في العام 1950، كانت الفكرة السائدة في العالم أن السطح الجليدي لا يوجد تحته بحيرات، ولكن اكتشف الباحثون بعد ذلك أكثر من 400 بحيرة تقبع أسفل القارة القطبية الجنوبية "أنتارتيكا".وعلى وجه مماثل، فإن القطب الشمالي يختبئ تحته عدد لا بأس به من البحيرات، حيث أعلنت دراسة نشرت يوم 26 يونيو/حزيران الماضي في دورية "نيتشر كوميونيكيشن" عن اكتشاف 56 بحيرة جديدة، ليرتفع بذلك عدد البحيرات تحت جزيرة غرينلاند إلى 60 بحيرة، تمثل خطرا مع استمرار الاحترار العالمي.

أسباب وآثار
تمتد جزيرة غرينلاند على مساحة شاسعة تبلغ 2.13 مليون كيلومتر مربع، وهي مساحة تزيد قليلا عن ضعف مساحة مصر. وفي الوقت الراهن، تلعب دورا فعالا في مشكلة الاحترار، فمع ارتفاع درجات الحرارة تفقد الكتلة الجليدية 244 مليار طن سنويا، وهذا قد يؤدي إلى ارتفاع منسوب مياه البحر إلى سبعة أمتار.

وللحصول على البيانات والخرائط الخاصة بالبحيرات تحت سطح جليدها، استخدم الباحثون من جامعات لانكستر وشفيلد وستانفورد جهاز السبر بالصدى على مساحة نصف مليون كيلومتر مربع لتصوير البحيرات. 

في العادة، تتكون هذه البحيرات نتيجة لعدة أسباب منها: الضغط الناتج عن تراكم طبقات الجليد السميكة، أو من الحرارة الناشئة من تدفق الجليد، أو من الحرارة المنبعثة من باطن الأرض، أو بسبب هروب المياه من سطح الجليد إلى الطبقات السفلى.

ولذلك، فإن تتبع مسارات المياه الناتجة عن انصهار الجليد من السطح إلى القاع أمر ضروري في بناء نماذج المناخ المتوقعة للمستقبل، وهذه البحيرات محطة مفصلية في هذا الشأن.

خريطة توزيع البحيرات
تقول الباحثة في علوم المياه بجامعة لانكستر البريطانية جيد بولنغ في بيان صحفي "إن هذه الدراسة قدمت لنا -للمرة الأولى- تصورا لخريطة توزيع البحيرات تحت جزيرة غرينلاند، التي ينبغي أن نحدد تأثيرها على النظام المائي تحت الجليد وديناميكية انجراف الجليد وفهم حالة الجليد الحرارية على نحو عميق".

وأوضحت بولنغ -الباحثة الرئيسية في الدراسة- أن طول هذه البحيرات يتراوح بين 200 متر و5.9 كلم، على عكس قارة أنتارتيكا التي يبلغ فيها طول بعض البحيرات 11 كلم، وأنها في معظمها بطيئة التدفق وتبعد عن المناطق الشديدة التجمد، بما يعني أنها -بشكل عام- مستقرة إلى حد كبير.

أزمة الاحترار
وبحسب بولنغ فإن "أزمة الاحترار سترفع من وتيرة ذوبان الجليد، آجلا أو عاجلا. وكما هو الحال في أنتارتيكا، ستظهر على سطح غرينلاند بحيرات وأنهار أخرى، وقد تهجر هذه المياه السطح لتستقر أسفل طبقات الجليد، ومن ثم تتشكل البحيرات النشطة". وشرحت قائلة "إنه متى وُجدت البحيرات النشطة، نشأ عنها قلاقل في طبقات الجليد العليا وعدم استقرار في الكتلة الجليدية".

يقول الأستاذ بجامعة شفيلد البريطانية ستيفن ليفنغستون إن "أغلب هذه البحيرات تتجمع شرقي جزيرة غرينلاند حيث الجليد أكثر صلابة، وبالتبعية من اليسير الاحتفاظ بالمياه الهاربة من السطح (الجليد المنصهر) وتخزينها أسفله. ولكن عند أطراف الجزيرة، يذوب الجليد بصورة حثيثة، فلاحظنا دلائل تشير إلى وجود بحيرتين نشطتين أسفلها، وهذا ينبئ بأن الجزيرة قد تحوي داخلها عددا أكبر من البحيرات النشطة".

ويشدد ليفنغستون على أن أهمية هذه البحيرات تكمن في استثمارها لدراسة التغيرات البيئية، عبر تحليل الصخور الرسوبية المستقرة في قاعها.

اعداد/ منال محي الدين

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 314 مشاهدة

الثروة السمكية فى العالم

wfish
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

169,295