بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً
برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوى رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد محمد عبد المجيد وعزيز بشاى سيدهم والدكتور حسين توفيق وحسن حسنين على. المستشارين.
* إجراءات الطعن
فى يوم الإثنين الموافق 14/7/1980 أودعت إدارة قضايا الحكومة نائبة عن رئيس الجمهورية ووزير الداخلية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد فى جدولها برقم 1432 لسنة 26 ق عليا ضد ايلى فيليب كافورى ونادية جوزيف كافورى وعايدة لندا ايلى كافورى واليزابيث ماجدة ايلى كافورى وهدى جورجيت ايلى كافورى - فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى دائرة العقود الإدارية والتعويضات بجلسة 18/5/1980 فى الدعوكى رقم 1514 لسنة 30 ق المقامة من المطعون ضدهم والذى قضى بإلزام وزير الداخلية بصفته بأن يدفع إلى المدعين خمسة آلاف جنيه مع إلزامه بالمصروفات، وطلبت الطاعنة للأسباب الواردة فى تقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه حتى يفصل فى موضوع الطعن وبقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضدهم وإلزامهم بالمصروفات عن الدرجتين. وقد أعلن المطعون ضدهم بتقرير الطعن فى 15/9/1980 وعقبت هيئة مفوضى الدولة على الطعن بتقرير بالرأى القانونى مسبباً ارتأت به الحكم برفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين بصفتهما بالمصروفات. وفى يوم الأربعاء 16/7/1980 أودع الوكيل عن المدعين ايلى فيليب كافورى، ونادية جوزيف كافورى، وعايدة لندا كافورى، واليزابيث ماجدة ايلى كافورى وهدى جورجيت ايلى كافورى - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد فى جدول المحكمة برقم 1435 لسنة 26 ق عليا ضد وزير الداخلية فى الحكم المطعون فيه بموجب الطعن رقم 1432 لسنة 26 ق عليا سالف الذكر. وطلب فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضده ( وزير الداخلية ) بأن يؤدى للطاعنيـن مبلـغ مائـة ألف جنيـه ( 100.000 جنيه ) على سبيل التعويض مع المصروفات عن الدرجتين. وقد أعلن تقرير الطعن إلى إدارة قضايا الحكومة فى 28/8/1980، وعقبت هيئة مفوضى الدولة على الطعن بتقرير بالرأى القانونى مسبباً ارتأت به الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين بالمصروفات. وتحدد لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلـسة 4/10/1982 وفيها قررت ضم الطعن رقم 1435 لسنة 26 ق عليا إلى الطعن رقم 1432 لسنة 26 ق عليا وبجلسة 1/11/1982 قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا ( الدائرة الأولى ) لنظرهما بجلسة 4/12/82 وفيها نظرت المحكمة الطعنين وسمعت ما رأت سماعه من ايضاحات ذوى الشأن وقررت إرجاء إصدار الحكم فى الطعنين إلى جلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات، وبعد المداولة.
من حيث أن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من أوراق الطعن تتحصل فى أن المدعين ايلى فيليب كافورى - ونادية جوزيف كافورى - وعايدة لندا ايلى كافورى - واليزابيث ماجده ايلى كافورى - وهدى جورجيت ايلى كافورى أقاموا الدعوى رقم 1514 لسنة 30 ق بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى فى 17/6/1967 ضد رئيس الجمهورية ووزير الداخلية وطلبوا فيها الحكم بإلزام الحكومة بأن تؤدى لهم مبلغ مائة ألف جنيه 100.000ج على سبيل التعويض عما نالهم من أضرار مادية وأدبية مع المصروفات. وقالوا فى شرح الدعوى أنه فى 25/10/1961 صدر الأمر رقم 140 لسنة 1961 بفرض الحراسة على أموال وممتلكات السيد / ايلى كافورى المدعى الأول وأسرته المكونة من باقى المدعين. وفى 31/12/1961 تقدم