تحت هذا العنوان لست بصدد الحديث عن السحرة والكهنة والمشعوذين والدجالين فإن أسرارهم ومخالفاتهم للشرع الحنيف معروفة وواضحة وضوح الشمس فقد بينها القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وعلماء المسلمين في كل الأوقات اللاحقة للبعثة المحمدية ولكنني الآن بصدد الحديث عمن ألبسوا لباس التقوى لأقوالهم وأفعالهم رغم مخالفتها للشرع الحنيف أو مخالفتها لعلم الرقية الشرعية وساروا تحت غطاء الرقية الشرعية ينشرون بدعهم وضلالاتهم وبعض اجتهاداتهم الخاطئة، وسأجتهد بتوضيح معظم هذه المخالفات على شكل نقاط وأترك الفرصة لأهل العلم من أجل التمحيص وإثبات الحق، مع العلم بأن المسلم لا يعذر بالجهل في معظم هذه الأمور التي يجب أن تكون معلومة بالضرورة لكل مسلم ومسلمة:
1-أخذ الآيات القرآنية على غير محملها الصحيح:
ولهذه المخالفة عدة صور وأشكال:
- فمنهم من يطلب من المرضى أن يحملوا أو يعلقوا أو يتوسدوا القرآن الكريم كاملاً أو يكتب أجزاء منه على شكل تمائم ويأمر المراجعين له بتعليقها على ملابسهم أو في بيوتهم وسياراتهم أو حملها في جميع الأوقات.
- ومنهم من يأخذ قطعة قماش من ملابس الشخص بطول معين ثم يكتب عليها بعض الآيات القرآنية ثم يقيس طولها مرة ثانية فإن تغير القياس يقرر أن الشخص مسحور.
- ومنهم من يأخذ قطعة قماش ويكتب عليها بعض الآيات القرآنية ثم يشعل فيها النار ويجعل الدخان المتصاعد منها بمقربة من أنف الشخص ليطرد الجن من داخله.
- ومنهم من يردد آية قرآنية أو جزءاً منها مرات كثيرة جداً لم يرد فيها دليل شرعي لعلاج المسحور.
- ومنهم من يقرأ أو يردد كل آية فيها كلمة (ثابت) ومشتقاتها لتثبيت الحمل.
- ومنهم من يقرأ كل آية فيها كلمة (عين) لعلاج إصابة الحسد والعين.
- ومنهم من يكتب بعض الآيات القرآنية أو أجزاء منها على جبهة المريض أو على أجزاء أخرى من جسده.
- ومنهم من يكتب بعض السور والآيات القرآنية على أوراق أو أواني خالية من النقوش بمداد طاهر كالزعفران ثم يتركها حتى تجف ويحللها بالماء ويأمر المريض أن يشرب من الماء ويغتسل بالباقي.
- ومنهم من يقرأ أو يكتب بعض الآيات على عدد معين من البيض المسلوق بعد إزالة قشوره أو على بعض أنواع من البقوليات ويأمر المريض أن يأكلها كي يعالجه من السحر.
2- وهناك معلومات مدونة في كتبهم أو مستعملة عند رقيتهم للمصابين فيها مخالفات شرعية واضحة أو مخالفة لعلم الرقية الشرعية:
- فمنهم من يستعمل قسماً به ألفاظ شركية لطرد مردة الجن والشياطين من أجساد المرضى.
- ومنهم من يطلب من المريض أن يشرب لبناً فاسداً مخلوطاً بزيت الزيتون لإخراج السحر من معدته.
- ومنهم من يأخذ خيطاً من الصوف يقيس به أجزاء من جسم المريض ثم يطابق القياس على أجزاء أخرى فإن اختلف القياس قرر بأنه مسحور.
- ومنهم من يطلب من الإناث اللواتي يشعرن باعتداء الجن عليهن جنسياً أن يفتحن القرآن على بداية سورة النور ويضعنه عند رؤوسهن قبل النوم كحل مؤقت ريثما يتسنى لهن أخذ موعد عنده لعلاجهن.
- ومنهم من يستعمل أسلوب الإيحاء عند علاجه للمراجعين ويعزي الاضطرابات التي تظهر على الشخص أثناء الرقية إلى وجود جني في جسده وقد تكون ردود فعل لظرف نفسي يعيشه المريض قبل وأثناء الجلسة قد يحدثها قرين الشخص أو الشخص نفسه ثم ينشر حواراته مع الجن الذين أخرجهم من أجساد الناس حسب زعمه ويستعملهم في أعمال الخير بعد إعلان إسلامهم ونتيجة لنشر هذه الحوارات أصبح كثير من ضعاف النفوس يعلقون مشاكلهم على عالم الجن للتغطية على حادثة أو موضوع معين وعندما يقع بعض هؤلاء بين يدي معالج جاهل يقومون بالكذب والتمثيل لإضاعة الحقائق.
