<!--<!--<!--

هم مفجروها وقادتها، وصوتها الهادر الذي تردد صداه بطول البلاد وعرضها، شبوا فتفتح وعيهم على وطن يحكمه الاستبداد، ويستوطن به الفساد، ويهمش على أرضه الشرفاء وذوي الكفاءات، ويعتلي قمته الأقزام والأذناب، ويشقى فيه الأحرار، ليسعد فيه عبيد السلطة وخصيانها.

 

هذه هي حال مصر التي شبوا فيها وقد أسرعت الخطى في غير ما إبطاء أو انتظار، فأضحت تقف على شفا جرف هاو، ومدت بصرها إليهم في ضراعة واستجداء:

 

 أن أدفعوا عني ذلك المصير المنكود، فإني إن هلكت هلكتم، وإن نجوت نجوتم. أن اقطعوا دابر الاستبداد، وعضوا بالنواجز على مستقبلي ومستقبلكم.

 

ولم يخب رجاءها، وإذ بشبابها يندفعون من كل صوب وحدب، إلى الشوارع والميادين ترعد السماء بهتافاتهم، وتهتز الأرض من وقع أقدامهم، وتصطك فرائص قامعيهم من وراء مصفحاتهم ومدرعاتهم.

 

لا كاميرا تتبع خطواتهم، ولا برامج حوارية تسجل نزاعاتهم ونقاشتهم، ولا صحف ومجلات تفيض بتاريخ نضالهم الوطني عبر السنون، بل إرادة وعزيمة، ونضال يغلفه الصدق والحب الخالص لوجه الوطن.

 

وها هم يضعون قاموس جديد لمرادفات حياتنا، قاموس ليس من بين كلماته ذل، أو هوان أو قمع، أو استبداد، أو فساد، بل حرية، وإباء، وعزة، وكرامة، ونهضة، وديمقراطية حقة.

اللهم إنهم قد صدقوك فيما عاهدوك عليه فاصدقهم، وكلل جهادهم بما هم أهل له، وهم أهل لكل ما تفيض به عليهم من نعم. 

 

"إنَّ الأمم التي يُسعدها جدُّها لتبديد استبدادها، تنال من الشَّرف الحسّي والمعنوي ما لا يخطر على فكر أُسراء الاستبداد".                                                          عبد الرحمن الكواكبي

محمد السيد الطناوي

  • Currently 45/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
15 تصويتات / 442 مشاهدة
نشرت فى 4 فبراير 2011 بواسطة tulipe

ساحة النقاش

tulipe

tulipe
IDB »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

308,037