السيد / ايلى كافورى بطلب إلى الحارس العام بالأذن له بالعمل فى لبنان وبإعطائه شهادة بالموافقة على سفره لتقديمها إلى الجوازات والجنسية. وفى 22/1 سنة 1962 أخطرت الحراسة العامة إدارة الجوازات والجنسية بأنها لا تمانع من سفر ايلى كافورى للعمل فى الخارج. وفى 24/1/1962 طلب ايلى كافورى من وزير الداخلية الأذن له بالسفر للعمل فى الخارج، وصدرت الموافقة على الطلب وسافر المدعى الأول إلى لبنان فى 6/4/1962 بتأشيرة خروج عمل مؤرخة 5/4/1962. وفى سنة 1965 صدر القرار الجمهورى برقم 1146 بإسقاط جنسية الجمهورية العربية المتحدة عن ايلى كافورى وأسرته (باقى المدعين) وكان ذلك بناء على معلومات الإدارة من أنه غادر البلاد فى 15/1/1958 إلى بيروت ولم يعد إلى مصر حال كونه من الموضوعين تحت الحراسة بالأمر رقم 140 لسنة 1961. وفى سنة 1970 تقدم ايلى كافورى بشكوى إلى وزير الداخلية نفى فيها عن نفسه تهمة مغادرة البلاد دون إذن أو رفضه العودة إليها مؤكداً على أنه غادرها بعلم وموافقة السلطات المختصة للعمل فى الخارج وطلب إعادة جنسيته المصرية إليه وقامت إدارة الوثائق والجنسية بفحص الطلب وقدمت مذكرة جاء فيها أن المدعى الأول سافر إلى لبنان فى 6/4/1967 للعمل بموافقة الحراسة العامة وأن الحراسة العامة طلبت من رئيس مجلس الوزراء إسقاط الجنسية المصرية عنه فوافق على ذلك وصدر القرار الجمهورى رقم 1146 لسنة 1965 بإسقاط الجنسية عنه طبقاً للمادة 63 من القانون رقم 82 لسنة 1958 لمغادرته البلاد بنية عدم العودة وأن قرار إسقاط الجنسية صدر باطلاً لأن الحراسة رفعت طلب إسقاط الجنسية المصرية عن المدعى الأول إلى رئيس مجلس الوزراء مباشرة دون الرجوع إلى مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية وهى الجهة المختصة أصلاً ببحث مشروعية أسباب إسقاط الجنسية وأن المدعى الأول سافر إلى الخارج للعمل وليس بنية عدم العودة وكان ذلك بعلم الحراسة العامة ذاتها وقد كلف المدعى الأول بالعودة عن طريق الجريدة الرسمية رغم أن عنوانه فى لبنان معروف ولم يتلق اخطاراً بالعودة. وبعرض الأمر على إدارة الفتوى المختصة رأت أن قرار إسقاط الجنسية عن المدعى صدر فى حالة لا يجوز صدوره فيها الأمر الذى يجوز معه سحبه دون التقيد بالمواعيد المقررة للسحب لأنه لا ينشئ مركز ذاتى تتعلق به حقوق ذوى الشأن وبعرض الأمر على وزير الداخلية أبقى قرار إسقاط الجنسية الباطل وبإعادة عرض الموضوع بعد سنوات رأى وزير الداخلية سحب قرار إسقاط الجنسية لمخالفته القانون ثم صدر القرار الجمهورى فى سنة 1972 بسحب قرار إسقاط الجنسية لصدوره فى غير الحالات المقررة لصدوره قانوناً، فكأن الإدارة قد سلمت بأن قرار إسقاط الجنسية عن الطالبين رقم 1146 لسنة 1965 قد صدر باطلاً ومشوباً بسوء استعمال السلطة، وقد لحق الطالبين من جراء قرار إسقاط جنسيتهم سنة 1965 أضرار مادية وأدبية منها حرمانهم من العودة إلى وطنهم مصر من سنة 1965 إلى 1972 حين صدر قرار رئيس الجمهورية بسحب قرار إسقاط الجنسية، وحرمانهم أيضاً وخاصة رب العائلة ايلى كافورى من العودة إلى ممارسة نشاطه فى مصر بالنظر إلى ماضيه وخبرته فى ميدان الأعمال الحرة وحرمانهم من مسكنهم الوحيد فى مصر وهو الفيلا رقم 28 شارع العروبة بمصر الجديدة والمملوكة للسيدة / نادية جوزيف كافورى زوجة الطالب الأول وقد اتخذت بعض مراكز القوى من قرار إسقاط الجنسية الباطل وحرمان المدعين من العودة إلى مصر ذريعة للاستيلاء على المسكن والاستمرار فى شغله حتى الآن بينما يعانى المدعون من مشكلات السكن فى الشقق المفروشة. ويحق للمدعين طلب التعويض عن كافة الأضرار الأدبية والمالية التى نالتهم من جراء إسقاط جنسيتهم الباطل، ويقدرون التعويض بمبلغ 100.000 ج مائة ألف جنيه.
