صفات الطعام الواقي
من الأمراض
نعرف أن معظم الطعام يفسد إذا ترك لوحده دون أن يؤكل وحتى في جسم الإنسان فهو بفعل مرور الوقت عليه داخل الأمعاء يفسد ويطرح خلال 36 ساعة بالمتوسط على شكل مخلفات فاسدة ولا يمتص الجسم منه إلا المواد الذائبة في الماء أو الذائبة في الدهن كما أن فهم احتياج الجسم من نوع وكمية الغذاء أمر هام لمنع ضرر الحرمان وخطورة الإسراف في كمية ونوع الغذاء. وسلامة الغذاء من الفساد شرطا أساسيا لكي نستفيد منه دون أن يضرنا. وفي ما يلي بيان لذلك.
الحلال الطيب
نجد أن معظم الطعام قابل للفساد عدا العسل ومن المعروف أن عسل النحل الخام المعزول عن الرطوبة لا يفسده الدهر ولا تنموا عليه الجراثيم أما بقية الأطعمة فهي قابله للفساد بمعدل يتزايد مع زيادة نسبة الماء فيها. والطعام الطيب هو الطعام الطري الذي لم يفسد واللحم الحلال ما لم ينتن وصيد البحر الطري قبل تفسخه وقبل تعفنه وفساده وقد عرفه الحديث الشريف قال رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام ( ما ألقي البحر أو جزر عنه فكلوه وما مات فيه وطفا فلا تأكلوه ) رواه أبو داود. وقال تعالى ( لتأكلوا منه لحماً طرياً ) النحل 14. والإعجاز في قوله تعالى لحما طريا لأن الثابت علميا أن في الأسماك تكون الخمائر المحللة للبروتين اكثر نشاطا من تلك الموجودة باللحوم وتستمر خميرة الفوسفوليبديز في تحلل دهون الأسماك حتى لو تعرضت للبخار بدرجة الغليان لمدة عشرين دقيقة وتحتوي الأسماك على خميرة الثيامنيز التي تهدم فيتامين ب 1 ولا تتوقف إلا بالحرارة عند الطبخ وتنموا على الأسماك جراثيم محبة للبرودة تعمل على تحللها وفسادها حتى أثناء تبريدها في الثلاجات وخاصية النشاء الحيواني الجلايكوجين الذي يتحول الى حامض اللاكتيك ويعمل كمادة حافظة لا توجد هذه الخاصية في الأسماك لأن السمك يستنفد أثناء صيده كافة الجلايكوجين في حركة مقاومة الإصدياد وتتحقق الفائدة الغذائية القصوى من الصيد البحري اذا تم تناوله طريا. ومن أصدق من الله قيلا سبحانه وقال تعالى ( يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ) البقرة 168. وقال تعالى" ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث " 157الاعراف. ومن الطيبات المكتمل نضجه في الثمار ( الفواكه والمحاصيل والحبوب ) غير المتعفن. أما الأطعمة التي تغير طعمها بفعل مرور الوقت عليها مثل اللبن الرائب الذي يستخرج منه الجبن والزبدة والأطعمة المخمرة والأطعمة الغير طرية ( الفاسدة جزئيا ) فكلما مر الوقت عليها أزداد فسادها وقلت فائدتها الغذائية وازدادت سمومها وتخربت مكوناتها الغذائية حتى تتحول إلى خبائث لأن المواد السكرية فيها تتحول إلى أحماض تسبب وتهيج قرحة المعدة والمواد الدهنية تتزنخ وتتحول إلى مواد غير مستساغة الطعم وضارة على الصحة بشكل بسيط وتتحطم المواد الداخلة فيها كفيتامين أ و هـ. والدهن الذي يستخرج عادة من اللبن الذي تغير طعمه تزداد فيه نسبة الدهون الشمعية التي تسبب عسر الهضم وتصلب الشرايين كما هو الحال في السمن والزبدة بعكس الدسم الذائب في اللبن الطري سهل الهضم ولا يسبب تصلب الشرايين أما المواد البروتينية فتتغير مع الوقت الى نواتج ضاره مثل تكون مادة التيرامين الرافعة لضغط الدم في الجبن ومادة الهستامين المثيرة للحساسية بعكس البروتين الموجود في اللبن الطري الخالي من هذه المواد وقد بين القرآن الكريم إجمالا كل ذلك فيما أعده الله تعالى للخالدين في الجنة أنهم لا يتناولون ما تغير طعمه قال تعالى ( وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ) محمد 15.
