<!--<!--<!--

إذا كان الزواج يدمر الحب... فكيف نعيش إذا أردنا مشاركة الحب والأفكار في تفاصيل الحياة اليومية، وكذلك في تنشئة الأولاد مع الوالدين المتزوجين؟

لم أقل أبداً أن الحب يُدمر بالزواج.. لكنه يُدمر بسببنا نحن، وليس بسبب الزواج...

كيف يمكن للزواج أن يدّمر الحب؟! إنه أنت وأنا من يدمره لأننا لا نعلم ما هو الحب... نحن ندّعي ونتظاهر بأننا نعرفه.. لكننا بالحقيقة نجهله تماماً.. الحب أعظم فن يجب أن نتعلمه جميعاً.. يجب أن يتم تعليمه وتعلمه.

 

إذا كان الناس يرقصون من حولك.. وقال لك شخص منهم: "تعال وارقص" ..سيكون جوابك: "لا فأنا لا أعرف كيف أرقص!".. إنك لن تقفز وتقوم بحركات جسدية لتثبت للناس بأنك راقص عظيم... عندها ستثبت لهم بأنك مهرج ولن تقنعهم بأنك راقص.. لكي تكون راقص ينبغي عليك أن تتعلم الرقص وتدرب جسدك عليه..

 

كذلك لا يمكنك الرسم جيداً فقط لأنه يتوفر لديك الألوان والفرشاة والقماش.. قد تقول لنفسك: "كل مستلزمات الرسم موجودة لذلك يمكنني الرسم"... يمكنك الرسم لكنك لن تكون رساماً بتلك الطريقة.

لنفترض أنك التقيت بامرأة.. القماش والفرشاة والألوان توافرت الآن... سوف تصبح فوراً محبّاً عاشقاً لها.. فتبدأ بالرسم عليها وهي بدورها ستبدأ بالرسم عليك... بالطبع كلاكما ستثبتان أنكما غبيان... وعاجلاً أم آجلاً ستكتشفان حقيقة ما يحدث... لم تفكرا بأن الحب هو فن.. وأنكما لم تولدا محبّين.. الحب ليس له علاقة بالولادة.. بل هو الفن الأكثر براءة ورقة والذي عليكما تعلمه.

لقد ولدنا فقط مع القدرة.. طبعاً لديك جسد فلا ينقص سوى تعلم الرقص لتصبح راقصاً.. عليك أن تبذل جهداً لتتعلم الرقص، والرقص ليس صعباً لأنك لوحدك فقط على علاقة به...

أما الحب فأكثر صعوبة.. إنه رقص.. لكن بين شخصين وليس وحدك... لذلك الآخر عليه أن يعلم أيضاً ما هو الرقص.. انسجام شخصين مع بعضهما فن عظيم.. وشخصين يعني عالمين مختلفين، وعندما يقترب عالمين مختلفين من بعضهما دون أن يتعلما كيفية خلق الانسجام عندها ستكون نتيجة التقارب هي الصدام....

 

تعلّم أن تحب... والحب هو الانسجام، وهو مصدر كل صحة وسعادة وسلام...

تعلم أن تحب... لا تكن في عجلة للزواج... في البداية كن محبّاً عظيماً..

 

وما هي مستلزمات الحب؟ أن تكون محباً عظيماً معناه أن تكون جاهز دائماً لتعطي الحب دون توقع أن الحب سيرجع لك من المتلقي أو لا.. لأنه دائماً سيعود إليك.. هذا الأمر من طبيعة الأشياء ذاتها...كما لو أنك تذهب لأعلى الجبل وتغني أغنية والوديان ترد عليك.. أنت تغني والوديان تغني.. وكل قلب هو وادي إذا غمرته بالحب سوف يجيبك بالمثل...

 

الدرس الأول للحب هو ألا تطلب الحب من أحد.. فقط تعلم أن تكون معطاءً...

الناس يعملون العكس تماماً.. حتى عندما يعطوا الحب فهم يعطونه مع توقعهم وأملهم بأن يرجع هذا الحب لهم.. هذا أشبه بمقايضة ومساومة، إنهم لا يشاركون بدون قيود أو حدود... بل يشاركون حبهم مع ترقبهم وتوقهم وانتظارهم بأن تتم مكافأتهم.. هؤلاء أناس يثيرون الشفقة.. لا يعلمون آلية وطبيعة الحب..