وعقبت وزارة الداخلية على الدعوى فقالت أن السيد/ ايلى فيليب كافورى من مواليد الأسكندرية سنة 1918 مسيحى الديانة ، وقد اعتبر داخلاً فى الجنسية المصرية بحكم القانون طبقاً للمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 وقد ورد لمصلحة الهجرة والجوازات والجنسية كتاب المباحث العامة رقم 1400 لسنة 1964 المؤرخ 23/1/1964 يتضمن أنه مدرج بسجل العزل السياسى وورد كتاب وزير الداخلية رقم 42/4394 المؤرخ 7/9/1964 مرفقاً به صورة خطاب مدير مكتب رئيس مجلس الوزراء بالموافقة على اسقاط جنسية جمهورية مصر عن المدعى الأول، وبعض الأمر على إدارة الفتوى المختصة أفادت بأن المادة 23 من القانون رقم 82 لسنة 1958 المعدل بالقانون رقم 282 لسنة 1959 تقضى بأنه يجوز بقرار مسبب من رئيس الجمهورية لأسباب هامة يقدرها اسقاط جنسية الجمهورية العربية المتحدة عن كل شخص متمتع بها يكون قد غادر مصر بقصد عدم العودة إذا جاوزت غيبته فى الخارج ستة أشهر وذلك بعد إخطاره بالعودة إذا لم يرد أو إذا رد بأسباب غير مقنعة خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إخطاره والمدعى الأول غادر مصر فى 15/1/1958 دون أن يحصل على ترخيص بالمغادرة أو العمل من الأمن العام ومضى على مغادرته البلاد أكثر من ستة أشهر، وهو ما يؤكد انصراف نيته إلى مغادرة البلاد نهائياً. لذلك فإنه يجوز للإدارة استصدار قرار من رئيس الجمهورية باسقاط جنسية مصر عنه وفقاً لحكم المادة الأولى من القانون رقم 282 لسنة 1959 بعد اتباع الإجراءات المنصوص عليها فى المادة 23 من القانون رقم 82 لسنة 1958 ومنها إخطاره بالعودة واسقاط الجنسية عن المدعى الأول يتضمن سقوطها عن زوجته وأولاده القصر المغادرين البلاد وفقاً لحكم المادة 24 من القانون المذكور. وبناء على هذا النظر صدر القرار الجمهورى رقم 1146 لسنة 1965 فى 17/4/1965 باسقاط الجنسية عن المدعى الأول لأنه غادر مصر بنية عدم العودة وجاوزت غيبته فى الخارج ستة أشهر ولم يعد رغم إخطاره خلال ثلاثة أشهر وادرج اسمه فى قائمة الممنوعين عن الدخول. وقد تقدم المدعى بالتماس عن طريق القنصلية المصرية فى بيروت لإعادة النظر فى اسقاط الجنسية عنه، وتبين للمصلحة من فحص الأوراق أن المدعى الأول قدم طلباً فى 22/3/1960 للسماح له بالسفر إلى الخارج لقضاء بعض المصالح الخاصة بعمله، ووافقت الحراسة على سفر المدعى إلى لبنان بناء على طلب لحصوله على عمل فى لبنان من 1/1/1962 وسافر المدعى إلى لبنان فى 6/4/1962 بموافقة الحراسة العامة ورغم ذلك رفعت الحراسة مذكرة إلى رئيس الوزراء بطلب اسقاط الجنسية عنه وقد استصدر رئيس مجلس الوزراء القرار الجمهورى باسقاط الجنسية المصرية عن المدعى وخلصت مذكرة مصلحة جوازات السفر والجنسية إلى اعتبار قرار اسقاط الجنسية عن المدعى قراراً باطلاً وطلبت سحبه إذا وافقت وزارة الداخلية. وباستطلاع رأى مجلس الدولة أوضح أن المدعى غادر البلاد فى سنة 1962 بموافقة الجهات المختصة بعد حصوله على عقد عمل فى لبنان. ومناط اسقاط الجنسية المصرية وفقاً لحكم المادة 23 من القانون رقم 82 لسنة 1958 هو انصراف نية المغادر إلى مغادرة البلاد نهائياً. وقد سافر المدعى إلى لبنان فى 6/4/1982 بموافقة الحراسة العامة بعد أن أثبت أن سفره كان للعمل ( تعاقد شخصى ) ولذلك يكون اسقاط الجنسية المصرية