الخبيث
الطعام الفاسد والنتن والمتعفن ولحم الميتة من الخبائث وتناول الأطعمة الفاسدة ضار بالصحة ويؤدي إلى الهلاك والميتة قد يكون سبب موتها مرض خطير يمكن أن ينتقل إلى الإنسان عندما يأكل الإنسان لحم الميتة أو لحم ما أشرفت على الموت نتيجة مرضها حتى وإن تم تذكيتها ( ذبحها ) لأن التذكية في القرآن الكريم لما كانت سليمة من المرض وأشرفت على الهلاك لسبب غير المرض وقبل موتها كالمتردية والنطيحة... وينتج من الجيف ( اللحوم والبروتينيات المتحللة ) ينتج تخريب لمحتوياتها ويتصاعد منها غاز كبريتيد الهيدروجين السام وله رائحة البيض الفاسد. كما أن الميتة تحوي الدم وحرم الله الدم كطعام والدم المسفوح لان الدم سريع التعفن عسير الهضم ولا تمتص الأمعاء خلايا الدم إلا بعد تحللها إلى مخلفات والدم ضار لاحتوائه على حمض البول والسموم والمخلفات الحيوية وحرم الله لحم الخنزير ذلك الحيوان الذي يأكل الجيف والمخلفات القذرة جدا ولا يجتر. قال تعالى ( قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسق أهل لغير الله به ) الأنعام 145 والرجس بمعنى القذر وكل قذارة أيا كان مصدرها ضارةً بالصحة ونستشعر من هذه الآية و قوله تعالى" ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث " 157الاعراف .. أن الله تعالى أمر بما ينفع ويدعم صحة الإنسان ونهى عما يمرض ويؤذي الصحة والمخالف يضر نفسه وصحته وأي طعام فاسد خرج من صفته الطيبة بفعل التعفن والتخمر والتخريب الجرثومي لا يسمى طيبا. وكل ما مصدره قذر ورد النهي عنه فقد نهى رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام عن أكل لحوم الجلاّلة وألبانها - والجلاّلة آكلة العذرة من القاذورات. روى ابن ماجه عن ابن عمر : نهى رسول الله عن لحوم الجلاّلة وألبانها. وذكر أبو داود والترمذي مثله. وموجز القول أن الخبيث هنا يشمل المواد السامة والقاذورات والجراثيم الممرضة وكل ما هو ضارة بالصحة وعلينا إن نعيد النظر في كل ما نأكله كيف تم تخزينه وتحضيره وما هي المواد المضافة إليه وهل لا يزال محافظا على طيبته.
الفطرة والغذاء
يرغب الإنسان في تناول الطعام المنوع لحاجته الفطرية إلى محتوياته الغذائية المتعددة. والمؤشر الحقيقي للحاجة الغذائية كما ونوعا هو الشعور الفطري بالجوع وهو أكبر دليل على حاجة الإنسان إلى الطعام والجوع هو صانع اللذة وموجه الرغبة والشره إلى الطعام وبعد تناول الطعام كما ونوعا يشعر الإنسان فطريا بالشبع والشبع هو أكبر دليل على الاكتفاء. وحسب نوع المواد الغذائية فمؤشر الاكتفاء قريب جداً إلى الاقتناع في المواد الدهنية أي أن الإنسان يسأم من الطعام الدهني بعد تناول كمية قليلة من الدهون ومؤشر الاكتفاء بالخبز( النشويات ) بعيد أكثر عن الشبع أي أن الإنسان يشبع من الخبز بعد أكل كمية أكثر بكثير من كمية الدهون وهكذا تختلف درجة الاكتفاء وسأم الإنسان عن الأكل طبقاً لحاجته لكل نوع من أنوع المواد الغذائية ولا يمكن أن يقتنع آكل بصنف واحد من الطعام وخاصة أن لم يحوي أكله على شيء من المواد الغذائية الأساسية فأنه يشعر أنه لا زال جائعاً وهذا الشعور الملازم للإنسان نحو الطعام هو جزء من شعوره الفطري قال تعالي ( فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) الروم 30. فالفطرة التي فطر الله الناس عليها هي الشعور الملازم للإنسان في الحاجة إلى ربه عن الشدائد ومن الفطرة الحاجة إلى الزاد عند الجوع والشعور بالشبع عند الاكتفاء وحب الخير وكراهية الشر والشعور بالدفء والحر والبرد …الخ. ولم