تناولت صحيفة "جلوبال بوست" المخاوف التى يشعر بها أهالى الواحات البحرية من الآثار السلبية للسياحة على بيئتهم، خاصة أن الاقتصاد المصرى يعتمد على واردات السياحة بشكل كبير، حيث أشارت الصحيفة إلى النقاش الدائر حول السياحة البيئية، فى ظل الشوارع الملوثة بأكبر قرية بحرية.
ويشكو على عبد سالم أحد سكان الواحة، قائلا إنه عاش ذكريات جميلة هناك قبل إنشاء الطريق السريع الذى يربط الواحات بالقاهرة. فلقد أصبحت الرحلة بين القاهرة والواحات تستغرق خمس ساعات بدلا من خمسة أيام، لكن فى المقابل انتهى زمن الهدوء والسكينة التى كانت تتمتع بهم الواحات لتصبح مزدحمة وصاخبة مثل القاهرة.
وتتجمل الصحيفة فى البيئة التى تتمتع بها الواحات البحرية التى كانت تمثل مركزا للزراعة فى عهد الإمبراطورية الرومانية، وهى الآن وجهة سياحية مفضلة للزوار المتجهين للصحارى المحيطة. كما أن المعابد القديمة التى تم اكتشافها مؤخرا تبعث خلفية طبيعية مذهلة تزيد من السياحة بها.
وقد ارتفع عدد السياح المتجهين للبحرية جدا لدرجة أن ثلث سكانها الذين يبلغ عددهم حوالى 40 ألف نسمة، يعملون فى قطاع السياحة. فعلى مدى العقد الماضى انخفضت نسبة البطالة، حيث ارتفعت نسبة الفنادق هناك بنسبة 500% وفق الأرقام الرسمية.
ووفقا لوزارة السياحة المصرية على الرغم من أن 11 مليون سائح أجنبى فى مصر يتوجهون لمشاهدة الأثار القديمة وشواطئ البحر الأحمر، فإن ما يقرب من 10% يذهبون إلى الصحارى والواحات.
وقد ظهرت النزل البيئية فى جميع أنحاء مصر كحل "أخضر" نظيف لتوازن العدد الكبير من الزائرين، ويتحدث تامر السيد، أول مؤسس للنزل البيئى عام 2005، عن فندقه "قصر البوتى" الذى يتكون من 34 حجرة فخمة منحوتة فى سلسلة من التلال العالية، حيث بنى الفندق بالكامل من مواد محلية، ويعمل فيه البدو المحليون، ويفصل ويعالج النفايات إلى سماد لأشجار النخيل فى الواحة.
ويقول السيد "أعتقد أننا مدينون للبيئة، لكننا لا نريد أن نستخدم البيئة فقط، بل نعود إليها أيضا"، ويخشى السيد من أن تشجيع مزيد من الزوار للإقليم من شأنه أن يترك آثار كبيرة على الطبيعة البيئية.
وتشير الصحيفة أنه ليس دليل على احتمالات الضرر أكثر وضوحا من الصحراء البيضاء التى تبعد قليلا عن جنوب الواحات البحرية. فالصحراء البيضاء التى تشتهر بالمعسكرين الذين يقيمون على طول الصخور بها، تعد جوهرة التاج لرحلات السفارى المقصودة بمصر، لكن إجراءات الحماية الضعيفة جعلتها تعانى من القمامة وبقايا نيران المخيمات القديمة.
وتقول دينا محمود، مرشدة سياحية تنظم رحلات تنظيف سنوية للصحراء البيضاء "إن الناس تعسكر هناك ولا يتم التنظيف بعد مغادرتهم، فهم يتركون الأكياس البلاستيك والورق والعلب"، وقد جمعت محمود أكثر من أربعة أطنان من النفايات التى خلفها المعسكرين، العام الماضى.
لكن الحكومة المصرية انتبهت لهذا الأمر عام 2002، لتعلن منطقة الصحراء البيضاء محمية وطنية وفرضت غرامات على المتعدين. وبدأت العام الماضى فرض رسوم وتحديد مسارات لرحلات السفارى لحماية الصخور البيضاء الهشة.
وفى المقابل كثيرا ما يرتكب المرشدون السياحيون مخالفات حيث يجلبون السياح إلى الصحارى البيضاء من خلال الطرق الوعرة الخلفية، ويقودون السيارات على الصخور، لتجنب أكشاك التذاكر وحراس المحمية.
ويؤكد محمود البسيونى، المستشار البيئى لوزير السياحة، أنه على الرغم من بيع 120 ألف تذكرة دخول للصحراء البيضاء العام الماضى، إلا أن التقديرات تشير إلى أن العدد الفعلى للسياح الذين دخلوا هو ثلاثة أضعاف هذا الرقم، ويريد البسيونى تحديد عدد السياح الذين يدخلون للمنطقة يوميا.
ويتفق السيد مع حقيقة أن الحكومة لن تستطيع السيطرة على الصحراء البيضاء بأكملها، لكنه يشكك أيضا فى أن تضحى مصر بدولارات السياحة، من أجل تعزيز سياحة أكثر نقاء وأقل زائرين. ويقول "إن السياحة البيئية الحقيقة تقف ضد السياحة. فالحكومة تهتم بالأموال الواردة إليها وسعادة عملائها فقط".
كما يشكك الكثيرون من سكان البحرية فى نفس الأمر. فعلى الرغم من شعورهم بالامتنان لتقليل البطالة، لكنهم قلقون بشأن مستقبل الواحات. ويقول أحدهم "البحرية كانت مثل المدينة الفاضلة، لكن السياحة غيرتها للأسوأ".
المصدر: اليوم السابع
نشرت فى 25 مارس 2011
بواسطة wahate
عدد زيارات الموقع
30,323
ساحة النقاش