( خدعوها بقولهم حسناء)
-----------------------------------------------
القيروان: الشيخ عبد الرحمـن خليف
ظلموا المرأة البريـئة لَمَّا ()()() ( خدعوها بقولهم حسناء(1)
فاستطالت عُجْبًا يَفيضُ غرورا ()()() وَتَثَـنَّتْ تَـهُزُّهَا الخُـيَلاَءُ
خرجتْ تزْحَم الرجال وتبْدِي ()()() كُلُّ مَا صَانَهُ التُّقَى وَالحَيَاءُ
صَفَّقَ القومُ لِلغَرِيرَةِ (2) لمَّا ()()() وَجَدُوهَا بِقُرْبِهِمْ كَيْفَ شَاءُوا
ورأتْ موقعا لديهم فـقالت: ()()() إٍنَّنِي الآنَ وَالـرِّجَالَ سَوَاءُ
يا ابنة الصون والعفاف لماذا ()()() لعبَتْ بِاحْتِشَامِكِ الأهواءُ؟
قد تشوقت أن يروك بوجه ()()() ما له في جَمَالِـهِ نُـظَراءُ
فجعلت الدهون فيه غشاء ()()() بَاعثا للهوى فَبئْسَ الغِـشاءُ
وأخذت الأصباغ من كل لون ()()() عَجَزَتْ عن مَثِيلِهِ الحِرباءُ
كل جزء من وجهك امتص لونا ()()() رَقَّعَتْ ظِـلَّهُ يـدٌ رفَّــاء
ومنحت الأظافر طولا مريعا ()()() لم تنـلْهُ النُّـسُورُ والبَبّـَغاءُ
زَخْرَفُوا ثوبكِ المُوَشَّى وقالوا ()()() هُو للسُّمْرِ فـاتنٌ وَضَّـاءُ
واصْطَفَوْا للنِّحَاف ما قَلَّصُوه ()()() فارتدتْه النَّحيـفةُ الشَّـقراء
واستَشَفُّوا للبيض ثوبًا شَفيفا ()()() لَبِسَتْْه الغَضِيضَةُ البَيْـضاءُ
خَيَّطُوا الثوب ضيِّقا غيرَ كاسٍ()()() وبدتْ مِن ورائه الأعضاءُ
ما عَلاَ فوق صَدْرِكِ استَوْقَفُوهُ ()()() ثم قالوا مَلِيـحةٌ ثَـدْيَاء (3)
ما تعرَّى يفوق أكـثر مِمَّا ()()() قد تناهتْ من فوقه الأزْياءُ
فارتديتِ الحَجْم الذي فَصَّلوه ()()() مِـن ثيابٍ لباسُـها إِعْـرَاءُ
ما رأينا ثوبا بغير نُـقُوش ()()() ترتديه بين الورى حَـوَّاء
هو حينًا مزخرفٌ بخطوط ()()() ورسوم يزدان منها الكِسَاء
وهو حينا كَمَعْرِضٍ لزهور ()()() نَفَحَتْهَا لدى الصباح سَـمَاءُ
غيرت شكل ثوبها نـزواتٌ ()()() تتوالى واشْتَطَّ منها الحِذاء
كل فصل له ثـيابٌ بشكلٍ ()()() مُسْتَجَدٍّ قد صَاغَهُ النبـغاء
كل ظرف له فِـصَالَةُ فـنّ ()()() هو مـن شيـمة الـحياء
وَبِلَوْنٍ يُناسِب الوقتَ صُبحا ()()() بَرَاء أو مساء
ولُبْسُه إِغراء فاستطابتْ فضائحَ العُرْيِ ()()() خدعتْـها ضَلالةٌ رَعْـنَاء
لَمَّا وإذا زارت المقابرَ يوما ()()() ضَجَّ منها الأمواتُ والأحياء
يا فتاةَ العصرِ الجَهُولِ أهذا ()()() رُشْدُ فَكْرٍ أم نَزْقَةٌ وَغَباء؟
هكذا قد برزتِ في زينة الطا ()()() وُوسِ يُزْجِي خُطَاك ِعقلٌ هَبَاء
تَرْقُبِينَ الإعجابَ مِن كل رَاءٍ ()()() فكَأَنَّ ارتـقَابَكِ اسْتِـجْدَاء
هُنْتِ قَدْرًا في عين كل شريفٍ ()()() حين نالت مِن قَدْرِكِ الرُّقَعَاء
هل أرادوا لك السلامة لـما ()()() طال من بعضهمعليك البكاء؟
صوَّروا ما يصون عرضكِ كَبْتًا ()()() واعتـِسَافًا كأنهم رُحـماء
وادَّعى القومُ أن كل انحرافٍ ()()() تقتضيه الحُرِّيَّةُ الـحَمـقاء
كلُّ وَغْدٍ مُهَيِّئٌ لـك فَـخًّا ()()() قَلَّما تهـتدي لـه حــواء
أنت في غفلةِ وخـدعةِ نوم ()()() زَخرفتْـها منامـةٌ بلـهاء
وتقولين في غرور عَجِيبٍ ()()() إنَّنِي اليومَ والرجالَ سـواء
فَاسْتَفِيقِي ولاَ تَكوني كأخْتٍ ()()() ( خدعوها بقولهم حسـناء )
___________________________________________________ 1) هذا المصراع المضمن في البيت الأول والأخير هو من قصيد مشهور للمرحوم أمير الشعراء أحمد شوقي، ونَصُ بيت شوقي هو: ( خدعوها بقولهم حسناء والغواني يغرهن الثناء ) 2) الغريرة: هي التي تغتر بما يغتر به الطفل الصغير. 3) الثدياء: هي التي تكون مرتفعة الثديين في تناسب. القيروان: عبد الرحمـن خليف