على ايلى فيليب كافورى قد تم فى غير الحالات المقررة قانوناً لإسقاط الجنسية، الأمر الذى يجوز معه للحكومة سحب قرار اسقاط الجنسية دون التقيد بأية مواعيد وقد صدر القرار الجمهورى رقم 162 لسنة 1973 فى 13/2/1973 بسحب القرار الجمهورى رقم 1146 لسنة 1965 فيما تضمنه من اسقاط الجنسية عن المدعى، ويتضح مما تقدم أن قرار اسقاط الجنسية عن المدعى تم بناء على مذكرة الحراسة العامة، وسفر المدعى إلى لبنان لم يكن بنيه مغادرة البلاد نهائياً ولكن كان للعمل بموافقة الحراسة العامة ذاتها، وقد تبين لوزارة الداخلية عند إعادة بحث الموضوع أن اسقاط الجنسية عن المدعى كان بناء على معلومات خاطئة لم تكن تعلمها وزارة الداخلية التى سارعت إلى مجلس الدولة بالوقائع الصحيحة طالبة رأيه فأفتاها بسحب قرار اسقاط الجنسية وصدر القرار الجمهورى بسحب قرار اسقاط الجنسية بعد ثورة التصحيح. فوزارة الداخلية لم تخطئ ولكنها تصرفت بناء على المعلومات التى توافرت لديها وعندما اتضحت لها الحقيقة بادرت إلى التصحيح وسحب القرار حتى تعود الجنسية إلى صاحبها وفى ذلك تعويض عينى كاف بما لا يدع مجالاً للتعويض النقدى وخلصت الحكومة إلى طلب الحكم برفض الدعوى بطلب التعويض النقدى وإلزام المدعين بالمصروفات.
وبجلسة 18/5/1980 قضت محكمة القضاء الإدارى للمدعين بإلزام وزارة الداخلية بأن تدفع لهم خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض والمصروفات، وأقامت المحكمة هذا القضاء على أساس أنه صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 1146 لسنة 1965 فى 27/4/1965 باسقاط الجنسية عن المدعى الأول لمغادرته البلاد بنية عدم العودة وجاوزت غيبته فى الخارج ستة أشهر وهو لم يعد رغم إخطاره بالعودة خلال ثلاثة أشهر وتضيف المحكمة أن المدعى الأول كان قد حصل على عقد عمل بالخارج وغادر البلاد سنة 1962 بموافقة السلطات المختصة وأنه لم يخطر بالعودة على عنوانه المعروف لدى الإدارة وإنما تم إخطاره عن طريق النشر بالجريدة الرسمية. وهذا الإجراء لا تجيزه المادة 43 من قانون الجنسية رقم 82 لسنة 1958 الذى كان سارياً إلا إذا امتنع الشخص عن تسلم الإخطار بالعودة أو لم يكن له محل إقامة معروف فى الخارج. وترتب على اسقاط الجنسية عن المدعى الأول اسقاطها عن عائلته طبقاً لحكم المادة 24 من قانون الجنسية رقم 82 لسنة 1958 وأكدت المحكمة عدم مشروعية القرار الجمهورى رقم 1146 لسنة 1965 باسقاط الجنسية عن المدعين، كما أكدت ما كان من مسلك الإدارة بإغفال واقعة حاسمة فى دلالتهما وهى ما كان من سفر المدعى الأول إلى لبنان بعد حصوله على تأشيرة خروج للعمل سنة 1962 بينما الثابت أن مصلحة الجوازات والجنسية كانت تذكر فى مكاتباتها السابقة على صدور قرار اسقاط الجنسية أن المدعى غادر البلاد فى 15/1/1958 فضلاً عن اخطاره بالعودة عن طريق النشر بالجريدة الرسمية فى الواقعة الذى أقرت الإدارة فيه بمعرفتها عنوان المدعى الأول فى الخارج الأمر الذى ينحدر بتصرف الإدارة إلى الخطأ الجسيم. وأضافت المحكمة أن المدعى الأول وزوجته قد اكتسبا الجنسية اللبنانية فى 4/9/1971 وبذلك يكونا مع بناتهما قد عاشوا من تاريخ اسقاط الجنسية المصرية عنهم وحتى تاريخ كسبهم الجنسية اللبنانية بصفة عديمى الجنسية بعد حرمانهم من شرف الانتماء إلى دولتهم. ولذلك يكون قد