- ومنهم من يستعمل بعض الماديات كالعسل والزيت والحبة السوداء علماً بأنها مواد غذائية وتستعمل في علاج الأمراض العضوية ولا علاقة لها بموضوع الرقية وطرد الجن المعتدي وكذلك استعمال أوراق السدر والملح والبخور والسعوط دون دليل ففيه صرف لأنظار الناس عن القرآن والسنة وجعل يقينهم على الماديات، مع ملاحظة أن بعض الإصابات قد تؤدي إلى تصلب في العمود الفقري أو شد والتواء بعض العروق فلا بأس من استعمال الزيت لعلاج الخلل العضوي الناتج.
- ومنهم من يعلق علاج بعض الحالات بحضوره شخصياً.
- ومنهم من يذم غيره ليمدح نفسه ويا ليته قدم الصواب.
- ومنهم من ينصح المرضى بسماع أشرطة الرقية وتلاوة آيات معينة دون أن يرقيهم ويكتفي بتغيير الآيات والسور من فترة إلى أخرى.
3- من تصرفات بعض المعالجين أثناء جلسة الرقيـة:
- منهم من يدعي أنه يستخدم الملائكة في العلاج.
- ومنهم من يدعي أنه يستخدم الجن المؤمن في العلاج.
- ومنهم من يصهر الرصاص ثم يصبه على رأس المريض.
- ومنهم من يبصق على الماء أثناء قراءته للرقية ويجبر المراجعين على الشرب منه.
- ومنهم من يعتمد قول الجني إذا نطق نطقاً حقيقياً بلسان المصاب ويصدقه بما يقول ويوقع الفتنة بين الناس.
- ومنهم من يتكلم ببعض الكلمات ويتلو بعض الآيات لتطهير المكان من الجن دون نص ولا سند.
- وهذا معه مجموعة يقرؤون الرقية قراءة جماعية بصوت مرتفع يسمع من مسافات بعيدة أو يستعمل الأشرطة وآلات التسجيل ومكبرات الصوت.
- ومنهم من يثقب أحد أصابع يدي أو قدمي المريض تمهيداً لخروج الجني من الثقب الذي أحدثه.
- وهذا دون خبرة كافية بموضوع الضرب وكيفيته ووقت استعماله يقوم بضرب المريض ضرباً عنيفاً قد يودي بحياته.
- ومنهم من يستخدم الكهرباء ويعرض المراجعين لشحنات كهربائية عالية قد تودي بحياة بعضهم.
- ومنهم من يطلب من المريض أن يستلقي على الأرض ثم يطأ بقدمه على رقبته واضعاً كل ثقله عليها بحجة إخراج الجن المعتدي.
- ومنهم من يمسك ببعض الأوردة التي توصل الدم إلى الدماغ ويقوم بالضغط عليها فيمنع الدم من الوصول إلى الدماغ فيقع المريض مغشياً عليه وعندما يفيق يدعي بأن الجن قد خرج.
- ومنهم من يطلب اسم المريض واسم أمه وشيئاً من أثره كالملابس والشعر أو صورته الشخصية.
- ومنهم من يطلب من المريض أن يدنو منه وينظر في عينيه لمعرفة إن كان به جن أم لا.
- ومنهم من يمرر ورقة مكتوباً عليها رسالة أبي دجانة يمررها على جسد المريض ليحدد مكان وجود الجن رغم أن هذا الحديث موضوع (أي مكذوب على الرسول صلى الله عليه وسلم) ثم يأمر المريض أن يحمل نسخة منه لمنع تعدي الجن عليه ويضعها تحت الوسادة عند نومه ليطرد الجن من بيته.
- ومنهم من يشعل عود كبريت أمام عيني المريض بعد إغماضهما فإن رأى مثل الشمس يقرر بأنه مسحور.
- ومنهم من يضع شفتيه على شفتي الأنثى ثم ينفخ في فمها بحجة إنزال الجن إلى القدمين وطرده.
- ومنهم من يضع يده على رأس الأنثى ثم ينتقل في حركاته على جسدها إلى الأسفل شيئاً فشيئاً بحجة الضغط على الجن المعتدي وإنزاله إلى القدمين وطرده.
- ومنهم من يطلب أن تُغطى الأنثى بغطاء على كامل جسدها ولا يبقى عنده غير واحد من أقاربها ليناوله بعض الأشياء ويقوم هو بتمرير يده على جسمها من تحت الغطاء وقد تكون العملية ليلاً بعد إطفاء النور.
