د. سامى الطوخى - استشارى التدريب فى العلوم الادارية والقانونية والقضائية

الاتجاهات الحديثة في تعريف القانون وأهدافه التقويمية المحققة للتنمية المستدامة

إعداد / د. سامى الطوخى

جامعة زايد – أكاديمية الدراسات القضائية والتدريب المتخصص

أكاديمية السادات للعلوم الإدارية

 

تعريف القانون (القاعــدة القانونيــة)  :

يعرف الفقه التقليدي القانون بأنه " مجموعة القواعد التي تنظم سلوك الأفراد الخارجي في المجتمع بصورة ٍ عامة ٍ و مجردة ٍ، و توقع الدولة جزاء على من يخالفها.[1]

ومن هذا التعريف يتبين لنا أن القانون يستهدف تحقيق ثلاثة أهداف أساسية في المجتمع ، هي :

1.   تنظيم سلوك الإفراد الخارجي .

2.   تحقيق العدالة من خلال وجوب أن تتصف القواعد القانونية للقانون بالعمومية والتجريد .

3.   توقيع جزاء عقابي على الأفراد عند مخالفة القاعدة القانونية .

غير أن الأهداف التي يحققها القانون على النحو السالف ذكره لم يعد في تقديرنا كافيا في الوقت الحاضر ولم يعد يتماشى مع التطور الذي تشهده المجتمعات الإنسانية في المجالات المختلفة وهو الأمر الذي  يقتضى إعادة النظر في تعريف القانون بما يتواكب مع تطور الفكر الإنساني .وذلك بوجوب أن يشمل تعريف القانون استهداف تحقيق التنمية المستدامة في المجال الذي ينظمه .

ولذلك فاننا نعرف القانون بانه  " مجموعة القواعد التي تنظم سلوك الأفراد الخارجي في المجتمع مستهدفة تحقيق التنمية المستدامة فى شتى المجالات ، وتطبق بصورة ٍ عامة ٍ و مجردة ٍ، و تلتزم الدولة كأصل عام بفرض تدابير تقويمية توقع  على من يخالفها ، واسثناءا جزاءا عقابيا "

 

فوظيفة القانون وأهدافه لا ينبغي أن تقتصر على مجرد تنظيم سلوك الأفراد بل يجب أن تستهدف القاعدة القانونية تقويم سلوك الأفراد .

وبيان ذلك على سبيل المثال إننا نجد أن القانون رقم 49 لسنة 1972 في شأن تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية في مصر يتناول تنظيم سلوك الطلاب ويفرض نظام تأديبي عقابي  على مخالفة السلوك الواجب ولم يأخذ بنظام التأديب التقويمي للسلوك ، حيث نجد أن المادة 124 من اللائحة التنفيذية رقم 809 لسنة 1975 [2]تنص على أن " يعتبر مخالفة تأديبية كل إخلال بالقوانين واللوائح والتقاليد الجامعية وعلى الأخص :

1-  الأعمال المخلة بنظام الكلية أو المنشآت الجامعية

2- تعطيل الدراسة أو التحريض عليه أو الامتناع المدبر عن حضور الدروس والمحاضرات والأعمال الجامعية الأخرى التي تقضى اللوائح بالمواظبة عليها .

3-  كل فعل يتنافى مع الشرف والكرامة أو مخل بحسن السير والسلوك داخل الجامعة أو خارجها .

4-  كل إخلال بنظام امتحان أو الهدوء اللازم له وكل غش في امتحان أو شروع فيه .

5- كل أتلاف للمنشآت والأجهزة أو المواد أو الكتب الجامعية أو الاشتراك فيها بدون ترخيص سابق من السلطات الجامعية المختصة .

6-   كل تنظيم للجمعيات داخل الجامعة أو الاشتراك فيها بدون ترخيص سابق من السلطات الجامعية المختصة .

7- توزيع النشرات أو إصدار جرائد حائط بأية صورة بالكليات أو جمع توقيعات بدون ترخيص سابق من السلطات الجامعية المختصة .

