الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

المداخل المفسرة لصعوبات التعلم

لقد تعددت المداخل المفسرة لصعوبات التعلم تبعا لاختلاف المهتمين بهذا المجال من علماء النفس، والأطباء، والتربويين، وكان لاتساع وتنوع المداخل التي اهتمت بهذا المجال أثره الواضح في وجود تفسيرات  متباينة ومتعددة لصعوبات التعلم، بحيث أصبح من الطبيعي أن نجد تفسيرات مختلفة فيما بينها، وهو أمر فرض نفسه من منطلق الموضوع ذاته؛ فموضوع صعوبات التعلم ظل وسيظل لفترة من الزمن محل تجاذب واهتمام واختلاف العديد من التخصصات. ويستعرض الباحث بعض هذه المداخل  والتفسيرات، ثم يفصل القول في المدخل السلوكي، الذي تسير وفق مبادئه الدراسة الحالية، وذلك كما يلي:

1- المدخل النمائي Developmental Approach  

يركز هذا المدخل على الخصائص الرئيسة لعمليات نمو الطفل، ويفترض أن أي خلل أو اضطراب أو بطء في عمليات النمو الأساسية يؤدي إلى صعوبات في التعلم، وذلك من فرضية مؤداها أن النمو الإنساني عموما ونمو الجانب العقلي المعرفي فيه  يخضع لسياق متتابع من المراحل، تمهد فيه المرحلة السابقة للمرحلة اللاحقة. وهذا السياق تعبر عنه مصطلحات عديدة مثل: السياق الثابت Invariant Sequence الذي تحدث عنه بياجيه Piaget عالم النفس السويسري الشهير، ومصطلح مطالب أو واجبات النمو Development Tasks الذي صاغه عالم النفس الأمريكي هافجهورست Havughirst، ومفهوم جداول النمو Development Schedules التي أعدها عالم النفس الأمريكي " أرنولد جيزيل" Gesel.

                                                        ( نبيل حافظ: 2000، 19 )

 

ويمكن إيضاح هذا الافتراض من خلال النقاط التالية:

1-   توجد أنماط نمائية للنمو الطبيعي أو العادي.

2-   هذا النمو ليس عفويا أو عشوائيا أو متقلبا، وإنما هو محكوم بقوانين للنمو وهي: الاستمرار والانتظام والتتابع.

3-   إن أي انحراف أو تباعد أو اضطراب في تتابع النمو ينتج عنه سلوكيات غير سوية أو متباعدة أو منحرفة. ( صعوبات )

4-   عند ظهور هذه الصعوبات فإن فحص تتابع خطوط النمو ومراحله أو انتظامه يمكن أن يكشف عن موقع الانحراف أو التباعد.

5-   على ضوء تحديد موقع أو نقطة الانحراف أو التباعد يمكن اقتراح الأساليب التي تقود إلى الوصول بهذه الانحرافات ( الصعوبات ) إلى الأنماط المحددة للنمو العادي.

 

ويركز المدخل النمائي في تفسيره لصعوبات التعلم على الخصائص أو المظاهر الأساسية لنضج الطفل ونموه، حيث يفترض أنصار هذا المدخل وجود نمط واضح ومحدد للنمو الطبيعي أو العادي للطفل. ويفسر هذا المدخل صعوبات التعلم بأنها تعكس انحرافات دالة عن متوسط منحنى أو خط النمو الطبيعي، ومن ثم فهم يبدون اهتماما حقيقيا بتحديد الأسباب النوعية التي تقف خلف صعوبات التعلم، مع اقتراح البرامج العلاجية التي تركز على الأسباب أكثر من الأعراض، ويتبنى هذا المدخل الافتراض القائل: إن أفضل أسلوب لمواجهة مشكلة مرضية أو عرضية هو البحث عن الأسباب التي تقف خلفها، والعمل على علاجها. 

