تناول وجبة سمك في مطاعم مدينة بنزرت التونسية، ليس أمراً سهلاً، أو متاحاً، فعلى الزائرين والمواطنين العاديين، الذهاب أولاً إلى السوق البلدية الكبيرة التي تجاور ميناء الصيد لشراء أنواع السمك التي يفضلون تناولها، ثم البحث عن محال لتسويته حسبما يشتهون.
وتتميز المدن التونسية بتقديم أكلات وأطعمة متنوعة، يغلب عليها الطابع الشعبي والتقليدي، لكن تقديم الأسماك الشهية في بنزرت الساحلية يحظى بشهرة لافتة في كافة أنحاء البلاد، وتتفرد هذه المدينة الصغيرة التي تبعد نحو 60 كيلومتراً شمالي العاصمة، بوجود عشرات المطاعم المتخصصة في تقديم الأسماك، بجوار سوق كبيرة متخصصة في بيع أنواع كثيرة من الأسماك، في الجهة المقابلة من ميناء الصيد المحلي.
بمجرد الدخول إلى السوق المغطاة بسقف معدني ليقي عشرات البائعين في فصل الشتاء من مياه الأمطار الغزيرة، تجتذب لافتات الأسعار الورقية الموضوعة أعلى صناديق الأسماك الزائرين، إذ تتفاوت أسعار أنواعها بشكل لافت، بحيث ترتفع أسعار البحرية منها عن التي تم تربيتها داخل الأحواض الكبيرة.
شراء السمك الذي يطلقون عليه في تونس (الحوت) من السوق، يمثل المرحلة الأولى يليها مرحلة البحث عن مطعم لتسويته، خاصة في ساعات الذروة بمنتصف النهار، وعندما يتمكنون من ذلك عليهم الانتظار حتى تنتهي المحال من عملية الشواء كلٌ حسب ما يشتهي.
وتثير الروائح الزكية داخل مطاعم الأسماك وخارجها، شهية الزائرين الجوعى، الذين يطلبون من الطهاة سرعة إعداد وجباتهم، مع إضافة الخلطات والعناصر الأخرى عليها خلال عملية الطهي، ويستطيع الزبون متابعة مراحل إعداد أسماكه، بداية من التجهيز وحتى الشواء أو القلي، داخل المحال المزدحمة بعشرات الزبائن.
مُعِز حمدي، موظف بالقطاع الحكومي التونسي، قال لـ«الشرق الأوسط»، أثناء وجوده بأحد مطاعم بنزرت إنه «رغم أن المدينة تشهد إقبالاً كبيراً من الزائرين خلال فصل الصيف بسبب أجوائها المعتدلة نسبياً، فإن مطاعمها تشهد رواجاً كبيراً في فصل الشتاء أيضاً، وتزدحم الموائد بالزبائن، لدرجة انتظار الكثير من العائلات بالمطعم وقوفاً حتى يتم إخلاء إحدى الموائد».
وأضاف: «يجد الزبائن متعة خاصة في شراء الأسماك بأنفسهم من البائعين بسوق السمك، إذ يمضون نحو نصف ساعة تقريباً في عملية التسوق، قبل التوجه إلى المطاعم التي تطهيها لهم بشكل سريع، بالإضافة إلى تقديمها سلطات ومشروبات متنوعة».
ولفت إلى أن «سمك (شاوري) يقبل عليه كثير من التونسيين، خلال شهر يونيو (حزيران) من كل عام، إذ يبلغ سعره نحو 5 دينارات تقريباً وفقاً لحجم السمكة، وهو نوع يوجد خلال شهر واحد بخليج بنزرت، ويباع بسعر رخيص نظراً لكثرة الكميات المعروضة منه في الأسواق».
وحول أسعار الأسماك الشهيرة التي تباع في بنزرت أوضح حمدي قائلاً: «تباع في المدينة أنواع كثيرة جداً من الأسماك، مثل النزالي الذي يباع بنحو 9 دينارات، والقاروص البحري، الذي يباع بنحو 20 ديناراً، أما القاروص الذي يعيش في البحيرة أو المزرعة البحرية، فيبلغ سعره نحو 13 ديناراً، ويقبل عليه التونسيون في فصل الشتاء بصورة ملحوظة بسبب سعره المناسب ومذاقه الشهي، ويبلغ سعر سمك السردين 3 دينارات فقط، والقرنيط 22 ديناراً بينما يصل سعر سمك المناني إلى نحو 70 ديناراً، ويصدر غالباً خارج البلاد».
وأوضح أن «شركات استيراد الأسماك الأوروبية تقبل على شراء أصناف متنوعة من السمك في بنزرت نظراً لانخفاض سعره مقارنة بالأسعار في أوروبا».
وبجانب تقديم الأسماك الشهية، فإن المطاعم تتسابق كذلك، في إعداد أنواع متعددة من السلطات ومقبلات الطعام، التي لا تقل أهمية عن الأسماك، حيث تقدم سلطة خضراء تقليدية من الطماطم والخيار والزيتون، بالإضافة إلى تقديم سلطة مشوية مكونة من الباذنجان والثوم وزيت الزيتون والطماطم، والأخيرة تتميز بمذاق شهي للغاية ويقبل عليها معظم الزبائن.