فخامة الرئيس غول،

دولة رئيس الوزراء كهانال،

فخامة الرئيس بوني يايـي،

السيد رئيس الجمعية العامة،

السيد رئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي،

رؤساء الدول والحكومات الموقرون،

أصحاب السعادة،

حضرات المدعوين،

أيها السيدات والسادة،

         اسمحوا لي في البداية بأن أشكر الرئيس غول على بيانه الافتتاحي ... وكرم ضيافته ... وعلى الالتزام الذي أبداه بهذا الاجتماع.

         قليلة هي الأماكن الأفضل لعقد مؤتمر التنمية الرئيسي الأول في هذا العقد.

         وهنا في اسطنبول تلتقي الثقافات وتترابط القارات.

         فأنتم توفرون جسرا بين الشمال والجنوب، وبين الشرق والغرب.

         ونحن هنا لمواصلة بناء جسر ... جسر بدأنا تشييده قبل أربعة عقود.

         ففي عام 1971، حدد المجتمع الدولي 25 بلدا تنتمي إلى فئة أقل البلدان نموا: وهي أفقر وأضعف أعضاء أسرتنا العالمية ... وبلاد تحتاج إلى الرعاية الخاصة وإلى المساعدة.

         وهناك اليوم 48 بلدا من أقل البلدان نموا ... تناهز ساكنتها تسعمئة مليون نسمة ... أي 12 في المائة من سكان العالم ... ونصفهم يعيشون على أقل من دولارين في اليوم.

         إنها تعاني بنسب متفاوتة من أمراض يمكن أن تُتقَّى إلى حد كبير.

         وهي أكثر البلدان عرضة للكوارث الطبيعية، وتغير المناخ، والصدمات الاقتصادية.

         وهي أقل البلدان أمانا.

         وتوجد ثمان من عمليات الأمم المتحدة الخمس عشرة لحفظ السلام في أقل البلدان نموا. وفي العقد الماضي، أنتجت هذه البلدان نحو 60 في المائة من اللاجئين في العالم.

         إن الحقائق واضحة. إننا نعيش في عالم غير متوازن ... عالم غير عادل.

         فأقل البلدان نموا، التي تمثل نسبة 12 في المائة من سكان العالم، لا تشكل صادراتها إلا نسبة 1 في المائة من الصادرات العالمية وتقل حصتها عن 2 في المائة من الاستثمارات المباشرة العالمية.

         وشهدت السنوات الأخيرة تحولا في المشهد الاقتصادي العالمي.

         فمنذ اعتماد برنامج عمل بروكسل لعام 2001، استفادت عدة بلدان من أقل البلدان نموا من هذه البيئة المتغيرة.

         بيد أن بلدانا أخرى حققت تقدما ضئيلا أو تراجعت.

         إننا أمام خطر انقسام في الاقتصاد العالمي ... اتساع للهوة بين الموسرين والمعوزين ... بين من يحدوهم الأمل ومن تملكهم اليأس.

         وهذا لا يمكن أن يستمر.

 

أيها السيدات والسادة،

         إني قد رسمت صورة قاتمة.

         ولكن ثمة صورة أخرى ... صورة حبلى بالفرص.

         وهذا هو الأفق الذي أود أن أعرضه عليكم اليوم.

         فقد أزفت الساعة لتغيير عقليتنا.

         وبدلا من النظر إلى أقل البلدان نموا باعتبارها بلدانا فقيرة وضعيفة، لنعترف بهذه البلدان الـ 48 بوصفها خزانات واسعة للإمكانات غير المستغلة.

         إن الاستثمار في أقل البلدان نموا فرصة للجميع.

         وهو في المقام الأول فرصة للتخفيف مما ينوء تحته أضعف سكان العالم من أعباء الفقر والجوع والمرض الذي هم في غنى عنه. وهذا واجب أخلاقي.

         ويمكن أن يكون الاستثمار، في المقام الثاني، حافزا يساعد على دفع واستدامة الانتعاش الاقتصادي والاستقرار على الصعيد العالمي. وهذا ليس صدقة وإنما استثمارا ذكيا.

         ويتيح الاستثمار، في المقام الثالث، فرصة عظيمة للتعاون والاستثمار فيما بين بلدان الجنوب. وتحتاج الاقتصادات الناشئة بوتيرة متسارعة في العالم إلى الموارد والأسواق على السواء. وبوسع أقل البلدان نموا أن توفر كليهما - وهي تقوم بذلك بصورة متزايدة.

         وفي المقام الرابع، تمثل أقل البلدان نموا مجالا واسعا لا يكاد يكون مشغلا لإقامة المشاريع ... وللأعمال التجارية.

         ولدينا، هذا الأسبوع، كل مقومات النجاح ... في سبيل شراكة حقيقية من أجل التنمية.

 

أيها السيدات والسادة،

         لقد عملتم بكد في تحضيراتكم.

         واستعرضتم آثار برنامج عمل بروكسل. وتعلمون ما الذي نجح ... وما لم ينجح ... وما كان ينبغي القيام به ... وما لا زال ينبغي القيام به.

         وتجري مفاوضاتكم مجراها من أجل التوصل إلى برنامج عمل جديد.

         والقضايا معقدة. وبعضها مثار خلاف. وكلها مترابطة.

         وأحثكم على أن تكونوا طموحين ومستشرفين للمستقبل.

         قدموا برنامجا سيساعد أكبر عدد من أقل البلدان نموا على الخروج من هذه الفئة في أقصر وقت.

[فترة استراحة]

         وأود أن أختم بإبراز بعض المجالات الواسعة التي يمكن أن نجني فيها أقصى الفوائد لأقل البلدان نموا وللاقتصاد العالمي.