كما يفترض هذا المدخل أن أفضل أسلوب لعلاج حالات صعوبات التعلم هو البحث عن أسباب الصعوبة، والعمل على علاج تلك الأسباب، وليس علاج الصعوبة نفسها، وفي هذا الصدد يشير  "كوبلن ومورجان " Coplin,J & Morgan,s   إلى أن العديد من الأطفال المصنفين على أنهم ذوو صعوبات التعلم هم في الغالب يتسمون بتأخر في النضج Maturational lag  في كل من النمو المعرفي العام أو مهارات المعالجة النوعية، ويتفاعل عدم النضج مع المطالب المهمة التي تكون غالبا فوق مستوى نمو الطفل، مما ينتج عنه ضعفا في المهارات، ومن ثم يفترض أنصار المدخل النمائي أنه يمكن التغلب على صعوبات التعلم عن طريق تقديم المهام المناسبة للنمو المعرفي للطفل، مع علاج واستثارة المهارات النوعية التي لم يتم تنميتها لديه، وأنه حين يتعلم الأطفال ما هم مستعدون لتعلمه تقل الحاجة إلى استخدام أساليب تعلم خاصة.                                                         ( السيد صقر: 2000، 47 )

وقد وجهت إلى هذا المدخل عدة انتقادات منها ما يلي:

1- أنه لا يأخذ في اعتباره تداخل الأنظمة النمائية التي يقف خلف ظهور الخصائص ونموها وتكاملها، ومن ثم فإن التعامل مع هذه الأنظمة على أساس تجزيئي قد لا يكون مفيدا.

2- فشل هذا المدخل في تفسير أسباب عدم استجابة صعوبات تعلم معينة للعلاج حتى عندما يتم تقديم مهام مناسبة لمستوى نمو الطفل الذي يعاني منها.   

3-   لا يهتم هذا المدخل بالمداخل العلاجية التي تتجاهل وجهة النظر النمائية، حتى ولو أثبتت فاعلية في العلاج.                       ( إسماعيل الصاوي: 2003، 54 )

4- إن خطوط النمو ومعدله لا تسير بالشكل المحدد لدى جميع الأفراد رغم اضطراده، فهي تختلف من فرد لآخر ومن مرحلة لأخرى، وذلك انطلاقا من مبدأ الفروق الفردية، هذا بالإضافة إلى اختلافه النسبي من إطار ثقافي إلى أخر، كما يتأثر باختلاف الجنس، ويخضع لمجموعة من العوامل الوراثية أو الجينية والبيئية، وكذلك عوامل التنشئة والخبرة والتعلم والتي قد تعمل على تسريع أو إعاقة مسار النمو، وهذا بدوره يتطلب مراعاة تلك العوامل في تحديد ووضع معايير وخصائص النمو.         (سالم المجاهد: 2005، 70 )

ورغم تلك الانتقادات التي وجهت إلى المدخل النمائي في تفسير حالات صعوبات التعلم، إلا أن الدراسة الحالية قد أفادت منه في تحديد المعيار الصفي لاختبارات تشخيص مهارات القراءة والتعبير الكتابي؛ حيث إن انحراف مستوى التلميذ عن معيار الصف السادس الابتدائي – في الدراسة الحالية- بمقدار فرقة دراسية كاملة أو أكثر يشير إلى وجود صعوبة في التعلم لديه.

هذا ما يمكن أن يفيد منه الباحث من هذا المدخل في الدراسة الحالية؛ فإن الباحث بحكم تخصصه لا يستطيع أن يعتمد على افتراضات هذا المدخل وحده في تشخيص وعلاج صعوبات التعلم في القراءة والتعبير الكتابي، فهذا أولى به قسم علم النفس التعليمي، ولعل هذا يلفت الانتباه إلى ضرورة وجود نوع من التكامل بين قسمي علم النفس التعليمي، وقسم المناهج وطرق التدريس في تشخيص وعلاج حالات صعوبات التعلم، بحيث يهتم قسم علم النفس التعليمي بالجانب النمائي للصعوبة، ويهتم قسم المناهج بالمظهر المهاري لها.

