ومعناه أن الانسان كائن اجتماعى بطبعه ، فجسم الانسان تم تهيئته للآخر من الناحية البيولوجية . ومعظم الأمراض النفسية نتيجة لاضطراب علاقة الفرد بالآخرين . وحين نقول أن الجنة بلا ناس ماتنداس فإننا نعنى الكثير من حياتنا الاجتماعية العربية . فالانسان العربى على عكس الانسان فى المجتمعات الغربية ، يعيش دائماً مع الآخرين ولايعيش فى حالة عزلة .
فنحن نعيش كثيراً للأقارب والعشيرة والحى والقرية والمنطقة والمدينة والوطن من خلال أحاديثنا وزياراتنا. وفى قيمنا نرى أنها ليست مجرد عادات تنتقل من جيل إلى جيل ، فهى تخدم حاجات عدة أهمها ضرورات التزام الناس بعضهم ببعض فى وجه صعوبات جمة . فأفراد العائلة والأقارب والجيران يحتاجون إلى بعضهم البعض فى مختلف مجالات الحياة .
إن المثل الذى نحلله أكثر التصاقاً ببيئتنا ، لأن الجماعة عندنا (خاصة العائلة) وليس الفرد ، هى التى تشكل النواة أو الوحدة الاجتماعية ، والقيم السائدة فى المجتمع العربى هى قيم جماعية أكثر منها فردية ، وهناك قيم فردية ، وقيم تشدد على التحصيل والانجاز الفردى وعلى النفوذ والقوة والوجاهة ، إنما القيم السائدة هى قيم الانتماء للجماعة حتى ليعامل الانسان كعضو أكثر مما يعامل كفرد مستقل. يبلغ التوحد بالجماعة درجة قصوى حتى ينتظر من الفرد – ينتظر من نفسه كما ينتظر منه الاخرون – أن يشارك جماعته المسؤوليات والانجازات والنفوذ ، وبالتالى أفراحها وأتراحها ، انتصارها وفشلها، سمعتها الحسنة أو السيئة ، طموحاتها وقناعتها.. الانسان جزء لايتجزأ من الكل ، فلا يحس بالحياة بمعزل عن جماعته .
ومعنى هذا من ناحية أخرى ، أن الفرد يتوقع كثيراً –كما يتوقع منه – من أقربائه وجيرانه وأصدقائه . ولذلك نشهد ميلاً قوياً نحو التعبير عن عواطف الحب أو البغض فى العلاقات اليومية .
من المفترض ألا نغفل أن كل غريزة تتجه إلى غاية بيولوجية معينة : فغريزة الهرب تتجه إلى المحافظة على النفس ، والغريزة الجماعية تتجه إلى التكيف بالروح الإنسانية ، وغريزة الأمومة إلى العناية بالصغار ، وغريزة الاستطلاع تتجه إلى اكتشاف كل غريب لاتقاء المخاطر .
ساحة النقاش