أصاب المدعين ضرر أدبى حقيقى ولا يكفى لجبر هذا الضرر صدور القرار الجمهورى رقم 163 لسنة 1973 بسحب قرار اسقاط الجنسية وان كان هذا القرار يجبر جانباً من الأضرار، وقدرت المحكمة التعويض عن الأضرار الأدبية التى أصابت المدعين بمبلغ خمسة آلاف جنيه. أما عن الضرر المادى فإن قرار إسقاط الجنسية المصرية عن المدعى الأول لم يحرمه من فرص العمل والكسب بمصر، وكذلك الأمر بالنسبة لباقى المدعين الأمر الذى قضت معه المحكمة برفض طلب التعويض المادى. أما حرمان المدعية الثانية من مسكنها فليس مرده إلى قرار اسقاط الجنسية عنها بالتبعية لاسقاطها عن زوجها ولكن أساسه التصرف الذى قامت به الجهة القائمة على تنفيذ القرار بفرض الحراسة على المدعى الأول وعائلته، والنعى على هذا التصرف وطلب التعويض عنه يكون باختصام جهاز تصفية الحراسات عن المدعين، إذ لا اعتداد فى مجال طلب التعويض عن الأضرار المترتبة على قرار اسقاط الجنسية عن المدعين بالأضرار التى أصابتهم من جراء فرض الحراسة عليهم.
ويقوم طعن الحكومة ( رقم 1432 لسنة 26ق عليا ) على أساس أن وزارة الداخلية قد تجمعت لديها المعلومات والأسباب المبررة لاتخاذ قرار اسقاط الجنسية فقد أفادت المباحث العامة بأن المدعى الأول مدرج بسجل العزل السياسى ولم تخطر وزارة الداخلية بواقعة موافقة الحراسة على سفر المدعى للعمل فى الخارج، كما أن غيبة المدعى بالخارج استطالت دون أن يعود ولم يستجب لاخطاره بالعودة ولذلك اطمأنت وزارة الداخلية إلى سلامة الإجراءات التى اتخذتها على أساس أن مغادرة المدعى وأسرته البلاد كان بنية عدم العودة خاصة وأن وزارة الداخلية استطلعت رأى إدارة الفتوى المختصة فأفادتها بصحة تصرفها باسقاط الجنسية عن المدعين. ولم يصدر قرار سحب قرار اسقاط الجنسية لعدم مشروعية قرار اسقاط الجنسية ولكه صدر فى إطار سياسية فتح الباب أمام أولئك الذين اسقطت عنهم الجنسية لكى يعودوا إلى مصر ويشاركوا فى مسيرة التنمية فيها وذلك بسحب قرارات اسقاط الجنسية عنهم لعدم وجود نص فى القانون المعمول به سنة 1973 يسمح برد الجنسية وقرار اسقاط الجنسية عن المدعين صدر سليماً بما لا يوجب التعويض عنه، كما أن إعادة الجنسية المصرية إلى المدعى وأسرته بالقرار الجمهورى رقم 163 لسنة 1963 يتضمن تعويضاً عينياً كافياً لا يصح معه التعويض بمقابل نقدى.
ويقوم طعن المدعين ( رقم 1435 لسنة 26 ق عليا ) على أساس أن تقدير التعويض بمبلغ خمسة آلاف جنيه (5000ج) هو بغير شبهة ووفقاً لجميع مقاييس التقدير يعتبر أقل من القليل مما يستحق المدعون خاصة بعد تدهور القوة الشرائية للعملة. وقد أخطأ الحكم المطعون فيه بإطراحه طلب التعويض عن الأضرار المادية التى أصابت المدعين من جراء حرمانهم من فوضى استثمار خبرته السابقة فى مجال السياحة والنقل، وهو وإن كان أمراً محتملاً، إلا أن تفويت الفرصة أمر محقق وليس ما يمنع من حسابها ضمن عناصر التعويض. وأخطأ الحكم المطعون فيه طلب التعويض عن الأضرار المادية التى أصابت المدعين من جراء الاستيلاء على مسكنهم الوحيد وحرمانهم من الانتفاع به والاستيلاء على ما كان به من منقولات ورياش ثمينة بمقولة أن هذا التصرف قد تم نتيجة فرض الحراسة على المدعين، وذلك رغم ما أوضحه المدعون من أن قرار تأجير المسكن للغير كان على أساس أبعاد المدعين عن مصر واسقاط جنسيتهم.
