- كانت المبادرة حدثاً جديداً رغم أننا صانعوها وجديداً أيضاً على أجهزة الدولة وقد فاجأناهم بها. كانت جديدة لأننا لم نتعود أن نحل مشاكلنا مع مؤسسات الدولة عبر الحوار والتفاهم وكانت جديدة عليهم وقد ألفوا التعامل معنا بطريقة أمنية على خلفية التصدي لعمل غير مشروع .
- وقد خضنا جميعاً التجربة نتحسس أقدامنا فيها لكل جديد يحتاج لنظر ويخضع للتجربة والخطأ.
- وقد كان تفعيل المبادرة عملاً كبيراً متسع الأرجاء كثير المحاور نشير في حديثنا اليوم على أحد أهم هذه المحاور وهو محاولة إقناع الأخوة بها.
- كان اتفاقنا مع المسئولين في السجون أن يتركوا مهمة الإقناع لنا من أولها إلي آخرها .. وكانت هذه وجهة نظرهم أيضاً حرصاً على أن يكون الاقتناع اقتناعاً حقيقياً ليس فيه رغبة أو رهبة ليعطي أثره الإيجابي للمجتمع بعيداً عن التصنع والتقيد وعدم الصدق.
- ووعد المسئولون بتسهيل الأمور الإدارية التي يحتاجها هذا الأمر .. وقد كان فقد بدأت المحاولة بإقناع الأخوة خارج مصر الذين أعلنوا منذ اللحظة الأولي رفضهم للمبادرة وباركوا حادث الأقصر وتبنوه .
- وقد سمحت الدولة للأستاذ منتصر الزيات المحامي بزيارتنا بانتظام ليكون حلقة الوصل بيننا وبين إخواننا في الخارج حيث كان يرسل رسائلنا لهم، أو ينشر رسائل أخري تحتاج للنشر ..
- وقد قام في هذا المجال بجهد رائع بعد أن اعتذر كثيرون قبله عن القيام بهذا الدور خوفاً من أن يتورط في محظور أمني أو مشاكل هم في غنى عنها في جو يحتاج إلي حذر وفي عمل لا يبصر صاحبه ناهيته ولا يتوقع عواقبه.
- بل إنه والحق يقال قام بالتعتيم على المبادرة إعلامياً بطريقة متزنة كان لها دور كبير في التأثير في إخواننا في الخارج.
- وهكذا بعد حوارات ومناقشات معهم نجحت جهودنا في إقناعهم بتأييد المبادرة واجمعوا على مساندتها في مارس 1999 مع الحفاظ ـ بفضل الله ومنته ـ على الاحترام والود والتقدير الذي كنا ولا زلنا نحتفظ به لبعضنا البعض.
- وكان هذا النجاح مشجعا أن نبدأ محاولة إقناع إخواننا في السجون .. وهي قضية لا تقل مشقة عن سابقتها .. إن لم يكن أكثر .. إذ كان فيهم من قضي زهرة شبابه خلف القضبان دفاعاً عما كنا نعتقد .. وبالتالي فسيكون من الصعوبة بالتأكيد أن تطلب منه أن يقتنع بخطأ ما ضحي من أجله وتصويب هذه الأخطاء.
- ولكننا توكلنا على الله وبدأنا وقامت أجهزة الأمن بتسهيل كل الأمور الإدارية التي تمكنا من التواصل مع إخواننا.
- فبدأت بتخفيف ما كان في السجون من توتر .. وتولت اختيار المسئولين الذين يسهلون مهمة الدعوة للفكرة في السجون .. وأتاحت لنا كل سبل التواصل مع إخواننا وبذلوا في ذلك جهداً عظيماً مشكوراً.
- وهكذا مررنا على السجون سجنا سجناً ..نقضي فيه الساعات والأيام، نحاضر ونناقش ونحاور ونجالس الأخوة جماعات وفرادى ونسهر معهم الليالي نتلقى أسئلتهم ونناقش ما يطرحون.