يتبدل خلق الله منذ الأزل ويهمنا هنا الشعور الفطري نحو الطعام ونوعه بالجوع وقت الحاجة إليه والسأم عنه بعد الاكتفاء. ويقدر الأطباء أن الإنسان البالغ الذي يزن 65كجم بحاجة إلى طاقة لاستمرار متوسط نشاطه اليومي تعادل 2500 سعرة حرارية وقد تصل إلى 4000 سعرة حرارية في حال القيام بعمل متواصل ومجهد والمواد الغذائية الأساسية تولد الطاقة فكل جرام واحد من الدهون ينتج 9سعرات حرارية داخل جسم الإنسان وكل جرام من النشويات ينتج 4سعرات حرارية وكذلك البروتين ينتج الجرام الواحد منه 4سعرات حرارية وينصح الأطباء أن يكون من 20إلى 35% من الطاقة التي يحتاجها الجسم مصدرها من المواد الدهنية أي ما يقارب نسبة 8 إلى 15% من الوجبة مواد دهنية فالدهون هامة جداً في مكافحة البرد ولكون للدهون أكبر قيمة حرارية فأن الشعور الفطري بالشبع منها سريع جداً كما ينصح الأطباء أن تكون كمية النشويات في الوجبة بنسبة 60 إلى 80% من إجمالي كمية الوجبة لأن مؤشر الاكتفاء في المواد النشوية واسع أي أن الإنسان يستطيع أن يأكل كمية أكثر من الخبز( مقارنة بالمواد الأخرى ) قبل أن يشعر بالشبع المؤشر الفطري على الاكتفاء ويقدر الأطباء حاجة الإنسان البالغ كحد أدنى من الزلاليات إلى واحد جرام لكل كجم من وزنه أما الطفل فهو بحاجة إلى ضعف هذا الرقم أي 2جرم لكل كجم من وزنه لكونه في طور النمو. أما الرجل العامل النشيط ومن هو في طور النقاهة بعد المرض أو المريض فتختلف الحاجة الغذائية لكل منهم فالعامل المجتهد النشيط هو بحاجة إلى زيادة في كمية المواد المولدة للطاقة الحرارية مثل ( الخبز والدهون ) لتعويض ما فقد من طاقة وذلك بحصة أكثر لإشباع جوعه. أما من هو في طور النقاهة بعد المرض المسبب للضعف والهزل فهو بحاجة إلى المواد الزلالية حيث تزداد لديه الشهية نحو الزلاليات خاصة وبقية الأطعمة. أما المريض وخاصة الذي يصاحب مرضه فقدان للشهية هو بحاجة إلى غذاء قليل الكمية لذيذ الطعم سهل الهضم كثير الفائدة الغذائية رافع للمناعة وهذه المميزات لا تتوفر إلا بعسل النحل فقط كما سنعرف خصائصه لاحقا. وأخيراً يجب أن يكون الطعام طرياً ونقياً من التلوث بالأوساخ والقاذورات لأن خلو الطعام عامة من القاذورات والأوساخ شرطاً أساسياً في ميل النفس الفطري لتناوله ومجرد الشك في تلوث الطعام قد يثير في النفس الرغبة إلى التقيؤ. ونجد أن الإسهال والقيء من الآليات الفطرية للتخلص من أخطار التلوث والتسمم في حالة التلوث والتسمم الغذائي التي قد تودي إلى الوفاة. وقد جعل الله للإنسان آليات فطرية لمعرفة تلوث الطعام أو تخمره أو تعفنه بواسطة حاستي الشم والذوق لكي يتمكن الإنسان من معرفة تغير طعم أو رائحة الطعام قبل تناوله. ونجد أن الطعام الخام الطيب الذي لم يتغير طعمه ( الخالي من مخلفات التعفن ونواتج وأحماض التخمر والخميرة والمواد الحافظة السامة والمواد والأحماض الصناعية ) لا يؤذي المعدة ولا يسبب القرحة ولا يهيج الأمعاء وعلى المدى البعيد لا يحرض على نشوء السرطان. وكثيرا ما نجد أن معظم أمراض الجهاز الهضمي تحدث نتيجة الأخطاء الغذائية الخارجة عن الميزان الغذائي الإلهي. وعلينا الاسترشاد في اختيار الغذاء الصحي بالقرآن الكريم عامة وقال تعالى على لسان من زادهم هدى من أهل الكهف ( فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه ) 19- الكهف. وأزكى طعاما هو أجود وأطيب طعاما. ونعرفه بواسطة النظر وفقا للمعايير القرآنية التي ترضي الفطرة ( حاستي الشم والذوق ). وتلبي الحاجة الغذائية الصحية للإنسان.