8-      الاعتصام داخل المباني الجامعية أو الاشتراك فى مظاهرات مخالفة للنظام العام والآداب ."

ونصت المادة 126 على أن:" العقوبات التأديبية هى :

1-  التنبيه شفاهة أو كتابة .

2-  الإنذار .

3-  الحرمان من بعض الخدمات الطلابية .

4-  الحرمان من حضور دروس احد المقررات لمدة لا تجاوز شهرا .

5-  الفصل من الكلية لمدة لا تجاوز شهرا .

6-  الحرمان من الامتحان في مقرر أو أكثر .

7-  وقف قيد الطالب لدرجة الماجستير أو الدكتوراه لمدة لا تجاوز شهرين أو لمدة فصل دراسي .

8-  إلغاء امتحان الطالب في مقرر أو أكثر .

9-  الفصل من الكلية لمدة لا تجاوز فصلا دراسيا .

10-                     الحرمان من الامتحان فى فصل دراسي واحد أو أكثر .

11-                     حرمان الطالب من القيد للماجستير أو الدكتوراه مدة فصل دراسي أو أكثر .

12-                     الفصل من الكلية لمدة تزيد على فصل دراسي .

13-                     الفصل النهائي من الجامعة ويبلغ قرار الفصل الى الجامعات الأخرى ..."

ويلاحظ أن المشرع فى المثال السابق نظم وحدد السلوكيات الغير مقبولة من الطلاب (م 124) وحدد نوع واحد من العقوبات ( م 126 ) وهى العقوبات الجزائية السلبية كجزاء على ارتكاب السلوك المنهي عنه ولم يقرر أنواع أخرى من العقوبات والتي نقترح تسميتها العقوبات التقويمية الايجابية والعقوبات التقويمية التكميلية وهى أكثر أهمية وفاعلية من الأولى  . فحينما يقوم الطالب بارتكاب سلوك مخالف مثل الغش أو التلفظ بألفاظ غير مقبولة سلوكيا وأخلاقيا مع زملاء أو معلميه فلا يكفى توقيع عقوبة إلغاء امتحان الطالب فى مقرر أو أكثر الحرمان أو غيرها من العقوبات السلبية المشار اليها سلفا وإنما ينبغي ان يحدد المشرع الأسباب المحتملة لارتكاب السلوك المخالف ويقرر له ما اقترحنا تسميته تسميتها العقوبات التقويمية الايجابية والعقوبات التقويمية التكميلية وفى المثال الحالي من الممكن تصور أن تكون العقوبة التقويمية الايجابية هي فرض مقرر سلوكي عن أخلاقيات السلوك القويم فى آداب التعامل ونبذ الغش  ويستوي أن يكلف الطالب بدراسة المقرر داخل الكلية أو المعهد الذي يدرس به أصلا أو داخل اى مؤسسة تعليمية أو تدريبية أخرى متخصصة . تلك العقوبة التقويمية الايجابية هي التى تستهدف تغير المنظومة القيمية والربوبية داخل عقل المخالف لإزاحتها وإحلال غيرها متوافقة مع السلوك القويم المبتغى ، اى إعادة التأهيل العقلي والنفسي والتربوي وليس مجرد استهداف العقاب والإيلام لتحقيق الردع الخاص والعام عن طريق التخويف فحسب وإنما عن طريق إعادة التأهيل والتقويم ، وهو ما يضمن الى حد كبير عدم إتيان السلوك المخالف فى المستقبل سواء داخل المؤسسة التعليمية أو فى المجتمع الخارجي إثناء أداء الشخص لدوره الوظيفي أو الاجتماعي فيما بعد .