         أولا: القدرة الإنتاجية.

         فمعظم أقل البلدان نموا غنية بالموارد. ولديها جميعها سكان شباب مفعمون بالحيوية.

         وهؤلاء الرجال والنساء يحتاجون إلى العمل اللائق ... والتعليم ... والتدريب ... حتى يستطيعوا تحقيق أقصى استفادة من أصول بلدانهم ... من معادن وسلع أساسية أخرى ... وأراض زراعية ... وكميات هائلة من التنوع البيولوجي وإمكانات سياحية.

         غير أن تعزيز القدرة الإنتاجية لن يتحقق إلا بوجود قطاع خاص حيوي ومزدهر.

         ومن أهم جوانب هذا المؤتمر المشاركة المتحمسة لدوائر الأعمال التجارية.

         فلنضمن توفير البيئة المناسبة لقطاع الأعمال لكي يزدهر.

         وليس صدفة أن تكون البلدان الثلاثة التي رفعت اسمها من قائمة أقل البلدان نموا سجلت أيضا معدلات عالية في مجال الحوكمة والمبادئ الديمقراطية.

         واسمحوا لي الآن أن أتطرق لمسألة المعونة.

         لقد زادت المساعدة الإنمائية الرسمية المقدمة إلى أقل البلدان نموا ثلاث مرات تقريبا في العقد الماضي. لكنها لا تزال دون الأهداف المتفق عليها.

         نعم، إننا نعيش في زمن التقشف. لكن المساعدة المقدمة إلى أقل البلدان نموا، كما أسلفت، ليست صدقة، إنها استثمار رشيد.

         ويحاجج كثيرون أيضا بأن المعونة الحالية تركز تركيزا قليلا للغاية على الهياكل الأساسية الاقتصادية والقطاعات المنتجة.

         وعلاوة على ذلك، لا يزال العديد من أقل البلدان نموا يحمل أعباء ديون لا يستطيع تحملها. وأحث المقرضين على مراجعة هذه المسألة.

         واسمحوا لي الآن أن أتحدث عن الزراعة، التي تشغل ما يصل إلى 70 في المائة من العمال في أقل البلدان نموا. وهذا القطاع هو ربما أهم قطاع للاستثمار.

         ونحتاج إلى أن نستثمر أكثر في صغار المزارعين وفي الهياكل الأساسية التي يحتاجون إليها.

         وهذا يعني نقل التكنولوجيات المناسبة، ودعم التكيف مع تغير المناخ، وحماية النظم الإيكولوجية.

         ونحتاج إلى الاستثمار، أيضا، في شبكات الحماية الاجتماعية الأساسية وشبكات الأمان.

         وتسجل أسعار المواد الغذائية في العالم أرقاما قياسية جديدة.

         وتواجه أقل البلدان نموا احتمالا حقيقيا لحدوث أزمة جديدة تطال الأمن الغذائي والتغذوي.

         وينفق الفقراء، في العديد من أقل البلدان نموا، أكثر من نصف دخولهم على الغذاء.

         وأدى سوء التغذية إلى إعاقة نمو ونماء أكثر من 40 في المائة من أطفال أقل البلدان نموا.

         ولا يمكن لبلد لا يستطيع إطعام أطفاله أن يزدهر.

[فترة استراحة]

         وملاحظتي الأخيرة تتعلق بالتجارة.

         إن المجتمع الدولي لم يقم بمتابعة التزاماته العالمية التي قطعها في توافق آراء مونتيري وفي إعلان الدوحة بشأن تمويل التنمية.

         وإني أدعو مجددا إلى الوصول إلى خاتمة موفقة لجولة الدوحة للتنمية في إطار المفاوضات التجارية المتعددة الأطراف.

         فلا جدوى من مساعدة أقل البلدان نموا على زراعة المحاصيل الغذائية وغير ذلك من السلع الأساسية، وتصنيع المنتجات وتطوير الخدمات إذا كانت لا تستطيع أن تتاجر بإنصاف في السوق العالمية.

 

أيها السيدات والسادة،

         ستواصل منظومة الأمم المتحدة إيلاء الأولوية لمسائل أقل البلدان نموا على نطاق برامجها. وسنعمل بدأب مع جميع الشركاء للمساعدة في تنفيذ برنامج العمل الجديد.

         فمقياس أي مجتمع هو كيف يعتني بمن هم أقل حظا.

         وهذا صحيح أيضا بالنسبة للمجتمع الدولي.

         وليس الوقت الآن لإدارة ظهورنا ولكن لزيادة دعمنا.

         وقد شهد العقدان الماضيان تقدما باهرا ضمن الاقتصادات الناشئة.

         وأقل البلدان نموا مهيأة للموجة الجديدة من الإنجاز الإنمائي.

         دعوني أؤكد مجددا: إني لا أدعو إلى الصدقة بل إلى الاستثمار.

         وستكون الفوائد جمة - لا بالنسبة للسكان الذين يعيشون في أقل البلدان نموا فحسب ولكن أيضا بالنسبة للاقتصاد العالمي.

         ونجاح أقل البلدان نموا هو في آخر المطاف نجاح للجميع.

         ولكم مني جزيل الشكر  

 

المصدر: المستشار /عبد الفتاح حامد
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 113 مشاهدة
نشرت فى 10 مايو 2011 بواسطة world

ساحة النقاش

الشرق الأوسط والعالم

world
الموقع هو جريدة الكترونية الشرق الاوسط والعالم وهى جريدة شاملة ومتنوعة رئيس مجلس الادارة الاستاذ/عبد الفتاح حامد »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

143,288