قطر الندى 

اعتقد ان مصطلح الثقافة من اكثر المصطلحات الذي تعرض قديماً وحديثاً للتأويل والتحريف في الفكرين العربي والغربي على حد سواء فكثيراً ما تطرح حوله اشكالات عديدة وخاصة فيما يتعلق بالتحديد والتعريف كما تطرح تساؤلات كثيرة لتجديد الفوارق بين الحضارة والثقافة والتي ربما تكون هذه الفوارق بينهن اجتهادية تثبتها الأدلة المقنعة فثقافتنا العربية تعمل على الحفاظ على التواصل بين ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا وكما تعبر عن تطلعاتنا المشتركة في كل النواحي وذلك من اجل تجسيد هوية الأمة والمحافظة على الأصالة والقيم الموجودة في هذه الثقافة .

فثقافتنا وحسب ما اعتقد قد اعتراها بعض الوهن والخمول لتعرضها لضغوط الهيمنة الغربية التي خلّفها لنا الأستعمار السابق مع ان هذه الدول اصبحت اليوم ترفع شعار الحرية والديمقراطية الا انها تمارس فعلياً استعماراً جديداً يقوم على تعميق التبعية وترويج السلع الرديئة وتحويل ثقافتنا الى ثقافة استهلاكية مع تحاشيه النقد الجريءوالتحليل المتعمق والنقاش الصريح حول سلوكياته اضافة الى التزامه الحذر عندما تطرح امامه معالم الخصوصية وعناصر الأصالة عندها تعجز عن مواجهة الآخر . وكثيراً ما نلاحظ ان اعلامنا العربي عندما يتناول قضايا الهوية والثقافة يتقوقع على نفسه ويناقش هذه القضايا على استحياء وخجل ووجل وربما يعود ذلك لمحدودية قدراته وافتقاره للتخطيط والتنسيق معاً مع عدم قدرته على انتاج مادة إعلامية اصيلة تعبر عن واقعنا المعاش وعن تطلعاتنا الثقافية والسياسية والإقتصادية فالمتابع لهذا الأعلام يرى ان فرقاً شاسعاً بين قدرات اعلامنا العاجز احياناًعن التعبير عن ذات الأمة والأعلام الغربي الذي يلبي طموحات صانعيه وحاجات مجتمعه , اعلام محدود القدرات يقابل اعلاماً لا حدود لقدراته ولهذا لا يستطيع اعلامنا ان ينفذ الحد الأدنى لمعنى الأستقلالية الإعلامية المحلية والوطنية لتلبية الأحتياجات المطلوبة منه من اجل احداث التغير الأجتماعي المنشود وذلك من اجل خدمة الأمة وطموحاتها وتلبية احتياجاتها فالتبعية العامة للغرب هي اساس التخلف القائم في الدول العربية , اولئك ينشدون التقدم بغض النظر عن القيم السائدة والخصوصيات الثقافية ولهذا فقد دفعت دولنا ضريبة هذا التقدم والنجاح الا وهي الهوية الثقافية للأمة وذوبانها تلقائياً بالثقافات المدجنة واحياناً الثقافات الهابطة والتي لا تمت لنا ولا لأمتنا بصلة او رابط واصبح دورنا مقتصراً على التقليد الأعمى ولو كان ذلك على حساب تاريخنا وقيمنا وحضارتنا , وقد ساعد على ذلك مقولة النظام العالمي الجديد القائم على القطب الواحد , ذاك القطب الذي يعمل حالياً على اذابة الأمم من خلال نشر ثقافته بطرق عديدة وجديدة ومختلفة عما كان سائداً فيما مضى مما ساعد على غسل ادمغة العالم بأسره واعادة تأهيله من جديد ليتلائم وهذه المرحلة . ولهذا اقول ان الكيان بطرفيه المادي والمعنوي قد يتغير ولكنه لن يضمحل لأنه كيان ملموس قد يتحول من شكل الى شكل آخر ومن صورة الى صورة اخرى , الا ان دقائقه وذراته فباقية ببقاء الزمن .

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 63 مشاهدة
نشرت فى 19 ديسمبر 2011 بواسطة waelshara

ساحة النقاش

مجموعه من ابناء الرمثا

waelshara
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

14,235