اهل الكهف
عجبا لهذا النوم كيف يطوي لك أحداث كثيرة في ليلة واحدة ، وغيرك ممن لم ينم في الليل عاشها، وحضر احداثها وكانت عليه ليلة طويلة واحيانا مؤلمة، وعندما تستيقظ في الصباح تجدهم يشرحوا لك أنه حدث كذا وحدث كذا وكذا في الليل أثناء نومك، فتقول كل هذا حدث وأنا نائم ولم أشعر بشيء،...
تعال وتأمل معي حال فتية الكهف كيف طويت لهم أحداث مئات السنين ( أكثر من ثلاثمائة سنة ) في نومة واحدة بل كأنها قيلولة كانت من الضحى إلى بعد الظهر واستيقضوا وهم يريدون الغداء ، وقد جعل الله هذا النوم آية من آياته التي يستدل بها على كمال قدرة الله ، وتنوع إحسانه ، وليعلم العباد أن وعد الله حق .
فلم يشعروا بأحداث هذه السنوات الطويلة، وأن الأمم قد تغيرت فذهبت أمة وجاءت أخرى، وتعاقب على الحكم عدة ملوك، وتغيرت أحوال الناس ودياناتهم، وتغير بيعهم وشراءهم وحتى العملة قد تغيرت..!!!
وأن البيوت والقرى والمعالم التي فارقوها باللأمس وهي شامخة، قد اندثرت وأصبحت اليوم أطلال هامدة وأثار شاهدة على طول المدة التي نام فيها هؤلاء الفتية ....
ناموا وهم في نظر البعض عصاة ومتمردين، واستيقظوا وهم عند الجميع أولياء وصالحين
ناموا وأهل دينهم في ضعف وذلة ومطارين ومشردين، واستيقظوا وأهل دينهم في قوة وعزة بل وقد صاروا هم الحاكمين.....
ناموا وهم يفكرون كيف الخلاص لقومهم الذين هم على دينهم من ظلم الطغاة، واستيقظوا وقومهم يحكمون الارض، قد أهلك الله الظالمين وصاروا رُفاة..
ناموا وهم يقولون في انفسهم هل سنرى الحق يحكم في الأرض، وهل سيعلنوا الحقيقة التي كانوا يقولونها للناس في الخفاء، واستيقظوا وقد تحقق ذلك وشاهدوا الحقيقة أمام أعينهم وقد تحققت في غيابهم .....
كم يتمنى البعض في هذا الزمان أن ينوم هكذا نومة فتية الكهف ، ليستيقظ وقد تغيرت الدول، وأهلك الله الطغاة والظالمين ، وساد الحق أرجاء الأرض، وعمّ الخير وانتشر الحق والعدل وعلت راية التوحيد في كل المعمورة.....!!!!!
ساحة النقاش