- وكثيراُ ما طلبنا حضور بعض إخواننا في بعض السجون والانتقال لآخرين لإعادة مناقشتهم أو إعادة العرض والتفصيل .. وكانت كل تلك اللقاءات والانتقالات تتم بسهولة ويسر .. والكل يعمل ليل نهار لإنجاح المبادرة .. ولا هم لهم إلا المصلحة العليا للإسلام وللبلد لا ينظر في تعبهم وجهدهم إلي مغنم دنيوي ولا لمجد شخصي.
- كان تبني هذه المبادرة مجازفة للجميع .. إما أن تنجح وتحقق ما نحلم به جميعاً من طي صفحة هذه الأيام الصعبة ونجني الخير الذي نرجوه .. وإما أن نفشل فنجني أسوأ ثمار لهذا الفشل.
- نعم كل من تبني هذه المبادرة من المسئولين بأجهزة الدولة كان يجازف بنفسه وبمنصبه وكرسيه .. وكانت غلطة واحدة يمكن أن تطيح به ولكنه كان يري صالح البلد قبل المنصب والكرسي.
- وكل من تبني هذه المبادرة في أيامها الأولي من الأخوة كان يجازف بسمعته وعلاقته بإخوانه.
- ولعل الله اطلع على القلوب في ذلك الوقت فوجد فيها الصدق فأنزل من فضله علينا. وكانت هذه الحوارات ـ بحمد الله تعالي ـ تدور في جو من الود والاحترام لم يتعرض فيها أي أحد لترغيب ولا ترهيب ولا إحراج
- وأشهد أن كل من دعم المبادرة من أول يوم يلقي نفس المعاملة التي يلقاها من أنكر وناقش وحاور واعترض .. حرصاً على ألا تشوب تلك القناعة شائبة أو سوء ظن.
- والحمد لله وبفضله نجحنا في هذه المبادرة نجاحاً لم نكن نحلم به .. ولم يخطر لنا ببال .. ولا زلنا حتى الآن لا نكاد نصدق أن هذا النجاح قد تم وبهذه الصورة المذهلة.
- لذلك كان طبيعياً لكثير ممن لم يعكس هذه التجربة أن يتشكك ولا يتصور هذا التحول الضخم وهذه الاستجابة الكبيرة.
- ولذلك أنصار ـ فأنا وأعتقد أن أكثر إخواني أيضاً ـ لم يخطر ببالهم أن يردوا على أولئك الذين يشككون في هذا النجاح ممن لم يكونوا معنا ويشهدوا ما حدث بالفعل لا يصدق .. ولأننا مهما قلنا لهم في ذلك فلن يصدقوا .. لأنه بالطبع شيء غريب على طبائع الأشياء.
- ومثل ما حدث معنا حدث مع إخواننا في جماعة الجهاد .. بل إن الأمر معهم كان أيسر .. إذ أنهم شهدوا تجربتنا وتابعوها خطوة بخطوة .. وأيدها أكثرهم وأعلنوا مؤازرة هذه الدعوة قبل أن تخرج مبادرتهم للنور .. ولم يكن منهم ثمة معترض على أصل المبادرة من ضرورة إيقاف القتال الذي كان دائراً وإنهاء حالة التوتر والاقتتال التي عانت منها البلاد كثيراً.
- أما اعتراضات من اعترض منهم فلم تكن على صلب المبادرة وفكرتها الرئيسية .. وإنما على بعض مفرداتها الهامشية مثل طريقة التعامل مع الإعلام .. أو الهجوم على تنظيم القاعدة وقياداته .. وما شابه ذلك وهي أمور كما هي واضحة للناظر لا تهم أجهزة الدولة كثيراً حتى تحاول الضغط عليهم ليتراجعوا عنها فهي ليست في صميم المبادرة.
- إنه مجهود وعرق وجهد إخوان مخلصين ـ نحسبهم كذلك ولا نزكيهم على الله .. أتمني أن يلقي التقدير اللائق به
نسأل الله أن يهدينا جميعاً سواء السبيل.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 113 مشاهدة
نشرت فى 9 أغسطس 2016 بواسطة usamahafez

أسامة ابراهيم حافظ

usamahafez
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

3,112