبيع مع إسرائيل، فقد بعث اتحاد الصناعات الإسرائيلي إليه دعوة ليزور إسرائيل، لكنه رفض في البداية، لكنه وفي العام التالي أبلغته جهة سيادية أن عليه أن يلتقي برئيس اتحاد الصناعات الإسرائيلي الذي يزور مصر ويتشاور معه حول التعاون الثنائي بين البلدين، لكن سعودي رفض، وأمام إصرار الجهة السيادية ذهب إلي المسئول الإسرائيلي في أحد فنادق القاهرة، ومعه المهندس أحمد عز الذي كان وقتها وكيلا لاتحاد الصناعات، وبعد لقاء دام ساعة ونصف الساعة قدم سعودي رأيه للدولة بخطورة التطبيع في مجال الصناعة. بعد سنوات من هذا اللقاء، أخبر اللواء أحمد عرفة - وهو رجل أعمال شهير بمدينة العاشر من رمضان - عبد المنعم سعودي، بأن الدولة كلفته هو وجلال الزوربا بالتفاوض مع الإسرائيليين لتوقيع اتفاق تجاري يفتح السوق الأمريكية أمام الملابس والمنسوجات المصرية
بشرط احتوائه علي مكون اسرائيلي بنسبة 10%، وهو الاتفاق الذي عرف بعد ذلك باتفاق الكويز، رفض سعودي فكرة التفاوض وقال لعرفة: «حرام عليكم». اعتراضات سعودي وغيره ذهبت أدراج الرياح، واستمرت المفاوضات بين رجال أعمال من مصر وإسرائيل، وتم توقيع الاتفاق في ديسمبر 2004 بعد إزاحة عبد المنعم سعودي من رئاسة اتحاد الصناعات واختيار جلال الزوربا مكانه.
حكايته مع الكويز
للزوربا مع الكويز قصة طويلة ، فالرجل سعى سنوات طويلة لإقناع الحكومة بإبرام تلك الاتفاقية ، ولم يترك فرصة للحديث في وسائل الإعلام دون الإشادة بالأردن التي وقعت "كويز" مع إسرائيل والولايات المتحدة عام 1999 ، وفي عام 2004 كانت الفرصة السانحة لتكثيف الضغط على الحكومة المصرية مع القرار الأمريكي بإلغاء نظام الحصص "الكوتة " ، ابتداء من يناير 2005 ، وهو النظام الذي كان يسمح لمصدري الملابس الجاهزة المصريين بدخول السوق الأمريكية وفق حصة مقررة لمصر ، واستخدم الزوربا نفوذه باعتباره عضوا في مجلس إدارة جمعية المستقبل ، التي يرأسها جمال مبارك ، وعضوا في لجنة سياسات الحزب الوطني ، للضغط على وزارة التجارة ودفعها لعقد الاتفاقية ، والمبررات المعلنة كثيرة : فالملابس الجاهزة المصرية لن تستطيع المنافسة مع المنتجات الصينية والماليزية في السوق الأمريكية بعد إلغاء نظام الحصص ، وهذا سيؤدي لتسريح عدد كبير من العمالة المصرية في صناعة الملابس الجاهزة ، وبالكويز يمكن تفادي تلك الآثار ، وزيادة صادرات الملابس الجاهزة المصرية للسوق الأمريكية لتصل لنحو 7 مليارات دولار خلال خمس سنوات ، وتوفير 250 ألف فرصة عمل جديدة .. هذا ما جاء بالدراسة التي أعدتها وزارة التجارة سنة 2004 ، ولكن الذي لم يذكره معدو الدراسة أن الفائدة المباشرة والحقيقية ستعود على مجموعة محدودة من رجال الأعمال ، لا يبالون إن شاركوا إسرائيل عدو الأمة أو غيرها ، المهم الربح ، وفقط الربح !