وفى هذا الاتجاه فقد قام الباحث في إطار التطوير المؤسسي لأحد المؤسسات العقوبات التقويمية الايجابية ، العقوبات السلبية ، العقوبات التكميلية وتمثلت فى الاتى :

أولا : العقوبات التقويمية الايجابية

تتحدد العقوبات التقويمية الايجابية التي يجوز فرضها علي الطالب أو المتدرب في أي من المخالفات المنصوص عليها في هذه اللائحة وبما يتناسب مع طبيعة ونوع المخالفة علي النحو التالي:

 

1.     تكليف الطالب أو المتدرب بإجراء بحث إضافي تدور محاورة حول أسس ونظريات وتطبيقات السلوك الأخلاقي الذي تم مخالفته.

2.     فرض مقرر أضافي مقرر أصلا بالوحدات التدريسية أو التدريبية أو مقرر مستحدث علي المخالف تدور محاورة حول موضوع المخالفة السلوكية التي ارتكبها ويجوز أن يكون ذلك من خلال الانتظام في محاضرات مقررة لهذا المقرر أو بفرض قراءات إجبارية علي المخالف وإجراء اختبار نهائي في المقرر ولا يمنح الطالب الشهادة النهائية إلا بعد اجتيازه بنجاح هذا المقرر.

3.     فرض دورة تدريبية علي الطالب أو المتدرب تدور محاورها حول طبيعة المخالفة السلوكية سواء كان يتم تنظيمها داخل المؤسسة التعليمية  أو خارجها ويجوز أن يتم تكليف المخالف بتحمل رسومها.

4.     إلزام المخالف بالاعتذار الرسمي كتابة أو شفاهة أو كلاهما عن السلوك المخالف في ذات المكان وإمام ذات شهود العيان الذين شاهدوا أو سمعوا بالمخالفة السلوكية.

5.     إلزام المخالف بالمشاركة في نشاط اجتماعي رسمي مثل أنشطة المؤسسات الاجتماعية التي تتناول مكافحة السلوك المرتكب لمدة محدودة.سواء كانت مؤسسات حكومية أو منظمات المجتمع المدني.

 

ثانيا  : العقوبات السلبية

تتحدد العقوبات السلبية التي يجوز فرضها علي الطالب أو المتدرب في أي من المخالفات المنصوص عليها في هذه اللائحة وبما يتناسب مع طبيعة ونوع المخالفة ، علي النحو التالي:

 

1.    الإخراج من قاعة المحاضرات.

2.    التنبيه الشفهي أو الخطي.

3.    الحرمان من حضور بعض أو كل محاضرات المادة أو التدريب العملي التي يخل الطالب أو  المتدرب بالنظام أثناءها.

4.    الإنذار .

5.    الحرمان لفصل دراسي أو أكثر من الأنشطة الميدانية التي ترتكب المخالفة أثناء ممارستها.

6.    الحرمان من المنحة أو الزيارة الخارجية المقررة لمقرر معين ارتكبت المخالفة بمناسبته.

7.    إلغاء التسجيل بمقرر أو أكثر من مقررات الفصل الدراسي الذي تقع فيه المخالفة ، وإلزام المخالف بإعادته.

8.    الفصل المؤقت من المؤسسة التعليمية لمدة فصل دراسي أو أكثر.

9.    اعتبار الطالب أو المتدرب راسبا في مقرر أو أكثر.

10.                       الحرمان النهائي من الدراسة أو التدريب في المؤسسة التعليمية.

11.                       إلغاء قرار منح الشهادة إذا تبين أن هناك  عملية تزوير ، أو احتيال في الوثائق أو إجراءات الحصول علي الشهادة ومنحها.

12.                       تعليق منح الدرجة بما لا يتجاوز فصل دراسي أو تعليق منح شهادة التدريب بما لا يتجاوز سنة.

13.                       إذا اتلف الطالب أو المتدرب أيا من ممتلكات المؤسسة التعليمية عن خطا يجوز أن تستوفي منة قيمة المثل إما إذا كان الإتلاف عمدا فيجب أن يستوفي منه مثلي بدل قيمة المثل يوم وقوع التلف للشيء أو الأشياء التالفة.

14.                       يجوز الجمع بين عقوبتين أو أكثر.

