د. سامى الطوخى - استشارى التدريب فى العلوم الادارية والقانونية والقضائية

 

           الحق في البث التلفزيوني  لجلسات المحاكم وادارة العدالة

                             في التجربة الامريكية

اعداد

الدكتور / سامى الطوخى

في الولايات المتحدة، هناك تقليد قوي، يحميه جزئياً الدستور الأميركي نفسه، يضمن وصول عامة الناس إلى إجراءات المحاكم والهيئات التشريعية. وفي الأزمنة الحديثة اكتمل هذا التقليد بإصدار قوانين فدرالية، ومن الولايات، عُرفت شعبياً بإسم "قوانين أشعة الشمس" التي تضمن أيضاً وصول عامة الناس إلى الاجتماعات التي تعقدها الوكالات التنفيذية والإدارية.

وقد حكمت المحكمة العليا الأميركية في قضية شركة ريتشموند للصحف ضد ولاية فرجينيا، عام 1980، أن ضمان حرية الرأي المنصوص عنها في التعديل الاول للدستور الأميركي تشمل حق الشعب في الحصول على معلومات المحاكمات الجنائية. وفي صلب هذا الحق الاعتراف بالدور الحيوي الذي يلعبه الحق العام في الحصول على الإجراءات القانونية الجنائية في الحياة الديمقراطية للمجتمع. كما شرحت المحكمة العليا في رأي الأغلبية على لسان رئيس المحكمة بيرغر، "إن التاريخ المبكر للمحاكمات المفتوحة (في العهد الاستعماري في أميركا) يعكس من جهة الإقرار الواسع الانتشار، وقبل وقت طويل من ظهور علماء السلوك الإنساني، بأن المحاكمات العلنية لها قيمة علاجية مهمة للمجتمع. وحتى من دون وجود خبراء من هذا النوع لوضع هذا المفهوم ضمن إطار كلامي، شعر الناس من الخبرة والملاحظة أنه، بالأخص في إدارة العدالة الجنائية، فإن الوسائل المستخدمة لتحقيق العدالة يجب أن تَحظى بدعم ناجم عن قبول الشعب للعملية ونتائجها." وسّعت عدة محاكم أميركية حق حضور المحاكمات الجنائية هذا ليشمل المحاكمات المدنية أيضاً. هناك بالتأكيد أسباب قوية ومقنعة، ترسخت بشدة تاريخياً ووظيفياً، لتطبيق حق الوصول إلى المحاكمات المدنية. وكما لاحظ في أحد المرات القاضي وندل هولمز في القرن التاسع عشر، بأن الوصول إلى الإجراءات القضائية المدنية أمر "عظيم الأهمية" نظراً  "للأمن الذي تولده الدعاية للإدارة الصحيحة للعدل.. ان من المرغوب به ضرورة إجراء محاكمة القضايا (المدنية) تحت أنظار الشعب، ليس لأن خلاف مواطن مع آخر هي أمور تهم الشعب فحسب، بل وأيضاً ان من الأهمية القصوى أن يتصرف الذين يقيمون العدل دائماً في ظل الشعور بالمسئولية العامة، وبأن كل مواطن يمكنه الاقتناع بنفسه وبواسطة عينيه بالطريقة التي يتم فيها بموجبه تأدية واجب عام."

وفي العصر التلفزيوني الحديث، ازدادت قوة حق الشعب في حضور الإجراءات القضائية بفضل تطبيق السماح لآلات التصوير التلفزيوني في تغطية جلسات المحاكمات وهو ما يزداد انتشاره في الولايات المتحدة. واذا كان ليس هناك في الوقت الحاضر أي حق دستوري تأخذ به المحاكم الأميركية لوجود آلات التصوير في قاعة المحكمة، ولكن مع ذلك سمحت محاكم عديدة، بصورة روتينية، إما استناداً لقانون وضعته الولاية او إلى قوانين المحاكم المحلية، لآلات التصوير التلفزيونية بتسجيل وبث جلسات المحاكمات. وهناك بالفعل شبكة تلفزيونية كابلية أميركية تُعرف بإسم "تلفزيون المحكمة" تبث جلسات المحاكمات الفعلية كجزء من برنامج عملها الرئيسي، ساعة بعد ساعة، ويوماً بعد يوم. في الوقت الحاضر، في الولايات المتحدة، يُسمح بحق الوصول هذا بصورة شائعة في محاكم الولايات أكثر مما يُسمح به في المحاكم الفدرالية.

وكانت المحكمة العليا الأميركية لا تسمح بوضع آلات تصوير تلفزيونية في قاعة محكمتها، او بالبث الإذاعي المباشر منها. الا انه في السنوات الأخيرة، سجلت المحكمة إجراءاتها على أشرطة صوتية ونشرتها في بداية الدورة التالية من اجتماعاتها عبر دائرة الأرشيف القومي. لكنها بتسريعها لهذا التقليد خلال القضية المثيرة للانتخابات الرئاسية لعام 2000، فقد سمحت المحكمة العليا بالفعل لوسائل الإعلام ببث تسجيل صوتي للدعوى القضائية بكاملها فور انتهائها مباشرة، اعترافاً منها بالاهتمام الشعبي الشديد بالقضية. وهكذا تمكن الأميركيون من الاستماع إلى ما جرى في الجلسة التي دامت حوالي 90 دقيقة، بعد دقائق معدودة فقط من انتهاء الجلسة.

وفي جميع المحاكم التي يُسمح فيها بوجود آلات تصوير او مسجلات صوت، يمنح للقضاة عادةً حرية كبيرة في وضع قواعد وإجراءات أساسية لتقليل تأثير آلات التصوير ومسجلات الصوت، ولضمان أن لا يؤدي وجودها إلى تقليل الأهمية الحيوية في تأمين محاكمة عادلة.

ولا شك في ان السماح لوسائل الاعلام وخاصة المرئية بنقل احداث واجراءات المحاكمات ، خاصة تلك التي تهم الرأي العام ، يساهم بشكل كبير في تحقيق العديد من النتائج الايجابية ، منها :

<!--تعزيز ثقة  المواطنين في جهاز العدالة القضائية

<!--نشر الوعى والمعرفة القانونية بالحقوق والواجبات

<!--تحقيق الردع العام لمن تسول لهم انفسهم ارتكاب جرائم .

<!--تنمية وبناء القدرات للكوادر القضائية والهيئات المعاونة للجهاز القضائى من خلال مشاهدة افضل الممارسات القضائية .

 

المصدر: د سامى الطوخى
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 261 مشاهدة
نشرت فى 21 مارس 2012 بواسطة toukhy

ساحة النقاش

د.سامى الطوخى

toukhy
هاتف متحرك 00971501095679 البريد الالكترونى [email protected] دكتوراه في العلوم الإدارية والقانونية - بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف وتبادل الرسالة مع الجامعات الأخرى ، كلية الحقـوق جامــعة القاهرة . - حوالي 20 عاما من الخبرة العلمية والعملية في مجال التدريس والتدريب المتعلق بمجالات عديدة فى التنمية الإدارية والقانونية والقضائية فضلا »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

259,349