ومن حيث أن المادة 23 من القانون رقم 82 لسنة 1958 بشأن جنسية الجمهورية العربية المتحدة المعدل بالقانون رقم 282 لسنة 1959 تجيز بقرار من رئيس الجمهورية لأسباب هامة يقدرها إسقاط جنسية الجمهورية العربية المتحدة عن كل شخص متمتع بها يكون قد غادر الجمهورية بقصد عدم العودة إذا جاوزت غيبته فى الخارج ستة أشهر وذلك بعد إخطاره بالعودة إذا لم يرد أو رد بأسباب غير مقنعة خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إخطاره. فإذا امتنع عن تسلم الإخطار أو لم يعرف له محل إقامة اعتبر النشر عن ذلك فى الجريدة الرسمية بمثابة الإخطار. وتقضى المادة 23 بأن يترتب على اسقاط الجنسية عن صاحبها فى الحالة المنصوص عليها فى المادة 23 أن تسقط الجنسية أيضاً عن زوجته وأولاده القصر المغادرين معه. والثابت من الأوراق بيقين أن المدعى الأول ايلى فيليب ضاهر كافورى من مواليد الأسكندرية سنة 1918 وهو مصر الجنسية من أصل لبنانى وقد فرضت الحراسة على أمواله وممتلكاته وأموال زوجته وأولاده بالأمر رقم 140 لسنة 1961 الصادر فى 25/10/1961، وفى 31/12/1961 طلب المدعى من الحارس العام الإذن له بالسفر إلى لينان للعمل وإعطائه شهادة بالموافقة على سفره ليقدمها إلى إدارة الجوازات والجنسية. وقد وافقت الحراسة العامة على سفر المدعى الأول للعمل فى الخارج وأخطرته بهذه الموافقة إدارة الجوازات والجنسية وطلب المدعى من وزارة الداخلية الإذن له بالسفر إلى الخارج بقصد العمل، ووافقت وزارة الداخلية على طلبه ومنحته تأشيرة خروج للعمل بالخارج مؤرخة 5/4/1962 وسافر المدعى مغادراً أرض مصر فى 6/4/1962 بتأشيرة خروج للعمل صادرة بناء على موافقة الحراسة العامة على سفره إلى لبنان للعمل هناك. وقد تبودلت خطابات بين المباحث العامة فرع النشاط الداخلى (معتقلات) وبين الحراسة العامة ووزارة الداخلية ومكتب رئيس مجلس الوزراء حول النظر فى اسقاط الجنسية المصرية عن المدعى الأول لإقامته فى الخارج وانصراف نيته إلى عدم العودة إلى مصر وكان ذلك فى سنة 1964 وقد أفاد قسم المراقبة بمصلحة الجوازات والجنسية رداً على السؤال عن تحركات المدعى بأنه - أى المدعى - غادر الوطن فى 15/1/1958 إلى بيروت بتأشيرة خروج رقم 586/ القاهرة مؤرخة 12/1/1958 ولم يستدل على عودته إلى الوطن، فأخطر بالعودة إلى مصر عن طريق النشر فى الجريدة الرسمية بحجة عدم وجود عنوان معروف له بالخارج، ووافق رئيس مجلس الوزراء على اسقاط الجنسية المصرية عن المدعى وأفتت إدارة الفتوى المختصة فى أكتوبر سنة 1964 بأنه لما كان المدعى الأول قد غادر البلاد فى 15/1/1958 دون أن يحصل على تصريح بالمغادرة أو العمل من الأمن العام ومضى على مغادرته البلاد أكثر من ستة أشهر فإن نيته تكون قد انصرفت إلى المغادرة النهائية ويجوز اسقاط الجنسية المصرية عنه بقرار من رئيس الجمهورية. وبالفعل صدر القرار الجمهورى رقم 1146 لسنة 1965 فى 27/4/1965 باسقاط الجنسية المصرية عن المدعى لأنه يقيم بالخارج وغادر البلاد بنية عدم العودة إليها وجاوزت غيبته فى الخارج ستة أشهر ولم يعد رغم إخطاره بالعودة خلال ثلاثة أشهر - وذلك محافظة على سلامة الجمهورية وأمنها وسلامتها. وقد تظلم المدعى من هذا القرار وتبين للإدارة أن المدعى غادر البلاد فى 6/4/1962 بعد أن أحصل على إذن من الحراسة العامة بسفره، وان مغادرته البلاد كانت بقصد العمل فى لبنان، وان رقم تأشيرة خروجه من مصر هو 852 عمل بمستندات (ع.