2- مدخل تجهيز ومعالجة المعلومات Information Processing Approach  

توضح نظرية تجهيز ومعالجة المعلومات أن الأطفال ذوي صعوبات التعلم تكمن مشكلتهم في أنهم يستخدمون إستراتيجيات غير ملائمة عند مواجهة المطالب المعقدة للمهام الأكاديمية، بما يجعلهم يشعرون بالعجز عن تحقيق المستويات المتوقعة منهم.

ويركز هذا المدخل على كيفية استقبال المخ للمعلومات، ومن ثم تحليلها وتنظيمها، وفي ضوء ذلك ترجع صعوبات التعلم – وفقا لهذا المدخل- إلى حدوث خلل أو اضطراب في إحدى العمليات التي قد تظهر في التنظيم أو الاسترجاع أو تصنيف المعلومات. ( محمد كامل:1996، 46 )  فهو ينظر إلى المخ الإنساني على أنه أشبه بجهاز الحاسب الآلي، فكلاهما يستقبل المعلومات، ويجري عليها بعض العمليات، ثم يعطي بعض الاستجابات المناسبة، لذا تركز هذه النظرية على كيفية استقبال المخ للمعلومات، ومن ثم تحليلها.

 ويرى ( Van der Sluis: 2005 ) وزملاؤه أنه لكي يتعلم الأطفال فإنهم يقومون باستقبال المعلومات ( Inputs)،  ثـم يقومون بتجميع الوحدات المنفصلة من المعلومات وعمل روابـط بينهما  ( التجهيز والمعالجة Processing )، ثـم التعبير عـن تلك المعلومـات فـي صورة مخرجـات ( outputs)، وأثناء عملية المعالجة يقوم الطفل بتحليل وتركيب وتخزين وتنشيط المعلومات باستخدام إستراتيجية للعمل على استبقاء المعلومات في صورة نشطة ومدركة بالذاكرة، ثم استدعاء هذه المعلومات بسهولة؛ لذا فإن الطفل الذي يعاني من صعوبة في أي عملية من عمليات تجهيز ومعالجة المعلومات في الغالب ما يعاني من مشكلات أثناء تعليمه، حيث أوضحت الدراسات أن الأطفال ذوي صعوبات التعلم يعانون من قصور أو اضطراب في واحدة أو أكثر من عمليات معالجة المعلومات في الذاكرة العاملة.

 

ويؤكد (مصطفى كامل: 1988، 219) أن طريقة الأطفال ذوي صعوبات التعلم في تشغيل المعلومات تعتبر مصدرا رئيسيا في تفسير هذه الصعوبات. فالتلاميذ ذوو صعوبات التعلم يستخدمون طرقا لتجهيز المعلومات لا تسمح لهم بالاستفادة الكاملـة من كفاءتهم العقلية، أو عدم القدرة على التخلي عن الإستراتيجيات غير الملائمة واستبدالها بأخرى ملائمة، حيث يستخدمون استراتيجيات ضعيفة عند مواجهة المطالب المعقدة للمهام الأكاديمية، ولذلك لا يستطيعون أن يحققوا النجاح المتوقع، ومن ثم فإن الأطفال ذوي صعوبات التعلم هم أولئك الأطفال الذين يجهزون المعلومات ببطء عن أقرانهم في نفس العمر الزمني.

 

3– المدخل المعرفي Cognitive Approach

ظهر هذا المدخل متأثرا بالتيار المعرفي في تفسير الظواهر النفسية، والذي شهدته العقود الأخيرة من القرن العشرين  ففي عام 1976 نشر روس Ross,O مرجعا مهما في صعوبات التعلم تناول فيه المدخل المعرفي في علاج صعوبات التعلم،  وفي عام 1981 نشر ريد وهيرسكو Reid,D, Hersko,W كتابا بعنوان A Cognitive Approach to Learning Disabilities وهو يعد أول مرجع مهم يؤكد على المدخل المعرفي في تناول صعوبات التعلم.