فقط أغدق حبك وسيعود لك تلقائياً.. وإذا لم يأتي فلا شيء يجعلك تقلق، لأن الشخص الذي يفيض بالحب يعلم بأنه أن تحب يعني أن تكون سعيداً.... إذا عاد الحب لك جيد وعندها ستكون السعادة مضاعفة.. لكن إذا لم يرجع فإنه في الحال ذاته للحب هناك نشوة من السعادة تغمرك... فمن يهتم إذا عاد الحب أو لم يعد؟

الحب له سعادته الجوهرية الخاصة.. في كل لحظة حب هناك نبض فرح في القلب...

 

مثلما العلم بالتعلم.. والسباحة بالتسبح... كذلك الحب بالتحبب وتعلم الحب.. لقد تم تعليمك بأن كل شخص قد ولد وهو بشكل مسبق محب.. لكن لا يظهر حبه حتى يأتي الشخص المناسب.. هكذا تعيش حياتك بانتظار الوهم.

وتمت تربيتنا وتعليمنا أن نكون أكثر بخلاً في عطائنا للحب، لهذا نسبب لأنفسنا التعاسة... يجب أن ننتظر بعضاً من الأمور العظيمة لكي تحدث في حياتنا.. نبقى منغلقين وننتظر على أمل أن تظهر كليوباترا من مكان ما وعندها سوف نفتح قلبنا لها.. لكن في ذلك الوقت سنكون قد نسينا كيف نفتحه.

 

لا تفوّت أي فرصة لكي تعطي الحب.. حتى بمرورك في الشارع يمكنك أن تكون محباً.. حتى تجاه متسول يمكنك أن تكون محباً، لا حاجة بأن تعطيه شيء لكن يمكنك أن تبتسم له على الأقل وهي لا تكلّف شيئاً.. لكن ابتسامتك بذاتها تفتح قلبك وتجعله مملوءً بالحياة... أمسك بيد أحدهم، صديق أو غريب، لا تنتظر بأنك سوف تحب فقط عندما يظهر الشخص المناسب والصحيح، عندها فإن الشخص المناسب لن يظهر أبداً... ولكن كلما أحببت أكثر كلما ازدادت الاحتمالية بأن الشخص المناسب سوف يأتي.. لأن قلبك سيبدأ بالإزهار والقلب المزهر يجذب إليه الكثير من النحل الطيب والعديد من الأحبّاء..

 

لقد تم تدريبك بطريقة خاطئة جداً، فصار لديك انطباع خاطئ بأن كل شخص قد ولد وهو حبيب.. هذه احتمالية لكن الاحتمالية هذه يجب أن يتم العمل عليها تماماً كالبذرة التي تحوي على القدرة لتتحول من طاقة كامنة إلى زهرة تنبض بالحياة.. فقط عندما تمر البذرة بحالة الإزهار وإلا سوف تبقى تلك المقدرة مخبأة وكامنة..

يمكنك المضيّ بحمل بذورك في جيبك لكن عندها لن تأتي أي نحلة... هل رأيت مرة أن نحلة اقتربت من بذرة؟ ألا تعلم أن البذور يمكنها أن تصبح أزهار؟ لكنها لن تأتي إليها إلا عندما تصبح أزهار...

 

تحوّل إلى زهرة ولا تبقى بذرة...

إذا جمعنا شخصين حزينين فإنهما سيكونان حزينين أكثر عندما يكونان معاً.. هذه قاعدة بسيطة من الرياضيات.

لقد كنتَ غير سعيد في حياتك.. وزوجتك كانت غير سعيدة.. وتأملان بزواجكما أن تصبحا سعيدين!

 

هذا يشبه الرياضيات العادية تماماً.. كما أنّ 2+2=4 هذه رياضيات عادية وليست جزءاً من الرياضيات العالية.. يمكنك عدها على أصابعك!.. كلاكما سوف تصبحان غير سعيدين..