لم تذكر الدراسة أن تلك المليارات المزعومة الملوثة بدماء الشعب الفلسطيني ستدخل جيوب نفر من رجال الأعمال ، وعلى رأسهم جلال الزوربا ، الذي أصبح أحد أكبر سبعة مصدرين إلى السوق الأمريكية بعد الكويز، وأن العاملين في شركات هذا الأخير سيشكون مر الشكوى من الأجر الضئيل الذي يتقاضونه في ظل الكويز .
لم تذكر الدراسة أن إسرائيل ستقوم بعدوان وحشي على جنوب لبنان 2006 ، وعلى قطاع غزة في بدايات 2009 ، وأن مصانع الكيماويات في حيفا ، التي استقبلت صواريخ المقاومة اللبنانية ، ستستقبل في الوقت ذاته طلبات استيراد خامات كيماوية من مصانع الزوربا ، وأن الزوربا وأمثاله سيشاركون في دعم الاقتصاد الإسرائيلي أثناء تلك الاعتداءات!
والأخطر أن الدراسة لم تذكر أن الكويز ، التي قاد الزوربا مفاوضاتها ، هي خطوة كبرى في الاختراق الصهيوني للمجتمع المصري ، عن طريق ربط لقمة عيش عشرات الآلاف من العمال المصريين في 400 شركة نسيج مصرية بالعدو الصهيوني ، وربط رأس المال المصري برأس المال الإسرائيلي ، تمهيدا لخطوات أخرى في الغزو الصهيوني وأهدافه التوسعية ، وقد عبر إيهود أولمرت عن هذه الحقيقة في مفاوضات تصدير الغاز للكيان الصهيوني ، حين قال إن توقيع الكويز هو أهم حدث بعد معاهدة كامب ديفيد.
لقد فعلها الزوربا من أحل مصلحته الشخصية ، وعلى حساب مصالح وطنه ومواطنيه ، واستطاع عن طريق الكويز أن يحتكر ما لا يقل عن 70% من صادرات القطاع الخاص من المنسوجات والملابس الجاهزة ، وأن يجني المليارات من ذلك ، وأن يوطد علاقته بأصدقائه في واشنطن وتل أبيب ، وها هو اليوم يسعى لإكمال مهمته بتوسيع نطاق الكويز ، وزيادة التغلغل الصهيوني في الاقتصاد المصري ، تنفيذا لوعده لأولمرت بحماية السلام بين مصر وإسرائيل ، وتبقى مسئولية من سمحوا لمثل هذا الرجل وغيره أن يكونوا حصان طروادة للصهاينة في اختراق مصر وتهديد مستقبلها !
علاقته بالحزب الوطنى
بالرغم من أن جلال الزوربا رئيس اتحاد الصناعات خاض عدة معارك ودخل صراعات إلا أنه نجا من الإطاحة بفضل مساندة رشيد محمد رشيد وزير الصناعة حيث دارت داخل أروقة اتحاد الصناعات 4 معارك كبرى كان من شأنها أن تطيح بجلال الزوربا رجل الأعمال ورئيس الاتحاد، وصاحب إحدى أهم الشركات العاملة فى سوق المنسوجات فى مصر.. آخرها مشكلة رفع أسعار الطاقة للمصانع الإنتاجية والتى ينادى بتأجيلها رئيس الاتحاد منذ تم الإعلان عن اتجاه الحكومة لرفعها، وأكد أن الوقت غير ملائم لهذا القرار، خاصة أنها ارتفعت أصلاً خلال الفترة الماضية وهو ما انعكس على القدرة التنافسية للمصانع، وأصر الزوربا حينها على أن رفع السعر - إذا كان ضرورياً - يكون تدريجيا حتى يتناسب مع الأسعار العالمية، ولابد أن تستمر الحكومة فى دعم الطاقة لهذه المصانع، وهو ما كان الكثير من أصحاب المصانع يتهمون الزوربا بالتقصير فى الدفاع عن حقوقهم من خلالها إلا أن رفضه القاطع والمستمر لرفع الأسعار أجهض هذه المحاولات.