ثم بدأ علماء علم النفس المعرفي يستخدمون الميتامعرفة Metacognition  في تشخيص وعلاج صعوبات التعلم؛ حيث تناول " مونتاجو وبوس " Montague,M & Bos,c., 1986 أثر التدريب على الإستراتيجيات المعرفية والميتامعرفية في حل المشكلات لدى التلاميذ ذوي صعوبات التعلم. ثم تناول " ونج " Wong,B., 1987  أثر الميتامعرفة في صعوبات التعلم، ثم توالت الكتابات والبحوث التي تهتم بالميتامعرفة في تفسير وعلاج صعوبات التعلم التي قدمها الباحثون أمثال: Chan,L., 1991 , Hutchinson,N.L., 1992 , Wong,B 1991 , Kamman &  Wong 1993 , Graham & Wong 1993 , Lindstrom,C 1995 , Swanson,H.L & Trahan, 1996  ، وقد أرجعت هذه النظرية صعوبات التعلم إلـى واحدة أو أكثر مـن العمليات النفسيـة التالية: الانتباه، الإدراك، الذاكرة، التخيل، التفكير، اللغة، الاستدلال، حل المشكلات، اتخاذ القرار.          (إسماعيل الصاوي: 2003، 59)

ويندرج تحت هذا المدخل العديد من النماذج التي حاولت تفسير صعوبات التعلم، ومنها:

1-  نموذج فتحي الزيات (1998) الذي يركز فيه على دور كل من عمليات اكتساب المفاهيم والعمليات والاستراتيجيات المعرفية ونظم المعلومات في التعلم المعرفي القائم على عمليات المعالجة من ناحية، وعلى اعتبار أن التعلم نوع من النشاط العقلي المعرفي يتأثر بكل من المعرفة السابقة وأساليب اكتسابها، والاحتفاظ بها، وتخزينها واستخدامها، واستراتيجيات استخدامها من ناحية لأخرى.

2-      نظرية مكونات معالجة المعلومات " روبيرت ستيرنبرج"

Sternberg 's Information – Processing Components Theory.

3-      نظرية داس المعرفية Das Cognitive Theory.       

4-      نموذج أبعاد التفكير" روبرت مارزانو وآخرون: Marzano,R.,et al.1988

5-     نظرية المخططات المعرفية Schema Theory.        

 

4- المدخل النفس عصبي Neuropsyological approach

يعتبر هذا المدخل من المداخل الرئيسة في تفسير صعوبات التعلم، لدرجة أنه في فترة من الفترات أصبح مفهوم إصابة المخ أو الخلل المخي البسيط مرادفا لمفهوم صعوبات التعلم.

وقد حاولت النظرية النيورولوجية تفسير صعوبات التعلم في ضوء وجود حد أدنى من الخلل الوظيفي(M.B.D)  أو وجود إصابات بالمخ؛ لأن كلا منهما يمكن أن يؤدي إلى إصابة أنسجة المخ، والتي تؤدي بالتالي إلى سلسلة من جوانب التأخر في النمو أثناء الطفولة.  كما أن الإصابة المخية يمكن أن تحدث تغيرا في وظائف عقلية معينة، تؤثر بعد ذلك على مظاهر التعلم المختلفة، والتي يمكن أن تظهر في أي شكل من أشكال التعلم.

ويقوم هذا المدخل على افتراض مؤداه أن أي إصابة في الجهاز العصبي وخاصة المخ سيتبعها بالضرورة ظهور سلسلة من المشاكل والاضطرابات، التي تؤثر بالتالي على جانب النمو المعرفي والعمليات العقلية المختلفة، مما يؤدي إلى حدوث صعوبات في التعلم.