ح) فى 5/4/1962 وأنها صدرت بموافقة الحراسة العامة بعد أن قدم المدعى ( المستندات المثبـتـة لطلب سفره بقصد العمل فى لبنان ( تعاقد شخصى ) وكان سفره إلى لبنان بموافقة الحراسة العامة. وعند ذلك أفتت إدارة الفتوى فى ضوء الوقائع الصحيحة بأن قرار اسقاط الجنسية عن المدعى قد صدر فى غير الحالات المقررة لذلك قانوناً وهو قرار غير مشروع ويجوز سحبه فى أى وقت دون التقيد بالمواعيد المقررة لسحب القرارات الإدارية غير المشروعة ثم صدر القرار الجمهورى رقم 163 لسنة 1973 فى 13/2/1973 بسحب قرار رئيس الجمهورية رقم 1146 لسنة 65 فيما تضمنه من اسقاط الجنسية المصرية عن المدعى. وليس من ريب أن القرار الجمهورى رقم 1146 لسنة 1965 الصادر فى 27/4/1965 باسقاط الجنسية المصرية عن المدعى يتسم بعدم المشروعية لمخالفته حكم المادة 23 من القانون رقم 82 لسنة 1958 المعدل بالقانون رقم 282 لسنة 1959 ذلك أن الثابت بيقين أن المدعى غادر مصر فى 6/4/1962 بقصد العمل فى لبنان بموافقة الحراسة العامة ووزارة الداخلية على سفره إلى الخارج لهذا الغرض، ومن ثم لا تتوافر فى حقه واقعة مغادرة البلاد بقصد عدم العودة - وهى التى تبرر مع توافر باقى شروط المادة 23 من القانون رقم 82 لسنة 1958 اسقاط الجنسية المصرية عن المواطن. وليس من ريب إن القرار الجمهورى باسقاط الجنسية المصرية عن المدعى والمتسم بعدم المشروعية لفساد سببه وقيامه على واقعات غير صحيحة. قد الحق أبلغ الأضرار الأدبية بالمدعى وأسرته. فحرمه وحرمهم من شرف الانتماء إلى مصر - الدولة والشعب وعراقة التاريخ وتجاريب الحاضر والأمانى القومية فى تحقيق مستقبل أفضل وأسقطه فى بئر المحرومين من الجنسية المهددين بعدم القرار فى أية دولة فى العالم - إلا فى حدود ما يتسامح فيه بالنسبة لعديمى الجنسية، ومما يؤكد هذه الأضرار الأدبية أن المدعى لم يتقبل ساكتاً صدور قرار رئيس الجمهورية الصادر باسقاط الجنسية عنه، ولكنه دافع عن حقه فى الجنسية المصرية فتظلم وقدم الشكاوى وبين وجه الحق فيما التبس على الإدارة استخلاصه من الوقائع الصحيحة، وانتجت طعناته المتكررة على قرار رئيس الجمهورية باسقاط الجنسية عنه صدور القرار الجمهورى رقم 163 لسنة 1973 بسحب القرار الجمهورى رقم 1146 لسنة 1965 فيما تضمنه من اسقاط الجنسية المصرية عنه. ولا يغنى المدعى عن حقه فى التعويض عن هذه الأضرار الأدبية ولا يجبرها مجرد صدور قرار رئيس الجمهورية بسحب قرار اسقاط الجنسية المصرية عنه وما ترتب على ذلك من السماح للمدعى بالعودة إلى مصر مرة ثانية بوصفه مصرياً وهو ما قضى به بحق الحكم بالعودة إلى مصر ثانية بوصفه مصرياً وهو ما قضى به بحق الحكم المطعون فيه. ولما كان الثابت من الأوراق أن المدعى غادر مصر إلى لبنان فى 6/4/1962 بقصد العمل هناك بناء على تعاقد شخصى، وكان