ثم خاض الزوربا معركة مازالت أيضاً مستمرة وهى المشاكل والخسائر التى يتعرض لها قطاع المناجم والمحاجر والتى قام فى سبيل مواجهتها بتقديم مذكرة إلى المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة طالبه فيها بالتدخل لمواجهة المعوقات التى تعترض طريق عمل قطاع الثروة المعدنية والمحاجر، وأكد الزوربا ضرورة تدخل الوزير لدى الجهات الرسمية المعنية لحماية مصالح الصناعة والصناع، فى أحد أهم القطاعات الإنتاجية فى مصر، وتوجد إمكانيات ضخمة لنموه وتطويره.
فضيحة اتفاقية الكويز
لكن أهم معركة خاضها الزوربا كانت الترويج لاتفاقية الكويز مع الولايات المتحدة وإسرائيل والتى كانت تتعرض فى بدايتها لانتقادات واسعة من مختلف الأوساط فى المجتمع، ومع ذلك حمل الزوربا على عاتقه هو ومجموعة من رجال الأعمال على رأسهم علاء عرفة رئيس الشركة السويسرية للملابس، وخالد بهاء رئيس الشركة المصرية للتريكو، ومحمد قاسم رئيس شركة التجارة الدولية، وإسماعيل أبو السباع صاحب مصانع أبو السباع للغزل، وهؤلاء الخمسة تسيطر شركاتهم على أكثر من 25 % من صادرات الكويز، هم الذين روجوا لاتفاقية الكويز التى رغم اختلاف الكثيرين عليها فإنها مما لا شك فيه حققت نتائج إيجابية كثيرة جدا لمصانع النسيج والملابس فى مصر، خصوصا فى فترة الأزمة المالية السابقة حيث استمرت هذه المصانع فى النمو، وارتفعت صادراتها إلى الولايات المتحدة أكبر سوق فى العالم - بشكل كبير، وكان مجموعة من الأخبار ترددت عن رفض رئيس الاتحاد جلال الزوربا صرف العلاوة الاجتماعية للعاملين بالاتحاد، فى الوقت الذى التزمت فيه جميع الغرف الصناعية بصرف العلاوات لموظفيها فى الموعد المحدد، وهو ما خلق معركة داخلية كادت أن تفقد الرجل الكثير، إلا أنه تمكن فى النهاية من استيعاب ذلك، وتم صرف العلاوة للعاملين.
معارك ومعارك
وهناك معركة أخرى واجهها الزوربا مؤخراً حول إقرار قانون اتحاد الصناعات المصرية الجديد، والذى كان مصدر قلق رجل الأعمال، بسبب تزايد المطالب من بعض أعضاء الاتحاد أن يتم انتخاب رئيس الاتحاد وليس تعيينه من جانب وزير التجارة والصناعة،خصوصا بعدما أشاع البعض أن الزوربا قام بممارسة ضغوط على المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة لتأجيل إقرار القانون، لأنه يطمع فى تولى رئاسة الاتحاد للمرة «الثالثة» بكل سهولة بعد عقد انتخابات الاتحاد القادمة فى صيف 2010، مستغلاً الصداقة القوية التى تربط بينه وبين رشيد منذ فترة طويلة.. وحتى ينفى الزوربا هذا الكلام، أعاد مسودة مشروع القانون لأعضاء الاتحاد والغرف الصناعية لإضافة كل مطالبهم والتعديلات المقترحة، ثم وافق مجلس إدارة اتحاد الصناعات على مشروع قانون الاتحاد الجديد، ببنوده السبعة والستين، وبعد مناقشة مستفيضة لبعض البنود ليتم رفع مشروع القانون لوزير التجارة والصناعة، لعرضه على مجلس الوزراء، الذى سيحيله بدوره لمجلس الشعب لإقراره.
ساحة النقاش