وقد انتقدت هذه النظريات؛ نظرا لصعوبة تحديد ما سموه بالحد الأدنى لخلل المخ الوظيفي، وإن كان أصحاب تلك النظريات قد اعتمدوا على مؤشرات رسم المخ الكهربائي لتحديد ذلك، وهو ما لا يفيد العاملين في المجال التربوي، كما أن معظم الاختبارات التي تهدف إلى تقييم الإشارات أو العلامات العصبية البسيطة هي اختبارات سيكولوجية أو سلوكية أكثر منها مقاييس عصبية.                                   ( أحمد أبو حجاج: 1996، 78 )

كذلك  حذر "سباك" Spach, 1976 - من خلال استعراضه لعدد كبير من البحوث التي تناولت العلاقة بين إصابات الجهاز العصبي المشتبه فيها وصعوبات القراءة- من التسرع في الربط بين جميع أنماط صعوبات القراءة وإصابة الجهاز العصبي على أساس الاشتباه دون التأكد بشكل قاطع من إصابة المخ، أو خلل الجهاز العصبي، خاصة وأن نتائج البحوث لم تجد مؤشرات عصبية في جميع حالات صعوبات التعلم.         ( سالم المجاهد: 2005، 74 )

ومن الملاحظ أن هذه النظريات قد حاولت أن تفسر أسباب هذه الصعوبات كل من ناحية معينة، بحيث يمكن أن يكون مجموع تلك النظريات – من وجهة نظر الباحث – تفسيرا متكاملا لصعوبات التعلم، فليست تلك المفاهيم متباينة أو متعارضة، وإنما هي متكاملة؛ فالصعوبات قد ترجع إلى مشكلات إدراكية، وإلى مشكلات نيورولوجية، وإلى مشكلات معرفية، وإلى مشكلات طبية، أو إلى مشكلات إدراكية، أو إلى مشكلات في تشغيل وتجهيز المعلومات، أو إلى بعض المشكلات المرتبطة بالاضطراب الإدراكي- الحركي، أو إلى وجود حد أدنى من الخلل الوظيفي.

 

5 – المدخل السلوكي Behavioral Approach

ينطلق التصور السلوكي لصعوبات التعلم من اعتبارها سلوكا مشكلا يظهر في صورة فشل التلميذ في الوصول إلى المستوى العادي للأداء في مجال دراسي معين، وهذا يعني وجود حالة من انخفاض في التحصيل Underachievement يتعين التغلب عليها، وذلك برفع مستوى تحصيل التلميذ إلى المستوى العادي المقبول والمتفق عليه تربويا. ومن ثم نكون بصدد صعوبات تعلم نوعية Specific Learning Disabilities لا بد للتغلب عليها من صياغتها في صورة إجرائية ليسهل التعامل العلاجي معها.

والإطار المنهجي لهذا المدخل يقوم على عدة افتراضات مشتقة من قوانين المدرسة السلوكية؛ إذ يرى أن أي اضطراب أو خلل سلوكي هو نتاج مباشر لخلل في عملية التعلم ( خطأ في عملية التعلم). كما يقوم هذا المدخل على التركيز المباشر على المشكلة أو السلوك المشكل، ومحاولة العلاج عن طريق إحلال أنماط سلوكية فعالة محل نمط السلوك غير الفعال.

( سالم المجاهد: 2005، 72 )

ويعد هذا المدخل أكثر المداخل أهمية كإستراتيجية للتدخل أو العلاج، فهو يقوم على التركيز والاقتحام المباشر للمشكلة أو السلوك ذاته، ومحاولة معالجة نمط السلوك غير الفعال، أو إحلال أنماط سلوكية فعالة محله. كما يركز هذا المدخل على مفهوم السواء في ضوء مستوى الأداء الوظيفي العام والحسي، والوضع الفسيولوجي الكلي للطفل، فالتلاميذ ذوو صعوبات التعلم هم عاديون تماما عدا الصعوبة النوعية التي يمكن معالجتها، والتعامل معها بصورة مباشرة.

