وسطية للثقـافــة والحـوار

اشراف: صالح أبو العباس


    إن المتامل في الأحداث الدامية التي تمر بها البلاد اليوم ، يجد أن الفريق السيسي قد انحاز كلية إلى طرف سياسي معين ، ضارباً بالطرف الآخر وشعبيته العريضة عرض الحائط ،مستغلاً السخط الشعبي والهجمة الإعلامية الشرسة عليه، لإظهار فشله وسوء إدارته للبلاد – وإن كان هذا جزء من الحقيقة المرة – .
وأن كان التوصيف الأدق في الحالة المصرية في 30 /6 في انه توافرت عناصر عدم القدرة على حل الأزمة من جانب الرئيس مرسي وجماعته ، و عدم تهيئة جو الاستقرارومناخ التوافق المجتمعي مع زيادة وتيرة السخط الشعبي على إدارته للبلاد ،مع وجود تحديات الدولة العميقة وتغلغلها في مفاصل الدولة ومؤسساتها وتعطيل أية بادرة للتقدم , هنا استغل السيسي هذه الحالة لصالحه مستخدماً قوته العسكرية في الإطاحة والانقلاب على السلطة متزرعاً بحماية الوطن والأمن القومي المصري .
وهذا الخيار الذي اختاره السيسي هوالأسوء حلاً، والأصعب تعقيداً ، والأضيق أفقاً ، والأشد خطراً ،و الأكثر خطورة ،و الأكبر خسارة ، والأعمق انقساماً في المجتمع ، والأشد تازماً ،لانه وضع المجتمع كله وجهاً لوجه ، وليس أمام أحد أن يختار إلا المواجهة والتصعيد تجاه الآخر، والدفاع عن مصيره المحتوم .
فكان امام السيسي الذي وضع نفسه فوق كل السلطات ، وأنه الحَكم والحاكم ،والمسيطر بقوته العسكرية ، أن يختار الطريق الأولى بلم الشمل وارجاع لُحمة المجتمع ، وورد الأمور إلى نصابها الصحيح الذي غاب الرئيس مرسي ، ووضع الميزان في منتصفه بين الفرقاء السياسيين ، ونزع فتيل الأزمة الملتهبة ، بدلاً من أن ينزع الفتيل ويلقي بالقنبلة على الطرف الآخر الحاكم وينزع عنه كل سلطاته ويعطيها لطرف سياسي بعينه بلا اعتبار لإرادة الشعب واختياراته والعصف بالطريق السلمي لتداول السلطة .
لقد سلّ السيسي سيف الانتقام وسهام الإقصاء وسلاح التهديد والوعيد والطرد، والإختفاء القسري والحبس والتضيق والضرب في سويداء القلب والرأس، واذكاء روح العدواة والكراهية في المجتمع المصري ،وادخال البلاد والعباد في حالة أشبه بحالة الحروب الاهلية والتقاتل المجتمعي ، واختار طريق الدم والهدم ، بدلاً من طريق الإصلاح والحوار والتوافق والمصالحة الحقيقية الوطنية التي يشارك فيها كل الاطراف وعلى قدم المساواة .
لقد وضع الفريق السيسي الكل في طريق مسدود ، فلا هو أقام عدلاً ولا عدالة ، ولا انصافاً حلاً للأزمة ، بل ترك الكل في منتصف الطريق غارقاً ، فلا الذين كانوا في السلطة رسم لهم طريقاً لممارسة المعارضة السياسية السلمية ، ولا الذين وضعهم في السلطة قادوا سفينة الوطن إلى طريق الامان .وكأن الامر كله ليس له هدف واحد إلا إزاحة الإخوان وعزلهم لارضاء الطرف الآخر ومعه أطراف خارجية .

إن الخيار الذي إختاره الفريق السيسي يحتاج إلى مراجعة منه أولاً ، ومعالجة فورية ، وتصحيحاً سريعاً ، لإنقاذ البلاد والعباد من أزمتهم التي تزداد يوماً بعد يوم ،ورسم خارطة طريق واضحة يشارك في وضعها عقلاء الامة وحكماؤهاويرضي كل الاطراف ويحل الأزمة ويضع الفرقاء في المشهد على اختلاف مشاربهم بلا إقصاء لأحد أوتهميس لفصيل .

فليست القضية الآن فيمن يرفض الانقلاب العسكري أو يدعم الطرف الآخر ، ولكن القضية فيمن يحرص على مصلحة الوطن ويضع حلاً للأزمة ، ويضع كل الاطراف على طريق التعايش السلمي والتوافق المجتمعي بدلاً من حالة الحرب المنتظرة .
فليعمل الجميع على انهاء حالة الاستقطاب السياسي ، والإيمان بمبدأ المشاركة لا المغلبة ، وضمان عودة العسكر إلى دورهم الوطني العظيم في حماية الثغور والدفاع عنه ضد العدو الخارجي ، والدخول في حالة السلم المجتمعي وارساء دولة القانون والعدل والمساواة .

يا عقلاء الأمة :
أدركوا سفينة الوطن قبل ان تغرق ، وأعطوا طوق النجاة للجميع قبل ان ينقطع حبل الامل في الوصول إلى بر الامان ،فقد علمتنا الأيام أن الحوار هو أقصر الطرق لإنهاء الازمات وأقلها تكلفة وأنجعها سبيلاً ،و أوفرها وقتاً .
اللهم قنا وبلادنا شرور الفتن ما ظهر منها وما بطن وألهمنا سبيل الرشاد ..........

wasatya

وسطية للثقافة والحوار

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 54 مشاهدة
نشرت فى 24 يوليو 2013 بواسطة wasatya

وسطية للثقافة والحوار

wasatya
نافذة للرأى الحر الوسطى المعتدل من كل طوائف الشعب المصرى والعربى والاسلامى »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,865