<!--<!--<!--

 

التودد والغزل والهوى شيء آخر.. لا تعتمد عليه... ومن الأفضل في الواقع أن تنتهوا منه قبل أن تتزوجا... واقتراحي أن الزواج يجب أن يتم بعد شهر العسل وليس قبله أبداً.. فقط إذا سار كل شيء على ما يرام يمكن إتمام الزواج.

 

شهر العسل بعد الزواج... خطير جداًً.. بقدر ما أعرف فإن 99% من الزيجات انتهت بانتهاء شهر العسل وبعدها يجدّ الجد.. لقد تم حبسك وبعدها لا يوجد طريق للهرب، عندها المجتمع، القانون، المحكمة، كل شيء يصبح ضدك إذا ما تركت امرأتك أو هي تركتك... عندها سوف تظهر كل الأخلاقيات والديانات والكهنة والشيوخ.. كل شخص سيدلو بدلوه ضدك...

 

في الحقيقة يجب على المجتمع أن يخلق كل الحواجز والعوائق الممكنة للزواج.... ولا حواجز أو عوائق للطلاق.. فهو أبغض الحلال عند الله لكنه حلال... يجب ألا يسمح المجتمع للناس بالزواج بسهولة، والمحكمة يجب أن تخلق العوائق.. مثل العيش مع المرأة لسنتين على الأقل، وبعدها تستطيع المحكمة السماح لكما بأن تتزوجا..

 

الآن العكس تماماً هو ما يتم تطبيقه وفعله.. إذا أردت الزواج لا أحد يسأل فيما إذا كنت جاهزاً أو فيما إذا كانت رغبتك مجرد نزوة فقط بسبب أنك تحب أنف امرأتك.. ياللغباء! المرء لا يمكنه العيش فقط مع أنف!.. بعد يومين الأنف سوف يتم نسيانه... من ينظر إلى أنف زوجته؟ الزوج ليس جميلاً والزوجة ليست جميلة، فحالما تألف الآخر يذهب البريق والجمال والجاذبية.

يجب أن يُسمح للناس بأن يعيشوا معاً لمدة كافية ليطلعوا على بعضهما جيداً وليصبحا حميمين مع بعضهما، عندها فإن حالات الطلاق سوف تختفي من العالم... حالات الطلاق موجودة لأن الزواج يتم بطرقة إجبارية خاطئة... حالات الطلاق موجودة لأن قرار الزواج تم أخذه عندما كان الطرفان في مزاج رومانسي...

 

المزاج الرومانسي جيد عندما تكون شاعراً.. والشعراء لم يُعرف عنهم أنهم أزواج جيدين أو زوجات جيدات.. بالواقع غالباً ما يكون الشعراء عازبين... وبالتالي يمكن لرومانسيتهم أن تبقى حيّة، ويستمرون بكتابة الشعر الجميل..

 

على الرجل والمرأة ألا يتخذا قرار الزواج أثناء جو ومزاج رومانسي... عليهم أن يجتازوا المزاج الواقعي والعادي والمضجر وأن يعيشوا حياة اليوم بيوم لأنها أكثر رتابة وضجراً من محبة الشعر والأجواء الرومانسية.. يجب أن يصبح المرء ناضجاً كفاية ليكون قادراً على اتخاذ قرار الزواج.. والنضوج معناه بأن المرء ليس رومانسي ساذج بعد الآن..

 

وبأنه يفهم الحياة والمسؤولية والمشاكل عندما تكون مع شخص آخر...على المرء أن يقبل كل تلك الصعوبات وبعدئذ يقرر أن يعيش مع الشخص..

على المرء ألا يأمل بأن زواجه سيصنع له الجنة وسيكون كل شيء فيها ورود... عليه أن يعلم بأن الواقع صعب وقاسي.. يوجد ورود لكنها بعيدة وقليلة بين هنا وهناك مبعثرة وبينها العديد من الأشواك...

 

عندما تصبح متنبهاً لجميع هذه المشاكل وتبقى تريد أن تقرر أنها جديرة بالاهتمام وأن الأمر يستحق المخاطرة بأن تكون مع شخص بدلاً من أن تكون وحدك.. عندها تزوج..

عندها الزواج لن يقتل الحب لأن هذا الحب واقعي حقيقي..

الزواج يقتل فقط الحب الرومانسي، وهو ما يسميه الناس الحب الأعمى أو حب المراهقة...