وينطلق هذا المدخل من عدة افتراضات أساسية هي: ( فتحي الزيات: 1998: 163)

1-   إن التدخل المباشر لعلاج السلوك المشكل ( صعوبات التعلم ) أكثر أهمية من البحث عن الأسباب.

2- توجد بعض المحكات السلوكية للتعلم الفعال، تلك المحكات تمثل الإطار المعياري للنمط العادي للتعلم، الذي يتوقع للطفل العادي ( متوسط الذكاء والتحصيل ) تحقيقه والوصول إليه.

3-   عدم تحقيق الطفل لهذا المستوى المتوقع – الذي يمثل الإطار المعياري- يعبر عن وجود صعوبة أو مشكلة.

4- إن تحديد أسباب الصعوبات لا يساعد فقط في تجنب أو منع المشكلات المستقبلية، ولكنه يساعد في التخطيط أو ممارسة العلاج.

5- إن محور التدخل العلاجي هو مساعدة الطفل ( ذي الصعوبة في التعلم ) على الوصول إلى المستوى المتوقع منه في ضوء الإطار المعياري للتعلم الفعال.

أسباب صعوبات التعلم:( من وجهة النظر السلوكية )

    ترجع صعوبات التعلم – من وجهة النظر السلوكية- إلى أساليب التحصيل الخاطئة التي قد ترجع إلى ما يلي:

1- استخدام طرق تدريس غير ملائمة ربما بسبب عدم الكفاية المهنية للمعلم أو بسبب الافتقار إلى الوسائل التعليمية والأنشطة التربوية المناسبة، أو كثرة عدد الطلاب، وازدحام الفصول وعدم توافر مناخ ملائم في الفصل والمدرسة.

2-   افتقار المتعلم إلى الدافعية الملائمة للتعلم والدراسة.

3-   وجود التلميذ في ظروف بيئية غير ملائمة في الأسرة والمدرسة والمجتمع.

4- عدم استخدام التعزيز الموجب لتدعيم الأنماط السلوكية المرغوبة، والتعزيز السالب للتخلص من الأنماط الحركية غير المرغوبة بشكل ملائم.

علاج صعوبات التعلم: ( من وجهة النظر السلوكية )

    يرى " جيرهات" (Gearheart:1985, 178) أن إستراتيجيات المدخل السلوكي المستخدمة مع الأطفال ذوي صعوبات التعلم تقوم على المحددات التالية:

1-   التركيز على السلوكيات القابلة للملاحظة والقياس.

2-   جمع ورصد وتصنيف البيانات الأساسية المتعلقة بالصعوبة موضوع الاهتمام.

3- تحديد السلوكيات المراد علاجها وترتيبها بطريقة متتابعة وفقا للأهمية النسبية لكل منها، بهدف الوصول بها إلى المستويات المتوقعة للأداء.

4-   تحديد استراتيجيات التدخل العلاجي بالتفصيل، وصياغتها بدقة في ضوء طبيعة الصعوبة، وخصائص الطفل السلوكية.

5-   استخدام استراتيجيات التدخل العلاجي بشكل تتكامل فيه فنيات وطرق العلاج.

ويرتكز علاج صعوبات التعلم من وجهة نظر السلوكيين على اتباع البرامج الفردية في العلاج Individualized Programs التي تتمركز حول الطفل Child Centered وترتكز على تعديل السلوك الظاهر المشكل دون الاهتمام الكبير بأسبابه، أي أن نقطة البداية هي تقديم المثير التربوي الملائم للتلميذ، فإذا ما استجاب له الاستجابة المطلوبة فإن مثل هذه الاستجابة يتعين تعزيزها وتدعيمها بالمكافآت بصورها المختلفة.

 

 ويتحقق هذا من خلال التدريس المباشر الذي يتسم بما يلي: (نبيل حافظ: 2000، 23)

1-   التركيز على اكتساب المهارات الدراسية مباشرة.

2-   الاستناد إلى ضبط وتوجيه المعلم.

3-   استخدام المواد الدراسية بشكل متتابع ومرسوم.