15.                       إذا ضبط الطالب أو المتدرب أثناء تأدية الامتحان أو الاختبار متلبسا بالغش يجب اعتباره راسبا في ذلك الامتحان أو الاختبار وفي مقرر أخر كحد ادني ، مع وجوب توقيع عقوبة أخري أو أكثر تقويمية أو سلبية أو تكميلية جواز توقيع أي من العقوبات الأخرى بالإضافة إلي ذلك.

 

ثالثا : العقوبات التكميلية :

تتحدد العقوبات التكميلية التي يجوز فرضها علي الطالب أو المتدرب في أي من المخلفات المنصوص عليها في هذه اللائحة و بما يتناسب مع طبيعة ونوع المخالفة، علي النحو التالي:

 

1.     إخطار ولى الأمر / الرئيس المباشر للمخالف بطبيعة ونوع المخالفة.

2.     إخطار التفتيش ا أو الجهة الرقابية المفوضة بالمتابعة والرقابة علي أعمال المخالف.

3.     التوصية لأي من الجهات الرئاسية بإلزام المخالف بحضور دورات تدريبية تدور محاورها حول طبيعة ونوع المخالفة السلوكية المرتكبة.

4.     التوصية لأي من الجهات الرئاسية باتخاذ إجراءات تقويمية وتأديبية بسبب طبيعة المخالفة السلوكية ومساسها بأخلاقيات وسلوك المهنة التي ينتمي إليها المخالف.

5.     التوصية لأي من الجهات الرئاسية للمخالف بإدراج القرار التأديبي المتخذ ضده في ملف خدمته.

6.     في جميع الحالات يجوز الجمع بين عقوبتين أو أكثر من العقوبات التقويمية الايجابية أو العقوبات السلبية والتكميلية.

 

ومن جانب أخر فأنه يمكن تصور ذلك فى كافة أنواع السلوك التي تستهدف القواعد القانونية تنظيمها ومثال ذلك أيضا ارتكاب شخص لجريمة السرقة حيث لا يكفى توقيع عقوبة بالحبس أو السجن لان ذلك لن يمنع في الغالب من يقوم ذات الشخص بالسرقة أو على الأقل بالتسول إذا كان سبب قيامة بالسرقة هو انه غير قادر على العمل الشريف إما لأنه غير مؤهل بأحد المهن التي يتطلبها سوق العمل أو لأنه لديه إعاقة بدنية تعوقه عن العمل أو انه مريض نفسيا وفى جميع الحالات ينبغي الا يكتفي المشرع بتقرير عقوبة مالية أو سالبة للحرية  وإنما يجب أن يتضمن ذلك عقوبات تقويمية ايجابية تضمن إعادة تأهيل وتدريب مرتكب الجريمة لأحد المهن التي يحتاج المجتمع لمخرجاتها ويستطيع المتهم أن يفي بمتطلبات حياته الأساسية منها أو تقرير معونة علاجية أو مالية أو تقرير دراسة مقرر سلوكي ونفسي وهكذا .

 

ومن الاتجاهات الحديثة فى هذا الشأن ما قرره المشرع الاماراتى على سبيل المثال فى قانون السير والمرور  حيث لم تكتفي المادة الثانية بتعداد المخالفات المرورية التي يرتكبها السائق وتصنيفها في مجموعات متجانسة من حيث خطورتها

  • Currently 103/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
30 تصويتات / 2941 مشاهدة
نشرت فى 3 مارس 2009 بواسطة toukhy

ساحة النقاش

د.سامى الطوخى

toukhy
هاتف متحرك 00971501095679 البريد الالكترونى [email protected] دكتوراه في العلوم الإدارية والقانونية - بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف وتبادل الرسالة مع الجامعات الأخرى ، كلية الحقـوق جامــعة القاهرة . - حوالي 20 عاما من الخبرة العلمية والعملية في مجال التدريس والتدريب المتعلق بمجالات عديدة فى التنمية الإدارية والقانونية والقضائية فضلا »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

263,843