الثابت أن المدعى حصل وهو فى لبنان على جنسية لبنان وعمل هناك، وكان المدعى قد أقر فى تظلماته من قرار رئيس الجمهورية باسقاط الجنسية المصرية عنه بأنه قد ترك مصر تحت ضغط الحاجة إلى العمل من أجل العيش إذ أجبرته الحراسة على ترك عمله الذى كان يتعيش منه ولم تصرح له بالعمل فى مصر وأنه عثر على عمل له فى لبنان، وعلى ذلك فإن قرار رئيس الجمهورية باسقاط الجنسية المصرية عن المدعى لم يحرمه من فرص العمل فى مصر، فقد حرم المدعى من العمل من جراء فرض الحراسة على أمواله وممتلكاته، ولم يثبت من الأوراق أن زوجة المدعى وبناته قد حرم من العمل فى مصر من جراء اسقاط الجنسية المصرية عنهم بالتبعية لاسقاطها عن المدعى الأول زوج المدعية الثانية ووالد باقى المدعيات، والثابت بإقرار المدعى نفسه أنه عمل فى لبنان حيث حصل على جنسية لبنان، أما عن حرمان المدعين من مسكنهم الوحيد فى مصر وهو الفيلا رقم 28 شارع العروبة بمصر الجديدة والمملوكة للمدعية الثانية زوجة المدعى الأول فكان نتيجة لفرض الحراسة على أموال وممتلكات المدعى وزوجته وبناته الثلاث، وقد تصرفت الحراسة العامة فى العقار بالبيع إلى شركة مصر للتأمين فى 10/4/1963 قبل صدور القرار الجمهورى رقم 1146 لسنة 1965 فى 27/4/1965 باسقاط الجنسية المصرية عن المدعى وعلى ذلك تنحصر الوقائع الموجبة للتعويض والمترتبة على القرار الجمهورى غير المشروع باسقاط الجنسية المصرية عن المدعى فى الأضرار الأدبية وحدها، وهى حرمان المدعى وأسرته وهم فى لبنان من الانتماء السياسى والمصيرى لمصر، ولم يلحق القرار الجمهورى باسقاط الجنسية المصرية عن المدعين أية أضرار بهم إذ لم يترتب عليه تفويت فرص العمل على المدعين فى مصر ولا ترتب عليه حرمانهم من مسكنهم بشارع العروبة بمصر الجديدة، فهذه كلها - أى الأضرار المادية - قد نتجت وترتبت على واقعة فرض الحراسة على أموال وممتلكات المدعى وأفراد أسرته - زوجته وبناته - وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلزام وزارة الداخلية بأن تدفع للمدعين تعويضاً مقداره خمسة آلاف جنيه (5000 ج) عن الأضرار الأدبية المترتبة على قرار رئيس الجمهورية باسقاط الجنسية المصرية عنهم، واستبعدت الأضرار المادية من مجال التعويض لأنها ترتبت على سبب آخر غير القرار الجمهورى باسقاط الجنسية المصرية عن المدعين وهو سبب فرض الحراسة على أموالهم وممتلكاتهم وأقام الحكم المطعون فيه المسئولية فى حق وزارة الداخلية التى كان فى وسعها أن تعرف الحقيقة فى شأن تاريخ وسبب مغادرة المدعى وأسرته لأرض الوطن - فإنه - أى الحكم المطعون فيه يكون قد جاء مصادفاً وجه الحق والتقدير السليم لقيمة التعويض، الأمر الذى يكون طعن المدعين وطعن الحكومة معه على الحكم سالف الذكر فى غير محلهما بما يوجب الحكم برفض الطعنين معاً لعدم قيامها على أساس سليم من القانون ومن حيث أنه لما تقدم فإنه يتعين الحكم بقبول الطعنين شكلاً وبرفضهما موضوعاً وبإلزام كل من الطاعنين بمصروفات طعنه.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً ورفضهما موضوعاً وألزمت كلا من الطاعنين بمصروفات طعنه.
ساحة النقاش