4-   يتيح للتلاميذ إتقان المهارات الأساسية.

5-   يوضح الأهداف أمام ناظري التلاميذ.

6-   يتيح الوقت الكافي للتدريس.

7-   يستعين بالتوجيه المستمر لأداءات التلاميذ.

8-   يقدم التغذية الراجعة Feed back المباشرة للتلاميذ.

9-  يستمر في تعليم أو تدريس المهارة حتى يتحقق للتلميذ إتقانها. 

وهذا يتطلب من المعلم اتباع الخطوات التالية:

1-   أن يربط أداءات التلاميذ بالأهداف التي يتعين تحقيقها والمهارات التي ينبغي تعلمها.

2-   أن يحلل المهارات المطلوب تعلمها إلى مهام نوعية ينبغي إنجازها.

3-   ترتيب المهام المطلوب تعلمها أو إنجازها في سياق متتابع.

4-   تحديد ما يعرفه التلميذ من مهام وما لا يعرفه منها.

5-   التدريس المباشر للمهارة بصرف النظر عن قصور قدرة التلميذ على اكتسابها.

6-   تدريس مهمة واحدة في كل مرة، وحينما يكتسبها التلميذ تدرس المهمة التالية، وهلم جرا.

7-   تقويم فاعلية التدريس في ضوء تعلم التلميذ المهارة.

ولهذه المميزات التي ينفرد بها المدخل السلوكي فإن الدراسة الحالية سوف ترتكز عليه في تشخيص وعلاج حالات صعوبات التعلم النوعية في القراءة والتعبير الكتابي، وسيتم ذلك تحديدا من خلال النقاط التالية:

1- بما أن هذا المدخل يركز على جود محكات تمثل الإطار المعياري للمستوى الذي ينبغي أن يصل إليه التلميذ؛ فإن الدراسة الحالية تحاول علاج حالات صعوبات التعلم النوعية في القراءة والتعبير الكتابي، ورفع درجة التلميذ إلى الأداء المتوقع  منه في ضوء الإطار المعياري وهو المستوى العادي لتلميذ الصف السادس الابتدائي الأزهري.

 

 

 

2- بما أن هذا المدخل يعتبر الأطفال ذوي صعوبات التعلم أطفالا عاديين تماما باستثناء الصعوبة النوعية المحددة، التي يمكن علاجها والتعامل معها مباشرة، فقد أفادت الدراسة الحالية من ذلك في تشخيص وعلاج حالات صعوبات التعلم النوعية ( في القراءة والتعبير الكتابي ) فهم أطفال عاديون تماما لا يعانون من أي اضطراب انفعالي أو تخلف عقلي أو إعاقات حسية أو جسمية أو حركية.

3-    راعت الدراسة الحالية مبادئ هذا المدخل في التعامل المباشر مع الصعوبة في البرنامج العلاجي.

4- تسير الدراسة الحالية وفق المباديء الأساسية للمدرسة السلوكية في  عملية التعلم وذلك باستخدام    ( قانون الممارسة، ومبدأ التعزيز، ومبدأ التكرار، وقانون الأثر)، وغيرها من المباديء المبسوطة في كتب علم النفس ونظريات التعلم.

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 3986 مشاهدة
نشرت فى 3 أغسطس 2011 بواسطة wageehelmorssi

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

wageehelmorssi
الايميل الحالي: [email protected] المؤهل العلمي: •دكتوراه الفلسفة في التربية جامعة عين شمس عام 2001م. •الوظيفة الحالية: أستاذ مناهج و طرق تدريس العلوم الشرعية والعربية بجامعتي الأزهر وطيبة بالمدينة المنورة. جمعيات علمية: 1-عضوية الجمعية المصرية للقراءة والمعرفة. 2-عضو الجمعية المصرية للمناهج وطرق التدريس بالقاهرة. 3-عضو لجنة التطوير التكنولوجي بجامعة الأزهر. 4-عضور »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,796,140