- ومنهم من يطلب أن يبقى هو والمريضة وحدهما بحجة العلاج وضمان عدم تعدي الجن على أحد المرافقين لها إن وجدوا.
- ومنهم من يطلب من المريضة أن تبوح له بأخص الأسرار لديها وقد يأخذ عنوانها ويقيم علاقة معها.
- ومنهم من يرقي عشرات المرضى رقية جماعية بجلسة واحدة.
- ومنهم من يطلب من المراجعين ذكوراً وإناثاً أن يبيتوا عنده لإجراء عمليات جراحية لهم من قبل الجن.
- ومنهم من يعالج بالليل ولا يعالج بالنهار أو بالعكس.
- ومنهم من يعالج في أيام مخصوصة من الأسبوع ولا يعالج طيلة شهر رمضان.
- ومنهم من يطلب مبالغ كبيرة من المال كأجر على عمله أو ثمناً للبخور الذي يستعمله أو دية لأهل الجن الذي سيقتله أو ثمناً للعسل المخلوط بالأعشاب الثمينة النافعة لطرد الجن.
- ومنهم من يستعمل خفة اليد فيخدع الناس ويوهمهم بأنهم مسحورون ثم يقوم بوضع حجاب أو تراب في وعاء مملوء بالماء بأساليب شيطانية ويوهمهم بأنه قد أخرج السحر المعمول لهم ويبتز أموالهم بهذا الأسلوب.
- ومنهم من يحادث قرين الشخص فيأخذ منه معلومات خاصة عنه ثم يزيد عليها ما شاء من الأكاذيب ويوهمه بأنه مسحور من قبل شخص بمواصفات معينة ويبتز أمواله لإبطال هذا السحر المزعوم بأساليب تنطوي على السذج من الناس.
4- من توصيات بعض المعالجين للمرضى بعد انتهاء جلسة العلاج:
- منهم من يمنع المرضى من تناول بعض الأطعمة والأشربة كالحمضيات واللوزيات والقهوة والشاي.
- ومنهم من يمنع المريض من تناول الطعام أو الشراب خارج بيته.
- ومنهم من يمنع المريض من تناول أي طعام أو شراب من يد زوجته أو أقرب الناس إليه فيصيبه بداء الوسوسة ويأمره بقطيعة الرحم.
- ومنهم من يمنع الأنثى من المشاركة في الأفراح والأتراح والنظر في المرآة.
- ومنهم من يعطي المرضى ماء مرقياً ليشربوا منه كونه قرأ عليه بنفسه فأصبح الشفاء مقروناً به.
- ومنهم من يأخذ على عاتقه رفع الدواء الموصوف للمرضى من قبل الأطباء المختصين ويطلب منهم عدم تناوله.
- ومنهم من يطلب من المراجعين استعمال مواد استطلاق البطن مثل (حبة العافية، وتسمى حبة الملوك ) و (دم الأخوين) و (قسط الأخت) لإخراج السحر المطعوم من معدهم، وقد لا يكونوا مسحورون أصلاً وهذه المواد خطرة لما تحويه من سموم وبعض مكوناتها قد تترسب في الكلى وتحدث أمراضا عضوية ونفسية، مع العلم أن السحر المطعوم يتم استفراغه أثناء جلسة الرقية دون الحاجة إلى إدخال أي مادة تنظيف للمعدة، وإذا أراد شخص أن ينظف معدته فلا ينسب هذا الإجراء إلى الرقية الشرعية.
- ومنهم من يطلب من المريض أن يزرع نوعاً معيناً من النباتات في بيته أو أمامه ليمنع الجن من دخوله.
- ومنهم من يعطي المرضى تمائم وحجباً وخرزاً وأجزاء من حيوانات ميتة أو مقصات معدنية أو أقفال حديدية أو خيوط معقدة وغير ذلك من الأمور التي توقعهم بالشرك.
هذا بعض ما لمسته وسمعته وقرأته والمخفي أعظم والمعالج الذي يسير بهذا الطريق هو إما صاحب هوى أو مقتبس من علوم الدجل والسحر والشعوذة فهذه مصيبة أو أن يكون جاهلاً مقلداً لغيره فالمصيبة أعظم.
كل ما تقدم غريب وعجيب ولكن الأغرب والأعجب من ذلك هو أن كثيراً من الناس يتدافعون ويتسابقون على أبواب هؤلاء طلباً للعلاج ! ؟
نشرت فى 10 مايو 2012
بواسطة tebnabawie
سالم بنموسى
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
1,214,507