يمكنك اعتبار أن الحب الرومانسي الأعمى مثل الآيس كريم وليس غذاء أساسي.. يمكنك أكله بعض الأحيان لكن لا تعتمد عليه.. الحياة يجب أن تكون أكثر واقعية وبعيدة عن الشاعرية..

 

الزواج بحد ذاته لا يدمر أي شيء، الزواج ببساطة يُخرج كل ما يكمن ويختبأ داخلك.. إذا كان الحب مختبئاً بداخلك فإن الزواج سوف يخرجه.. إذا كان الحب مجرد ذريعة وتظاهر فقط لتحقق رغبتك بالزواج بسبب الإغواء، عندها عاجلاً أم آجلاً كل ذلك سوف يختفي وسوف تظهر شخصيتك الواقعية البشعة.. الزواج ببساطة هو فرصة لذا ما لم تستخرجه أنت سوف يظهر من تلقاء نفسه...

 

أنا لا أقول بأن الحب يدمره الزواج.. الحب يتم تدميره من قبل الناس اللذين هم بالأصل لا يعرفون ولا يعلمون كيف يحبون.. الحب يتم تدميره لأنه في المقام الأول لم يكن موجوداً.. كنتَ تعيش في حلم والواقعية تدمر الأحلام... من ناحية أخرى الحب هو شيء خالد وأبدي كجزء من الأبدية والخلود.. فإذا ساهمت بإزهار بذرة الحب الموجودة بداخلك وتعلمت فن الحب عندها ستستمر بالنمو كل يوم، والزواج يصبح فرصة هائلة عظيمة لتنمو عبر الحب.. لا شيء يمكنه أن يدمر الحب.. إذا كان موجوداً فإنه سيستمر بالنمو لكن شعوري هو أنه ليس موجود منذ البداية... إنك تسيء فهم نفسك.. شيء آخر كان موجوداً.. ربما كان الجنس.

الانجذاب الجنسي يختفي عندما تحب امرأة وتألفها، لأن الجاذبية الجنسية نشعر بها فقط مع الأشخاص المجهولين.. عندما يتذوق الرجل والمرأة جسد بعضهما البعض فإن الجاذبية الجنسية بينهما تختفي بعدها.. فإذا كان حبك هو مجرد جاذبية جنسية فإنها حتماً ستختفي... لذا لا تسيء فهم الحب وتظنه شيء آخر..

 

إذا كان حبك حقيقياً.. أحب.. الحب ليس شغفاً وليس عاطفة ولا انفعال.. ماذا يعني حقيقي؟ إذا كان مجرد حضور الحبيب يشعل السعادة فيك.. مجرد وجودكما معاً يشعركما بالنشوة والتناغم... الحب هو فهم عميق جداً بأن شخص ما وبطريقة ما يكملك.. يجعلك دائرة مكتملة وحضوره ووجوده يعزز من قيمة وجودك وحضورك..

الحب يعطي الحرية لأن تكون ذاتك.. إنه ليس تملك واستحواذ على الآخر..

لذا راقب.. ولا تفكر بالجنس على أنه الحب وإلا فإنك سوف تنخدع..

كن متنبهاً وعندما تبدأ تشعر مع شخص ما أن مجرد حضوره النقي الصافي ولا شيء آخر.. يجعلك سعيداً ويجعل قلبك يزهر... عندها تكون قد وقعت أو ارتفعت بالحب الصحيح... عندها يمكنك تجاوز كل الصعوبات والعوائق التي يخلقها الواقع.

 

سوف تتجاوز الكثير من الألم والقلق والاضطرابات..

وحبك سوف يُزهر أكثر فأكثر، لأن كل تلك الحالات سوف تصبح تحديات..

وحبك عندما يتغلب عليها سيصبح أكثر فأكثر قوة...

الحب هو الخلود والأبدية.. عندما يكون موجوداً سوف يتعاظم ويستمر بالنمو...

الحب يعلم البداية لكنه لا يعلم أي حد أو نهاية...

المصدر: مجلة التأمل / العدد السادس آيار 2011
  • Currently 28/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
9 تصويتات / 1540 مشاهدة

ساحة النقاش

tulipe

tulipe
IDB »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

306,145